Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 102-103)
Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ } الآية في صلاة الخوف ، وظاهرها يقتضي أنها لا تصلى بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه شرط كونه فيهم ، وبذلك قال أبو يوسف ، وأجازها الجمهور بعده صلى الله عليه وسلم ، لأنهم رأوا أن الخطاب له يتناول أمته ، وقد فعلها الصحابة بعده صلى الله عليه وسلم ، واختلف الناس [ العلماء ] في صلاة الخوف على عشرة أقوال ، لاختلاف الأحاديث فيها ، ولسنا نضطر إلى ذكرها فإنّ تفسيرها لا يتوقف على ذلك ، وكانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة الخوف في غزوة ذات الرقاع { فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ مَّعَكَ } يَقْسم الإمام المسلمين على طائفتين ؛ فيصلي بالأولى نصف الصلاة ، وتقف الأخرى تحرس ثم يصلي بالثانية بقية الصلاة وتقف الأولى تحرس ، واختلف هل تتم كل طائفة صلاتها وهو مذهب الجمهور ، أم لا ؟ وعلى القول بالإتمام : اختلف هل يتمونها في أثر صلاتهم مع الإمام أو بعد ذلك { وَلْيَأْخُذُوۤاْ أَسْلِحَتَهُمْ } اختلفوا في المأمور بأخذ الأسلحة ، فقيل الطائفة المصلية وقيل الحارسة والأول أرجح ، لأنه قد قال بعد ذلك في الطائفة الأخرى : { وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ } ، ويدل ذلك على أنهم إن قوتلوا وهم في الصلاة : جاز لهم أن يقاتلوا من قاتلهم ، وإلاّ لم يكن لأخذ الأسلحة معنى إذا لم يدفعوا بها من قاتلهم { فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ } الضمير في قوله : فإذا سجدوا للمصلين ، والمعنى إذا سجدوا معك في الركعة الأولى ، وقيل : إذا سجدوا في ركعة القضاء ، والضمير في قوله فليكونوا من ورائكم : يحتمل أن يكون للذين سجدوا : أي إذا سجدوا فليقوموا وليرجعوا ورائكم ، وعلى هذا إن كان السجود في الركعة الأولى فيقتضي ذلك أنهم يقومون للحراسة بعد انقضاء الركعة الأولى ، ثم يحتمل بعد ذلك أن يقضوا بقية صلاتهم أو لا يقضونها ، وإن كان السجود في ركعة القضاء ، فيقتضي ذلك أنهم لا يقومون للحراسة إلاّ بعد القضاء ، وهو مذهب مالك والشافعي ، ويحتمل أن يكون الضمير في قوله : فليكونوا للطائفة الأخرى أن يقفوا وراء المصلّين يحرسونهم { وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَىٰ } يعني الطائفة الحارسة { وَدَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } الآية : إخبار عما جرى في غزوة ذات الرقاع ، من عزم الكفار على الإيقاع بالمسلمين إذا اشتغلوا بصلاتهم ، فنزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم ، وأخبره بذلك ، وشرعت صلاة الخوف حذراً من الكفار ، وفي قوله : ميلة واحدة : مبالغة أي مفاضلة لا يحتاج منها ثانية { وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ } الآية : نزلت بسبب عبد الرحمن بن عوف ، كان مريضاً فوضع سلاحه فعنفه بعض الناس ، فرخص الله في وضع السلاح في حال المرض والمطر ، ويقاس عليهما كل عذر يحدث في ذلك الوقت { إِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً } إن قيل : كيف طابق الأمر بالحذر للعذاب المهين ؟ فالجواب أن الأمر بالحذر من العدوّ : يقتضي توهم قوّتهم وعزتهم ، فنفى ذلك الوهم بالإخبار أن الله يهينهم ولا ينصرهم لتقوى قلوب المؤمنين ، قال ذلك الزمخشري وإنما يصح ذلك إذا كان العذاب المهين في الدنيا ، والأظهر أنه في الآخرة { فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَّنَاسِكَكُمْ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ } [ البقرة : 200 ] الآية : أي إذا فرغتم من الصلاة ، فاذكروا الله بألسنتكم ، وذكر القيام والقعود وعلى الجُنوب ليعم جميع أحوال الإنسان ، وقيل المعنى إذا تلبستم بالصلاة فافعلوها قياماً فإن لم تقدروا فقعوداً ، فإن لم تقدروا فعلى جنوبكم { فَإِذَا ٱطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلٰوةَ } أي إذا اطمأننتم من الخوف فأقيموا الصلاة على هيئتها المعهودة { كِتَٰباً مَّوْقُوتاً } أي محدوداً بالأوقات وقال ابن عباس : فرضاً .