Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 15, Ayat: 87-99)

Tafsir: Fatḥ al-qadīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اختلف أهل العلم في السبع المثاني ماذا هي ؟ فقال جمهور المفسرين إنها الفاتحة . قال الواحدي وأكثر المفسرين على أنها فاتحة الكتاب ، وهو قول عمر ، وعليّ ، وابن مسعود ، والحسن ، ومجاهد ، وقتادة ، والربيع ، والكلبي . وزاد القرطبي أبا هريرة وأبا العالية ، وزاد النيسابوري الضحاك وسعيد بن جبير . وقد روي ذلك من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سيأتي بيانه ، فتعين المصير إليه . وقيل هي السبع الطوال البقرة ، وآل عمران ، والنساء ، والمائدة ، والأنعام ، والأعراف ، والسابعة الأنفال والتوبة لأنها كسورة واحدة إذ ليس بينهما تسمية . روي هذا القول عن ابن عباس . وقيل المراد بالمثاني السبعة الأحزاب ، فإنها سبع صحائف . والمثاني جمع مثناة من التثنية ، أو جمع مثنية . وقال الزجاج تثنى بما يقرأ بعدها معها ، فعلى القول الأوّل يكون وجه تسمية الفاتحة مثاني أنها تثنى ، أي تكرّر في كل صلاة ، وعلى القول بأنها السبع الطوال فوجه التسمية أن العبر والأحكام والحدود كررت فيها ، وعلى القول بأنها السبعة الأحزاب يكون وجه التسمية هو تكرير ما في القرآن من القصص ونحوها ، وقد ذهب إلى أن المراد بالسبع المثاني القرآن كله الضحاك ، وطاوس ، وأبو مالك ، وهو رواية عن ابن عباس واستدلوا بقوله تعالى { كِتَـٰباً مُّتَشَـٰبِهاً مَّثَانِيَ } الزمر 23 . وقيل المراد بالسبع المثاني أقسام القرآن ، وهي الأمر ، والنهي ، والتبشير ، والإنذار ، وضرب الأمثال ، وتعريف النعم ، وأنباء قرون ماضية . قال زياد بن أبي مريم ، ولا يخفى عليك أن تسمية الفاتحة مثاني لا تستلزم نفي تسمية غيرها بهذا الاسم ، وقد تقرّر أنها المرادة بهذه الآية ، فلا يقدح في ذلك صدق وصف المثاني على غيرها . { والقرآن العظيم } معطوف على { سبعا من المثاني } ، ويكون من عطف العام على الخاص ، لأن الفاتحة بعض من القرآن . وكذلك إن أريد بالسبع المثاني السبع الطوال لأنها بعض من القرآن . وأما إذا أريد بها السبعة الأحزاب أو جميع القرآن أو أقسامه ، فيكون من باب عطف أحد الوصفين على الآخر ، كما قيل في قول الشاعر @ إلى الملك القرم وابن الهمام @@ ومما يقوي كون السبع المثاني هي الفاتحة أن هذه السورة مكية ، وأكثر السبع الطوال مدنية ، وكذلك أكثر القرآن وأكثر أقسامه ، وظاهر قوله { وَلَقَدْ ءاتَيْنَـٰكَ سَبْعًا مّنَ ٱلْمَثَانِي } أنه قد تقدّم إيتاء السبع على نزول هذه الآية ، و « من » في المثاني للتبعيض أو البيان على اختلاف الأقوال . ذكر معنى ذلك الزجاج فقال هي للتبعيض إذا أردت بالسبع الفاتحة أو الطوال ، وللبيان إذا أردت الإشباع . ثم لما بين لرسوله الله صلى الله عليه وسلم ما أنعم به عليه من هذه النعمة الدينية نفره عن اللذات العاجلة الزائلة فقال { لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مّنْهُمْ } أي لا تطمح ببصرك إلى زخارف الدنيا طموح رغبة فيها وتمنّ لها ، والأزواج الأصناف ، قاله ابن قتيبة . وقال الجوهري الأزواج القرناء . قال الواحدي إنما يكون ماداً عينيه إلى الشيء إذا أدام النظر نحوه . وإدامة النظر إليه تدل على استحسانه وتمنيه . وقال بعضهم معنى الآية لا تحسدنّ أحداً على ما أوتي من الدنيا ، وردّ بأن الحسد منهي عنه مطلقاً ، وإنما قال في هذه السورة لا تمدنّ بغير واو ، لأنه لم يسبقه طلب بخلاف ما في سورة طه ، ثم لما نهاه عن الالتفات إلى أموالهم وأمتعتهم نهاه عن الالتفات إليهم فقال { وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ } حيث لم يؤمنوا ، وصمموا على الكفر والعناد . وقيل المعنى لا تحزن على ما متعوا به في الدنيا ، فلك الآخرة . والأول أولى . ثم لما نهاه عن أن يمد عينيه إلى أموال الكفار ولا يحزن عليهم ، وكان ذلك يستلزم التهاون بهم وبما معهم ، أمره أن يتواضع للمؤمنين ، فقال { وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ } وخفض الجناح كناية عن التواضع ولين الجانب ، ومنه قوله سبحانه { وَٱخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ ٱلذُّلّ } الإسراء 24 ، وقول الكميت @ خفضت لهم مني جناحي مودة إلى كنف عطفاه أهل ومرحب @@ وأصله أن الطائر إذا ضم فرخه إلى نفسه ، بسط جناحه ، ثم قبضه على الفرخ ، فجعل ذلك وصفاً لتواضع الإنسان لأتباعه . ويقال فلان خافض الجناح ، أي وقور ساكن ، والجناحان من ابن آدم جانباه ، ومنه { وَٱضْمُمْ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ } طه 22 ومنه قول الشاعر @ وحسبك فتنة لزعيم قوم يمدّ على أخي سُقم جناحا @@ { وَقُلْ إِنّى أَنَا ٱلنَّذِيرُ ٱلْمُبِينُ } أي المنذر المظهر لقومه ما يصيبهم من عذاب الله { كَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَى ٱلْمُقْتَسِمِينَ } قيل المفعول محذوف ، أي مفعول { أنزلنا } والتقدير كما أنزلنا على المقتسمين عذاباً ، فيكون المعنى إني أنا النذير المبين لكم من عذاب مثل عذاب المقتسمين الذي أنزلناه عليهم ، كقوله تعالى { أَنذَرْتُكُمْ صَـٰعِقَةً مّثْلَ صَـٰعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ } فصلت 13 . وقيل إن الكاف زائدة ، والتقدير إني أنا النذير المبين أنذرتكم ما أنزلنا على المقتسمين من العذاب . وقيل هو متعلق بقوله { وَلَقَدْ ءاتَيْنَـٰكَ } أي أنزلنا عليك مثل ما أنزلنا على أهل الكتاب وهم المقتسمون ، والأولى أن يتعلق بقوله { إِنّى أَنَا ٱلنَّذِيرُ ٱلْمُبِينُ } لأنه في قوّة الأمر بالإنذار . وقد اختلف في المقتسمين من هم ؟ فقال الفراء هم ستة عشر رجلاً بعثهم الوليد بن المغيرة أيام الموسم ، فاقتسموا أنقاب مكة وفجاجها يقولون لمن دخلها لا تغتروا بهذا الخارج فينا فإنه مجنون ، وربما قالوا ساحر ، وربما قالوا شاعر ، وربما قالوا كاهن ، فقيل لهم مقتسمين لأنهم اقتسموا هذه الطرق . وقيل إنهم قوم من قريش اقتسموا كتاب الله ، فجعلوا بعضه شعراً ، وبعضه سحراً ، وبعضه كهانة ، وبعضه أساطير الأوّلين . قاله قتادة . وقيل هم أهل الكتاب ، وسموا مقتسمين لأنهم كانوا يقتسمون القرآن استهزاء ، فيقول بعضهم هذه السورة لي وهذه لك ، روي هذا عن ابن عباس . وقيل إنهم قسموا كتابهم وفرّقوه وبدّدوه وحرّفوه . وقيل المراد قوم صالح تقاسموا على قتله فسموا مقتسمين ، كما قال تعالى { تَقَاسَمُواْ بِٱللَّهِ لَنُبَيّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ } النمل 49 . وقيل تقاسموا أيماناً تحالفوا عليها ، قاله الأخفش . وقيل إنّهم العاص بن وائل ، وعتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبو جهل بن هشام والنضر بن الحارث وأمية بن خلف ، ومنبه بن الحجاج . ذكره الماوردي . { ٱلَّذِينَ جَعَلُواْ ٱلْقُرْءانَ عِضِينَ } جمع عضة ، وأصلها عضوة ، فعلة من عضى الشاة إذا جعلها أجزاء ، فيكون المعنى على هذا الذين جعلوا القرآن أجزاء متفرقة ، بعضه شعر ، وبعضه سحر ، وبعضه كهانة ، ونحو ذلك . وقيل هو مأخوذ من عضته إذا بهته ، فالمحذوف منه الهاء لا الواو ، وجمعت العضة على المعنيين جمع العقلاء لما لحقها من الحذف ، فجعلوا ذلك عوضاً عما لحقها من الحذف وقيل معنى { عضين } إيمانهم ببعض الكتاب وكفرهم ببعض ، ومما يؤيد ، أن معنى عضين التفريق ، قول رؤبة @ وليس دين الله بالعضين @@ أي بالمفرق . وقيل العضة والعضين في لغة قريش السحر ، وهم يقولون للساحر عاضه ، وللساحرة عاضهة ، ومنه قول الشاعر @ أعوذ بربي من النافثات في عقد العاضهة والعضه @@ وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن العاضهة والمستعضهة ، وفسر بالساحرة والمستسحرة ، والمعنى أنهم أكثروا البهت على القرآن ، وسموه سحراً وكذباً وأساطير الأوّلين ، ونظير عضة في النقصان شفة ، والأصل شفهة ، وكذلك سنّة ، والأصل سنهة . قال الكسائي العضة الكذب والبهتان ، وجمعها عضون . وقال الفراء إنه مأخوذ من العضاه . وهي شجر يؤذي ويجرح كالشوك . ويجوز أن يراد بالقرآن التوراة والإنجيل لكونهما مما يقرأ ، ويراد بالمقتسمين هم اليهود والنصارى ، أي جعلوهما أجزاء متفرّقة ، وهو أحد الأقوال المتقدّمة . { فَوَرَبّكَ لَنَسْـئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } أي لنسألنّ هؤلاء الكفرة أجمعين يوم القيامة عما كانوا يعملون في الدنيا من الأعمال التي يحاسبون عليها ويسألون عنها وقيل إن المراد سؤالهم عن كلمة التوحيد ، والعموم في { عما كانوا يعملون } ، يفيد ما هو أوسع من ذلك . وقيل إن المسؤولين ها هنا هم جميع المؤمنين والعصاة والكفار . ويدلّ عليه قوله { ثُمَّ لَتُسْـئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ } التكاثر 8 ، وقوله { وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ } الصافات 24 ، وقوله { إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ } الغاشية 25 - 26 . ويمكن أن يقال إن قصر هذا السؤال على المذكورين في السياق وصرف العموم إليهم لا ينافي سؤال غيرهم . { فَٱصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ } قال الزجاج يقول أظهر ما تؤمر به . أخذ من الصديع وهو الصبح انتهى . وأصل الصدع الفرق والشق ، يقال صدعته فانصدع ، أي انشق ، وتصدّع القوم ، أي تفرّقوا ، ومنه { يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ } الروم 43 أي يتفرقون . قال الفراء أراد فاصدع بالأمر أي أظهر دينك فما مع الفعل على هذا بمنزلة المصدر ، وقال ابن الأعرابي معنى اصدع بما تؤمر أي اقصد وقيل فاصدع بما تؤمر أي فرق جمعهم وكلمتهم بأن تدعوهم إلى التوحيد فإنهم يتفرّقون ، والأولى أن الصدع الإظهار ، كما قاله الزجاج والفراء وغيرهم . قال النحويون المعنى بما تؤمر به من الشرائع ، وجوّزوا أن تكون مصدرية أي بأمرك وشأنك . قال الواحدي قال الفسرون أي اجهر بالأمر أي بأمرك بعد إظهار الدعوة ، وما زال النبي صلى الله عليه وسلم مستخفياً حتى نزلت هذه الآية ، ثم أمره سبحانه بعد أمره بالصدع بالإعراض وعدم الالتفات إلى المشركين ، فقال { وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ } أي لا تبال بهم ولا تلتفت إليهم إذا لاموك على إظهار الدعوة . ثم أكد هذا الأمر ، وثبت قلب رسوله بقوله { إِنَّا كَفَيْنَـٰكَ ٱلْمُسْتَهْزِءينَ } مع كونهم كانوا من أكابر الكفار ، وأهل الشوكة فيهم فإذا كفاه الله أمرهم بقمعهم وتدميرهم كفاه أمر من هو دونهم بالأولى ، وهؤلاء المستهزئون كانوا خمسة من رؤساء أهل مكة الوليد بن المغيرة ، والعاص بن وائل ، والأسود بن المطلب بن الحارث بن زمعة ، والأسود بن عبد يغوث ، والحارث بن الطُّلاطِلَة ، كذا قال القرطبي ووافقه غيره من المفسرين . وقد أهلكهم الله جميعاً وكفاهم أمرهم في يوم واحد ، ثم وصف هؤلاء المستهزئين بالشرك فقال { ٱلَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلـٰهًا ءاخَرَ } فلم يكن ذنبهم مجرّد الاستهزاء ، بل لهم ذنب آخر وهو الشرك بالله سبحانه ، ثم توعدهم فقال { فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } كيف عاقبتهم في الآخرة وما يصيبهم من عقوبة الله سبحانه . ثم ذكر تسلية أخرى لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد التسلية الأولى بكفايته شرهم ودفعه لمكرهم ، فقال { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ } من الأقوال الكفرية المتضمنة للطعن على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسحر والجنون والكهانة والكذب . وقد كان يحصل ذلك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقتضى الجبلة البشرية والمزاج الإنساني ، ثم أمره سبحانه بأن يفزع لكشف ما نابه من ضيق الصدر إلى تسبيح الله سبحانه وحمده فقال { فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ } أي متلبساً بحمده ، أي افعل التسبيح المتلبس بالحمد { وَكُنْ مّنَ ٱلسَّـٰجِدِينَ } أي المصلين ، فإنك إذا فعلت ذلك ، كشف الله همك ، وأذهب غمك ، وشرح صدرك . ثم أمره بعبادة ربه ، أي بالدوام عليها إلى غاية هي قوله { حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ ٱلْيَقِينُ } أي الموت . قال الواحدي قال جماعة المفسرين يعني الموت لأنه موقن به . قال الزجاج المعنى اعبد ربك أبداً ، لأنه لو قيل اعبد ربك بغير توقيت ، لجاز إذا عبد الإنسان مرّة أن يكون مطيعاً . فإذا قال حتى يأتيك اليقين ، فقد أمره بالإقامة على العبادة أبداً ما دام حياً . وقد أخرج ابن جرير ، وابن المنذر عن عمر في قوله { وَلَقَدْ ءاتَيْنَـٰكَ سَبْعًا مّنَ ٱلْمَثَانِي } قال السبع المثاني فاتحة الكتاب . وأخرجه سعيد بن منصور ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والدارقطني وابن مردويه ، والبيهقي من طرق عن عليّ بمثله . وأخرجه ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن مردويه عن ابن مسعود مثله ، وزاد والقرآن العظيم سائر القرآن . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، والطبراني ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، والبيهقي عن ابن عباس في الآية قال فاتحة الكتاب استثناها الله لأمة محمد ، فرفعها في أمّ الكتاب فادخرها لهم حتى أخرجها ولم يعطها أحد قبل . قيل فأين الآية السابعة ؟ قال بِسْمِ اللَّهِ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ . وروي عنه نحو هذا من طرق . وأخرج ابن الضريس ، وأبو الشيخ ، وابن مروديه عن أبي هريرة قال السبع المثاني فاتحة الكتاب . وأخرج ابن جرير عن أبيّ بن كعب قال السبع المثاني { ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } . وروي نحو قول هؤلاء الصحابة عن جماعة من التابعين . وقد ثبت في صحيح البخاري من حديث أبي سعيد بن المعلى أنه قال له النبي صلى الله عليه وسلم " ألا أعلمك أفضل سورة قبل أن أخرج من المسجد ؟ فذهب النبي صلى الله عليه وسلم ليخرج ، فذكرت ، فقال { ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } هي السبع المثاني والقرآن العظيم " وأخرج البخاري أيضاً من حديث أبي هريرة ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أمّ القرآن هي السبع المثاني والقرآن العظيم " ، فوجب بهذا المصير إلى القول بأنها فاتحة الكتاب ، ولكن تسميتها بذلك لا ينافي تسمية غيرها به كما قدّمنا . وأخرج ابن مردويه عن عمر ، قال في الآية هي السبع الطوال . وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود مثله . وأخرج الفريابي ، وأبو داود ، والنسائي ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، والبيهقي عن ابن عباس قال في الآية هي السبع الطوال . وأخرج الدارمي ، وابن مردويه عن أبيّ بن كعب مثله . وروي نحو ذلك عن جماعة من التابعين . وأخرج ابن مردويه من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس ، قال هي فاتحة الكتاب والسبع الطوال . وأخرج ابن جرير عنه في الآية قال ماثنى من القرآن ، ألم تسمع لقول الله { ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ كِتَـٰباً مُّتَشَـٰبِهاً مَّثَانِيَ } الزمر 23 . وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال المثاني القرآن ، يذكر الله القصة الواحدة مراراً . وأخرج سعيد بن منصور ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي عن زياد بن أبي مريم في الآية قال أعطيتك سبعة أجزاء مر ، وأنه ، وبشر وأنذر ، واضرب الأمثال ، واعدد النعم ، واتل نبأ القرآن . