Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 32-34)
Tafsir: Fatḥ al-qadīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما أمر سبحانه بغضّ الأبصار ، وحفظ الفروج أرشد بعد ذلك إلى ما يحلّ للعباد من النكاح الذي يكون به قضاء الشهوة ، وسكون دواعي الزنا ، ويسهل بعده غضّ البصر عن المحرّمات ، وحفظ الفرج عما لا يحل ، فقال { وَأَنْكِحُواْ ٱلأيَـٰمَىٰ مِنْكُمْ } الأيم التي لا زوج لها بكراً كانت أو ثيباً ، والجمع أيامى ، والأصل أيايم ، والأيم بتشديد الياء ، ويشمل الرجل والمرأة . قال أبو عمرو ، والكسائي اتفق أهل اللغة على أن الأيم في الأصل هي المرأة التي لا زوج لها بكراً كانت أو ثيباً . قال أبو عبيد يقال رجل أيم ، وامرأة أيم ، وأكثر ما يكون في النساء ، وهو كالمستعار في الرجال ، ومنه قول أمية ابن أبي الصلت @ للّه درّ بني علي أيم منهم وناكح @@ ومنه أيضاً قول الآخر @ لقد إمت حتى لا مني كلّ صاحب رجاء سليمى أن تأيم كما إمت @@ والخطاب في الآية للأولياء ، وقيل للأزواج ، والأوّل أرجح ، وفيه دليل على أن المرأة لا تنكح نفسها ، وقد خالف في ذلك أبو حنيفة . واختلف أهل العلم في النكاح هل مباح ، أو مستحب ، أو واجب ؟ فذهب إلى الأوّل الشافعي ، وغيره ، وإلى الثاني مالك ، وأبو حنيفة ، وإلى الثالث بعض أهل العلم على تفصيل لهم في ذلك ، فقالوا إن خشي على نفسه الوقوع في المعصية وجب عليه ، وإلاّ فلا . والظاهر أن القائلين بالإباحة والاستحباب لا يخالفون في الوجوب مع تلك الخشية ، وبالجملة ، فهو مع عدمها سنة من السنن المؤكدة لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح بعد ترغيبه في النكاح " ومن رغب عن سنتي فليس مني " ، ولكن مع القدرة عليه ، وعلى مؤنه كما سيأتي قريباً ، والمراد بالأيامى هنا الأحرار ، والحرائر ، وأما المماليك فقد بين ذلك بقوله { وَٱلصَّـٰلِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ } قرأ الجمهور { عبادكم } ، وقرأ الحسن " عبيدكم " . قال الفراء ويجوز " وإماءكم " بالنصب بردّه على الصالحين ، والصلاح هو الإيمان . وذكر سبحانه الصلاح في المماليك دون الأحرار لأن الغالب في الأحرار الصلاح بخلاف المماليك ، وفيه دليل على أن المملوك لا يزوّج نفسه ، وإنما يزوّجه مالكه . وقد ذهب الجمهور إلى أنه يجوز للسيد أن يكره عبده وأمته على النكاح . وقال مالك لا يجوز . ثم رجع سبحانه إلى الكلام في الأحرار ، فقال { إِن يَكُونُواْ فُقَرَاء يُغْنِهِمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ } أي لا تمتنعوا من تزويج الأحرار بسبب فقر الرجل والمرأة أو أحدهما ، فإنهم إن يكونوا فقراء يغنهم الله سبحانه ويتفضل عليهم بذلك . قال الزجاج حثّ الله على النكاح ، وأعلم أنه سبب لنفي الفقر ، ولا يلزم أن يكون هذا حاصلاً لكل فقير إذا تزوّج ، فإن ذلك مقيد بالمشيئة . وقد يوجد في الخارج كثير من الفقراء لا يحصل لهم الغنى إذا تزوّجوا . وقيل المعنى إنه يغنيه بغنى النفس ، وقيل المعنى إن يكونوا فقراء إلى النكاح يغنهم الله من فضله بالحلال ليتعففوا عن الزنا . والوجه الأوّل أولى ، ويدلّ عليه قوله سبحانه { وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاء } التوبة 28 . فيحمل المطلق هنا على المقيد هناك ، وجملة { وَٱللَّهُ وٰسِعٌ عَلِيمٌ } مؤكدة لما قبلها ، ومقرّرة لها ، والمراد أنه سبحانه ذو سعة لا ينقص من سعة ملكه غنّى من يغنيه من عباده عليم بمصالح خلقه ، يغني من يشاء ، ويفقر من يشاء . ثم ذكر سبحانه حال العاجزين عن النكاح بعد بيان جواز