Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 83-85)
Tafsir: Fatḥ al-qadīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله { أَفَغَيْرَ } عطف على مقدّر ، أي أتتولون ، فتبغون غير دين الله ، وتقديم المفعول لأنه المقصود بالإنكار . وقرأ أبو عمرو وحده { يبغون } بالتحتية ، و « ترجعون » بالفوقية ، قال لأن الأوّل خاص ، والثاني عام ، ففرّق بينهما لافتراقهما في المعنى . وقرأ حفص بالتحتية في الموضعين . وقرأ الباقون بالفوقية فيهما ، وانتصب { طوعاً وكرهاً } على الحال ، أي طائعين ومكرهين . والطوع الانقياد ، والاتباع بسهولة ، والكره ما فيه مشقة ، وهو من أسلم مخافة القتل ، وإسلامه استسلام منه . قوله { آمنا } إخبار منه صلى الله عليه وسلم عن نفسه ، وعن أمته { لاَ نُفَرّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مّنْهُمْ } كما فرّقت اليهود ، والنصارى ، فآمنوا ببعض ، وكفروا ببعض . وقد تقدّم تفسير هذه الآية { وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } أي منقادون مخلصون . قوله { دِينًا } مفعول للفعل ، أي يبتغ ديناً حال كونه غير الإسلام ، ويجوز أن ينتصب غير الإسلام على أنه مفعول الفعل ، وديناً إما تمييز ، أو حال إذا أوّل بالمشتق ، أو بدل من غير . قوله { وَهُوَ فِى ٱلأخِرَةِ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ } إما في محل نصب على الحال ، أو جملة مستأنفة ، أي من الواقعين في الخسران يوم القيامة . وقد أخرج الطبراني بسند ضعيف ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله { وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأرْضِ } قال " أما من في السموات فالملائكة ، وأما من في الأرض ، فمن ولد على الإسلام ، وأما كرها ، فمن أتى به من سبايا الأمم في السلاسل ، والأغلال يقادون إلى الجنة ، وهم كارهون " وأخرج الديلمي عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الآية " الملائكة أطاعوه في السماء ، والأنصار ، وعبد القيس أطاعوه في الأرض " وأخرج ابن جرير ، عن ابن عباس قال في الآية { أَسْلَمَ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأرْضِ } حين أخذ عليهم الميثاق . وأخرج ابن أبي حاتم ، عنه في قوله { وَلَهُ أَسْلَمَ } قال المعرفة . وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن قتادة في الآية قال أما المؤمن ، فأسلم طائعاً ، فنفعه ذلك ، وقبل منه ، وأما الكافر ، فأسلم حين رأى بأس الله ، فلم ينفعه ذلك ، ولم يقبل منه { فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَـٰنُهُمْ لَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا } غافر 85 . وأخرج الطبراني في الأوسط عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من ساء خلقه من الرقيق ، والدوابّ ، والصبيان ، فاقرءوا في أذنه { أَفَغَيْرَ دِينِ ٱللَّهِ يبغون } " وأخرج ابن السني في عمل اليوم ، والليلة ، عن يونس بن عبيد قال ليس رجل يكون على دابة صعبة ، فيقرأ في أذنها { أَفَغَيْرَ دِينِ ٱللَّهِ يبغون } الآية إلا ذلت بإذن الله عزّ وجلّ . وأخرج أحمد ، والطبراني في الأوسط عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " تجيء الأعمال يوم القيامة ، فتجيء الصلاة ، فتقول يا ربّ أنا الصلاة ، فيقول إنك على خير ، وتجيء الصدقة فتقول يا ربّ أنا الصدقة ، فيقول إنك على خير ، ويجيء الصيام ، فيقول أنا الصيام ، فيقول إنك على خير ، ثم تجيء الأعمال كل ذلك يقول الله إنك على خير ، ثم يجيء الإسلام فيقول يا ربّ أنت السلام ، وأنا الإسلام ، فيقول إنك على خير بك اليوم آخذ ، وبك أعطي ، قال الله تعالى في كتابه { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلإسْلَـٰمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِى ٱلأخِرَةِ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ } " .