Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 42-53)
Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا } جملة اعتراض بين المبتدأ والخبر ليبين أن ما يطلب من الأعمال الصالحة ما في الوسع والطاقة { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ } أي من كان في صدره غل لأخيه في الدنيا ننزعه منه في الجنة وصاروا إخواناً أحباباً ، وإنما قال : نزعنا بلفظ الماضي وهو مستقبل لتحقيق وقوعه في المستقبل ، حتى عبر عنه بما يعبر عن الواقع ، وكذلك كل ما جاء بعد هذا من الأفعال الماضية في اللفظ ، وهي تقع في الآخرة كقوله : { وَنَادَىۤ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ } ، { وَنَادَىٰ أَصْحَابُ ٱلأَعْرَافِ } { وَنَادَىٰ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ } ، وغير ذلك { هَدَانَا لِهَـٰذَا } إشارة إلى الجنة أو إلى ما أوجب من الإيمان والتقوى { أَن تِلْكُمُ ٱلْجَنَّةُ } و { أَن قَدْ وَجَدْنَا } ، و { أَن لَّعْنَةُ ٱللَّهِ } و { أَن سَلٰمٌ } : يحتمل أن يكون أن في كل واحدة منها مخففة من الثقيلة ، فيكون فيها ضميراً أو حرف عبارة وتفسير لمعنى القول { مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً } حُذف مفعول وعد استغناء عنه بمفعول وعدنا أو لإطلاق الوعد فيتناول الثواب والعقاب { فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ } أي أعلم معلم وهو ملك { وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ } أي بين الجنة والنار أو بين أصحابهما وهو أرجح لقوله : { فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ } [ الحديد : 13 ] { ٱلأَعْرَافِ } . قال ابن عباس : هو تل بين الجنة والنار ، وقيل : سور الجنة { رِجَالٌ } هم أصحاب الأعراف ورد في الحديث : أنهم قوم من بني آدم استوت حسناتهم وسيئاتهم ، فلم يدخلوا الجنة ولا النار ، وقيل : هم قوم خرجوا إلى الجهاد بغير إذن آبائهم ، فاستشهدوا ، فمنعوا من الجنة لعصيان آبائهم ، ونجوا من النار للشهادة { يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَٰهُمْ } أي يعرفون أهل الجنة بعلامتهم من بياض وجوههم ، ويعرفون أهل النار بعلامتهم من سواد وجوههم ، أو غير ذلك من العلامات { وَنَادَوْاْ أَصْحَٱبَ ٱلْجَنَّةِ أَن سَلٱمٌ عَلَيْكُمْ } أي سلام أصحاب الأعراف على أهل الجنة { لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ } أي أن أصحاب الأعراف لم يدخلوا الجنة وهم يطمعون في دخولها من بعد { وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَٱرُهُمْ } الضمير لأصحاب الأعراف أي إذا رأوا أصحاب النار دعوا الله أن لا يجعلهم معهم { وَنَادَىٰ أَصْحَٰبُ ٱلأَعْرَافِ رِجَالاً } يعني من الكفار الذين في النار ، قالوا لهم ذلك على وجه التوبيخ { جَمْعُكُمْ } يحتمل أن يكون أراد جمعهم للمال أو كثرتهم { وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ } أي استكباركم على النار أو استكباركم على الرجوع إلى الحق ، فما ها هنا مصدرية وما في قوله : { مَآ أَغْنَىٰ } استفهامية أو نافية { أَهَـۤؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ } من كلام أصحاب الأعراف خطاباً لأهل النار والإشارة بهؤلاء إلى أهل الجنة ، وذلك أن الكفار كانوا في الدنيا يقسمون أن الله لا يرحم المؤمنين ، ولا يعبأ بهم ؛ فظهر خلاف ما قالوا ، وقيل : هي من كلام الملائكة خطاباً لأهل النار ، والإشارة بهؤلاء إلى أصحاب الأعراف { ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ } خطاباً لأهل الجنة إن كان من كلام أصحاب الأعراف تقديره : قد قيل لهم ادخلوا الجنة ، أو خطاباً لأهل الأعراف إن كان من كلام الملائكة { أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ } دليل على أن الجنة فوق النار { أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ } من سائر الأطعمة والأشربة { فَٱلْيَوْمَ نَنسَٰهُمْ } أي نتركهم { كَمَا نَسُواْ } الكاف للتعليل { وَمَا كَانُواْ } عطف على كما نسوا : أي لنسيانهم وجحودهم { جِئْنَٰهُمْ بِكِتَٰبٍ } يعني القرآن { فَصَّلْنَٰهُ عَلَىٰ عِلْمٍ } أي علمنا كيف نفصله { إِلاَّ تَأْوِيلَهُ } أي هل ينتظرون إلا عاقبة أمره ، وما يؤول إليه أمره بظهور ما نطق به من الوعد والوعيد { قَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلْحَقِّ } أي قد تبين وظهر الآن أن الرسل جاؤوا بالحق .