Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 1-14)
Tafsir: Fatḥ al-qadīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله { طسۤ } قد مرّ الكلام مفصلاً في فواتح السور ، وهذه الحروف إن كانت اسماً للسورة ، فمحلها الرفع على الابتداء ، وما بعده خبره ، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف أي هذا اسم هذه السورة ، وإن لم تكن هذه الحروف اسماً للسورة ، بل مسرودة على نمط التعديد ، فلا محل لها ، والإشارة بقوله { تِلْكَ } إلى نفس السورة لأنها قد ذكرت إجمالاً بذكر اسمها ، واسم الإشارة مبتدأ ، وخبره { آيَاتُ ٱلْقُرْآنِ } والجملة خبر المبتدأ الأوّل على تقدير أنه مرتفع بالإبتداء { وَكِتَـٰب مُّبِين } قرأ الجمهور بجرّ كتاب عطفاً على القرآن أي تلك آيات القرآن وآيات كتاب مبين ، ويحتمل أن يكون المراد بقوله { وَكِتَـٰب } القرآن نفسه ، فيكون من عطف بعض الصفات على بعض مع اتحاد المدلول ، وأن يكون المراد بالكتاب اللوح المحفوظ ، أو نفس السورة ، وقرأ ابن أبي عبلة " وكتاب مبين " برفعهما عطفاً على آيات . وقيل هو على هذه القراءة على تقدير مضاف محذوف ، وإقامة المضاف إليه مقامه أي وآيات كتاب مبين ، فقد وصف الآيات بالوصفين القرآنية الدالة على كونه مقروءاً مع الإشارة إلى كونه قرآناً عربياً معجزاً ، والكتابية الدالة على كونه مكتوباً مع الإشارة إلى كونه متصفاً بصفة الكتب المنزلة ، فلا يكون على هذا من باب عطف صفة على صفة مع اتحاد المدلول ، ثم ضم إلى الوصفين وصفاً ثالثاً ، وهي الإبانة لمعانيه لمن يقرؤه ، أو هو من أبان بمعنى بان ، معناه واتضح إعجازه بما اشتمل عليه من البلاغة . وقدّم وصف القرآنية هنا نظراً إلى تقدّم حال القرآنية على حال الكتابة ، وأخَّره في سورة الحجر ، فقال { الرَ تِلْكَ ءَايَـٰتُ ٱلْكِتَـٰبِ وَقُرْءانٍ مُّبِينٍ } الحجر 1 . نظراً إلى حالته التي قد صار عليها ، فإنه مكتوب . والكتابة سبب القراءة ، والله أعلم . وأما تعريف القرآن هنا ، وتنكير الكتاب ، وتعريف الكتاب في سورة الحجر ، وتنكير القرآن فلصلاحية كلّ واحد منهما للتعريف ، والتنكير . { هُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } في موضع نصب على الحال من الآيات أو من الكتاب أي تلك آيات هادية ومبشرة ، ويجوز أن يكون في محل رفع على الإبتداء ، أي هو هدى ، أو هما خبران آخران لتلك ، أو هما مصدران منصوبان بفعل مقدّر ، أي يهدي هدى ، ويبشر بشرى . ثم وصف المؤمنين الذي لهم الهدى والبشرى ، فقال { ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلوٰةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ } ، والموصول في محل جرّ ، أو يكون بدلاً أو بياناً ، أو منصوباً على المدح ، أو مرفوعاً على تقدير مبتدأ . والمراد بالصلاة الصلوات الخمس ، والمراد بالزكاة الزكاة المفروضة ، وجملة { وَهُم بِٱلآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ } في محل نصب على الحال ، وكرّر الضمير للدلالة على الحصر ، أي لا يوقن بالآخرة حقّ الإيقان إلاّ هؤلاء الجامعون بين الإيمان والعمل الصالح ، وجعل الخبر مضارعاً للدلالة على التجدد في كلّ وقت ، وعدم الانقطاع . ثم لما ذكر سبحانه أهل السعادة ذكر بعدهم أهل الشقاوة ، فقال { إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ } ، وهم الكفار ، أي لا يصدّقون بالبعث { زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَـٰلَهُمْ } قيل المراد زين الله لهم أعمالهم السيئة حتى رأوها حسنة . وقيل المراد أن الله زين لهم الأعمال الحسنة ، وذكر لهم ما فيها من خيري الدنيا والآخرة ، فلم يقبلوا ذلك . قال الزجاج معنى الآية أنا جعلنا جزاءهم على كفرهم أن زينا لهم ما هم فيه { فَهُمْ يَعْمَهُونَ } أي يتردّدون فيها متحيرين على الاستمرار لا يهتدون إلى طريقة ، ولا يقفون على حقيقة . وقيل معنى { يعمهون } يتمادون . وقال قتادة يلعبون ، وفي معنى التحير قال الشاعر @ ومهمه أطرافه في