Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 49, Ayat: 12-12)
Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ٱجْتَنِبُواْ كَثِيراً مِّنَ ٱلظَّنِّ } يعني ظن السوء بالمسلمين ، وأما ظن الخير فهو حسن { إِنَّ بَعْضَ ٱلظَّنِّ إِثْمٌ } قيل : في معنى الإثم هنا الكذب لقوله صلى الله عليه وسلم : " الظن أكذب الحديث " لأنه قد لا يكون مطابقاً للأمر ، وقيل : إنما يكون إثماً إذا تكلم به وأما إذا لم يتكلم به فهو في فسحة لأنه لا يقدر على دفع الخواطر ، واستدل بعضهم بهذه الآية على صحة سد الذرائع في الشرع ، لأنه أمر باجتناب كثير من الظن ، وأخبر أن بعضه إثم باجتناب الأكثر من الإثم احترازاً من الوقوع في البعض الذي هو إثم { وَلاَ تَجَسَّسُواْ } أي لا تبحثوا عن مخبآت الناس وقرأ الحسن : تحسسوا بالحاء والتجسس بالجيم في الشر وبالحاء في الخير ، وقيل : التجسس ما كان من وراء والتحسس بالحاء الدخول والاستعلام { وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً } المعنى : لا يذكر أحدكم من أخيه المسلم ما يكره لو سمعه ، والغيبة هي ما يكره الإنسان ذكره من خُلُقه أو خَلْقه أو دينه أو أفعاله أو غير ذلك ، وفي الحديث " أنه عليه الصلاة والسلام قال : الغيبة أن تذكر أخاك المؤمن بما يكره ، قيل يا رسول الله وإن كان حقاً ، قال إذا قلت باطلاً فذلك بهتان " وقد رُخص في الغيبة في مواضع منها : في التجريح في الشهادة ، والرواية ، والنكاح ، وشبهه وفي التحذير من أهل الضلال ، { أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ } وقرأ نافع : مَيِّتاً شبه الله الغيبة بأكل لحم ابن آدم ميتاً ، والعرب تشبه الغيبة بأكل اللحم ، ثم زاد في تقبيحه أن جعله ميتاً لأن الجيفة مستقذرة ، ويجوز أن يكون ميتاً حال من الأخ أو من لحمه ، وقيل : فكرهتموه إخبار عن حالهم بعد التقرير . كأنه لما قررهم قال : هل يحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً أجابوا فقالوا : لا نحب ذلك فقال لهم . فكرهتموه وبعد هذا محذوف تقديره : فكذلك فاكرهوا الغيبة التي هي تشبهه ، وحذف هذا لدلالة الكلام عليه ، وعلى هذا المحذوف يعطف قوله : { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } ، قال أبو علي الفارسي ، وقال الرماني : كراهة هذا اللحم يدعو إليها الطبع ، وكراهة الغيبة يدعو إليها العقل ، وهو أحق أن يجاب لأنه بصير عالم ، والطبع أعمى جاهل ، وقال الزمخشري : في هذه الآية مبالغات كثيرة منها الاستفهام الذي معناه التقرير ، ومنها جعل ما هو في الغاية من الكراهة موصولاً بالمحبة ، ومنها إسناد الفعل إلى أحدكم ، والإشعار بأن أحد من الأحدين لا يحب ذلك ، ومنها أنه لم يقتصر على تمثيل الغيبة بأكل لحم الإنسان حتى جعله ميتاً ، ومنها أنه لم يقتصر على تمثيل الغيبة بأكل لحم الإنسان حتى جعله أخاً له .