Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 169-175)

Tafsir: Fatḥ al-qadīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما بين الله - سبحانه - أن ما جرى على المؤمنين يوم أحد كان امتحاناً ليتميز المؤمن من المنافق ، والكاذب من الصادق ، بين ههنا أن من لم ينهزم ، وقتل فله هذه الكرامة ، والنعمة ، وأن مثل هذا مما يتنافس فيه المتنافسون ، لا مما يخاف ، ويحذر ، كما قالوا من حكى الله عنهم { لَّوْ كَانُواْ عِنْدَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ } آل عمران 156 وقالوا { لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا } آل عمران 168 فهذه الجملة مستأنفة لبيان هذا المعنى ، والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو لكل أحد ، وقرىء بالياء التحتية ، أي لا يحسبن حاسب . وقد اختلف أهل العلم في الشهداء المذكورين في هذه الآية من هم ؟ فقيل في شهداء أحد ، وقيل في شهداء بدر ، وقيل في شهداء بئر معونة . وعلى فرض أنها نزلت في سبب خاص ، فالاعتبار بعموم اللفظ ، لا بخصوص السبب . ومعنى الآية عند الجمهور أنهم أحياء حياة محققة ثم اختلفوا ، فمنهم من يقول أنها تردّ إليهم أرواحهم في قبورهم ، فيتنعمون . وقال مجاهد يرزقون من ثمر الجنة ، أي يجدون ريحها ، وليسوا فيها ، وذهب من عدا الجمهور إلى أنها حياة مجازية ، والمعنى أنهم في حكم الله مستحقون للتنعم في الجنة ، والصحيح الأوّل ، ولا موجب للمصير إلى المجاز . وقد وردت السنة المطهرة بأن أرواحهم في أجواف طيور خضر ، وأنهم في الجنة يرزقون ، ويأكلون ، ويتمتعون . وقوله { ٱلَّذِينَ قَتَلُواْ } هو المفعول الأوّل . والحاسب هو النبي صلى الله عليه وسلم ، أو كل أحد ، كما سبق ، وقيل يجوز أن يكون الموصول هو فاعل الفعل ، والمفعول الأوّل محذوف ، أي لا تحسبنّ الذين قتلوا أنفسهم أمواتاً ، وهذا تكلف لا حاجة إليه ، ومعنى النظم القرآني في غاية الوضوح ، والجلاء . وقوله { بَلْ أَحْيَاء } خبر مبتدأ محذوف ، أي بل هم أحياء . وقرىء بالنصب على تقدير الفعل ، أي بل أحسبهم أحياء . وقوله { عِندَ رَبّهِمْ } إما خبر ثان ، أو صفة لأحياء ، أو في محل نصب على الحال ، وقيل في الكلام حذف ، والتقدير عند كرامة ربهم . قال سيبويه هذه عندية الكرامة لا عندية القرب . وقوله { يُرْزَقُونَ } يحتمل في إعرابه الوجوه التي ذكرناها في قوله { عِندَ رَبّهِمْ } والمراد بالرزق هنا هو الرزق المعروف في العادات على ما ذهب إليه الجمهور ، كما سلف ، وعند من عدا الجمهور المراد به الثناء الجميل ، ولا وجه يقتضي تحريف الكلمات العربية في كتاب الله تعالى ، وحملها على مجازات بعيدة ، لا لسبب يقتضي ذلك . وقوله { فَرِحِينَ } حال من الضمير في { يرزقون } ، و { بما آتاهم الله من فضله } متعلق به . وقرأ ابن السميفع « فارحين » وهما لغتان كالفره والفاره ، والحذر والحاذر . والمراد { بِمَا ءاتَـٰهُمُ ٱللَّهُ } ما ساقه الله إليهم من الكرامة بالشهادة ، وما صاروا فيه من الحياة ، وما يصل إليهم من رزق الله سبحانه . { وَيَسْتَبْشِرُونَ بِٱلَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم } من إخوانهم المجاهدين الذين لم يقتلوا إذ ذاك . فالمراد باللحوق هنا أنهم لم يلحقوا بهم في القتل ، والشهادة بل سيلحقون بهم من بعد . وقيل المراد لم يلحقوا بهم في الفضل ، وإن كانوا أهل فضل في