مهمه أعمى الهدى الحائرين العمه @@ والإشارة بقوله { أُوْلَـٰئِكَ } إلى المذكورين قبله ، وهو مبتدأ خبره { لَهُمْ سُوء ٱلْعَذَابِ } قيل في الدنيا كالقتل والأسر ووجه تخصيصه بعذاب الدنيا قوله بعده { وَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ هُمُ ٱلأَخْسَرُونَ } أي هم أشدّ الناس خسراناً ، وأعظمهم خيبة ثم مهد سبحانه مقدّمة نافعة لما سيذكره بعد ذلك من الأخبار العجيبة ، فقال { وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى ٱلْقُرْءَانَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ } أي يلقى عليك فتلقاه وتأخذه من لدن كثير الحكمة والعلم قيل إن لدن هاهنا بمعنى عند . وفيها لغات كما تقدّم في سورة الكهف . { إِذْ قَالَ مُوسَىٰ لأِهْلِهِ } الظرف منصوب بمضمر ، وهو اذكر . قال الزجاج موضع « إذ » نصب ، المعنى اذكر إذ قال موسىٰ ، أي اذكر قصته إذ قال لأهله ، والمراد بأهله امرأته في مسيره من مدين إلى مصر ، ولم يكن معه إذ ذاك إلاّ زوجته بنت شعيب ، فكنى عنها بلفظ الأهل الدالّ على الكثرة ، ومثله قوله { امكثوا } طه 10 ، ومعنى { إِنّي آنَسْتُ نَاراً } أبصرتها { سَآتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَر } السين تدلّ على بعد مسافة النار { ءاتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ } قرأ عاصم وحمزة والكسائي بتنوين { شهاب } ، وقرأ الباقون بإضافته إلى قبس ، فعلى القراءة الأولى يكون قبس بدلاً من شهاب ، أو صفة له لأنه بمعنى مقبوس ، وعلى القراءة الثانية الإضافة للبيان ، والمعنى على القراءتين آتيكم بشعلة نار مقبوسة أي مأخوذة من أصلها . قال الزجاج من نوّن جعل { قبس } من صفة شهاب ، وقال الفراء هذه الإضافة كالإضافة في قولهم مسجد الجامع ، وصلاة الأولى ، أضاف الشيء إلى نفسه لاختلاف أسمائه . وقال النحاس هي إضافة النوع إلى الجنس كما تقول ثوب خز ، وخاتم حديد . قال ويجوز في غير القرآن بشهاب قبساً على أنه مصدر ، أو بيان ، أو حال { لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ } أي رجاء أن تستدفئوا بها . أو لكي تستدفئوا بها من البرد ، يقال صلى بالنار ، واصطلى بها إذا استدفأ بها . قال الزجاج كلّ أبيض ذي نور فهو شهاب . وقال أبو عبيدة الشهاب النار ، ومنه قول أبي النجم @ كأنما كان شهاباً واقدا أضاء ضوءاً ثم صار خامداً @@ وقال ثعلب أصل الشهاب عود في أحد طرفيه جمرة ، والآخر لا نار فيه ، والشهاب الشعاع المضيء ، وقيل للكوكب شهاب ، ومنه قول الشاعر @ في كفه صعدة مثقفة فيها سنان كشعلة القبس @@ { فَلَمَّا جَاءهَا } أي جاء النار موسىٰ { نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي ٱلنَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا } " أن " هي المفسرة لما في النداء من معنى القول ، أو هي المصدرية أي بأن بورك ، وقيل هي المخففة من الثقيلة . قال الزجاج " أن " في موضع نصب أي بأن قال ، ويجوز أن يكون في موضع رفع اسم ما لم يسم فاعله . والأولى أن النائب ضمير يعود إلى موسى . وقرأ أبيّ ، وابن عباس ، ومجاهد " أن بوركت النار ومن حولها " حكى ذلك أبو حاتم . وحكى الكسائي عن العرب باركك الله ، وبارك فيك ، وبارك عليك ، وبارك لك ، وكذلك حكى هذا الفراء . قال ابن جرير قال { بورك من في النار } ، ولم يقل بورك على النار على لغة من يقول باركك الله أي بورك على من في النار ، وهو موسى ، أو على من في قرب النار لا أنه كان في وسطها . وقال السديّ كان في النار ملائكة ، والنار هنا هي مجرّد نور ، ولكنه ظن موسى أنها نار ، فلما وصل إليها وجدها نوراً . وحكي عن الحسن وسعيد بن جبير أن المراد بمن في النار هو الله سبحانه أي نوره . وقيل بورك ما في النار من أمر الله سبحانه الذي جعلها على تلك الصفة . قال الواحدي ومذهب المفسرين أن المراد بالنار النور ، ثم نزّه سبحانه نفسه ، فقال { وَسُبْحَـٰنَ ٱللَّهِ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } ، وفيه تعجيب لموسى من ذلك . { يٰمُوسَىٰ إِنَّهُ أَنَا ٱللَّهُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } الضمير للشأن ، أنا الله العزيز الغالب القاهر الحكيم في أمره وفعله . وقيل إن موسى قال يا ربّ من الذي ناداني ؟ فأجابه الله سبحانه بقوله { إنه أنا الله } ثم أمره سبحانه بأن يلقي عصاه ليعرف ما أجراه الله سبحانه على يده من المعجزة الخارقة ، وجملة { وَأَلْقِ عَصَاكَ } معطوفة على { بورك } ، وفي الكلام حذف ، والتقدير ، فألقاها من يده ، فصارت حية { فَلَمَّا رَءاهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ } قال الزجاج صارت العصا تتحرك كما يتحرّك الجانّ ، وهي الحية البيضاء ، وإنما شبهها بالجانّ في خفة حركتها ، وشبهها في موضع آخر بالثعبان لعظمها ، وجمع الجانّ جنان ، وهي الحية الخفيفة الصغيرة الجسم . وقال الكلبي لا صغيرة ولا كبيرة { وَلَّىٰ مُدْبِراً } من الخوف { وَلَمْ يُعَقّبْ } أي لم يرجع ، يقال عقب فلان إذا رجع ، وكل راجع معقب ، وقيل لم يقف ، ولم يلتفت . والأوّل أولى لأن التعقيب هو الكرّ بعد الفرّ . فلما وقع منه ذلك قال الله سبحانه { يٰمُوسَىٰ لاَ تَخَفْ } أي من الحية وضررها { إِنّى لاَ يَخَافُ لَدَيَّ ٱلْمُرْسَلُونَ } أي لا يخاف عندي من أرسلته برسالتي فلا تخف أنت . قيل ونفى الخوف عن المرسلين ليس في جميع الأوقات ، بل في وقت الخطاب لهم لأنهم إذ ذاك مستغرقون . ثم استثنى استثناء منقطعاً ، فقال { إَلاَّ مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوء فَإِنّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ } أي لكن من أذنب في ظلم نفسه بالمعصية { ثم بدل حسناً } أي توبة وندماً { بعد سوء } أي بعد عمل سوء { فإني غفور رحيم } وقيل الاستثناء من مقدّر محذوف أي لا يخاف لديّ المرسلون ، وإنما يخاف غيرهم ممن ظلم إلاّ من ظلم ثم بدل إلخ ، كذا قال الفراء . قال النحاس الاستثناء من محذوف محال ، لأنه استثناء من شيء لم يذكر . وروي عن الفراء أنه قال إلاّ بمعنى الواو . وقيل إن الاستثناء متصل من المذكور لا من المحذوف . والمعنى إلاّ من ظلم من المرسلين بإتيان الصغائر التي لا يسلم منها أحد ، واختار هذا النحاس ، وقال علم من عصى منهم ، فاستثناه فقال { إلا من ظلم } وإن كنت قد غفرت له كآدم ، وداود وإخوة يوسف وموسى بقتله القبطيّ . ولا مانع من الخوف بعد المغفرة ، فإن نبينا صلى الله عليه وسلم الذي غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر ، كان يقول " وددت أني شجرة تعضد " { وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ } المراد بالجيب هو المعروف ، وفي القصص { ٱسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ } القصص 32 . وفي { أدخل } من المبالغة ما لم يكن في { اسلك } . { تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوء } أي من غير برص ، أو نحوه من الآفات ، فهو احتراس . وقوله { تخْرجُ } جواب { أدخل يدك } . وقيل في الكلام حذف تقديره أدخل يدك تدخل ، وأخرجها تخرج ، ولا حاجة لهذا الحذف ، ولا ملجىء إليه . قال المفسرون كانت على موسى مدرعة من صوف لا كمّ لها ولا إزار ، فأدخل يده في جيبه وأخرجها ، فإذا هي تبرق كالبرق ، وقوله { فِي تِسْعِ آيَاتٍ } قال أبو البقاء هو في محل نصب على الحال من فاعل تخرج ، وفيه بعد . وقيل متعلق بمحذوف أي اذهب في تسع آيات . وقيل متعلق بقوله { أَلْقِ عَصَاكَ } و { أدخل يدك } في جملة تسع آيات أو مع تسع آيات . وقيل المعنى فهما آيتان من تسع يعني العصا واليد ، فتكون الآيات إحدى عشرة هاتان ، والفلق ، والطوفان ، والجراد ، والقمل ، والضفادع ، والدم ، والطمسة ، والجدب في بواديهم ، والنقصان في مزارعهم . قال النحاس أحسن ما قيل فيه أن هذه الآية يعني اليد داخلة في تسع آيات ، وكذا قال المهدوي ، والقشيري . قال القشيري تقول خرجت في عشرة نفر ، وأنت أحدهم أي خرجت عاشر عشرة ، ففي بمعنى من لقربها منها ، كما تقول خذ لي عشراً من الإبل