Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 98, Ayat: 4-7)
Tafsir: Kitāb at-Tašīl li-ʿulūm at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَمَا تَفَرَّقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَةُ } أي ما اختلفوا في نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إلا من بعد ما علموا أنه حق ، ويحتمل أن يريد تفرقهم في دينهم كقوله : { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ فَٱخْتُلِفَ فِيهِ } [ فصلت : 45 ] وإنما خص الذين أوتوا الكتاب بالذكر هنا بعد ذكرهم مع غيرهم في أول السورة ؛ لأنهم كانوا يعلمون صحة نبوّة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، بما يجدون في كتبهم من ذكره { وَمَآ أُمِرُوۤاْ } الآية : هنا معناها : ما أمروا في التوراة والإنجيل إلا بعبادة الله ، ولكنهم حرّفوا أو بدّلوا ، ويحتمل أن يكون المعنى ما أمروا في القرآن إلا بعبادة الله ، فلأيّ شيء ينكرونه ويكفرون به { مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ } استدل المالكية بهذا على وجوب النية في الوضوء ، وهو بعيد لأن الإخلاص هنا يراد به التوحيد وترك الشرك أو ترك الرياء ، وذلك أن الإخلاص مطلوب في التوحيد وفي الأعمال ، وهذا الإخلاص في التوحيد من الشرك الجلّي ، وهذا الإخلاص في الأعمال من الشرك الخفيّ ، وهو الرياء . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الرياء الشرك الأصغر " وقال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه إنه تعالى يقول : " أنا أغنى الأغنياء عن الشرك فمن عمل عملاً أشرك فيه غيري تركته وشريكه " . واعلم أن الأعمال ثلاثة أنواع : مأمورات ومنهيات ومباحات ، فأما المأمورات فالإخلاص فيها عبارة عن خلوص النية لوجه الله ، بحيث لا يشوبها بنية أخرى ، فإن كانت كذلك فالعمل خالص مقبول ، وإن كانت النية لغير وجه الله ، من طلب منفعة دنيوية ، أو مدح أو غير ذلك فالعمل رياء محض مردود ، وإن كانت النية مشتركة ففي ذلك تفصيل فيه نظر واحتمال . وأما المنهيات فإن تركها دون نية خرج عن عهدتها ، ولم يكن له أجر في تركها وإن تركها بنية وجه الله حصل له الخروج عن عهدتها مع الأجر ، وأما المباحات كالأكل والنوم والجماع وشبه ذلك فإن فعلها بغير نية لم يكن فيها أجر ، وإن فعلها بنية وجه الله فله فيها أجر ، فإن كل مباح يمكن أن يصير قُربَة إذا قصد به وجه الله مثل أن يقصد بالأكل القوة على العبادة ويقصد بالجماع التعفف عن الحرام { حُنَفَآءَ } جمع حنيف وقد ذكر { وَذَلِكَ دِينُ ٱلقَيِّمَةِ } تقديره : الملة القيمة ، أو الجماعة القيمة وقد فسرنا القيمة ومعناها أن الذي أمروا به من عبادة الله والإخلاص له وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة هو دين الإسلام فلأيّ شيء لا يدخلون فيه ؟ { ٱلْبَرِيَّةِ } الخلق لأن الله برأهم وأوجدهم بعد العدم . وقرأ بالهمز وهو الأصل بالياء وهو تخفيف من المهموز ، وهو أكثر استعمالاً عند العرب .