الجملة ، والواو في { وَيَسْتَبْشِرُونَ } عاطفة على { يُرْزَقُونَ } أي يرزقون ، ويستبشرون ، وقيل المراد بإخوانهم هنا جميع المسلمين الشهداء ، وغيرهم لأنهم لما عاينوا ثواب الله ، وحصل لهم اليقين بحقية دين الإسلام استبشروا بذلك لجميع أهل الإسلام الذين هم أحياء لم يموتوا ، وهذا أقوى ، لأن معناه أوسع ، وفائدته أكثر ، واللفظ يحتمله بل هو الظاهر ، وبه قال الزجاج ، وابن فورك . وقوله { أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } بدل من الذين ، أي يستبشرون بهذه الحالة الحاصلة لإخوانهم من أنه لا خوف عليهم ، ولا حزن ، و " أن " هي المخففة من الثقيلة ، واسمها ضمير الشأن المحذوف ، وكرر قوله { يَسْتَبْشِرُونَ } لتأكيد الأوّل ، ولبيان أن الاستبشار ليس لمجرد عدم الخوف ، والحزن ، بل به ، وبنعمة الله ، وفضله . والنعمة ما ينعم الله به على عباده . والفضل ما يتفضل به عليهم ، وقيل النعمة الثواب ، والفضل الزائد ، وقيل النعمة الجنة ، والفضل داخل في النعمة ذكر بعدها لتأكيدها ، وقيل إن الاستبشار الأوّل متعلق بحال إخوانهم ، والاستبشار الثاني بحال أنفسهم . قوله { وَأَنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } قرأ الكسائي بكسر الهمزة من " أن " ، وقرأ الباقون بفتحها فعلى القراءة الأولى هو مستأنف اعتراض . وفيه دلالة على أن الله لا يضيع أجر شيء من أعمال المؤمنين ، ويؤيده قراءة ابن مسعود ، " والله لا يضيع أجر المؤمنين " . وعلى القراءة الثانية الجملة عطف على فضل داخلة في جملة ما يستبشرون به . وقوله { ٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ } صفة للمؤمنين ، أو بدل منهم ، أو من الذين لم يلحقوا بهم ، أو هو مبتدأ خبره { لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَٱتَّقَوْاْ أَجْرٌ عَظِيمٌ } بجملته ، أو منصوب على المدح ، وقد تقدم تفسير القرح . قوله { ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ } المراد بالناس هنا نعيم بن مسعود ، كما سيأتي بيانه ، وجاز إطلاق لفظ الناس عليه لكونه من جنسهم . وقيل المراد بالناس ركب عبد القيس الذين مروا بأبي سفيان . وقيل هم المنافقون . والمراد بقوله { إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ } أبو سفيان ، وأصحابه ، والضمير في قوله { فَزَادَهُمُ } راجع إلى القول المدلول عليه ، بـ { قال } ، أو إلى المقول ، وهو { إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَٱخْشَوْهُمْ } أو إلى القائل ، والمعنى أنهم لم يفشلوا لما سمعوا ذلك ، ولا التفتوا إليه ، بل أخلصوا لله ، وازدادوا طمأنينة ، ويقيناً . وفيه دليل على أن الإيمان يزيد ، وينقص . قوله { وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ } حسب مصدر حسبه ، أي كفاه ، وهو بمعنى الفاعل ، أي محسب بمعنى كافي . قال في الكشاف والدليل على أنه بمعنى المحسب أنك تقول هذا رجل حسبك ، فتصف به النكرة لأن إضافته لكونه بمعنى اسم الفاعل غير حقيقية . انتهى . والوكيل هو من توكل إليه الأمور ، أي نعم الموكول إليه أمرنا ، أو الكافي ، أو الكافل ، والمخصوص بالمدح محذوف ، أي نعم الوكيل الله سبحانه . قوله { فَٱنْقَلَبُواْ } هو معطوف على محذوف ، أي فخرجوا إليهم ، فانقلبوا بنعمة هو متعلق بمحذوف وقع حالاً . والتنوين للتعظيم ، أي رجعوا متلبسين { بِنِعْمَةٍ } عظيمة ، وهي السلامة