Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 33-34)

Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلْيَسْتَعْفِفِ ٱلَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ } أمر بالاستعفاف وهو الاجتهاد في طلب العفة من الحرام لمن لا يقدر على التزوج ، فقوله : { لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً } معناه لا يجدون استطاعة على التزوج بأي وجه تعذر التزوج ، وقيل : معناه لا يجدون صداقاً للنكاح ، والمعنى الأول أعم ، والثاني : أليق بقوله : { حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ } . { وَٱلَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ } الكتاب هنا مصدر بمعنى الكتابة ، وهي مقاطعة العبد على مال منجم فإذا أدّاه خرج حرّاً ، وإن عجز بقي رقيقاً ، وقيل : إن الآية نزلت بسبب حويطب ابن عبد العزى سأل مولاه أن يكاتبه فأبى عليه ، وحكمها مع ذلك عام فأمر الله سادات العبيد أن يكاتبوهم إذا طلبوا الكتابة ، وهذا الأمر على الندب عند مالك والجمهور ، وقال الظاهرية وغيرهم . هو على الوجوب وذلك ظاهر قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأنس بن مالك حين سأله مملوكه سيرين الكتابة فتلكأ أنس ، فقال له عمر : لتكاتبنه أو لأوجعنك بالدرة ، وإنما حمله مالك على الندب لأن الكتابة كالبيع ، فكما لا يجبر على البيع لا يجبر عليها ، واختلف هل يجبر السيد عبده على الكتابة أم لا ؟ على قولين في المذهب { إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِّن مَّالِ ٱللَّهِ ٱلَّذِيۤ آتَاكُمْ } الخير هنا القوة على أداء الكتابة بأي وجه كان ، وقيل : هو المال الذي يؤدي منه كتابته من غير أن يسأل أموال الناس ، وقيل هو الصلاح في الدين . { وَآتُوهُمْ مِّن مَّالِ ٱللَّهِ ٱلَّذِيۤ آتَاكُمْ } هذا أمر بإعانة المكاتب على كتابته ، واختلف فيمن المخاطب بذلك فقيل : هو خطاب للناس أجمعين ، وقيل للولاة ، والأمر على هذين القولين للندب ، وقيل : هو خطاب لسادات المكاتبين ، وهو على هذا القول ندب عند مالك : وللوجوب عند الشافعي فإن كان الأمر للناس ، فالمعنى أن يعطوهم صدقات من أموالهم ، وإن كان للولاة فيعطوهم من الزكاة ، وإن كان للسادات فيحطوا عنهم من كتابتهم ، وقيل : يعطوهم من أموالهم من غير الكتابة ، وعلى القول بالحط من الكتابة اختلف في مقدار ما يحط ، فقيل : الربع ، وروى ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل الثلث ، وقال مالك والشافعي : لا حد في ذلك ، بل أقل ما ينطلق عليه اسم شيء ، إلا أن الشافعي يجبره على ذلك ، ولا يجبره مالك ، وزمان الحط عنه في آخر الكتابة عند مالك ، وقيل في أول نجم . { وَلاَ تُكْرِهُواْ فَتَيَاتِكُمْ عَلَى ٱلْبِغَآءِ } معنى البغاء الزنا ، نهى الله المسلمين أن يجبروا مملوكاتهم على ذلك ، وسبب الآية أن عبد الله بن أبيّ بن سلول المنافق كان له جاريتان ، فكان يأمرهما بالزنا للكسب منه وللولادة ، ويضربهما على ذلك ، فشكتا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت الآية فيه وفيمن فعل مثل فعله { إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً } هذا الشرط راجع إلى إكراه الفتيات على الزنا ، إذ لا يتصور إكراههن إلا إذا أردن التحصن وهو التعفف ، وقيل : هو راجع إلى قوله : { وَأَنْكِحُواْ ٱلأَيَامَىٰ } وذلك بعيد { لِّتَبْتَغُواْ عَرَضَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } يعني ما تكسبه الأمة بفرجها ، وما تلده من الزنا ؛ ويتعلق { لِّتَبْتَغُواْ } بقوله { وَلاَ تُكْرِهُواْ } { يُكْرِههُنَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } المعنى غفور لهن رحيم بهن لا يؤاخذهن بالزنا لأنهن أكرهن عليه ، ويحتمل أن يكون المعنى غفور رحيم للسيد الذي يكرههن إذا تاب من ذلك { آيات مبيَِّنات } بفتح الياء : أي بينها الله ؛ وبالكسر مبينات للأحكام والحلال والحرام { وَمَثَلاً } يعني ضرب لكم الأمثال بمن كان قبلكم في تحريم الزنا ، لأنه كان حراماً في كل ملة أو في براءة عائشة كما برأ يوسف ومريم .