Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 12-22)

Tafsir: Fatḥ al-qadīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما حثّ سبحانه عباده على العبادة ووعدهم الفردوس على فعلها ، عاد إلى تقرير المبدأ والمعاد ليتمكن ذلك في نفوس المكلفين فقال { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَـٰنَ } إلى آخره ، واللام جواب قسم محذوف ، والجملة مبتدأة ، وقيل معطوفة على ما قبلها ، والمراد بالإنسان الجنس لأنهم مخلوقون في ضمن خلق أبيهم آدم ، وقيل المراد به آدم . والسلالة فعالة من السلّ ، وهو استخراج الشيء من الشيء ، يقال سللت الشعرة من العجين ، والسيف من الغمد فانسلّ ، فالنطفة سلالة ، والولد سليل ، وسلالة أيضاً ، ومنه قول الشاعر @ فجاءت به عضب الأديم غضنفرا سلالة فرج كان غير حصين @@ وقول الآخر @ وهل هند إلا مهرة عربية سلالة أفراس تجللها بغل @@ و " مِنْ " في { مِن سُلَـٰلَةٍ } ابتدائية متعلقة بـ { خلقنا } ، وفي { مِن طِينٍ } بيانية متعلقة بمحذوف ، وقع صفة لسلالة ، أي كائنة من طين ، والمعنى أنه سبحانه خلق جوهر الإنسان أوّلاً من طين لأن الأصل آدم ، وهو من طين خالص وأولاده من طين ومنيّ ، وقيل السلالة الطين إذا عصرته انسلّ من بين أصابعك فالذي يخرج هو السلالة ، قاله الكلبي { ثُمَّ جَعَلْنَـٰهُ } أي الجنس باعتبار أفراده الذين هم بنو آدم ، أو جعلنا نسله على حذف مضاف إن أريد بالإنسان آدم { نُّطْفَةٍ } وقد تقدّم تفسير النطفة في سورة الحج . وكذلك تفسير العلقة والمضغة . والمراد بالقرار المكين الرّحم ، وعبر عنها بالقرار الذي هو مصدر مبالغة ، ومعنى { ثُمَّ خَلَقْنَا ٱلنُّطْفَةَ عَلَقَةً } أي أنه سبحانه أحال النطفة البيضاء علقة حمراء { فَخَلَقْنَا ٱلْعَلَقَةَ مُضْغَةً } أي قطعة لحم غير مخلقة { فَخَلَقْنَا ٱلْمُضْغَةَ عِظَـٰماً } أي جعلها الله سبحانه متصلبة لتكون عموداً للبدن على أشكال مخصوصة { فَكَسَوْنَا ٱلْعِظَـٰمَ لَحْماً } أي أنبتَ الله سبحانه على كل عظم لحماً على المقدار الذي يليق به ويناسبه { ثم أنشأناه خلقاً آخر } أي نفخنا فيه الروح بعد أن كان جماداً . وقيل أخرجناه إلى الدنيا . وقيل هو نبات الشعر . وقيل خروج الأسنان . وقيل تكميل القوى المخلوقة فيه ، ولا مانع من إرادة الجميع ، والمجيء بـ " ثم " لكمال التفاوت بين الخلقين { فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَـٰلِقِينَ } أي استحق التعظيم والثناء . وقيل مأخوذ من البركة ، أي كثر خيره وبركته . والخلق في اللغة التقدير ، يقال خلقت الأديم إذا قسته لتقطع منه شيئاً ، فمعنى { أحسن الخالقين } أتقن الصانعين المقدّرين ، ومنه قول الشاعر @ ولأنت تفري ما خلقت وبــ ــعض القوم يخلق ثم لا يفري @@ { ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذٰلِكَ لَمَيّتُونَ } الإشارة بقوله { ذٰلِكَ } إلى الأمور المتقدّمة ، أي ثم إنكم بعد تلك الأمور لميتون صائرون إلى الموت لا محالة { ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ تُبْعَثُونَ } من قبوركم إلى المحشر للحساب والعقاب . واللام في { وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ } جواب لقسم محذوف ، والجملة مبتدأة مشتملة على بيان خلق ما يحتاجون إليه بعد بيان خلقهم . والطرائق هي السمٰوات . قال الخليل والفراء والزجاج سميت طرائق لأنه طورق بعضها فوق بعض كمطارقة النعل . قال أبو عبيدة طارقت الشيء جعلت بعضه فوق بعض ، والعرب تسمي كل شيء فوق شيء طريقة . وقيل لأنها طرائق الملائكة . وقيل لأنها طرائق الكواكب { وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلْخَلْقِ غَـٰفِلِينَ } المراد بالخلق هنا المخلوق ، أي وما كنا عن هذه السبع الطرائق وحفظها عن أن تقع على الأرض بغافلين . وقال أكثر المفسرين المراد