Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 81, Ayat: 15-26)

Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَلاَ أُقْسِمُ } ذكرت نظائره { بِٱلْخُنَّسِ * ٱلْجَوَارِ ٱلْكُنَّسِ } يعني الدراري السبعة وهي الشمس والقمر وزحل وعطارد والمريخ والمشتري والزهرة وذلك أن هذه الكواكب تخنس في جريها أي تتقهقر ، فيكون النجم في البرج ثم يكرّ راجعاً وهي جواري في الفلك ، وهي تنكنس في أبراجها أي تستتر وهو مشتق من قولك : كنس الوحش إذا دخل كناسه وهو موضعه . وقيل : يعني الدراري الخمسة وهو مشتق بضوء الشمس . وقيل : يعني النجوم كلها ، لأنها تخنس في جريها وتنكنس بالنهار أي تستر ، وتختفي بضوء الشمس . وقيل : يعني بقر الوحش ، فالخنس على هذا من خنس الأنف والكنس من سكناها في كناسها { وَٱللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ } يقال عسعس إذا كان غير مستحكم الظلام ، فقيل : ذلك في أوله ، وقيل : في آخره وهذا أرجح ، لأن آخر الليل أفضل ، ولأنه أعقبه بقوله : { وَٱلصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ } أي استطار واتسع ضوؤه { إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ } الضمير للقرآن والرسول الكريم جبريل ، وقيل : محمد صلى الله عليه وسلم . قال السهيلي : لا يجوز أن يقال إنه محمد عليه السلام ؛ لأن الآية نزلت في الرد على الذين قالوا إن محمداً قال القرآن ، فكيف يخبر الله أنه قوله : وإنما أراد جبريل ، وإضاف القرآن إليه لأنه جاء به ، وهو في الحقيقة قول الله تعالى ، وهذا الذي قال السهيلي لا يلزم ، فإنه قد يضاف إلى محمد صلى الله عليه وسلم ، لأنه تلقاه عن جبريل عليه السلام ، وجاء به إلى الناس ، ومع ذلك فالأظهر أنه جبريل وصفه بقوله : { ذِي قُوَّةٍ } وقد وصف جبريل بهذا لقوله : ( شديد القوى ) و ( ذو مرة ) { عِندَ ذِي ٱلْعَرْشِ } يتعلق بذي قوة ، وقيل : بمكين ، وهذا أظهر والمكين الذي له مكانة أي جاه وتقريب { مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ } هذا الظرف إشارة إلى الظرف المذكور قبله . وهو عند ذي العرش أي مطاع في ملائكة ذي العرش { وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ } هو محمد صلى الله عليه وسلم باتفاق { وَلَقَدْ رَآهُ بِٱلأُفُقِ ٱلْمُبِينِ } ضمير الفاعل لمحمد صلى الله عليه وسلم ، وضمير المفعول لجبريل عليه السلام ، وهذه الرؤية له بغار حراء على كرسي بين السماء والأرض . وقيل : الرؤية التي رآه عند سدرة المنتهى في الإسراء ، ووصف هذا الأفق بالمبين لأنه روي أنه كان في المشرق من حيث تطلع الشمس ، وأيضاً كل أفق فهو مبين { وَمَا هُوَ عَلَى ٱلْغَيْبِ بِضَنِينٍ } الضمير للنبي صلى الله عليه وسلم . ومن قرأ بالضاد فمعناه بخيل أي لا يبخل بأداء ما ألقي إليه من الغيب ، وهو الوحي ، ومن قرأ بالظاء فمعناه متهم أي لا يتهم على الوحي ، بل هو أمين عليه . ورجح بعضهم هذه القراءة بأن الكفار لم ينسبوا محمداً صلى الله عليه وسلم إلى البخل بالوحي بل اتهموه فنفى عنه ذلك { وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ } الضمير للقرآن { فَأيْنَ تَذْهَبُونَ } خطاب لكفار قريش أي ليس لكم زوال عن هذه الحقائق . وقد تقدم تفسير بقية السورة في نظائره فيما تقدم .