Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 85-95)

Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ } أي آية ظاهرة ، ولم تعين في القرآن آية شعيب { فَأَوْفُواْ ٱلْكَيْلَ وَٱلْمِيزَانَ } كانوا ينقصون في الكيل والوزن ، فبعث شعيب ينهاهم عن ذلك ، والكيل هنا بمعنى المكيال الذي يكال به مناسبة للميزان ، كما جاء في هود المكيال والميزان ، ويجوز أن يكون الكيل والميزان مصدرين { وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَٰطٍ تُوعِدُونَ } قيل هو نهي عن السلب وقطع الطريق ، وكان ذلك من فعلهم وكانوا يقعدون على الطريق يردّون الناس عن اتباع شعيب ويوعدونهم إن اتبعوه { وَتَصُدُّونَ } أي تمنعون الناس عن سبيل الله وهو الإيمان ، والضمير في به للصراط أو لله { وَتَبْغُونَهَا عِوَجاً } ذكر في [ آل عمران : 99 ] { أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا } أي ليكونن أحد الأمرين : إما إخراجهم ، أو عوجهم إلى ملة الكفر ، فإن قيل : إن العود إلى الشيء يقتضي أنه قد كان فعل قبل ذلك فيقتضي قولهم : لتعودن في ملتنا أن شعيباً ومن كان معه كانوا أولاً على ملة قومهم ، ثم خرجوا منها فطلب قومهم أن يعودوا إليها وذلك محال ، فإن الأنبياء معصومون من الكفر قبل النبوة وبعدها فالجواب بمن وجهين : أحدهما : قاله ابن عطية وهو إن عاد قد تكون بمعنى صار ، فلا يقتضي تقدم ذلك الحال الذي صار إليه ، والثاني : قاله الزمخشري وهو أن المراد بذلك الذين آمنوا بشعيب دون شعيب ، وإنما أدخلوه في الخطاب معهم بذلك كما أدخلوه في الخطاب معهم في قولهم : لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك ، فغلبوا في الخطاب بالعود الجماعة على الواحد ، وبمثل ذلك يجاب عن قوله : { إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّٰنَا ٱللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّعُودَ فِيهَآ } { قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَٰرِهِينَ } الهمزة للاستفهام والإنكار ، والواو للحال ، تقديره : أنعود في ملتكم ويكون لنا أن نعود فيها ونحن كارهون { قَدِ ٱفْتَرَيْنَا عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ } أي إن عندنا فيها فقد وقعنا في أمر عظيم من الافتراء على الله ، وذلك تبرأ من العود فيها { وَمَا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّعُودَ فِيهَآ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّنَا } هذا استسلام لقضاء الله على وجه التأدب مع الله وإسناد الأمور إليه ، وذلك أنه لما تبرأ من ملتهم : أخبر أن الله يحكم عليهم بما يشاء من عود وتركه فإن القلوب بيده يقلبها كيف يشاء ، فإن قلت : إن ذلك يصح في حق قومه ، وأما في حق نفسه فلا فإنه معصوم من الكفر ؟ فالجواب : أنه قال ذلك تواضعاً وتأدباً مع الله تعالى ، واستسلاماً لأمره كقول نبينا صلى الله عليه وسلم : " يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " مع أنه قد علم أنه يثبته { رَبَّنَا ٱفْتَحْ بَيْنَنَا } أي احكم { كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا } أي كأن لم يقيموا في ديارهم { فَكَيْفَ آسَىٰ عَلَىٰ قَوْمٍ كَافِرِينَ } أي كيف أحزن عليهم وقد استحقوا ما أصابهم من العذاب بكفرهم { بِٱلْبَأْسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ } قد تقدم { بَدَّلْنَا مَكَانَ ٱلسَّيِّئَةِ ٱلْحَسَنَةَ } أي أبدلنا البأساء والضراء بالنعيم اختباراً لهم في الحالتين { حَتَّىٰ عَفَوْاْ } أي كثروا ونموا في أنفسهم وأموالهم { وَّقَالُواْ قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا ٱلضَّرَّآءُ وَٱلسَّرَّآءُ } أي قد جرى ذلك لآبائنا ولم يضرهم فهو بالاتفاق لا بقصد الاختبار .