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله { لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ } قال نهى الرجل أن يتمنى مال صاحبه ، وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله { أَزْوٰجاً مّنْهُمْ } قال الأغنياء الأمثال والأشباه . وأخرج ابن المنذر عن سفيان بن عيينة قال من أعطي القرآن فمدّ عينه إلى شيء مما صغر القرآن فقد خالف القرآن ، ألم يسمع إلى قوله { وَلَقَدْ ءاتَيْنَـٰكَ سَبْعًا مّنَ ٱلْمَثَانِي } ، وإلى قوله { وَرِزْقُ رَبّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } طه 131 وقد فسر ابن عيينة أيضاً الحديث الصحيح " ليس منا من لم يتغن بالقرآن " فقال إن المعنى يستغنى به . وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله { وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ } قال اخضع . وأخرج الفريابي ، وسعيد بن منصور ، والبخاري ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم ، وابن مردويه من طرق عن ابن عباس في قوله { كَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَى ٱلْمُقْتَسِمِينَ } الآية قال هم أهل الكتاب ، جزءوه أجزاء فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه . وأخرج ابن جرير من طريق عليّ بن أبي طلحة عنه قال عضين فرقاً . وأخرج ابن إسحاق ، وابن أبي حاتم ، وأبو نعيم ، والبيهقي عن ابن عباس أنها نزلت في نفر من قريش ، كانوا يصدّون الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم الوليد بن المغيرة . وأخرج الترمذي ، وأبو يعلى ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن أنس عن النبي في قوله { فَوَرَبّكَ لَنَسْـئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ } قال " عن قول لا إلٰه إلاّ الله " . وأخرجه ابن أبي شيبة ، والترمذي ، وابن جرير ، وابن المنذر من وجه آخر عن أنس موقوفاً . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر عن ابن عمر مثله . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم من طريق عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس { فَٱصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ } فامضه ، وفي عليّ بن أبي طلحة مقال معروف . وأخرج ابن جرير عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود قال ما زال النبي صلى الله عليه وسلم مستخفياً حتى نزل { فَٱصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ } فخرج هو وأصحابه . وأخرج ابن إسحاق ، وابن جرير عن ابن عباس في الآية قال هذا أمر من الله لنبيه بتبليغ رسالته قومه ، وجميع من أرسل إليه . وأخرج ابن المنذر عنه { فَٱصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ } قال أعلن بما تؤمر . وأخرج أبو داود في ناسخه ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس { وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ } قال نسخه قوله تعالى { فَٱقْتُلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ } التوبة 5 . وأخرج الطبراني في الأوسط ، وابن مردويه ، وأبو نعيم ، والضياء في المختارة عن ابن عباس في قوله { إِنَّا كَفَيْنَـٰكَ ٱلْمُسْتَهْزِئينَ } قال المستهزئون الوليد بن المغيرة ، والأسود بن يغوث ، والأسود بن المطلب ، والحارث بن عيطل السهمي ، والعاص بن وائل ، وذكر قصة هلاكهم . وقد روي هذا عن جماعة من الصحابة مع زيادة في عددهم ، ونقص على طول في ذلك . وأخرج سعيد بن منصور ، وابن المنذر ، والحاكم في التاريخ ، وابن مردويه ، والديلمي عن أبي مسلم الخولاني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما أوحي إليّ أن أجمع المال ، وأكن من التاجرين ، ولكن أوحي إليّ أن سبح بحمد ربك وكن من الساجدين . { وأعبد ربك حتى يأتيك اليقين } " وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود مرفوعاً مثله . وأخرج ابن مردويه ، والديلمي عن أبي الدرداء مرفوعاً نحوه . وأخرج الخطيب في المتفق والمفترق من طريق عبيد الله بن أبان بن عثمان بن حذيفة ابن أوس الطائفي قال حدثني أبان بن عثمان عن أبيه ، عن جدّه يرفعه مثل حديث أبي مسلم الخولاني . وأخرج ابن أبي شيبة عن سالم بن عبد الله بن عمر { حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ ٱلْيَقِينُ } قال الموت . وأخرج ابن المبارك عن الحسن مثله . وأخرج ابن جرير عن ابن زيد مثله .