Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 48, Ayat: 27-28)

Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لَّقَدْ صَدَقَ ٱللَّهُ رَسُولَهُ ٱلرُّءْيَا بِٱلْحَقِّ } كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رأى في منامه عند خروجه إلى العمرة ؛ أنه يطوف بالبيت هو وأصحابه بعضهم محلقون وبعضهم مقصرون ورُوي أنه أتاه ملك في النوم فقال له : { لَتَدْخُلُنَّ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ } الآية : فأخبر الناس برؤياه : ذلك ، فظنوا أن ذلك يكون في ذلك العام ، فلما صده المشركون عن العمرة عام الحديبية قال المنافقون : أين الرؤيا ، ووقع في نفوس المسلمين شيء من ذلك ، فأنزل الله تعالى : { لَّقَدْ صَدَقَ ٱللَّهُ رَسُولَهُ ٱلرُّءْيَا بِٱلْحَقِّ } أي تلك الرؤيا صادقة ، وسيخرج تأويلها بعد ذلك ، فاطمأنت قلوب المؤمنين وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في العام المقبل ، هو وأصحابه فدخلوا مكة واعتمروا ، وأقاموا بمكة ثلاثة أيام ، وظهر صدق رؤياه وتلك عُمرة القضية [ القضاء ] ثم فتح مكة بعد ذلك ، ثم حج هو وأصحابه ، وصدق في هذا الموضع يتعدى إلى مفعولين ، وبالحق يتعلق بصدق ، أو بالرؤيا على أن يكون حالاً منها { إِن شَآءَ ٱللَّهُ } لما كان الاستثناء بمشيئة الله يقتضي الشك في الأمر ، وذلك محال على الله ، اختلف في هذا الاستثناء على خمسة أقوال : الأول أنه استثناء قاله الملك الذي رآه النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ، فحكى الله مقالته كما وقعت والثاني : أنه تأديب من الله لعباده ليقولوا إن شاء الله في كل أمر مستقبل ، والثالث أنه استثناء بالنظر إلى كل إنسان على حدته ؛ لأنه يمكن أن يتم له الأمر أو يموت ، أو يمرض فلا يتم له ، والرابع أن الاستثناء راجع إلى قوله آمنين لا لدخول المسجد ، والخامس أن إن شاء الله بمعنى إذا شاء الله { مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ } الحلق والتقصير من سنة الحج والعمرة ، والحلق أفضل من التقصير ، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رحم الله المحلقين ثلاثاً ثم قال في المرة الأخيرة والمقصرين " { فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُواْ } يريد ما قدره من ظهور الإسلام في تلك المدّة ، فإنه لما انعقد الصلح ، وارتفعت الحرب ورغب الناس في الإسلام ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة الحديبية في ألف وخمسمائة ، وقيل ألف وأربعمائة وغزا غزوة الفتح بعدها بعامين ومعه عشرة آلاف { فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً } يعني فتح خيبر ، وقيل بيعة الرضوان وقيل صلح الحديبية ، وهذا هو الأصح " لأن عمر قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أفتح هو يا رسول الله ؟ قال : نعم " وقيل : هو فتح مكة وهذا ضعيف ، لأن معنى قوله : { مِن دُونِ ذَلِكَ } قبل دخول المسجد الحرام ، وإنما كان فتح مكة بعد ذلك ، فإن الحديبية كانت عام ستة من الهجرة وعمرة القضية عام سبعة ، وفتح مكة عام ثمانية { لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ } ذكره في براءة [ 33 ] { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً } أي شاهداً بأن محمداً رسول الله ، أو شاهداً بإظهار دينه .