مناكحتهم إرشاداً لهم إلى ما هو الأولى ، فقال { وَلْيَسْتَعْفِفِ ٱلَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً } استعفّ طلب أن يكون عفيفاً أي ليطلب العفة عن الزنا والحرام من لا يجد نكاحاً أي سبب نكاح ، وهو المال . وقيل النكاح هنا ما تنكح به المرأة من المهر والنفقة كاللحاف اسم لما يلتحف به ، واللباس اسم لما يلبس ، وقيد سبحانه هذا النهي بتلك الغاية ، وهي { حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ } أي يرزقهم رزقاً يستغنون به ، ويتمكنون بسببه من النكاح ، وفي هذه الآية ما يدل على تقييد الجملة الأولى . وهي أن يكونوا فقراء يغنهم الله بالمشيئة كما ذكرنا ، فإنه لو كان وعداً حتماً لا محالة في حصوله لكان الغنى والزواج متلازمين ، وحينئذٍ لا يكون للأمر بالاستعفاف مع الفقر كثير فائدة ، فإنه سيغنى عند تزوّجه لا محالة ، فيكون في تزوّجه مع فقره تحصيل للغنى ، إلاّ أن يقال إن هذا الأمر بالاستعفاف للعاجز عن تحصيل مبادىء النكاح ، ولا ينافي ذلك وقوع الغنى له من بعد أن ينكح ، فإنه قد صدق عليه أنه لم يجد نكاحاً إذا كان غير واجد لأسبابه التي يتحصل بها ، وأعظمها المال . ثم لما رغب سبحانه في تزويج الصالحين من العبيد والإماء ، أرشد المالكين إلى طريقة يصير بها المملوك من جملة الأحرار فقال { وَٱلَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَـٰبَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ } الموصول في محل رفع على الابتداء ، ويجوز أن يكون في محل نصب على إضمار فعل يفسره ما بعده أي وكاتبوا الذين يبتغون الكتاب ، والكتاب مصدر كاتب كالمكاتبة ، يقال كاتب يكاتب كتاباً ومكاتبة ، كما يقال قاتل يقاتل قتالاً ومقاتلة . وقيل الكتاب ها هنا اسم عين للكتاب الذي يكتب فيه الشيء ، وذلك لأنهم كانوا إذا كاتبوا العبد كتبوا عليه ، وعلى أنفسهم بذلك كتاباً ، فيكون المعنى الذين يطلبون كتاب المكاتبة . ومعنى المكاتبة في الشرع أن يكاتب الرجل عبده على مال يؤديه منجماً ، فإذا أدّاه فهو حرّ ، وظاهر قوله { فَكَـٰتِبُوهُمْ } أن العبد إذا طلب الكتابة من سيده وجب عليه أن يكاتبه بالشرط المذكور بعده ، وهو { إِنْ عَلِمُتُمْ فِيهِمْ خَيْراً } ، والخير هو القدرة على أداء ما كوتب عليه ، وإن لم يكن له مال ، وقيل هو المال فقط ، كما ذهب إليه مجاهد والحسن وعطاء والضحاك وطاوس ومقاتل . وذهب إلى الأوّل ابن عمر وابن زيد ، واختاره مالك والشافعي والفراء والزجاج . قال الفراء يقول إن رجوتم عندهم وفاء وتأدية للمال . وقال الزجاج لما قال { فيهم } كان الأظهر الاكتساب ، والوفاء ، وأداء الأمانة ، وقال النخعي إن الخير الدين والأمانة . وروي مثل هذا عن الحسن . وقال عبيدة السلماني إقامة الصلاة . قال الطحاوي وقول من قال إنه المال لا يصح عندنا ، لأن العبد مال لمولاه ، فكيف يكون له مال ؟ قال والمعنى عندنا إن علمتم فيهم الدين والصدق . قال أبو عمر بن عبد البرّ من لم يقل إن الخير هنا المال ، أنكر أن يقال إن علمتم فيهم مالاً ، وإنما يقال علمت فيه الخير ، والصلاح ، والأمانة ، ولا يقال علمت فيه المال . هذا حاصل ما وقع من الاختلاف بين أهل العلم في الخير المذكور في هذه الآية . وإذا تقرّر لك هذا ، فاعلم أنه قد ذهب ظاهر ما يقتضيه الأمر المذكور في الآية من الوجوب . عكرمة ، وعطاء ، ومسروق ، وعمرو بن دينار ، والضحاك ، وأهل الظاهر ، فقالوا يجب على السيد أن يكاتب مملوكه إذا طلب منه ذلك ، وعلم فيه خيراً . وقال الجمهور من أهل العلم لا يجب ذلك ، وتمسكوا بالإجماع على أنه