Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 1-12)
Tafsir: Fatḥ al-qadīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله { يس } قرأ الجمهور بسكون النون ، وقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وحمزة ، وحفص ، وقالون ، وورش بإدغام النون في الواو الذي بعدها ، وقرأ عيسى بن عمر بفتح النون ، وقرأ ابن عباس ، وابن أبي إسحاق ، ونصر بن عاصم بكسرها ، فالفتح على البناء ، أو على أنه مفعول فعل مقدّر تقديره اتل يسۤ ، والكسر على البناء أيضاً كجير ، وقيل الفتح ، والكسر للفرار من التقاء الساكنين . وأما وجه قراءة الجمهور بالسكون للنون ، فلكونها مسرودة على نمط التعديد ، فلا حظ لها من الإعراب . وقرأ هارون الأعور ، ومحمد بن السميفع ، والكلبي بضم النون على البناء كمنذ ، وحيث ، وقط ، وقيل على أنها خبر مبتدأ محذوف أي هذه يسۤ ، ومنعت من الصرف للعلمية ، والتأنيث . واختلف في معنى هذه اللفظة ، فقيل معناها يا رجل ، أو يا إنسان . قال ابن الأنباري الوقف على يسۤ حسن لمن قال هو افتتاح للسورة ، ومن قال معناه يا رجل ، لم يقف عليه . وقال سعيد بن جبير ، وغيره هو اسم من أسماء محمد صلى الله عليه وسلم دليله { إِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } ، ومنه قول السعد الحميري @ يا نفس لا تمحضي بالنصح جاهدة على المودّة إلاّ آل ياسين @@ ومنه قوله { سَلَـٰمٌ عَلَىٰ إِلْ يَاسِينَ } الصافات 130 أي على آل محمد ، وسيأتي في الصافات ما المراد بآل ياسين . قال الواحدي قال ابن عباس ، والمفسرون يريد يا إنسان يعني محمداً صلى الله عليه وسلم . وقال أبو بكر الورّاق معناه يا سيد البشر . وقال مالك هو اسم من أسماء الله تعالى ، روى ذلك عنه أشهب . وحكى أبو عبد الرحمن السلمي عن جعفر الصادق أن معناه يا سيد . وقال كعب هو قسم أقسم الله به ، ورجح الزجاج أن معناه يا محمد . واختلفوا هل هو عربيّ أو غير عربيّ ؟ ، فقال سعيد بن جبير ، وعكرمة حبشي . وقال الكلبي سرياني تكلمت به العرب ، فصار من لغتهم . وقال الشعبي هو بلغة طيّ . وقال الحسن هو بلغة كلب . وقد تقدم في طه ، وفي مفتتح سورة البقرة ما يغني عن التطويل ها هنا { وَٱلْقُرْءانِ ٱلْحَكِيمِ } بالجرّ على أنه مقسم به ابتداء . وقيل هو معطوف على يسۤ على تقدير كونه مجروراً بإضمار القسم . قال النقاش لم يقسم الله لأحد من أنبيائه بالرسالة في كتابه إلاّ لمحمد صلى الله عليه وسلم تعظيماً له وتمجيداً ، والحكيم المحكم الذي لا يتناقض ، ولا يتخالف ، أو الحكيم قائله ، وجواب القسم { إِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } ، وهذا ردّ على من أنكر رسالته من الكفار بقولهم { لَسْتَ مُرْسَلاً } الرعد 43 وقوله { عَلَىٰ صِرٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ } خبر آخر لإنّ أي إنك على صراط مستقيم ، والصراط المستقيم الطريق القيم الموصل إلى المطلوب . قال الزجاج على طريقة الأنبياء الذين تقدّموك ، ويجوز أن يكون في محل نصب على الحال { تَنزِيلَ ٱلْعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ } قرأ نافع ، وابن كثير ، وأبو عمرو ، وأبو بكر برفع " تنزيل " على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هو تنزيل ، ويجوز أن يكون خبراً لقوله يسۤ إن جعل اسماً للسورة ، وقرأ الباقون بالنصب على المصدرية أي نزّل الله ذلك تنزيل العزيز الرحيم . والمعنى أن القرآن تنزيل العزيز الرحيم ، وقيل المعنى إنك يا محمد تنزيل العزيز الرحيم ، والأوّل أولى . وقيل هو منصوب على المدح على قراءة من قرأ بالنصب ، وعبر سبحانه عن المنزل بالمصدر مبالغة حتى كأنه نفس التنزيل ، وقرأ أبو حيوة ، والترمذي ، وأبو جعفر يزيد بن القعقاع ، وشيبة " تنزيل " بالجرّ على النعت للقرآن ، أو البدل منه . واللام في { لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أُنذِرَ ءابَاؤُهُمْ } يجوز أن تتعلق بـ { تنزيل } ، أو بفعل مضمر يدلّ عليه { من المرسلين } أي أرسلناك لتنذر ، و « ما » في { مَّا أُنذِرَ ءابَاؤُهُمْ } هي النافية أي لم ينذر آباؤهم ، ويجوز أن تكون موصولة ، أو موصوفة أي لتنذر قوماً الذي أنذره آباؤهم ، أو لتنذرهم عذاباً أنذره آباؤهم ، ويجوز أن تكون مصدرية أي إنذار آبائهم ، وعلى القول بأنها نافية يكون المعنى ما أنذر آباؤهم برسول من أنفسهم ، ويجوز أن يراد ، ما أنذر آباؤهم الأقربون لتطاول مدة الفترة ، وقوله { فَهُمْ غَـٰفِلُونَ } متعلق بنفي الإندار على الوجه الأوّل أي لم ينذر آباؤهم ، فهم بسبب ذلك غافلون ، وعلى الوجوه الآخرة متعلق بقوله { لتنذر } أي { فهم غافلون } عما أنذرنا به آباءهم ، وقد ذهب أكثر أهل التفسير إلى أن المعنى على النفي ، وهو الظاهر من النظم لترتيب فهم غافلون على ما قبله ، واللام في قوله { لَقَدْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ عَلَىٰ أَكْثَرِهِمْ } هي الموطئة للقسم ، أي والله لقد حقّ القول على أكثرهم ، ومعنى { حقّ } ثبت ، ووجب القول أي العذاب على أكثرهم أي أكثر أهل مكة ، أو أكثر الكفار على الإطلاق ، أو أكثر كفار العرب ، وهم من مات على الكفر ، وأصرّ عليه طول حياته ، فيتفرّع قوله { فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } على ما قبله بهذا الاعتبار ، أي لأن الله سبحانه قد علم منهم الإصرار على ما هم فيه من الكفر ، والموت عليه ، وقيل المراد بالقول المذكور هنا هو قوله سبحانه { فَٱلْحَقُّ وَٱلْحَقَّ أَقُولُ لأَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ } صۤ 84 ــ 85 . وجملة { إِنَّا جَعَلْنَا فِى أَعْنـٰقِهِمْ أَغْلَـٰلاً } تقرير لما قبلها مثلت حالهم بحال الذين غلت أعناقهم { فَهِىَ } أي الأغلال منتهية { إِلَى ٱلأَذْقَـٰنِ } ، فلا يقدرون عند ذلك على الالتفات ، ولا يتمكنون من عطفها ، وهو معنى قوله { فَهُم مُّقْمَحُونَ } أي رافعون رؤوسهم غاضون أبصارهم . قال الفراء ، والزجاج المقمح الغاضّ بصره بعد رفع رأسه ، ومعنى الإقماح رفع الرأس ، وغضّ البصر ، يقال أقمح البعير رأسه ، وقمح إذا رفع رأسه ، ولم يشرب الماء . قال الأزهري أراد الله أن أيديهم لما غلت عند أعناقهم رفعت الأغلال إلى أذقانهم ، ورؤوسهم صعداء ، فهم مرفوعو الرؤوس برفع الأغلال إياها . وقال قتادة معنى مقمحون مغلولون ، والأوّل أولى ، ومنه قول الشاعر @ ونحن على جوانبها قعود نغضّ الطرف كالإبل القماح @@ قال الزجاج قيل للكانونين شهرا قماح لأن الإبل إذا وردت الماء رفعت رؤوسها لشدّة البرد ، وأنشد قول أبي زيد الهذلي @ فتى ، ما ابن الأغرّ إذا شتونا وحب الزاد في شهري قماح @@ قال أبو عبيدة قمح البعير إذا رفع رأسه عن الحوض ، ولم يشرب . وقال أبو عبيدة أيضاً هو مثل ضربه الله لهم في امتناعهم عن الهدى كامتناع المغلول ، كما يقال فلان حمار أي لا يبصر الهدى ، وكما قال الشاعر @ لهم عن الرشد أغلال وأقياد @@ وقال الفراء هذا ضرب مثل أي حبسناهم عن الإنفاق في سبيل الله ، وهو كقوله { وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ } الإسراء 29 . وبه قال الضحاك . وقيل الآية إشارة إلى ما يفعل بقوم في النار من وضع الأغلال في أعناقهم كما قال تعالى { إِذِ ٱلأَغْلَـٰلُ فِى أَعْنَـٰقِهِمْ } غافر 71 وقرأ ابن عباس " إنا جعلنا في أيمانهم أغلالاً " قال الزجاج أي في أيديهم . قال النحاس وهذه القراءة تفسير ، ولا يقرأ بما خالف المصحف . قال وفي الكلام حذف على قراءة الجماعة ، التقدير إنا جعلنا في أعناقهم ، وفي أياديهم أغلالاً فهي إلى الأذقان ، فلفظ " هي " كناية عن الأيدي لا عن