Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 89, Ayat: 15-16)

Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَأَمَّا ٱلإِنسَانُ إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ رَبُّهُ } الابتلاء هو الاختبار واختبار الله لعبده لتقوم الحجة على العبد بما يبدو منه ، وقد كان الله عالماً بذلك قبل كونه ، والإنسان هنا جنس ، وقيل : نزلت في عتبة بن ربيعة وهي مع ذلك على العموم ، فيمن كان على هذه الصفة . وذكر الله في هذه الآية ابتلاءه للإنسان بالخير ، ثم ذكر بعد ابتلاءه بالشر كما قال في [ الأنبياء : 35 ] { وَنَبْلُوكُم بِٱلشَّرِّ وَٱلْخَيْرِ } وأنكر عليه قوله حين الخير : ربي أكرمني وقوله حين الشر : ربي أهانني ويتعلق بالآية سؤالان : السؤال الأول : لم أنكر الله على الإنسان قوله ربي أكرمني وربي أهانني والجواب من وجهين : أحدهما : أن الإنسان يقول : ربي أكرمني على وجه الفخر بذلك والكبر ، لا على وجه الشكر ويقول : ربي أهانني على وجه التشكي من الله وقلة الصبر والتسليم لقضاء الله ، فأنكر عليه ما يقتضيه كلامه من ذلك ، فإن الواجب عليه أن يشكر على الخير ويصبر على الشر . والآخر : أن الإنسان اعتبر الدنيا فجعل بسط الرزق فيها كرامة ، وتضييقه إهانة وليس الأمر كذلك ؛ فإن الله قد يبسط الرزق لأعدائه ، ويضيقه على أوليائه فأنكر الله عليه اعتبار الدنيا والغفلة عن الآخرة ، وهذا الإنكار من هذا الوجه على المؤمن . وأما الكافر فإنما اعتبر الدنيا لأنه لا يصدق بالآخرة ، ويرى أن الدنيا هي الغاية فأنكر عليه ما يقتضيه كلامه من ذلك . السؤال الثاني : إن قيل : قد قال الله " فأكرمه " فأثبت إكرامه ، فكيف أنكر عليه قوله ربي أكرمني ؟ فالجواب : من ثلاثة أوجه : الأول أنه لم ينكر عليه ذكره للإكرام ، وإنما أنكر عليه ما يدل عليه كلامه من الفخر وقلة الشرك ، أو من اعتبار الدنيا دون الآخرة حسبما ذكرنا في معنى الإنكار . الثاني : أنه أنكر عليه قوله : " ربي أكرمني " إذا اعتقد إن إكرام الله له باستحقاقه الإكرام ، على وجه التفضيل والإنعام كقوله قارون : { إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِيۤ } [ القصص : 78 ] الثالث : أن الإنكار إنما هو لقوله : " ربي أهانني " لا لقوله " ربي أكرمني " فإن قوله ربي أكرمني اعتراف بنعمة الله ، وقوله ربي أهانني شكاية من فعل الله { فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ } أي ضيقه وقرئ بتشديد الدال وتخفيفها بمعنى واحد وفي التشديد مبالغة وقيل معنى التشديد جعله على قدر معلوم .