لو سأل العبد سيده ، أن يبيعه من غيره لم يجب عليه ذلك ، ولم يجبر عليه ، فكذا الكتابة لأنها معاوضة . ولا يخفاك أن هذه حجة واهية ، وشبهة داحضة ، والحق ما قاله الأوّلون ، وبه قال عمر بن الخطاب ، وابن عباس واختاره ابن جرير . ثم أمر سبحانه الموالي بالإحسان إلى المكاتبين ، فقال { وَآتُوهُمْ مِّن مَّالِ ٱللَّهِ ٱلَّذِيۤ آتَاكُم } ففي هذه الآية الأمر للمالكين بإعانة المكاتبين على مال الكتابة ، إما بأن يعطوهم شيئاً من المال ، أو بأن يحطوا عنهم مما كوتبوا عليه ، وظاهر الآية عدم تقدير ذلك بمقدار ، وقيل الثلث ، وقيل الربع ، وقيل العشر ، ولعل وجه تخصيص الموالي بهذا الأمر هو كون الكلام فيهم ، وسياق الكلام معهم فإنهم المأمورون بالكتابة . وقال الحسن ، والنخعي ، وبريدة إن الخطاب بقوله { وآتوهم } لجميع الناس . وقال زيد بن أسلم إن الخطاب للولاة بأن يعطوا المكاتبين من مال الصدقة حظهم كما في قوله سبحانه { وَفِي ٱلرّقَابِ } التوبة 60 ، وللمكاتب أحكام معروفة إذا وفى ببعض مال الكتابة . ثم إنه سبحانه لما أرشد الموالي إلى نكاح الصالحين من المماليك ، نهى المسلمين عما كان يفعله أهل الجاهلية من إكراه إمائهم على الزنا ، فقال { وَلاَ تُكْرِهُواْ فَتَيَـٰتِكُمْ عَلَى ٱلْبِغَاء } والمراد بالفتيات هنا الإماء ، وإن كان الفتى والفتاة قد يطلقان على الأحرار في مواضع أخر . والبغاء الزنا ، مصدر بغت المرأة تبغي بغاء إذا زنت ، وهذا مختصّ بزنا النساء ، فلا يقال للرجل إذا زنا إنه بغيّ ، وشرط الله سبحانه هذا النهي بقوله { إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً } لأن الإكراه لا يتصور إلاّ عند إرادتهم للتحصن ، فإن من لم ترد التحصن لا يصح أن يقال لها مكرهة على الزنا ، والمراد بالتحصن هنا التعفف ، والتزوج . وقيل إن هذا القيد راجع إلى الأيامى . قال الزجاج والحسن بن الفضل في الكلام تقديم وتأخير ، أي وأنكحوا الأيامى ، والصالحين من عبادكم ، وإمائكم إن أردن تحصناً . وقيل هذا الشرط ملغى . وقيل إن هذا الشرط باعتبار ما كانوا عليه ، فإنهم كانوا يكرهونهنّ ، وهنّ يردن التعفف ، وليس لتخصص النهي بصورة إرادتهنّ التعفف . وقيل إن هذا الشرط خرج مخرج الغالب لأن الغالب أن الإكراه لا يكون إلاّ عند إرادة التحصن ، فلا يلزم منه جواز الإكراه عند عدم إرادة التحصن ، وهذا الوجه أقوى هذه الوجوه ، فإن الأمة قد تكون غير مريدة للحلال ، ولا للحرام كما فيمن لا رغبة لها في النكاح ، والصغيرة ، فتوصف بأنها مكرهة على الزنا مع عدم إرادتها للتحصن ، فلا يتم ما قيل من أنه لا يتصور الإكراه إلاّ عند إرادة التحصن ، إلاّ أن يقال إن المراد بالتحصن هنا مجرّد التعفف ، وأنه لا يصدق على من كانت تريد الزواج أنها مريدة للتحصن ، وهو بعيد ، فقد قال الحبر ابن عباس إن المراد بالتحصن التعفف ، والتزوّج ، وتابعه على ذلك غيره . ثم علل سبحانه هذا النهي بقوله { لّتَبْتَغُواْ عَرَضَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا } ، وهو ما تكسبه الأمة بفرجها ، وهذا التعليل أيضاً خارج مخرج الغالب ، والمعنى أن هذا العرض هو الذي كان يحملهم على إكراه الإماء على البغاء في الغالب ، لأن إكراه الرجل لأمته على البغاء لا لفائدة له أصلاً لا يصدر مثله عن العقلاء ، فلا يدلّ هذا التعليل على أنه يجوز له أن يكرهها ، إذا لم يكن مبتغياً بإكراهها عرض الحياة الدنيا . وقيل إن هذا التعليل للإكراه هو باعتبار أن عادتهم كانت كذلك ، لا أنه مدار للنهي عن الإكراه لهنّ ، وهذا يلاقي المعنى الأوّل ، ولا يخالفه . { وَمَن