Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 155-156)

Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَٱخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ } أي من قومه { سَبْعِينَ رَجُلاً } حملهم معه إلى الطور يسمعون كلام الله لموسى فقالوا : أرنا الله جهرة فأخذتهم الرجفة عقاباً لهم على قولهم ، وقيل : إنما أخذتهم الرجفة لعبادتهم العجل أو لسكوتهم على عبادته ، والأوّل أرجح لقوله فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ، ويحتمل أن تكون رجفة موت أو إغماء ، والأول أظهر لقوله : ثم بعثناكم من بعد موتكم { لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِّن قَبْلُ وَإِيَّٰيَ } يحتمل أن تكون لو هنا للتمني أي تمنوا أن يكون هو وهم قد ماتوا قبل ذلك ، لأنه خاف من تشغيب بني إسرائيل عليه إن رجع إليهم دون هؤلاء السبعين ، ويحتمل أن يكون قال ذلك على وجه التضرع والاستسلام لأمر الله كأنه قال : لو شئت أن تهلكنا قبل ذلك لفعلت فإنا عبيدك وتحت قهرك ، وأنت تفعل ما تشاء ، ويحتمل ان يكون قالها على وجه التضرع والرغبة كأنه قال : لو شئت أن تهلكنا قبل اليوم لفعلت ، ولكنك عافيتنا وأبقيتنا فافعل معنا الآن ما وعدتنا ، وأحي هؤلاء القوم الذين أخذتهم الرجفة { أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَّآ } أي أتهلكنا وتهلك سائر بني إسرائيل بما فعل السفهاء الذين طلبوا الرؤية ، والذين عبدوا العجل ، فمعنى هذا إدلاء بحجته ، وتبرؤ من فعل السفهاء ، ورغبة إلى الله أن لا يعم الجميع بالعقوبة { إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ } أي الأمور كلها بيدك { تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَآءُ } ومعنى هذا : اعتذار عن فعل السفهاء ، فإنه كان بقضاء الله ومشيئته { إِنَّا هُدْنَـآ إِلَيْكَ } أي تبنا ، وهذا الكلام الذي قاله موسى عليه السلام إنما هو : استعطاف ورغبة إلى الله وتضرع إليه ، ولا يقتضي شيئاً مما توهم الجهال فيه من الجفاء في قوله : أتهلكنا بما فعل السفهاء منا لأنا قد بينا أنه إنما قال ذلك استعطافاً لله وبراءة من فعل السفهاء { قَالَ عَذَابِيۤ أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَآءُ } قيل : الإشارة بذلك إلى الذين أخذتهم الرجفة ، والصحيح أنه عموم يندرجون فيه مع غيرهم ، وقرئ من أساء . بالسين وفتح الهمزة من الإساءة وأنكرها بعض المقرئين وقال : إنها تصحيف { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ } يحتمل أن يريد رحمته في الدنيا فيكون خصوصاً في الرحمة ، وعموماً في كل شيء لأنّ المؤمن والكافر ، والمطيع والعاصي : تنالهم رحمة الله ونعمته في الدنيا ، ويحتمل أن يريد رحمة الآخرة فيكون خصوصاً في كل شيء لأنّ الرحمة في الآخرة مختصة بالمؤمنين ، ويحتمل أن يريد جنس الرحمة على الإطلاق ، فيكون عموماً في الرحمة ، وفي كل شيء { فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ } إن كانت الرحمة المذكورة رحمة الآخرة فهي بلا شك مختصة بهؤلاء الذين كتب بها الله لهم ، وهم أمّة محمد صلى الله عليه وسلم ، وإن كانت رحمة الدنيا ، فهي أيضاً مختصة بهم لأنّ الله نصرهم على جميع الأمم ، وأعلى دينهم على جميع الأديان ، ومكن لهم في الأرض ما لم يمكن لغيرهم ، وإن كانت على الإطلاق : فقوله : سأكتبها تخصيص للإطلاق { وَٱلَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ } أي يؤمنون بجميع الكتب والأنبياء ، وليس ذلك لغير هذه الأمّة .