Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 87-88)
Tafsir: Fatḥ al-qadīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الكتاب التوراة ، والتقفية الإتباع ، والإرداف ، مأخوذة من القفا ، وهو مؤخر العنق ، تقول استقفيته إذا جئت من خلفه ، ومنه سميت قافية الشعر لأنها تتلو سائر الكلام . والمراد أن الله سبحانه أرسل على أثره رسلاً جعلهم تابعين له ، وهم أنبياء بني إسرائيل المبعوثون من بعده . و { ٱلْبَيِّنَـٰتُ } الأدلة التي ذكرها الله في " آل عمران " ، و " المائدة " . والتأييد التقوية . وقرأ مجاهد وابن محيصن { آيدناه } بالمدّ ، وهما لغتان . وروح القدس من إضافة الموصوف إلى الصفة أي الروح المقدّسة . والقدس الطهارة ، والمقدّس المطهر ، وقيل هو جبريل أيد الله به عيسى ، ومنه قول حسان @ وَجِبرِيل أمِينُ الله فينا وَرَوحُ القُدسِ لَيْس بِه خَفَاءُ @@ قال النحاس وسمي جبريل روحاً ، وأضيف إلى القدس لأنه كان بتكوين الله له من غير ولادة . وقيل القدس ، هو الله عز وجل ، وروحه جبريل ، وقيل المراد بروح القدس الاسم الذي كان عيسى يحيـى به الموتى ، وقيل المراد به الإنجيل . وقيل المراد به الروح المنفوخ فيه ، أيده الله به لما فيه من القوّة . وقوله { بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُم } أي بما لا يوافقها ، ويلائمها ، وأصل الهوى الميل إلى الشيء . قال الجوهري وسمي الهوى هوى لأنه يهوي بصاحبه إلى النار . وبخهم الله سبحانه بهذا الكلام المعنون بهمزة التوبيخ فقال { أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ } منكم { بِمَا لاَ } يوافق ما تهوونه استكبرتم عن إجابته ، احتقاراً للرسل ، واستبعاداً للرسالة . والفاء في قوله { أفكلما } للعطف على مقدّر ، أي آتيناكم يا بني إسرائيل من الأنبياء ما آتيناكم ، أفكلما جاءكم رسول . وفريقاً منصوب بالفعل الذي بعده ، والفاء للتفصيل ، ومن الفريق المكذبين عيسى ومحمد ، ومن الفريق المقتولين يحيـى وزكريا . والغُلف جمع أغلف ، المراد به هنا الذي عليه غشاوة تمنع من وصول الكلام إليه ، ومنه غلفت السيف ، أي جعلت له غلافاً . قال في الكشاف هو مستعار من الأغلف الذي لم يختن كقوله { قُلُوبُنَا فِى أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ } فصلت 5 وقيل إن الغلف جمع غلاف مثل حمار وحمر أي قلوبنا أوعية للعلم ، فما بالها لا تفهم عنك ، وقد وعينا علماً كثيراً ، فردّ الله عليهم ما قالوه فقال { بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفْرِهِمْ } وأصل اللعن في كلام العرب الطرد ، والإبعاد ، ومنه قول الشماخ @ ذَعَرْتُ به القَطا وَنَفَيْتُ عنه مَقامَ الذِّئِب كالرجل اللّعين @@ أي كالرجل المطرود . والمعنى أبعدهم الله من رحمته ، و { قَلِيلاً } نعت لمصدر محذوف ، أي إيماناً قليلاً { مَّا يُؤْمِنُونَ } و « ما » زائدة ، وصف إيمانهم بالقلة لأنهم الذين قصّ الله علينا من عنادهم ، وعجرفتهم ، وشدّة لجاجهم ، وبعدهم عن إجابة الرسل ما قصه ، ومن جملة ذلك أنهم يؤمنون ببعض الكتاب ، ويكفرون ببعض . وقال معمر المعنى لا يؤمنون إلا قليلاً مما في أيديهم ، ويكفرون بأكثره ، وعلى هذا يكون { قليلاً } منصوباً بنزع الخافض . وقال الواقدي معناه لا يؤمنون قليلاً ، ولا كثيراً . قال الكسائي تقول العرب مررنا بأرض قلَّ ما تنبت الكراث ، والبصل ، أي لا تنبت شيئاً . وقد أخرج ابن عساكر عن ابن عباس في قوله { وَلَقَدْ ءاتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَـٰبَ } يعني به التوراة جملة ، واحدة مفصلة محكمة { وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِٱلرُّسُلِ } يعني رسولاً يدعى أشمويل بن بابل ، ورسولاً يدعى منشابيل ، ورسولاً يدعي شعياء ، ورسولاً يدعى حزقيل ، ورسولاً يدعى أرمياء ، وهو الخضر ، ورسولاً يدعى داود ، وهو أبو سليمان ، ورسولاً يدعى المسيح عيسى ابن مريم ، فهؤلاء الرسل ابتعثهم الله ، وانتخبهم من الأمة بعد موسى ، فأخذنا عليهم ميثاقاً غليظاً أن يؤدوا إلى أمتهم صفة محمد صلى الله عليه وسلم ، وصفة أمته . وأخرج ابن إسحاق ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم عنه في قوله { وآتينا عيسى ابن مريم البينات } قال هي الآيات التي وضع على يديه من إحياء الموتى ، وخلقه من الطين كهيئة الطير ، وإبراء الأسقام . والخبر بكثير من الغيوب ، وما ورد عليهم من التوراة ، والإنجيل الذي أحدث الله إليه . وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله { وَأَيَّدْنَـٰهُ } قال قوّيناه . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عنه قال روح من القدس الاسم الذي كان عيسى يحيـى به الموتى . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن مجاهد قال القدس الله تعالى . وأخرج عن الربيع بن أنس مثله . وأخرج عن ابن عباس قال القدس الطهر . وأخرج عن السدّي قال القدس البركة . وأخرج عن إسماعيل بن أبي خالد أن روح القدس جبريل . وأخرج عن ابن مسعود مثله . وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " روح القدس جبريل " وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " اللهم أيد حسان بروح القدس " وأخرج ابن أبي حاتم ، عن سعيد بن جبير في قوله { فَرِيقاً } قال طائفة . وأخرج عن ابن عباس قال إنما سمي القلب لتقلبه . وأخرج الطبراني في الأوسط عنه أنه كان يقرأ { قُلُوبُنَا غُلْفٌ } مثقلة أي كيف نتعلم ، وقلوبنا غلف للحكمة أي أوعية للحكمة . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عنه في قوله { وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ } مملوءة علماً لا تحتاج إلى علم محمد ، ولا غيره . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عنه في قوله { قُلُوبُنَا غُلْفٌ } قال في غطاء . وروى ابن إسحاق ، وابن جرير عنه أنه قال { في أكِنَّةٍ } فصلت 5 . وأخرج ابن جرير عنه أنه قال هي القلوب المطبوع عليها . وأخرج وكيع عن عكرمة ، وابن جرير ، عن مجاهد نحوه . وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن قتادة قال هي التي لا تفقه . وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن أبي الدنيا في كتاب الإخلاص ، وابن جرير عن حذيفة قال القلوب أربعة قلب أغلف ، فذلك قلب الكافر ، وقلب مصفح ، فذلك قلب المنافق ، وقلب أجرد فيه مثل السراج ، فذلك قلب المؤمن ، وقلب فيه إيمان ، ونفاق ، فمثل الإيمان كمثل شجرة يمدّها ماء طيب ، ومثل المنافق كمثل قرحة يمدّها القيح ، والدم . وأخرج أحمد بسند جيد ، عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " القلوب أربعة قلب أجرد فيه مثل السراج يزهر ، وقلب أغلف مربوط على غلافه ، وقلب منكوس ، وقلب مصفح ، فأما القلب الأجرد ، فقلب المؤمن سراجه فيه نوره ، وأما القلب الأغلف ، فقلب الكافر ، وأما القلب المنكوس ، فقلب المنافق عرف ثم أنكر ، وأما القلب المصفح ، فقلب فيه إيمان ، ونفاق ، فمثل الإيمان فيه كمثل البقلة يمدّها الماء الطيب ، ومثل النفاق فيه كمثل القرحة يمدّها القيح ، فأيّ المادتين غلبت على الأخرى غلبت عليه " وأخرج ابن أبي حاتم عن سلمان الفارسي مثله سواء موقوفاً . وأخرج عبد الرزاق ، وابن جرير ، عن قتادة في قوله { فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ } قال لا يؤمن منهم إلا قليل .