Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 76-79)

Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ ٱلْلَّيْلُ } أي ستره يقال : جنْ عليه الليل وأجنه { رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَـٰذَا رَبِّي } يحتمل أن يكون هذا الذي جرى لإبراهيم في الكوكب والقمر والشمس أن يكون قبل البلوغ والتكليف . وقد روي أن أمه ولدته في غار ؛ خوفاً من نمروذ إذ كان يقتل الأطفال ؛ لأن المنجمين أخبروه أن هلاكه على يد صبي ، ويحتمل أن يكون جرى له ذلك بعد بلوغه وتكليفه ، وأنه قال ذلك لقومه على وجه الرد عليهم والتوبيخ لهم ، وهذا أرجح لقوله بعد ذلك { إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ } ولا يتصور أن يقول ذلك وهو منفرد في الغار لأن ذلك يقتضي محاجة وردّا على قومه ، وذلك أنهم كانوا يعبدون الأصنام والشمس والقمر والكواكب ، فأراد أن يبين لهم الخطأ في دينهم ، وأن يرشدهم إلى أن هذه الأشياء لا يصح أن يكون واحداً منها إلهاً ، لقيام الدليل على حدوثها . وأن الذي أحدثها ودبر طلوعها وغروبها وأفولها هو الإله الحق وحده ، وقوله : هذا ربي قول من ينصف خصمه ، مع علمه أنه مبطل ؛ لأن ذلك أدعى إلى الحق وأقرب إلى رجوع الخصم ، ثم أقام عليهم الحجة بقوله . { لاۤ أُحِبُّ ٱلآفِلِينَ } : أي لا أحب عبادة المتغيرين ؛ لأن التغير دليل على الحدوث ، والحدوث ليس من صفة الإله ، ثم استمرّ على ذلك المنهاج في القمر وفي الشمس ، فلما أوضح البرهان ، وأقام عليهم الحجة ، جاهرهم بالبراءة من باطلهم ، فقال : { إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ } ، ثم أعلن لعبادته لله وتوحيده له فقال : { إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ } ، ووصف الله تعالى بوصف يقتضي توحيده وانفراده بالملك ، فإن قيل : لم احتج بالأفول دون الطلوع ، وكلاهما دليل على الحدوث لأنهما انتقال من حال إلى حال ؟ فالجواب أنه أظهر في الدلالة ، لأنه انتقال مع اختفاء واحتجاب .