يُكْرِههُنَّ فِإِنَّ ٱللَّهِ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } هذا مقرّر لما قبله ، ومؤكد له ، والمعنى أن عقوبة الإكراه راجعة إلى المكرهين لا إلى المكرهات ، كما تدلّ عليه قراءة ابن مسعود ، وجابر بن عبد الله ، وسعيد بن جبير " فإن الله غفور رحيم لهنّ " . قيل وفي هذا التفسير بعد ، لأن المكرهة على الزنا غير آثمة . وأجيب بأنها ، وإن كانت مكرهة ، فربما لا تخلو في تضاعيف الزنا عن شائبة مطاوعة إما بحكم الجبلة البشرية ، أو يكون الإكراه قاصراً عن حدّ الإلجاء المزيل للاختيار . وقيل إن المعنى فإن الله من بعد إكراههنّ غفور رحيم لهم ، إما مطلقاً ، أو بشرط التوبة . ولما فرغ سبحانه من بيان تلك الأحكام ، شرع في وصف القرآن بصفات ثلاث الأولى أنه { آيَاتٍ مُّبَيِّنَات } أي واضحات في أنفسهن ، أو موضحات ، فتدخل الآيات المذكورة في هذه الصورة دخولاً أوّلياً . والصفة الثانية كونه مَثَلاً من الذين خلوا من قبل هؤلاء أي مثلاً كائناً من جهة أمثال الذين مضوا من القصص العجيبة ، والأمثال المضروبة لهم في الكتب السابقة ، فإن العجب من قصة عائشة رضي الله عنها ، هو كالعجب من قصة يوسف ومريم وما اتهما به ، ثم تبين بطلانه ، وبراءتهما سلام الله عليهما . والصفة الثالثة كونه مَّوْعِظَةٌ ينتفع بها المتقون خاصة ، فيقتدون بما فيه من الأوامر ، وينزجرون عما فيه من النواهي . وأما غير المتقين ، فإن الله قد ختم على قلوبهم ، وجعل على أبصارهم غشاوة عن سماع المواعظ ، والاعتبار بقصص الذين خلوا ، وفهم ما تشتمل عليه الآيات البينات . وقد أخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { وَأَنْكِحُواْ ٱلأَيَـٰمَىٰ } الآية ، قال أمر الله سبحانه بالنكاح ، ورغبهم فيه ، وأمرهم أن يزوّجوا أحرارهم وعبيدهم ، ووعدهم في ذلك الغنى ، فقال { إِن يَكُونُواْ فُقَرَاء يُغْنِهِمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ } . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن أبي بكر الصدّيق قال أطيعوا الله فيما أمركم من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى ، قال تعالى { إِن يَكُونُواْ فُقَرَاء يُغْنِهِمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ } . وأخرج عبد الرزاق في المصنف ، وعبد بن حميد ، عن قتادة قال ذكر لنا أن عمر بن الخطاب قال ما رأيت كرجل لم يلتمس الغنى في الباءة ، وقد وعد الله فيها ما وعد ، فقال { إِن يَكُونُواْ فُقَرَاء يُغْنِهِمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ } . وأخرج عبد الرزاق ، وابن أبي شيبة ، عنه نحوه من طريق أخرى . وأخرج ابن جرير ، عن ابن مسعود نحوه . وأخرج البزار ، والدارقطني في العلل ، والحاكم ، وابن مردويه ، والديلمي من طريق عروة عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنكحوا النساء ، فإنهنّ يأتينكم بالمال " وأخرجه ابن أبي شيبة ، وأبو داود في مراسيله ، عن عروة مرفوعاً إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم ، ولم يذكر عائشة ، وهو مرسل . وأخرج عبد الرزاق ، وأحمد ، والترمذي وصححه ، والنسائي وابن ماجه وابن حبان ، والحاكم وصححه ، والبيهقي في السنن ، عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ثلاثة حقّ على الله عونهم الناكح يريد العفاف ، والمكاتب يريد الأداء ، والغازي في سبيل الله " وقد ورد في الترغيب في مطلق النكاح أحاديث كثيرة ليس هذا موضع ذكرها . وأخرج الخطيب في تاريخه عن ابن عباس في قوله { وَلْيَسْتَعْفِفِ ٱلَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً } قال ليتزوّج من لا يجد فإن الله سيغنيه ، وأخرج ابن السكن في معرفة الصحابة ، عن عبد الله بن صبيح ، عن أبيه قال كنت مملوكاً لحويطب بن عبد العزى ، فسألته الكتابة ، فأبى ، فنزلت { وَٱلَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَـٰبَ } الآية . وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير عن أنس بن مالك قال سألني سيرين المكاتبة ، فأبيت عليه ، فأتى عمر بن الخطاب ، فأقبل عليّ بالدرّة ، وقال كاتبه ، وتلا { فَكَـٰتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمُتُمْ فِيهِمْ خَيْراً } ، فكاتبته . قال ابن كثير إن إسناده صحيح . وأخرج أبو داود في المراسيل ، والبيهقي في سننه ، عن يحيـى بن أبي كثير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { فَكَـٰتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمُتُمْ فِيهِمْ خَيْراً } قال " إن علمتم فيهم حرفة ، ولا ترسلوهم كلاً على الناس " وأخرج عبد الرزاق ، وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس { إِنْ عَلِمُتُمْ فِيهِمْ خَيْراً } قال المال . وأخرج ابن مردويه عن عليّ مثله . وأخرج البيهقي ، عن ابن عباس في الآية قال أمانة ووفاء . وأخرج عنه أيضاً قال إن علمت مكاتبك يقضيك . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي عنه في الآية قال إن علمتم لهم حيلة ، ولا تلقوا مؤنتهم على المسلمين { وَآتُوهُمْ مِّن مَّالِ ٱللَّهِ ٱلَّذِيۤ آتَاكُمْ } يعني ضعوا عنهم من مكاتبتهم . وأخرج عبد الرزاق ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والبيهقي ، عن نافع قال كان ابن عمر يكره أن يكاتب عبده إذا لم تكن له حرفة ، ويقول يطعمني من أوساخ الناس . وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال قال ابن عباس في قوله { وَآتُوهُمْ مِّن مَّالِ ٱللَّهِ } الآية أمر المؤمنين أن يعينوا في الرقاب . وقال عليّ بن أبي طالب أمر الله السيد أن يدع للمكاتب الربع من ثمنه . وهذا تعليم من الله ليس بفريضة ، ولكن فيه أجر . وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والروياني في مسنده ، والضياء المقدسي في المختارة ، عن بريدة في الآية قال حثّ الناس عليه أن يعطوه . وأخرج سعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، ومسلم ، والبزار ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والبيهقي من طريق أبي سفيان ، عن جابر بن عبد الله قال كان عبد الله بن أبيّ يقول لجارية له اذهبي فابغينا شيئاً ، وكانت كارهة ، فأنزل الله " ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصناً لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرههنّ فإن الله من بعد إكراههنّ لهنّ غفور رحيم " هكذا كان يقرؤها ، وذكر مسلم في صحيحه عن جابر أن جارية لعبد الله بن أبيّ يقال لها مسيكة ، وأخرى يقال لها أميمة ، فكان يريدهما على الزنا ، فشكتا ذلك إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله { وَلاَ تُكْرِهُواْ فَتَيَـٰتِكُمْ } الآية . وأخرج البزار ، وابن مردويه ، عن أنس نحو حديث جابر الأوّل . وأخرج ابن مردويه ، عن عليّ بن أبي طالب في الآية قال كان أهل الجاهلية يبغين إماءهم ، فنهوا عن ذلك في الإسلام . وأخرج ابن جرير ، وابن مردويه ، عن ابن عباس قال كانوا في الجاهلية يكرهون إماءهم على الزنا ، يأخذون أجورهنّ ، فنزلت الآية . وقد ورد النهي منه صلى الله عليه وسلم عن مهر البغيّ ، وكسب الحجام ، وحلوان الكاهن .