Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 83-93)
Tafsir: Fatḥ al-qadīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم ذكر سبحانه طرفاً مجملاً من أهوال يوم القيامة . فقال { وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلّ أُمَّةٍ فَوْجاً } العامل في الظرف فعل محذوف خوطب به النبيّ صلى الله عليه وسلم ، والحشر الجمع . قيل والمراد بهذا الحشر هو حشر العذاب بعد الحشر الكلي الشامل لجميع الخلق ، و " من " لابتداء الغاية ، والفوج الجماعة كالزمرة ، و « من » في { مّمَّن يُكَذّبُ بِـئَايَـٰتِنَا } بيانية { فَهُمْ يُوزَعُونَ } أي يحبس أوّلهم على آخرهم ، وقد تقدّم تحقيقه في هذه السورة مستوفى ، وقيل معناه يدفعون ، ومنه قول الشماخ @ وسمه وزعنا من خميس جحفل @@ ومعنى الآية واذكر يا محمد يوم نجمع من كل أمة من الأمم جماعة مكذّبين بآياتنا فهم عند ذلك الحشر يرد أوّلهم على آخرهم ، أو يدفعون أي اذكر لهم هذا ، أو بينه تحذيراً لهم ، وترهيباً . { حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوا } إلى موقف الحساب قال الله لهم توبيخاً ، وتقريعاً { أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي } التي أنزلتها على رسلي ، وأمرتهم بإبلاغها إليكم والحال أنكم { لَمْ تُحِيطُواْ بِهَا عِلْماً } بل كذبتم بها بادىء بدء جاهلين لها غير ناظرين فيها ، ولا مستدلين على صحتها ، أو بطلانها تمرّداً ، وعناداً ، وجرأة على الله وعلى رسله ، وفي هذا مزيد تقريع وتوبيخ لأن من كذب بشيء ، ولم يحط به علماً فقد كذب في تكذيبه ، ونادى على نفسه بالجهل وعدم الإنصاف ، وسوء الفهم ، وقصور الإدراك ، ومن هذا القبيل من تصدّى لذمّ علم من العلوم الشرعية ، أو لذمّ علم هو مقدّمة من مقدّماتها ، ووسيلة يتوسل بها إليها ، ويفيد زيادة بصيرة في معرفتها ، وتعقل معانيها كعلوم اللغة العربية بأسرها ، وهي اثنا عشر علماً ، وعلم أصول الفقه فإنه يتوصل به إلى استنباط الأحكام الشرعية عن أدلتها التفصيلية مع اشتماله على بيان قواعد اللغة الكلية ، وهكذا كل علم من العلوم التي لها مزيد نفع في فهم كتاب الله ، وسنة رسوله ، فإنه قد نادى على نفسه بأرفع صوت بأنه جاهل مجادل بالباطل طاعن على العلوم الشرعية ، مستحق لأن تنزل به قارعة من قوارع العقوبة التي تزجره عن جهله وضلاله وطعنه على ما لا يعرفه ، ولا يعلم به ، ولا يحيط بكنهه حتى يصير عبرة لغيره ، وموعظة يتعظ بها أمثاله من ضعاف العقول ، وركاك الأديان ، ورعاع المتلبسين بالعلم زوراً وكذباً . و " أم " في قوله { أمَاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } هي المنقطعة ، والمعنى أم أيّ شيء كنتم تعملون حتى شغلكم ذلك عن النظر فيها ، والتفكر في معانيها ؟ وهذا الاستفهام على طريق التبكيت لهم . { وَوَقَعَ ٱلْقَوْلُ عَلَيْهِم } قد تقدّم تفسيره قريباً ، والباء في { بِمَا ظَلَمُواْ } للسببية أي وجب القول عليهم بسبب الظلم الذي أعظم أنواعه الشرك بالله { فَهُمْ لاَ يَنطِقُونَ } عند وقوع القول عليهم ، أي ليس لهم عذر ينطقون به ، أو لا يقدرون على القول لما يرونه من الهول العظيم . وقال أكثر المفسرين يختم على أفواههم فلا ينطقون . ثم بعد أن خوّفهم بأهوال القيامة ذكر سبحانه ما يصلح أن يكون دليلاً على التوحيد ، وعلى الحشر ، وعلى النبوّة مبالغة في الإرشاد وإبلاء للمعذرة ، فقال { أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا ٱلَّيْلَ لِيَسْكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَارَ مُبْصِراً } أي جعلنا الليل للسكون والاستقرار والنوم ، وذلك بسبب ما فيه من الظلمة فإنهم لا يسعون فيه للمعاش ، والنهار مبصراً ، ليبصروا فيه ما يسعون له من المعاش الذي لا بدّ له منهم ، ووصف النهار بالإبصار ، وهو وصف للناس مبالغة في إضاءته كأنه يبصر ما فيه . قيل في الكلام حذف ، والتقدير وجعلنا الليل مظلماً ليسكنوا ، وحذف مظلماً لدلالة مبصراً عليه ، وقد تقدّم تحقيقه في الإسراء وفي يونس { إِنَّ فِى ذَلِكَ } المذكور { لآيَاتٍ } أي علامات ودلالات { لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } بالله سبحانه . ثم ذكر سبحانه علامة أخرى للقيامة فقال { وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ } هو معطوف على { وَيَوْمَ نَحْشُرُ } منصوب بناصبه المتقدّم . قال الفراء إن المعنى وذلكم يوم ينفخ في الصور ، والأوّل أولى . والصور قرن ينفخ فيه إسرافيل ، وقد تقدّم في الأنعام استيفاء الكلام عليه . والنفخات في الصور ثلاث الأولى نفخة الفزع ، والثانية نفخة الصعق ، والثالثة نفخة البعث . وقيل إنها نفختان ، وإن نفخة الفزع إما أن تكون راجعة إلى نفخة الصعق ، أو إلى نفخة البعث ، واختار هذا القشيري ، والقرطبي ، وغيرهما . وقال الماوردي هذه النفخة المذكورة هنا يوم النشور من القبور { فَفَزِعَ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَن فِى ٱلأَرْضِ } أي خافوا وانزعجوا لشدّة ما سمعوا ، وقيل المراد بالفزع هنا الإسراع والإجابة إلى النداء من قولهم فزعت إليك في كذا إذا أسرعت إلى إجابتك ، والأوّل أولى بمعنى الآية . وإنما عبر بالماضي مع كونه معطوفاً على مضارع للدلالة على تحقق الوقوع حسبما ذكره علماء البيان . وقال الفراء هو محمول على المعنى لأن المعنى إذا نفخ { إِلاَّ مَن شَاء ٱللَّهُ } أي إلا من شاء الله أن لا يفزع عند تلك النفخة . واختلف في تعيين من وقع الاستثناء له ، فقيل هم الشهداء والأنبياء . وقيل الملائكة ، وقيل جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت وقيل الحور العين . وقيل هم المؤمنون كافة بدليل قوله فيما بعد { مَن جَاء بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مّنْهَا وَهُمْ مّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ ءَامِنُونَ } ويمكن أن يكون الاستثناء شاملاً لجميع المذكورين فلا مانع من ذلك { وَكُلٌّ أَتَوْهُ دٰخِرِينَ } قرأ الجمهور " آتوه " على صيغة اسم الفاعل مضافاً إلى الضمير الراجع إلى الله سبحانه . وقرأ الأعمش ويحيـى بن وثاب وحمزة وحفص عن عاصم " أتوه " فعلاً ماضياً ، وكذا قرأ ابن مسعود . وقرأ قتادة " وكل أتاه " . قال الزجاج إن من قرأ على الفعل الماضي فقد وحد على لفظ كل ، ومن قرأ على اسم الفاعل فقد جمع على معناه ، وهو غلط ظاهر ، فإن كلا القراءتين لا توحيد فيها ، بل التوحيد في قراءة قتادة فقط ، ومعنى { داخرين } صاغرين ذليلين ، وهو منصوب على الحال ، قرأ الجمهور { داخرين } ، وقرأ الأعرج " دخرين " بغير ألف ، وقد مضى تفسير هذا في سورة النحل . { وَتَرَى ٱلْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً } معطوف على { ينفخ } . والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو لكلّ من يصلح للرؤية ، و { تحسبها جامدة } في محل نصب على الحال من ضمير ترى أو من مفعوله لأن الرؤية بصرية . وقيل هي بدل من الجملة الأولى ، وفيه ضعف ، وهذه هي العلامة الثالثة لقيام الساعة ، ومعنى { تحسبها جامدة } أي قائمة ساكنة ، وجملة { وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِ } في محل نصب على الحال ، أي وهي تسير سيراً حثيثاً كسير السحاب التي تسيرها الرياح . قال القتيبي وذلك أن الجبال تجمع وتسير وهي في رؤية العين كالقائمة وهي تسير . قال القشيري وهذا يوم القيامة ، ومثله قوله تعالى { وَسُيّرَتِ ٱلْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً } النبأ 20 . قرأ أهل الكوفة تحسبها بفتح السين ، وقرأ الباقون بكسرها { صُنْعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْء } انتصاب { صنع } على المصدرية عند الخليل وسيبويه وغيرهما ، أي صنع الله ذلك صنعاً ، وقيل هو مصدر مؤكد لقوله { وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ } . وقيل منصوب على الإغراء ، أي انظروا صنع الله ، ومعنى { ٱلَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْء } الذي أحكمه ، يقال رجل تقن أي حاذق بالأشياء ، وجملة { إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ } تعليل لما قبلها من كونه سبحانه صنع ما صنع ، وأتقن كل شيء ، والخبير المطلع على الظواهر والضمائر . قرأ الجمهور بالتاء الفوقية على الخطاب ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وهشام بالتحتية على الخبر . { مَن جَاء بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مّنْهَا } الألف واللام للجنس ، أي من جاء بجنس الحسنة فله من الجزاء والثواب عند الله خير منها أي أفضل منها ، وأكثر . وقيل خير حاصل من جهتها ، والأول أولى . وقيل المراد بالحسنة هنا لا إله إلاّ الله . وقيل هي الإخلاص . وقيل أداء الفرائض ، والتعميم أولى ولا وجه للتخصيص وإن قال به بعض السلف . قيل وهذه الجملة بيان لقوله { إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ } ، وقيل بيان لقوله { وَكُلٌّ أَتَوْهُ دٰخِرِينَ } . قرأ عاصم وحمزة والكسائي { وهم من فزع } بالتنوين وفتح ميم { يومئذٍ } . وقرأ نافع بفتحها من غير تنوين ، وقرأ الباقون بإضافة فزع إلى يومئذٍ . قال أبو عبيد وهذا أعجب إليّ لأنه أعم التأويلين لأن معناه الأمن من فزع جميع ذلك اليوم ، ومع التنوين يكون الأمن من فزع دون فزع . وقيل إنه مصدر يتناول الكثير فلا يتم الترجيح بما ذكر ، فتكون القراءتان بمعنى واحد . وقيل المراد بالفزع ها هنا هو الفزع الأكبر المذكور في قوله { لاَ يَحْزُنُهُمُ ٱلْفَزَعُ ٱلأَكْبَرُ } الأنبياء 103 . ووجه قراءة نافع أنه نصب يوم على الظرفية لكون الإعراب فيه غير متمكن ، ولما كانت إضافة الفزع إلى ظرف غير متمكن بني ، وقد تقدّم في سورة هود كلام في هذا مستوفى { وَمَن جَاء بِٱلسَّيّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي ٱلنَّارِ } . قال جماعة من الصحابة ، ومن بعدهم حتى قيل إنه مجمع عليه بين أهل التأويل إن المراد بالسيئة هنا الشرك ، ووجه التخصيص قوله { فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي ٱلنَّارِ } ، فهذا الجزاء لا يكون إلاّ بمثل سيئة الشرك ، ومعنى { فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي ٱلنَّارِ } أنهم كبوا فيها على وجوههم وألقوا فيها وطرحوا عليها ، يقال كببت الرجل إذا ألقيته لوجهه فانكبّ وأكبّ ، وجملة { هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } بتقدير القول ، أي يقال ذلك ، والقائل خزنة جهنم ، أي ما تجزون إلاّ جزاء عملكم . { إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبّ هَذِهِ ٱلْبَلْدَةِ ٱلَّذِي حَرَّمَهَا } لما فرغ سبحانه من بيان أحوال المبدأ ، والمعاد أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم هذه المقالة ، أي قل يا محمد إنما أمرت أن أخص الله بالعبادة وحده لا شريك له ، والمراد بالبلدة مكة ، وإنما خصها من بين سائر البلاد لكون فيها بيت الله الحرام ، ولكونها أحبّ البلاد إلى رسوله ، والموصول صفة للربّ ، وهكذا قرأ الجمهور . وقرأ ابن عباس وابن مسعود " التي حرّمها " على أن الموصول صفة للبلدة ، ومعنى { حَرَّمَهَا } جعلها حرماً آمناً لا يسفك فيها دم ، ولا يظلم فيها أحد ، ولا يصطاد صيدها ، ولا يختلى خلالها { وَلَهُ كُلُّ شَيء } من الأشياء خلقاً وملكاً وتصرّفاً ، أي ولله كل شيء { وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } أي المنقادين لأمر الله المستسلمين له بالطاعة ، وامتثال أمره ، واجتناب نهيه . والمراد بقوله { أَنْ أَكُونَ } أن أثبت على ما أنا عليه { وَأَنْ أَتْلُوَ ٱلْقُرْءانَ } أي أداوم تلاوته ، وأواظب على ذلك . قيل وليس المراد من تلاوة القرآن هنا إلاّ تلاوة الدعوة إلى الإيمان ، والأول أولى { فَمَنُ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ } لأن نفع ذلك راجع إليه ، أي فمن اهتدى على العموم ، أو فمن اهتدى بما أتلوه عليه ، فعمل بما فيه من الإيمان بالله ، والعمل بشرائعه . قرأ الجمهور { وأن أتلو } بإثبات الواو بعد اللام على أنه من التلاوة ، وهي القراءة ، أو من التلوّ ، وهو الاتباع . وقرأ عبد الله " وأن اتل " بحذف الواو أمراً له صلى الله عليه وسلم وكذا وجهه الفراء . قال النحاس ولا نعرف أحداً قرأ هذه القراءة ، وهي مخالفة لجميع المصاحف { وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَاْ مِنَ ٱلْمُنذِرِينَ } أي ومن ضلّ بالكفر وأعرض عن الهداية ، فقل له إنما أنا من المنذرين ، وقد فعلت بإبلاغ ذلك إليكم ، وليس عليّ غير ذلك . وقيل الجواب محذوف ، أي فوبال ضلاله عليه ، وأقيم { إنما أنا من المنذرين } مقامه لكونه كالعلة له . { وَقُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ } على نعمه التي أنعم بها عليّ من النبوّة والعلم ، وغير ذلك ، وقوله { سَيُرِيكُمْ ءايَـٰتِهِ } هو من جملة ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أن يقوله ، أي سيريكم الله آياته في أنفسكم ، وفي غيركم { فَتَعْرِفُونَهَا } أي تعرفون آياته ، ودلائل قدرته ووحدانيته ، وهذه المعرفة لا تنفع الكفار لأنهم عرفوها حين لا يقبل منهم الإيمان ، وذلك عند حضور الموت . ثم ختم السورة بقوله { وَمَا رَبُّكَ بِغَـٰفِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } ، وهو كلام من جهته سبحانه غير داخل تحت الكلام الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقوله ، وفيه ترهيب شديد وتهديد عظيم . قرأ أهل المدينة والشام وحفص عن عاصم { تعملون } بالفوقية على الخطاب ، وقرأ الباقون بالتحتية . وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { دٰخِرِينَ } قال صاغرين . وأخرج هؤلاء عنه في قوله { وَتَرَى ٱلْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً } قال قائمة { صُنْعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْء } قال أحكم . وأخرج ابن أبي جرير وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله { صُنْعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْء } قال أحسن كل شيء خلقه ، وأوثقه . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن مردويه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم { مَن جَاء بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مّنْهَا } قال " هي لا إله إلاّ الله " { وَمَن جَاء بِٱلسَّيّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي ٱلنَّارِ } قال " هي الشرك " ، وإذا صحّ هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فالمصير إليه في تفسير كلام الله سبحانه متعين ، ويحمل على أن المراد قال لا إله إلاّ الله بحقها ، وما يجب لها ، فيدخل تحت ذلك كل طاعة ، ويشهد له ما أخرجه الحاكم في الكنى عن صفوان بن عسال قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا كان يوم القيامة جاء الإيمان والشرك يجثوان بين يدي الله سبحانه ، فيقول الله للإيمان انطلق أنت وأهلك إلى الجنة ، ويقول للشرك انطلق أنت وأهلك إلى النار " ، ثم تلا رسولا الله صلى الله عليه وسلم { مَن جَاء بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مّنْهَا } ، يعني قول لا إله إلاّ الله { وَمَن جَاء بِٱلسَّيّئَةِ } يعني الشرك { فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي ٱلنَّارِ } . وأخرج ابن مردويه من حديث أبي هريرة وأنس نحوه مرفوعاً . وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه والديلمي عن كعب بن عجرة عن النبي صلى الله عليه وسلم { مَن جَاء بِٱلْحَسَنَةِ } يعني " شهادة أن لا إله إلاّ الله " { فَلَهُ خَيْرٌ مّنْهَا } يعني بالخير " الجنة " { وَمَن جَاء بِٱلسَّيّئَةِ } يعني " الشرك " { فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي ٱلنَّارِ } ، وقال " هذه تنجي ، وهذه تردي " وأخرج عبد ابن حميد وابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، والبيهقي في الأسماء والصفات ، والخرائطي في مكارم الأخلاق عن ابن مسعود { مَن جَاء بِٱلْحَسَنَةِ } قال لا إلٰه إلاّ الله ، { وَمَن جَاء بِٱلسَّيّئَةِ } قال بالشرك . وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس نحوه . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم { فَلَهُ خَيْرٌ مّنْهَا } قال له منها خير ، يعني من جهتها . وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً { فَلَهُ خَيْرٌ مّنْهَا } قال ثواب . وأخرج أيضاً عنه أيضاً قال البلدة مكة .