Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 73, Ayat: 2-4)
Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قُمِ ٱلَّيلَ } هذا الأمر بقيام الليل اختلف هل هو واجب أو مندوب ، فعلى القول بالندب فهو ثابت غير منسوخ ، وأما على القول بالوجوب ففيه ثلاثة أقوال : أحدها أنه فرض على النبي صلى الله عليه وسلم وحده ، ولم يزل فرضاً عليه حتى توفي ، الثاني أنه فرض عليه وعلى أمته فقاموا حتى انتفخت أقدامهم ، ثم نسخ بقوله في آخر السورة : { إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ } [ المزمل : 20 ] الآية : وصار تطوعاً ، هذا قول عائشة رضي الله عنها وهو الصحيح ، واختلف كما بقي فرضاً فقالت عائشة : عاماً وقيل : ثمانية أشهر وقيل : عشرة أعوام فالآية الناسخة على هذا مدنية ، الثالث أنه فرض عليه صلى الله عليه وسلم وعلى أمته وهو ثابت غير منسوخ ، ولكن ليس الليل كله إلا ما تيسر منه ، وهو مذهب الحسن وابن سيرين { إِلاَّ قَلِيلاً * نِّصْفَهُ أَوِ ٱنقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ } في معنى هذا الكلام أربعة أقوال : الأول وهو الأشهر والأظهر أن الاستثناء من الليل ، وقوله نصفه بدل من الليل أو من قليلاً ، وجعل النصف قليلاً بالنسبة إلى الجميع والضميران في قوله : أو انقص منه ، أو زد عليه : عائدان على النصف . والمعنى أن الله خيَّره بين ثلاثة أحوال : وهو أن يقوم نصف الليل ، أو ينقص من النصف قليلاً أو يزد عليه . الثاني : قال الزمخشري : إلا قليلاً استثناء من النصف كأنه قال : نصف الليل إلا قليلاً . فخيّره على هذا بين حالتين وهما أن يقوم أقل من النصف أو أكثر منه . وهذا ضعيف ، لأن قوله أو انقص منه قليلاً تضمن معنى النقص من النصف فلا فائدة زائدة في استثناء القليل من النصف ، القول الثالث قاله الزمخشري أيضاً : يجوز أن يريد بقوله أو انقص منه قليلاً نصف النصف ، وهو الربع ويكون الضمير في قوله { أَوْ زِدْ عَلَيْهِ } يعود على ذلك ، أي زد على الربع فيكون ثلثاً ، فيكون التخيير على هذا بين قيام النصف أو الثلث أو الربع ، وهذا أيضاً بعيد ، القول الرابع قاله ابن عطية : يحتمل أن يكون معنى إلا قليلاً الليالي التي يمنعه العذر من القيام فيها ، والمراد بالليل على هذا : الليالي ، فهو جنس . وهذا بعيد ، لأنه قد فسر هذا القليل المستثنى بما بعد ذلك من نصف الليل أو النقص منه أو الزيادة عليه ، فدل ذلك على أن المراد بالليل المستثنى بعض أجزاء الليل ، لا بعض الليالي ، إن قيل : لم قيد النقص من النصف بالقلة فقال : أو انقص منه قليلاً ، وأطلق في الزيادة فقال : أو زد عليه ، ولم يقل قليلاً ؟ فالجواب : أن الزيادة تحسن فيها الكثرة فلذلك لم يقيدها بالقلة بخلاف النقص ، فإنه لو أطلقه لاحتمل أن ينقص من النصف كثيراً . { وَرَتِّلِ ٱلْقُرْآنَ تَرْتِيلاً } الترتيل هو التمهل والمد وإشباع الحركات وبيان الحروف ، وذلك مُعينٌ على التفكر في معاني القرآن ، بخلاف الهذر الذي لا يفقه صاحبه ما يقول ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقَطِّع قراءته حرفاً حرفاً ، ولا يمرُّ بآية رحمة إلا وقف وسأل ، ولا يمرّ بآية عذاب ، إلا وقف وتعوَّذ .