Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 11-11)

Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِيۤ أَوْلٰدِكُمْ } هذه الآية نزلت بسبب بنات سعد بن الربيع وقيل : بسبب جابر بن عبد الله ، إذا عاده رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه ، ورفعت ما كان في الجاهلية من توريث النساء والأطفال ، وقيل : نُسخت الوصية للوالدين والأقربين وإنما قال : { يُوصِيكُمُ } بلفظ الفعل الدائم لو لم يقل أوصاكم تنبيها على ما مضى والشروع في حكم آخر وإنما قال يوصيكم الله بالاسم الظاهر ، ولم يقل : يوصيكم لأنه أراد تعظيم الوصية ، فجاء بالاسم الذي هو أعظم الأسماء وإنما قال : في أولادكم ولم يقل في أبنائكم ، لأن الابن يقع على الابن من الرضاعة ، وعلى ابن البنت ، وعلى ابن الابن المتوفى وليسوا من الورثة { لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ٱلأُنْثَيَيْنِ } هذا بيان للوصية المذكورة ، فإن قيل : هلا قال : للأنثيين مثل حظ الذكر ، فالجواب : لأن الذكر مقدم { فَإِن كُنَّ نِسَآءً } إنما أنث ضمير الجماعة في كن ، لأنه قصد الإناث ، وأصله أن يعود على الأولاد لأنه يشمل الذكور والإناث ، وقيل : يعود على المتروكات ، وأجاز الزمخشري أن تكون كان تامة والضمير مبهم ونساء تفسير { فَوْقَ ٱثْنَتَيْنِ } ظاهره أكثر من اثنتين ، ولذلك أجمع على أن للثلاث فما فوقهن الثلثان ، وأما البنتان فاختلف فيهما ، فقال ابن عباس : لهما النصف كالبنت الواحدة وقال الجمهور الثلثان بالسنة لا بالقرآن وقيل : بالقياس على الأختين { وَإِن كَانَتْ وَٰحِدَةً } بالرفع فاعل ، وكان تامة ، وبالنصب خبر كان ، وقوله تعالى : { فَلَهَا ٱلنِّصْفُ } نصٌ على أن للبنت النصف إذا انفردت ، ودليل على أن للابن جميع المال إذا انفرد ؛ لأن { لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ٱلأُنْثَيَيْنِ } { إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ } الولد يقع على الذكر والأنثى ، والواحد والاثنين والجماعة سواء كان للصلب ، أو ولد ابن ، وكلهم يرد الأبوين إلى السدس { وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ ٱلثُّلُثُ } لم يجعل الله للأم الثلث إلاّ بشرطين أحدهما عدم الولد والآخر إحاطة الأبوين بالميراث ولذلك دخلت الواو لعطف أحد الشرطين على الآخر ، وسكت عن حظ الأب استغناء بمفهومه ، لأنه لا يبقى بعد الثلث إلاّ الثلثان ولا وارث إلاّ الأبوان ، فاقتضى ذلك أن الأب يأخذ بقية المال وهو الثلثان { فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ ٱلسُّدُسُ } أجمع العلماء على أن ثلاثة من الأخوة يردّون الأم إلى السدس ، واختلفوا في الاثنين فذهب الجمهور أنهما يردّانها إلى السدس ، ومذهب ابن عباس أنهما لا يردّانها إليه ، بل هما كالأخ الواحد . وحجته أن لفظ الإخوة لا يقع على الاثنين لأنه جمع لا تثنية ، وأقل الجمع ثلاثة . وقال غيره : إن لفظ الجمع قد يقع على الاثنين . كقوله : وكنا لحكمهم شاهدين ، وتسوروا المحراب ، وأطراف النهار ، واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم : " الاثنان فما فوقهما جماعة " وقال مالك : مضت السنة أن الإخوة اثنان فصاعداً ، ومذهبه أن أقل الجمع اثنان ، فعلى هذا : يُحجب الأبوان من الثلث إلى السدس ، سواء كانا شقيقين أو لأب أو لأم أو مختلفين ، وسواء كانا ذكرين أو أنثيين أو ذكر أو أنثى ، فإن كان معهما أب ورث بقية المال ، ولم يكن للإخوة شيء عند الجمهور ، فهم يحجبون الأم ، ولا يرثون ، وقال قوم : يأخذون السدس الذي حجبوه عن الأم ، وإن لم يكن أب وُرِّثوا { مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَآ أَوْ دَيْنٍ } قوله : من بعد يتعلق بالاستقرار المضمر في قوله : فلهنّ ثلثا ما ترك ، أي : استقر لهنّ الثلثان من بعد وصية ، ويمتنع أن يتعلق بترك ، وفاعل يوصي الميت ، وإنما قدمت الوصية على الدين ، والديَّن مقدم عليها في الشريعة : اهتماماً بها ، وتأكيداً للأمر بها ، ولئلا يُتهاون بها وأخَّر الدين ؛ لأن صاحبه يتقاضاه ، فلا يحتاج إلى تأكيد في الأمر بإخراجه وتخرج الوصية من الثلث ، والدّين من رأس المال بعد الكفن ؛ وإنما ذكر الوصية والدين نكرتين : ليدل على أنهما قد يكونان ، وقد لا يكونان فدل ذلك على وجوب الوصية { أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً } قيل : بالإنفاق إذا احتيج إليه ، وقيل : بالشفاعة في الآخرة ، ويحتمل أن يريد نفعاً بالميراث من ماله ، وهو أليق بسياق الكلام .