من عدوهم ، وعافية { وَفَضَّلَ } أي أجر تفضل الله به عليهم وقيل ربح في التجارة . وقيل النعمة خاصة بمنافع الدنيا ، والفضل بمنافع الآخرة ، وقد تقدم تفسيرهما قريباً بما يناسب ذلك المقام لكون الكلام فيه مع الشهداء الذين قد صاروا في الدار الآخرة ، والكلام هنا مع الأحياء . قوله { لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوء } في محل نصب على الحال ، أي سالمين عن سوء لم يصبهم قتل ولا جرح ولا ما يخافونه { وَٱتَّبَعُواْ رِضْوٰنَ ٱللَّهِ } في ما يأتون ، ويذرون ، ومن ذلك خروجهم لهذه الغزوة { وَٱللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ } لا يقادر قدره ، ولا يبلغ مداه ، ومن تفضله عليهم تثبيتهم ، وخروجهم للقاء عدوهم ، وإرشادهم إلى أن يقولوا هذه المقالة التي هي جالبة لكل خير ، ودافعة لكل شرّ . قوله { إِنَّمَا ذٰلِكُمُ } أي المثبط لكم أيها المؤمنون { ٱلشَّيْطَـٰنِ } هو خبر اسم الإشارة ، ويجوز أن يكون الشيطان صفة لاسم الإشارة ، والخبر قوله { يُخَوّفُ أَوْلِيَاءهُ } فعلى الأول يكون قوله { يُخَوّفُ أَوْلِيَاءهُ } جملة مستأنفة ، أو حالية ، والظاهر أن المراد هنا الشيطان نفسه باعتبار ما يصدر منه من الوسوسة المقتضية للتثبيط ، وقيل المراد به نعيم بن مسعود لما قال لهم تلك المقالة ، وقيل أبو سفيان لما صدر منه الوعيد لهم والمعنى أن الشيطان يخوف المؤمنين أولياءه ، وهم الكافرون ، وقيل إن قوله { أَوْلِيَاءهُ } منصوب بنزع الخافض أي يخوفكم بأوليائه ، أو من أوليائه ، قاله الفراء ، والزجاج ، وأبو علي الفارسي . ورده ابن الأنباري بأن التخويف قد يتعدى بنفسه إلى مفعولين ، فلا ضرورة إلى إضمار حرف الجر . وعلى قول الفراء ، ومن معه يكون مفعول يخوف محذوفاً ، أي يخوفكم . وعلى الأول يكون المفعول الأوّل محذوفاً ، والثاني مذكوراً ، ويجوز أن يكون المراد أن الشيطان يخوف أولياءه ، وهم القاعدون من المنافقين ، فلا حذف . قوله { فَلاَ تَخَافُوهُمْ } أي أولياءه الذين يخوفكم بهم الشيطان ، أو فلا تخافوا الناس المذكورين في قوله { إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ } نهاهم سبحانه عن أن يخافوهم ، فيجبنوا على اللقاء ، ويفشلوا عن الخروج ، وأمرهم بأن يخافوه سبحانه ، فقال { وَخَافُونِ } فافعلوا ما آمركم به ، واتركوا ما أنهاكم عنه لأني الحقيق بالخوف مني ، والمراقبة لأمري ، ونهيـي لكون الخير والشرّ بيدي ، وقيده بقوله { إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } لأن الإيمان يقتضي ذلك . وقد أخرج الحاكم وصححه ، عن ابن عباس قال نزلت هذه الآية { وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ } في حمزة ، وأصحابه . وأخرج سعيد بن منصور ، وعبد بن حميد عن أبي الضحى أنها نزلت في قتلى أحد ، وحمزة منهم . أخرج عبد بن حميد ، وأبو داود ، وابن جرير ، والحاكم وصححه ، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها ، وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش ، فلما وجدوا طيب مأكلهم ، ومشربهم ، وحسن مقيلهم قالوا يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله لنا " ، وفي لفظ قالوا " من يبلغ إخواننا أنَّا أحياء في الجنة نرزق لئلا يزهدوا في الجهاد ، ولا ينكلوا عن الحرب ، فقال الله أنا أبلغهم عنكم ، فأنزل الله هؤلاء الآيات { وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ … } الآية وما بعدها " وأخرج الترمذي وحسنه ، وابن ماجه ، وابن خزيمة ، والطبراني ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، والبيهقي في الدلائل ، عن جابر بن عبد الله أن أباه سأل الله سبحانه أن يبلغ من وراءه ما هو فيه ، فنزلت هذه الآية ، وهو من قتلى أحد . وقد روى من وجوه كثيرة أن سبب نزول الآية قتلى أحد . