Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 48, Ayat: 29-29)

Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ } يعني جميع أصحابه وقيل : من شهد معه الحديبية ، وإعراب الذين معطوف على محمد رسول الله صفته وأشداء خبر عن الجميع ، وقيل : الذين معه مبتدأ وأشداء خبره ورسول الله خبر محمد ورجح ابن عطية هذا . والأول عندي أرجح ؛ لأن الوصف بالشدة والرحمة يشمل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وأما على ما اختاره ابن عطية ؛ فيكون الوصف بالشدة والرحمة مختصاً بالصحابة دون النبي صلى الله عليه وسلم ، وما أحق النبي صلى الله عليه وسلم بالوصف بذلك لأن الله قال فيه : { بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ } [ براءة : 128 ] ، وقال { جَاهِدِ ٱلْكُفَّارَ وَٱلْمُنَافِقِينَ وَٱغْلُظْ عَلَيْهِمْ } [ براءة : 73 ، والتحريم : 9 ] فهذه هي الشدة على الكفار والرحمة بالمؤمنين { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ } السيما العلامة وفيه ستة أقوال ، الأول أنه الأثر الذي يحدث في جبهة المصلى من كثرة السجود والثاني أنه أثر التراب في الوجه الثالث أنه صفرة الوجه من السهر والعبادة ، الرابع حسن الوجه لما ورد في الحديث وهذا الحديث غير صحيح ، بل وقع فيه غلط من الراوي فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو غير مروي عنه ، الخامس أنه الخشوع ، السادس : أن ذلك يكون في الآخرة يجعل الله لهم نوراً من أثر السجود كما يجعل غرة من أثر الوضوء وهذا بعيد لأن قوله : { تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً } وصف حالهم في الدنيا فكيف يكون سيماهم في وجوههم كذلك ، والأول أظهر ، وقد كان بوجه علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وعلي بن عبد الله بن العباس أثر ظاهر من أثر السجود { ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي ٱلتَّوْرَاةِ } أي وصفهم فيها وتم الكلام هنا ، ثم ابتدأ قوله ومثلهم في الإنجيل ، كزرع ، وقيل : إن { وَمَثَلُهُمْ فِي ٱلإِنجِيلِ } عطف على { مَثَلُهُمْ فِي ٱلتَّوْرَاةِ } ثم ابتدأ قوله : { كَزَرْعٍ } وتقديره هم كزرع ، والأول أظهر ، ليكون وصفهم في التوراة بما تقدم من الأوصاف الحسان ، وتمثيلهم في الإنجيل بالزرع المذكور بعد ذلك ، وعلى هذا يكون { وَمَثَلُهُمْ فِي ٱلإِنجِيلِ } بمعنى التشبيه والتمثيل . وعلى القول الآخر يكون المثل بمعنى الوصف كمثلهم في التوراة { كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ } هذا مثل ضربه الله للإسلام حيث بدأ ضعيفاً ، ثم قوي وظهر . وقيل : الزرع مثل للنبي صلى الله عليه وسلم لأنه بعث وحده وكان الزرع حبة واحدة ، ثم كثر المسلمون فهم كالشطء ، وهو فراخ السنبلة التي تنبت حول الأصل ، ويقال : بإسكان الطاء وفتحها بمد وبدون مد وهي لغات { فَآزَرَهُ } أي قوّاه وهو من الموازرة بمعنى المعاونة ويحتمل أن يكون الفاعل الزرع ، والمفعول شطأه أو بالعكس ؛ لأن كل واحد منهما يقوّي الآخر ، وقيل : معناه ساواه طولاً فالفاعل على هذا الشطأ ووزن آزره فاعله وقيل أفعله ، وقرئ بقصر الهمزة على وزن فعل { فَٱسْتَغْلَظَ } أي صار غليظاً { فَٱسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ } جميع ساق أي قام الزرع على سوقه ، وقيل : قوله : { كَزَرْعٍ } يعني النبي صلى الله عليه وسلم أخرج شطأه بأبي بكر فآزره بعمر فاستغلظ بعثمان فاستوى على سوقه بعليّ بن أبي طالب { لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلْكُفَّارَ } تعليل لما دل عليه المثل المتقدم من قوّة المسلمين فهو يتعلق بفعل يدل عليه الكلام تقديره : جعلهم الله كذلك ليغيظ بهم الكفار ، وقيل : يتعلق بوعد وهو بعيد { مِنْهُم } لبيان الجنس لا للتبعيض لأنه وعد عم جميعهم رضي الله عنهم .