Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 28, Ayat: 77-78)

Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَٱبْتَغِ فِيمَآ آتَاكَ ٱللَّهُ ٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ } أي اقصد الآخرة بما أعطاك الله من المال ، وذلك بفعل الحسنات والصدقات { وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنْيَا } أي لا تضيع حظك من دنياك وتمتع بها مع عملك إنما هو بما يعمل فيها من الخير ، فالكلام على هذا وعظ ، وعلى الأول إباحة للتمتع بالدنيا لئلا ينفر عن قبول الموعظة { وَأَحْسِن كَمَآ أَحْسَنَ ٱللَّهُ إِلَيْكَ } أي أحسن إلى عباد الله كما أحسن الله إليك بالغنى قال : { إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِيۤ } لما وعظه قومه أجابهم بهذا على وجه الرد عليهم ، والروغان عما ألزموه من الموعظة ، والمعنى : أن هذا المال إنما أعطاه الله لي بالاستحقاق له بسبب علم عندي استوجبته به ، اختلف في هذا العلم فقيل : إنه علم الكيمياء وقيل : التجارب للأمور والمعرفة بالمكاسب ، وقيل : حفظه التوراة وهذا بعيد ، لأنه كان كافراً ، قيل : المعنى إنما أوتيته على علم من الله وتخصيص خصني به ، ثم جعل قوله عندي كما تقول في ظني واعتقادي { أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ ٱلْقُرُونِ } هذا ردّ عليه في اغتراره بالدنيا وكثرة جمعه للمال أو جمعه للخدم ، والأول أظهر . { وَلاَ يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ } في معناه قولان : أحدهما أنه متصل بما قبله ، والضمير في ذنوبهم يعود على القرون المتقدمة ، والمجرمون من بعدهم أي : لا يسأل المجرمون عن ذنوب من تقدمهم من الأمم الهالكة ؛ لأن كل أحد إنما يسأل عن ذنوبه خاصة ، والثاني : أنه إخبار عن حال المجرمين في الآخرة ؛ وأنهم لا يسألون عن ذنوبهم ؛ لكونهم يدخلون النار من غير حساب ، والصحيح أنهم يحاسبون على ذنوبهم ويسألون عنها لقوله : { فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [ الحجر : 92 - 93 ] وأن هذا السؤال المنفي السؤال على وجه الاختبار وطلب التعريف ، لأنه لا يحتاج إلى سؤالهم على هذا الوجه ؛ لكن يسألون على وجه التوبيخ ، وحيثما ورد في القرآن إثبات السؤال في الآخرة ، فهو على معنى المحاسبة والتوبيخ ، وحيثما ورد نفيه فهو على وجه الاستخبار والتعريف ، ومنه قوله : { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ } [ الرحمٰن : 39 ] .