الأعناق ، والعرب تحذف مثل هذا . ونظيره { سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ ٱلْحَرَّ } النحل 81 وسرابيل تقيكم البرد ، لأن ما وقى من الحرّ ، وقى من البرد لأن الغلّ إذا كان في العنق ، فلا بدّ أن يكون في اليد ، ولا سيما ، وقد قال الله { فَهِىَ إِلَى ٱلأَذْقَـٰنِ } ، فقد علم أنه يراد به الأيدي ، فهم مقمحون ، أي رافعو رؤوسهم لا يستطيعون الإطراق لأن من غلت يداه إلى ذقنه ارتفع رأسه . وروي عن ابن عباس أنه قرأ " إنا جعلنا في أيديهم أغلالاً " ، وعن ابن مسعود أنه قرأ " إنا جعلنا في أيمانهم أغلالاً " كما روي سابقاً من قراءة ابن عباس { وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً ومِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً } أي منعناهم عن الإيمان بموانع ، فهم لا يستطيعون الخروج من الكفر إلى الإيمان ، كالمضروب أمامه ، وخلفه بالأسداد ، والسد بضم السين ، وفتحها لغتان . ومن هذا المعنى في الآية قول الشاعر @ ومن الحوادث لا أبالك أنني ضربت عليّ الأرض بالأسداد لا أهتدي فيها لموضع تلعة بين العذيب وبين أرض مراد @@ { فَأغْشَيْنَـٰهُمْ } أي غطينا أبصارهم { فَهُمُ } بسبب ذلك { لاَّ يُبْصِرُونَ } أي لا يقدرون على إبصار شيء . قال الفراء فألبسنا أبصارهم غشوة أي عمى فهم لا يبصرون سبيل الهدى ، وكذا قال قتادة إن المعنى لا يبصرون الهدى . وقال السدّي لا يبصرون محمداً حين ائتمروا على قتله . وقال الضحاك { وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً } أي الدنيا ، { ومِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً } أي الآخرة ، { فأغشيناهم ، فهم لا يبصرون } أي عموا عن البعث ، وعموا عن قبول الشرائع في الدنيا . وقيل ما بين أيديهم الآخرة ، وما خلفهم الدنيا ، قرأ الجمهور بالغين المعجمة أي غطينا أبصارهم ، فهو على حذف مضاف . وقرأ ابن عباس ، وعمر بن عبد العزيز ، والحسن ، ويحيـى بن يعمر ، وأبو رجاء ، وعكرمة بالعين المهملة من العشا ، وهو ضعف البصر . ومنه { وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ ٱلرَّحْمَـٰنِ } الزخرف 36 { وَسَوَآء عَلَيْهِمْ ءأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } أي إنذارك إياهم ، وعدمه سواء . قال الزجاج أي من أضله الله هذا الإضلال لم ينفعه الإنذار ، إنما ينفع الإنذار من ذكر في قوله { إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلذِكْرَ وَخشِىَ ٱلرَّحْمـٰنَ بِٱلْغَيْبِ } أي اتبع القرآن ، وخشي الله في الدنيا ، وجملة { لا يؤمنون } مستأنفة مبينة لما قبلها من الاستواء ، أو في محل نصب على الحال ، أو بدل ، و { بالغيب } في محل نصب على الحال من الفاعل ، أو المفعول { فَبَشّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ } أي بشر هذا الذي اتبع الذكر ، وخشي الرحمٰن بالغيب بمغفرة عظيمة ، وأجر كريم ، أي حسن ، وهو الجنة . ثم أخبر سبحانه بإحيائه الموتى ، فقال { إِنَّا نَحْنُ نُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ } أي نبعثهم بعد الموت . وقال الحسن ، والضحاك ، أي نحييهم بالإيمان بعد الجهل ، والأوّل أولى . ثم توعدهم بكتب آثارهم ، فقال { وَنَكْتُبُ مَاَ قَدَّمُواْ } أي أسلفوا من الأعمال الصالحة والطالحة { وَءاثَارَهُمْ } أي ما أبقوه من الحسنات التي لا ينقطع نفعها بعد الموت . كمن سنّ سنّة حسنة ، أو نحو ذلك ، أو السيئات التي تبقى بعد موت فاعلها كمن سن سنّة سيئة . قال مجاهد ، وابن زيد ونظيره قوله { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ } الانفطار 5 وقوله { يُنَبَّأُ ٱلإِنسَـٰنُ يَوْمَئِذِ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ } القيامة 13 . وقيل المراد بالآية آثار