Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 26, Ayat: 19-30)

Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ ٱلَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ } قصد فرعون بهذا الكلام توبيخ موسى عليه السلام ، ويعني بالفعلة : قتله للقبطي ، والواو في قوله : { وَأَنتَ } إن كانت للحال فقوله من الكافرين ، معناه كافراً بهذا الدين الذي جئت به لأن موسى إنما أظهر لهم الإسلام بعد الرسالة ، وقد كان قبل ذلك مؤمناً ، ولم يعلم بذلك فرعون ، وقيل : معناه من الكافرين بنعمتي ، وإن كانت الواو للاستئناف : فيحتمل أن يريد من الكافرين بديني ، ومن الكافرين بنعمتي { قَالَ فَعَلْتُهَآ إِذاً وَأَنَاْ مِنَ ٱلضَّالِّينَ } القائل هنا هو موسى عليه السلام ، والضمير في قوله : فعلتها لقتله القبطي ، واختلف في معنى قوله : { مِنَ ٱلضَّالِّينَ } ، فقيل : معناه من الجاهلين بأن وكزتي تقتله ، وقيل ؛ معناه من الناسين ، فهو كقوله : { أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا } [ البقرة : 282 ] وقوله { إِذاً } صلة في الكلام ، وكأنها بمعنى حنيئذ ، قال ذلك ابن عطية { فَفَرَرْتُ مِنكُمْ } أي من فرعون وقومه ، ولذلك جمع ضمير الخطاب بعد أن أفرده في قوله { تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَّ } { وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ } معنى { عَبَّدتَّ } : ذللت واتخذتهم عبيداً ، فمعنى هذا الكلام أنك عددت نعمة عليّ تعبيد بني إسرائيل ، وليست في الحقيقة بنعمة إنما كانت نقمة ، لأنك كنت تذبح أبناءهم ، ولذلك وصلت أنا إليك فربيتني ، فالإشارة بقوله : { وَتِلْكَ } إلى التربية ، و { أَنْ عَبَّدتَّ } في موضع رفع عطف بيان على تلك ، أو في موضع نصب على أنه مفعول من أجله ، وقيل : معنى الكلام تربيتك نعمة علي لأنك عبدت بني إسرائيل وتركتني فهي في المعنى الأول إنكار لنعمته وفي الثاني اعتراف بها { قَالَ لَئِنِ ٱتَّخَذْتَ إِلَـٰهَاً غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ ٱلْمَسْجُونِينَ } لما أظهر فرعون الجهل بالله فقال : وما رب العالمين ؟ أجابه موسى بقوله : { رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } ، فقال : { أَلاَ تَسْتَمِعُونَ } ؟ تعجباً من جوابه فزاد موسى في إقامة الحجة بقوله : { رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَآئِكُمُ ٱلأَوَّلِينَ } لأن وجود الإنسان وآبائه أظهر الأدلة عند العقلاء ، وأعظم البراهين ، فإن أنفسهم أقرب الأشياء إليهم فيستدلون بها على وجود خالقهم ، فلما ظهرت هذه الحجة حاد فرعون عنها ونسب موسى إلى الجنون مغالطة منه ، وأيد الازدراء والتهكم في قوله : { رَسُولَكُمُ ٱلَّذِيۤ أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ } فزاد موسى في إقامة الحجة بقوله : { رَبُّ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ } ، لأن طلوع الشمس وغروبها آية ظاهرة لا يمكن أحداً جحدها ، ولا أن يدعيها لغير الله ، ولذلك أقام إبراهيم الخليل بها الحجة على نمرود ، فلما انقطع فرعون بالحجة رجع إلى الاستعلاء والتغلب فهدّده بالسجن ، فأقام موسى عليه الحجة بالمعجزة ، وذكرها له بتلطف طمعاً في إيمانه ، فقال : { أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيءٍ مُّبِينٍ } والواو واو الحال دخلت عليها همزة الاستفهام وتقديره : أتفعل بي ذلك ولو جئتك بشيء مبين ؟ وقد تقدم في الأعراف ذكر العصا واليد ، وماذا تأمرون ؟ وأرجه ، وحاشرين فإن قيل : كيف قال أولاً : { إِن كُنتُمْ مُّوقِنِينَ } ، ثم قال آخراً { إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ } ؟ فالجواب أنه لايَنَ أولاً طمعاً في إيمانهم ، فلما رأى منهم العناد والمغالطة : وبخهم بقوله : { إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ } ، وجعل ذلك في مقابلة قول فرعون : { إِنَّ رَسُولَكُمُ … لَمَجْنُونٌ } .