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، عن أنس أن سبب نزول هذه الآية قتلى بئر معونة ، وعلى كل حال ، فالآية باعتبار عموم لفظها يدخل تحتها كل شهيد ، وقد ثبت في أحاديث كثيرة في الصحيح ، وغيره أن أرواح الشهداء في أجواف طيور خضر ، وثبت في فضل الشهداء ما يطول تعداده ، ويكثر إيراده مما هو معروف في كتب الحديث . وأخرج النسائي ، وابن ماجه ، وابن أبي حاتم ، والطبراني بسند صحيح ، عن ابن عباس قال لما رجع المشركون عن أحد قالوا لا محمداً قتلتم ، ولا الكواعب أردفتم بئس ما صنعتم ارجعوا ، فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ، فندب المسلمين ، فانتدبوا حتى بلغ حمراء الأسد ، أو بئر أبي عتبة ، شكّ سفيان ، فقال المشركون يرجع من قابل ، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكانت تعدّ غزوة ، فأنزل الله سبحانه { ٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ } الآية . وأخرج البخاري ، ومسلم وغيرهما عن عائشة في قوله تعالى { ٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ … } الآية ، أنها قالت لعروة بن الزبير يا بن أختي كان أبواك منهم الزبير ، وأبو بكر ، لما أصاب نبي الله صلى الله عليه وسلم ما أصاب يوم أحد انصرف عنه المشركون خاف أن يرجعوا ، فقال " من يرجع في أثرهم ؟ " فانتدب منهم سبعون فيهم أبو بكر ، والزبير . وأخرج ابن إسحاق ، وابن جرير ، والبيهقي في الدلائل عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمراء الأسد ، وقد أجمع أبو سفيان بالرجعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه ، وقالوا رجعنا قبل أن نستأصلهم لنكرَّن على بقيتهم ، فبلغه أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في أصحابه يطلبهم ، فثنى ذلك أبا سفيان ، وأصحابه ، ومر ركب من عبد القيس ، فقال لهم أبو سفيان بلغوا محمداً أنا قد أجمعنا الرجعة على أصحابه لنستأصلهم فلما مرّ الركب برسول الله صلى الله عليه وسلم بحمراء الأسد أخبروه بالذي قال أبو سفيان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والمسلمون معه " حسبنا الله ، " ونعم الوكيل ، فأنزل الله في ذلك { ٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ } الآيات . وأخرج موسى بن عقبة في مغازيه ، والبيهقي في الدلائل ، عن ابن شهاب قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم استنفر المسلمين لموعد أبي سفيان بدراً . فاحتمل الشيطان أولياءه من الناس ، فمشوا في الناس يخوفونهم ، وقالوا إنا قد أخبرنا أن قد جمعوا لكم من الناس مثل الليل يرجون أن يواقعوكم . والروايات في هذا الباب كثيرة قد اشتملت عليها كتب الحديث ، والسير . وأخرج ابن المنذر ، عن سعيد بن جبير قال القرح الجراحات . وأخرج ابن جرير ، عن السدي أن أبا سفيان ، وأصحابه لقوا أعرابياً ، فجعلوا له جعلاً على أن يخبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه أنهم قد جمعوا