فيها فحلان أي منها . قال الأصمعي في قول امرىء القيس @ وهل ينعمن من كان آخر عهده ثلاثون شهراً في ثلاثة أحوال @@ في بمعنى من ، وقيل في بمعنى مع { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ } قال الفراء في الكلام إضمار ، أي إنك مبعوث ، أو مرسل إلى فرعون وقومه ، وكذا قال الزجاج { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَـٰسِقِينَ } الجملة تعليل لما قبلها { فَلَمَّا جَاءتْهُمْ ءايَـٰتُنَا مُبْصِرَةً } أي جاءتهم آياتنا التي على يد موسى حال كونها مبصرة أي واضحة بينة كأنها لفرط وضوحها تبصر نفسها كقوله { وَآتَيْنَا ثَمُودَ ٱلنَّاقَةَ مُبْصِرَةً } الإسراء 59 . قال الأخفش ويجوز أن تكون بمعنى مبصرة على أن اسم الفاعل بمعنى اسم المفعول ، وقد تقدّم تحقيق الكلام في هذا . وقرأ عليّ بن الحسين ، وقتادة " مبصرة " بفتح الميم ، والصاد أي مكاناً يكثر فيه التبصر ، كما يقال الولد مجبنة ومبخلة { قَالُواْ هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ } أي لما جاءتهم قالوا هذا القول أي سحر واضح . { وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ } أي كذبوا بها حال كون أنفسهم مستيقنة لها ، فالواو للحال ، وانتصاب { ظُلْماً وَعُلُوّاً } على الحال أي ظالمين عالين ، ويجوز أن ينتصبا على العلة أي الحامل لهم على ذلك الظلم والعلوّ ، ويجوز أن يكونا نعت مصدر محذوف أي جحدوا بها جحوداً ظلماً وعلوًّا . قال أبو عبيدة والباء في { وجحدوا بها } زائدة ، أي وجحدوها . قال الزجاج التقدير وجحدوا بها ظلماً وعلوًّا ، أي شركاً ، وتكبراً عن أن يؤمنوا بما جاء به موسى ، وهم يعلمون أنها من عند الله { فَٱنظُرْ } يا محمد { كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ } أي تفكر في ذلك ، فإن فيه معتبراً للمعتبرين . وقد كان عاقبة أمرهم الإغراق لهم في البحر على تلك الصفة الهائلة . وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله { فَلَمَّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي ٱلنَّارِ } يعني تبارك وتعالى نفسه كان نور ربّ العالمين في الشجرة { وَمَنْ حَوْلَهَا } يعني الملائكة . وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في الآية قال كان الله في النور نودي من النور { وَمَنْ حَوْلَهَا } قال الملائكة . وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عنه أيضاً قال ناداه الله ، وهو في النور . وأخرج الفريابي ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر عنه أيضاً { أَن بُورِكَ مَن فِي ٱلنَّارِ } قال بوركت النار . وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال في مصحف أبيّ بن كعب " بوركت النار ومن حولها " ، أما النار ، فيزعمون أنها نور ربّ العالمين . وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس { أَن بُورِكَ } قال قدّس . وأخرج عبد بن حميد وابن ماجه وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة ، والبيهقي في الأسماء والصفات من طريق أبي عبيدة عن أبي موسى الأشعري قال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال " إن الله لا ينام ، ولا ينبغي له أن ينام . يخفض القسط ويرفعه ، يرفع إليه عمل الليل قبل النهار وعمل النهار قبل الليل ، حجابه النور لو رفع لأحرقت سبحات وجهه كل شيء أدركه بصره " ثم قرأ أبو عبيدة { أَن بُورِكَ مَن فِي ٱلنَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَـٰنَ ٱللَّهِ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } . والحديث أصله مخرّج في صحيح مسلم من حديث عمرو بن مرّة . وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال كانت على موسى جبة من صوف لا تبلغ مرفقيه ، فقال له أدخل يدك في جيبك ، فأدخلها . وأخرج ابن المنذر عنه في قوله { وَٱسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً } قال تكبروا ، وقد استيقنتها أنفسهم ، وهذا من التقديم والتأخير .