Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 88, Ayat: 1-7)
Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ هَلْ أَتَاكَ } توقيف يراد به التنبيه والتفخيم للأمر ، قيل : هل بمعنى قد وهذا ضعيف { ٱلْغَاشِيَةِ } هي القيامة لأنها تغشى جميع الخلق ، وقيل : هي النار من قوله : { وَتَغْشَىٰ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ } [ إبراهيم : 50 ] وهذا ضعيف لأنه ذكر بعد ذلك قسمين : أهل الشقاوة وأهل السعادة { خَاشِعَةٌ } أي ذليلة { عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ } هو من النصب بمعنى التعب ، وفي المراد بهم ثلاثة أقوال : أحدهما أنهم الكفار ويحتمل على هذا يكون عملهم ونصبهم في الدنيا لأنهم كانوا يعملون أعمال السوء ويتعبون فيها ، أو يكون في الآخرة فيعملون فيها عملاً يتعبون فيه من جر السلاسل والأغلال وشبه ذلك ويكون زيادة في عذابهم . الثاني : أنها في الرهبان الذين يجتهدون في العبادة ولا تقبل منهم ، لأنهم على غير الإسلام وبهذا تأولها عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وبكى رحمة لراهب نصراني رآه مجتهداً . فعاملة ناصبة على هذا في الدنيا ، وناصبة إشارة إلى اجتهادهم في العمل ، أو إلى أنه لا ينفعهم فليس لهم منه إلا النصب . الثالث أنها في القدرية . وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر القدرية فبكى وقال : إن فيهم المجتهد . { تُسْقَىٰ مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ } أي شديدة الحر ، ومنه { حَمِيمٍ آنٍ } ، [ الرحمٰن : 44 ] ووزن آنية هنا فاعلة بخلاف " آنية من فضة " فإن وزنه أفعلة { لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ } في الضريع أربعة أقوال : أحدهما أنه شوك يقال له الشبرق وهو سم قاتل وهذا أرجح لأقوال ؛ لأن أرباب اللغة ذكروه ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الضريع شوك في النار . الثاني : أنه الزقوم لقوله : { إِنَّ شَجَرَةَ ٱلزَّقُّومِ * طَعَامُ ٱلأَثِيمِ } [ الدخان : 43 - 44 ] الثالث : إنه نبات أخضر منتن ينبت في البحر وهذا ضعيف ، لأن ما يجري في الوادي ليس بطعام إنما هو شراب ، ولله در من قال : الضريع طعام أهل النار فإنه أعم وأسلم من عهدة التعيين . واشتقاقه عند بعضهم من المضارعة ، بمعنى المشابهة لأنه يشبه الطعام الطيب وليس به ، وقيل : هو بمعنى مضرع للبدن أي مضعف وقيل : إن العرب لا تعرف هذا اللفظ ، فإن قيل : كيف قال هنا : " ليس لهم طعام إلا من ضريع " وقال في الحاقة : " ولا طعام إلا من غسلين ؟ " فالجواب : أن الضريع لقوم والغسلين لقوم ، أو يكون أحدهما في حال والآخر في حال { لاَّ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِن جُوعٍ } هذه الجملة صفة لضريع ، ولطعام نفي عنه منفعة الطعام وهي التسمين وإزالة الجوع .