لهم ، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ، فقال هو ، والصحابة " حسبنا الله ، " ونعم الوكيل ، ثم رجعوا من حمراء الأسد ، فأنزل الله فيهم ، وفي الأعرابي { ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ } الآية . وأخرج ابن مردويه ، عن أبي رافع أن هذا الأعرابي من خزاعة . وقد ورد في فضل هذه الكلمة أعني { حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ } أحاديث منها ما أخرجه ابن مردويه ، عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا وقعتم في الأمر العظيم ، فقولوا حسبنا الله ، ونعم الوكيل " قال ابن كثير بعد إخراجه هذا حديث غريب من هذا الوجه . وأخرج أبو نعيم ، عن شداد بن أوس قال قال النبي صلى الله عليه وسلم " حسبي الله ، ونعم الوكيل ، أمان كل خائف " وأخرج ابن أبي الدنيا في الذكر ، عن عائشة « أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتد غمه مسح بيده على رأسه ، ولحيته ، ثم تنفس الصعداء ، وقال " حسبي الله ، ونعم الوكيل " وأخرج البخاري ، وغيره عن ابن عباس قال " حسبنا الله ، " ونعم الوكيل ، قالها إبراهيم حين ألقي في النار ، وقالها محمد حين قالوا { إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ } . وأخرج أحمد ، وأبو داود ، والنسائي ، عن عوف بن مالك أنه حدثهم « أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بين رجلين ، فقال المقضي عليه لما أدبر حسبي الله ، ونعم الوكيل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ردوا عليّ الرجل " ، فقال " ما قلت " ؟ قال قلت حسبي الله ، ونعم الوكيل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله يلوم على العجز ، ولكن عليك بالكيس ، فإذا غلبك أمر ، فقل حسبي الله ، ونعم الوكيل " وأخرج أحمد ، عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كيف أنعم ، وصاحب القرن قد التقم القرن ، وحنى جبهته يسمع متى يؤمر ، فينفخ ؟ ثم أمر الصحابة أن يقولوا حسبنا الله ، ونعم الوكيل على الله توكلنا " وهو حديث جيد . وأخرج البيهقي في الدلائل ، عن ابن عباس في قوله { فَٱنْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ } قال النعمة أنهم سلموا ، والفضل أن عيراً مرّت ، وكان في أيام الموسم ، فاشتراها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فربح مالاً ، فقسمه بين أصحابه . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في الآية قال الفضل ما أصابوا من التجارة ، والأجر . وأخرج ابن جرير ، عن السدي قال أما النعمة فهي العافية ، وأما الفضل فالتجارة ، والسوء القتل . أخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله { لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوء } قال لم يؤذهم أحد { وَٱتَّبَعُواْ رِضْوٰنَ ٱللَّهِ } قال أطاعوا الله ، ورسوله . وأخرج ابن جرير ، من طريق العوفي عنه في قوله { إِنَّمَا ذٰلِكُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ يُخَوّفُ أَوْلِيَاءهُ } قال يقول الشيطان يخوّف بأوليائه . وأخرج عبد بن حميد ، وابن أبي حاتم ، عن أبي مالك قال يعظم أولياءه في أعينكم . وأخرج ابن المنذر ، عن عكرمة مثل قول ابن عباس . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن الحسن إنما كان ذلك تخويف الشيطان ، ولا يخاف الشيطان إلا وليّ الشيطان .