Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 74, Ayat: 1-8)

Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ } وزنه متفعل ومعناه الذي تدثر في كساء أو ثياب وتسميته بذلك كتسميته بالمزمل ، حسبما ذكرنا في موضعه . وقال السهيلي : في ندائه بالمدثر ثلاثة فوائد : الاثنتان اللتان ذكرتا في المزمل وفائدة ثالثة وهي أن العرب يقولون : النذير العريان ، للنذير الذي يكون في غاية الجد والتشمير ، والنذير بالثياب ضد هذا ، فكأنه تنبيه على ما يجب التشمير ، وقيل : إن هذه أول سورة نزلت من القرآن : والصحيح أن سورة اقرأ نزلت قبلها { قُمْ فَأَنذِرْ } أي أنذر الناس وهذه بعثة عامة { وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ } أي عظِّمه ، ويحتمل أن يريد قوله : الله أكبر ويؤيد ذلك ما روي عن أبي هريرة أن المسلمين قالوا : بم نفتتح صلاتنا فنزلت : وربك فكبر وقوله : وربك فكبر : من المقلوب الذي يقرأ طرداً وعكساً من أوله وآخره { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } فيه ثلاثة أقوال ، أحدها أنه حقيقة في تطهير الثياب من النجاسة ، واختلف في هذا هل يحمل على الوجوب ، فتكون إزالة النجاسة واجبة ، أو على الندب فتكون سنة ، والآخر أنه يراد به الطهارة من الذنوب والعيوب ، فالثياب على هذا مجاز ، الثالث : أن معناه لا تلبس الثياب من مكسب خبيث { وَٱلرُّجْزَ فَٱهْجُرْ } فيه ثلاثة أقوال : أحدها : أن الرجز الأوثان ، روي ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قول عائشة ، والآخر : أن الرِجز السخط والعذاب وهذا أصله في اللغة فمعناه اهجر ما يؤدي إليه ويوجبه ، الثالث : أنه المعاصي والفجور ، قال بعضهم : كل معصية رِجز { وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ } يحتمل قوله : تمنن أن يكون العطاء أو بمعنى المنّ وهو ذكر العطاء وشبهه ، أو بمعنى الضعف فإن كان بمعنى العطاء ففيه وجهان ، أحدهما : أن معناه لا تعط شيئاً لتأخذ أكثر منه ، قال بعضهم : هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم ومباح لأمّته ، والآخر : لا تعط الناس عطاء وتستكثره ، لأن الكريم يستقلُ ما يُعطي وإنْ كثيراً ، وإن كان من المنّ بالشيء ففيه وجهان ، الأول : لا تمنن على الناس بنبوتك تستكثر بأجر أو مكسب تطلبه ، الثاني : لا تمنن على الله بعملك تستكثر أعمالك وتقع لك بها إعجاب ، وإن كان من الضعف فمعناه لا تضعف عن تبليغ الرسالة وتستكثر ما حملناك من ذلك { وَلِرَبِّكَ فَٱصْبِرْ } أي اصبر لوجهه وطلب رضاه ، ويحتمل أن يريد الصبر على المكاره والمصائب ، أو على إذاية الكفار له ، أو على العبادة { فَإِذَا نُقِرَ فِي ٱلنَّاقُورِ } يعني نُفخ في الصور ، ويحتمل أن يريد النفخة الأولى والثانية .