المشائين إلى المساجد ، وبه قال جماعة من الصحابة ، والتابعين . قال النحاس وهو أولى ما قيل في الآية لأنها نزلت في ذلك . ويجاب عنه بأن الاعتبار بعموم الآية لا بخصوص سببها ، وعمومها يقتضي كتب جميع آثار الخير والشرّ ، ومن الخير تعليم العلم ، وتصنيفه ، والوقف على القرب ، وعمارة المساجد ، والقناطر . ومن الشرّ ابتداع المظالم ، وإحداث ما يضرّ بالناس ، ويقتدي به أهل الجور ، ويعملون عليه من مكس ، أو غيره ، ولهذا قال سبحانه { وَكُلَّ شىْء أَحْصَيْنَـٰهُ فِى إِمَامٍ مُّبِينٍ } أي وكل شيء من أعمال العباد ، وغيرها كائناً ما كان ، في إمام مبين ، أي كتاب مقتدى به موضح لكل شيء . قال مجاهد ، وقتادة ، وابن زيد أراد اللوح المحفوظ ، وقالت فرقة أراد صحائف الأعمال . قرأ الجمهور " ونكتب " على البناء للفاعل . وقرأ زرّ ، ومسروق على البناء للمفعول . وقرأ الجمهور { كُلّ شَىْء أَحْصَيْنَـٰهُ } بنصب " كل " على الاشتغال . وقرأ أبو السمأل بالرفع على الابتداء . وقد أخرج ابن مردويه عن ابن مسعود ، وابن عباس في قوله { يس } قالا يا محمد . وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله { يس } قال يا إنسان . وأخرج عبد بن حميد ، عن الحسن ، والضحاك ، وعكرمة مثله . وأخرج ابن مردويه ، وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المسجد ، فيجهر بالقراءة ، حتى تأذى به ناس من قريش ، حتى قاموا ليأخذوه ، وإذا أيديهم مجموعة إلى أعناقهم ، وإذا هم عمي لا يبصرون ، فجاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالوا ننشدك الله والرحم يا محمد ، قال ولم يكن بطن من بطون قريش إلاّ وللنبي صلى الله عليه وسلم فيهم قرابة ، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم حتى ذهب ذلك عنهم ، فنزلت { يس * وَٱلْقُرْءانِ ٱلْحَكِيمِ } إلى قوله { أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } قال " فلم يؤمن من ذلك النفر أحد " وفي الباب روايات في سبب نزول ذلك ، هذه الرواية أحسنها ، وأقربها إلى الصحة . وأخرج ابن أبي حاتم عنه قال الأغلال ما بين الصدر إلى الذقن { فَهُم مُّقْمَحُونَ } كما تقمح الدابة باللجام . وأخرج ابن مردويه عنه أيضاً في قوله { وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً } الآية قال كانوا يمرّون على النبي صلى الله عليه وسلم ، فلا يرونه . وأخرج ابن مردويه عنه أيضاً قال اجتمعت قريش بباب النبي صلى الله عليه وسلم ينتظرون خروجه ليؤذوه ، فشقّ ذلك عليه ، فأتاه جبريل بسورة يسۤ ، وأمره بالخروج عليهم ، فأخذ كفاً من تراب وخرج وهو يقرؤها ، ويذرّ التراب على رؤوسهم ، فما رأوه حتى جاز ، فجعل أحدهم يلمس رأسه ، فيجد التراب ، وجاء بعضهم فقال ما يجلسكم ؟ قالوا ننتظر محمداً ، فقال لقد رأيته داخلاً المسجد ، قال قوموا ، فقد سحركم . وأخرج عبد الرّزّاق ، والترمذي وحسنه ، والبزار ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، والبيهقيّ في الشعب عن أبي سعيد الخدري قال كان بنو سلمة في ناحية من المدينة ، فأرادوا أن ينتقلوا إلى قرب المسجد ، فأنزل الله { إِنَّا نَحْنُ نُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَاَ قَدَّمُواْ وَءاثَارَهُمْ } ، فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال " إنه يكتب آثاركم " ثم قرأ عليهم الآية فتركوا . وأخرج الفريابي ، وأحمد في الزهد ، وعبد بن حميد ، وابن ماجه ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والطبراني ، وابن مردويه عن ابن عباس نحوه . وفي صحيح مسلم ، وغيره من حديث جابر قال إن بني سلمة أرادوا أن يبيعوا ديارهم ، ويتحوّلوا قريباً من المسجد ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا بني سلمة ، دياركم تكتب آثاركم " .