الخلق كلهم بغافلين بل حفظنا السمٰوات عن أن تسقط ، وحفظنا من في الأرض أن تسقط السماء عليهم فتهلكهم أو تميد بهم الأرض ، أو يهلكون بسبب من الأسباب المستأصلة لهم ، ويجوز أن يراد نفي الغفلة عن القيام بمصالحهم وما يعيشون به ، ونفي الغفلة عن حفظهم . { وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَاء مَاء } هذا من جملة ما امتن الله سبحانه به على خلقه . والمراد بالماء ماء المطر ، فإن به حياة الأرض وما فيها من الحيوان ، ومن جملة ذلك ماء الأنهار النازلة من السماء والعيون ، والآبار المستخرجة من الأرض ، فإن أصلها من ماء السماء . وقيل أراد سبحانه في هذه الآية الأنهار الأربعة سيحان ، وجيحان ، والفرات ، والنيل ، ولا وجه لهذا التخصيص . وقيل المراد به الماء العذب ، ولا وجه لذلك أيضاً فليس في الأرض ماء إلا وهو من السماء ، ومعنى { بِقَدَرٍ } بتقدير منا أو بمقدار يكون به صلاح الزرع والثمار ، فإنه لو كثر لكان به هلاك ذلك ، ومثله قوله سبحانه { وَإِن مّن شَىْء إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ } الحجر 21 ومعنى { فَأَسْكَنَّاهُ فِي ٱلأَرْضِ } جعلناه مستقرّاً فيها ينتفعون به وقت حاجتهم إليه كالماء الذي يبقى في المستنقعات والغدران ونحوها { وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَـٰدِرُونَ } أي كما قدرنا على إنزاله فنحن قادرون على أن نذهب به بوجه من الوجوه ، ولهذا التنكير حسن موقع لا يخفى ، وفي هذا تهديد شديد لما يدلّ عليه من قدرته سبحانه على إذهابه وتغويره حتى يهلك الناس بالعطش وتهلك مواشيهم ، ومثله قوله { قُلْ أَرَءيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَن يَأْتِيكُمْ بِمَاء مَّعِينٍ } الملك 30 . ثم بين سبحانه ما يتسبب عن إنزال فقال { فَأَنشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّـٰتٍ مّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَـٰبٍ } أي أوجدنا بذلك الماء جنات من النوعين المذكورين { لَكُمْ فِيهَا } أي في هذه الجنات { فَوٰكِهُ كَثِيرَةٌ } . تتفكهون بها وتتطعمون منها ، وقيل المعنى ومن هذه الجنات وجوه أرزاقكم ومعاشكم كقوله فلان يأكل من حرفة كذا ، وهو بعيد ، واقتصر سبحانه على النخيل والأعناب لأنها الموجودة بالطائف والمدينة وما يتصل بذلك . كذا قال ابن جرير . وقيل لأنها أشرف الأشجار ثمرة وأطيبها منفعة وطعماً ولذّة . قيل المعنى بقوله { لَّكُمْ فِيهَا فَوٰكِهُ } أن لكم في هذه الجنات فواكه من غير العنب والنخيل . وقيل المعنى لكم في هذين النوعين خاصة فواكه لأن فيهما أنواعاً مختلفة متفاوتة في الطعم واللون . وقد اختلف أهل الفقه في لفظ الفاكهة على ماذا يطلق ؟ اختلافاً كثيراً ، وأحسن ما قيل إنها تطلق على الثمرات التي يأكلها الناس ، وليست بقوت لهم ولا طعام ولا إدام . واختلف في البقول هل تدخل في الفاكهة أم لا ؟ وانتصاب { شجرة } على العطف على { جنات } . وأجاز الفراء الرفع على تقدير وثم شجرة فتكون مرتفعة على الابتداء ، وخبرها محذوف مقدّر قبلها ، وهو الظرف المذكور . قال الواحدي المفسرون كلهم يقولون إن المراد بهذه الشجرة شجرة الزيتون ، وخصت بالذكر ، لأنه لا يتعاهدها أحد بالسقي ، وهي التي يخرج الدهن منها ، فذكرها الله سبحانه امتناناً منه على عباده بها ولأنها أكرم الشجر وأعمها نفعاً وأكثرها بركة ، ثم وصف سبحانه هذه الشجرة بأنها { تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاء } وهو جبل ببيت المقدّس ، والطور الجبل في كلام العرب . وقيل هو مما عرّب من كلام العجم . واختلف في معنى سيناء فقيل هو الحسن . وقيل هو المبارك ، وذهب الجمهور إلى أنه اسم للجبل كما تقول جبل أحد . وقيل سيناء حجر بعينه أضيف الجبل إليه لوجوده عنده . وقيل هو كلّ جبل يحمل الثمار . وقرأ الكوفيون { سيناء } بفتح السين ، وقرأ الباقون بكسر السين ، ولم يصرف لأنه جعل اسماً للبقعة ، وزعم الأخفش أنه أعجمي . وقرأ الجمهور { تنبت بالدهن } بفتح المثناة وضمّ الباء الموحدة ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بضمّ المثناة وكسر الباء الموحدة . والمعنى على القراءة الأولى أنها تنبت في نفسها متلبسة بالدهن ، وعلى القراءة الثانية الباء بمعنى مع ، فهي للمصاحبة . قال أبو عليّ الفارسي التقدير تنبت جناها ومعه الدهن . وقيل الباء زائدة ، قاله أبو عبيدة ، ومثله قول الشاعر @ هنّ الحرائر لا ربات أحمرة سود المحاجر لا يقرأن بالسور @@ وقال آخر @ نضرب بالسيف ونرجو بالفرج @@ وقال الفراء والزجاج إن نبت وأنبت بمعنى ، والأصمعي ينكر أنبت ، ويرد عليه قول زهير @ رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم قطينا لهم حتى إذا أنبت البقل @@ أي نبت . وقرأ الزهري والحسن والأعرج " تنبت " بضم المثناة وفتح الموحدة . قال الزجاج وابن جني أي تنبت ومعها الدهن ، وقرأ ابن مسعود " تخرج " بالدهن ، وقرأ زرّ بن حبيش " تنبت الدهن " بحذف حرف الجرّ . وقرأ سليمان بن عبد الملك والأشهب " بالدهان " { وَصِبْغٍ لّلآكِلِيِنَ } معطوف على الدهن ، أي تنبت بالشيء الجامع بين كونه دهنا يدهن به . وكونه صبغاً يؤتدم به . قرأ الجمهور { صبغ } ، وقرأ قوم " صباغ " مثل لبس ولباس . وكل إدام يؤتدم به فهو صبغ وصباغ . وأصل الصبغ ما يلّون به الثوب ، وشبه الإدام به لأن الخبز يكون بالإدام كالمصبوغ به . { وَإِنَّ لَكُمْ فِي ٱلاْنْعَـٰمِ لَعِبْرَةً } هذه من جملة النعم التي امتنّ الله بها عليهم . وقد تقدّم تفسير الأنعام في سورة النحل . قال النيسابوري في تفسيره ولعلّ القصد بالأنعام هنا إلى الإبل خاصة لأنها هي المحمول عليها في العادة ولأنه قرنها بالفلك وهي سفائن البرّ ، كما أن الفلك سفائن البحر . وبين سبحانه أنها عبرة لأنها مما يستدل بخلقها وأفعالها على عظيم القدرة الإلٰهية ، ثم فصل سبحانه ما في هذه الأنعام من النعم بعد ما ذكره من العبرة فيها للعباد فقال { نُّسْقِيكُمْ مّمَّا فِي بُطُونِهَا } يعني سبحانه اللبن المتكوّن في بطونها المنصبّ إلى ضروعها ، فإن في انعقاد ما تأكله من العلف واستحالته إلى هذا الغذاء اللذيذ ، والمشروب النفيس أعظم عبرة للمعتبرين ، وأكبر موعظة للمتعظين . وقرىء { نسقيكم } بالنون على أن الفاعل هو الله سبحانه ، وقرىء بالتاء الفوقية على أن الفاعل هو الأنعام ، ثم ذكر ما فيها من المنافع إجمالاً فقال { وَلَكُمْ فيِهَا مَنَـٰفِعُ كَثِيرَةٌ } يعني في ظهورها وألبانها وأولادها وأصوافها وأشعارها ، ثم ذكر منفعة خاصة فقال { وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } لما في الأكل من عظيم الانتفاع لهم . وكذلك ذكر الركوب عليها لما فيه من المنفعة العظيمة فقال { وَعَلَيْهَا وَعَلَى ٱلْفُلْكِ تُحْمَلُونَ } أي وعلى الأنعام ، فإن أريد بالأنعام الإبل والبقر والغنم ، فالمراد وعلى بعض الأنعام ، وهي الإبل خاصة ، وإن أريد بالأنعام الإبل خاصة ، فالمعنى واضح . ثم لما كانت الأنعام هي غالب ما يكون الركوب عليه في البرّ ضمّ إليها ما يكون الركوب عليه في البحر ، فقال { وَعَلَى ٱلْفُلْكِ تُحْمَلُونَ } تميماً للنعمة وتكميلاً للمنة . وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال السلالة صفو الماء الرقيق الذي يكون منه الولد . وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال إن النطفة إذا وقعت في الرحم طارت في كل شعر وظفر فتمكث أربعين يوماً ، ثم تنحدر في الرحم فتكون علقة . وللتابعين في تفسير السلالة أقوال قد قدّمنا الإشارة إليها . وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس { ثم أنشأناه خلقاً آخر } قال الشعر والأسنان . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عنه { أنشأناه خلقاً آخر } قال نفخ فيه الروح ، وكذا قال مجاهد وعكرمة والشعبي والحسن وأبو العالية والربيع بن أنس والسديّ والضحاك وابن زيد ، واختاره ابن جرير . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد { ثم أنشأناه خلقاً آخر } قال حين استوى به الشباب . وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن صالح أبي الخليل قال لما نزلت هذه الآية على النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى قوله { ثم أنشأناه خلقاً آخر } قال عمر { فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَـٰلِقِينَ } قال " والذي نفسي بيده إنها ختمت بالذي تكلمت به يا عمر " وأخرج الطيالسي وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن أنس قال قال عمر وافقت ربي في أربع ، قلت يا رسول الله لو صلينا خلف المقام ؟ فأنزل الله { وَٱتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرٰهِيمَ مُصَلًّى } البقرة 125 . وقلت يا رسول الله ، لو اتخذت على نسائك حجاباً فإنه يدخل عليك البرّ والفاجر ، فأنزل الله { وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب } الأحزاب 53 وقلت لأزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم لتنتهنّ أو ليبدلنّه الله أزواجاً خيراً منكنّ ، فنزلت { عَسَىٰ رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ } التحريم 5 الآية ، ونزلت { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَـٰنَ مِن سُلَـٰلَةٍ } إلى قوله { ثم أنشأناه خلقاً آخر } فقلت أنا { فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَـٰلِقِينَ } . وأخرج ابن راهويه وابن المنذر وابن أبي حاتم ، والطبراني في الأوسط ، وابن مردويه عن زيد بن ثابت قال أملى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَـٰنَ } إلى قوله { خَلْقاً ءَاخَرَ } فقال معاذ بن جبل { فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَـٰلِقِينَ } فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له معاذ مم ضحكت يا رسول الله ؟ قال " بها ختمت { فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَـٰلِقِينَ } " وفي إسناده جابر الجعفي وهو ضعيف جداً . قال ابن كثير وفي خبره هذا نكارة شديدة ، وذلك أن هذه السورة مكية ، وزيد بن ثابت إنما كتب الوحي بالمدينة ، وكذلك إسلام معاذ بن جبل إنما كان بالمدينة ، والله أعلم . وأخرج ابن مردويه والخطيب ، قال السيوطي بسند ضعيف ، عن ابن عباس عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال " أنزل الله من الجنة إلى الأرض خمسة أنهار سيحون وهو نهر الهند ، وجيحون وهو نهر بلخ ، ودجلة والفرات وهما نهرا العراق ، والنيل وهو نهر مصر ، أنزلها من عين واحدة من عيون الجنة من أسفل درجة من درجاتها على جناحي جبريل ، فاستودعها الجبال وأجراها في الأرض ، وجعلها منافع للناس في أصناف معايشهم ، فذلك قوله { وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَاء مَاء بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي ٱلأَرْضِ } فإذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج أرسل الله جبريل ، فرفع من الأرض القرآن والعلم ، والحجر من ركن البيت ، ومقام إبراهيم ، وتابوت موسى بما فيه ، وهذه الأنهار الخمسة ، فيرفع كل ذلك إلى السماء ، فذلك قوله { وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَـٰدِرُونَ } فإذا رفعت هذه الأشياء من الأرض فقد أهلها خير الدنيا والآخرة " وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس ، قال طور سيناء هو الجبل الذي نودي منه موسى . وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله { تَنبُتُ بِٱلدُّهْنِ } قال هو الزيت يؤكل ويدهن به .