Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 41-54)
Tafsir: Fatḥ al-qadīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم ذكر سبحانه وتعالى نوعاً آخر مما امتنّ به على عباده من النعم ، فقال { وَءايَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِى ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ } أي دلالة وعلامة ، وقيل معنى { آية } هنا العبرة ، وقيل النعمة ، وقيل النذارة . وقد اختلف في معنى { أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ } وإلى من يرجع الضمير ، لأن الضمير الأوّل ، وهو قوله { وَءايَةٌ لَّهُمُ } لأهل مكة ، أو لكفار العرب ، أو للكفار على الإطلاق الكائنين في عصر محمد صلى الله عليه وسلم ، فقيل الضمير يرجع إلى القرون الماضية ، والمعنى أن الله حمل ذرّيّة القرون الماضية في الفلك المشحون ، فالضميران مختلفان . وهذا حكاه النحاس عن عليّ بن سليمان الأخفش . وقيل الضميران لكفار مكة ، ونحوهم . والمعنى أن الله حمل ذرّيّاتهم من أولادهم ، وضعفائهم على الفلك ، فامتنّ الله عليهم بذلك أي إنهم يحملونهم معهم في السفن إذا سافروا ، أو يبعثون أولادهم للتجارة لهم فيها . وقيل الذرّيّة الآباء والأجداد ، والفلك هو سفينة نوح ، أي إن الله حمل آباء هؤلاء ، وأجدادهم في سفينة نوح . قال الواحدي والذرّيّة تقع على الآباء كما تقع على الأولاد . قال أبو عثمان وسمي الآباء ذرية ، لأن منهم ذرء الأبناء ، وقيل الذرّية النطف الكائنة في بطون النساء ، وشبه البطون بالفلك المشحون ، والراجح القول الثاني ، ثم الأوّل ، ثم الثالث ، وأما الرابع ففي غاية البعد ، والنكارة . وقد تقدّم الكلام في الذرية ، واشتقاقها في سورة البقرة مستوفي ، والمشحون المملوء الموقر ، والفلك يطلق على الواحد والجمع كما تقدّم في يونس ، وارتفاع آية على أنها خبر مقدّم ، والمبتدأ { أنا حملنا } ، أو العكس على ما قدّمنا . وقيل إن الضمير في قوله { وَءايَةٌ لَّهُمُ } يرجع إلى العباد المذكورين في قوله { يٰحَسْرَةً عَلَى ٱلْعِبَادِ } يسۤ 30 لأنه قال بعد ذلك { وَءايَةٌ لَّهُمُ ٱلأَرْضُ ٱلْمَيْتَةُ } يسۤ 33 ، وقال { وَءايَةٌ لَّهُمُ ٱلَّيْلُ } يسۤ 37 . ثم قال { وَءايَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ } ، فكأنه قال وآية للعباد أنا حملنا ذريات العباد ، ولا يلزم أن يكون المراد بأحد الضميرين البعض منهم ، وبالضمير الآخر البعض الآخر ، وهذا قول حسن . { وَخَلَقْنَا لَهُمْ مّن مّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ } أي وخلقنا لهم مما يماثل الفلك ما يركبونه على أن ما هي الموصولة . قال مجاهد ، وقتادة ، وجماعة من أهل التفسير وهي الإبل خلقها لهم للركوب في البرّ مثل السفن المركوبة في البحر ، والعرب تسمي الإبل سفائن البرّ ، وقيل المعنى وخلقنا لهم سفناً أمثال تلك السفن يركبونها ، قاله الحسن ، والضحاك ، وأبو مالك . قال النحاس وهذا أصحّ لأنه متصل الإسناد عن ابن عباس ، وقيل هي السفن المتخذة بعد سفينة نوح { وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلاَ صَرِيخَ لَهُمْ وَلاَ هُمْ يُنقَذُونَ } هذا من تمام الآية التي امتنّ الله بها عليهم ، ووجه الامتنان أنه لم يغرقهم في لجج البحار مع قدرته على ذلك ، والضمير يرجع إما إلى أصحاب الذرية ، أو إلى الذرية ، أو إلى الجميع على اختلاف الأقوال ، والصريخ بمعنى المصرخ ، والمصرخ هو المغيث أي فلا مغيث لهم يغيثهم إن شئنا إغراقهم ، وقيل هو المنعة . ومعنى { ينقذون } يخلصون ، يقال أنقذه ، واستنقذه ، إذا خلصه من مكروه { إِلاَّ رَحْمَةً مّنَّا } استثناء مفرّغ من أعمّ العلل أي لا صريخ لهم ، ولا ينقذون لشيء من الأشياء إلاّ لرحمة منا ، كذا قال الكسائي ، والزجاج ، وغيرهما ، وقيل هو استثناء منقطع أي لكن لرحمة منا . وقيل هو منصوب على المصدرية بفعل مقدّر { و } انتصاب { مَّتَـٰعًا } على العطف على رحمة أي نمتعهم بالحياة الدنيا { إِلَىٰ حِينٍ } وهو الموت ، قاله قتادة . وقال يحيـى بن سلام إلى القيامة . { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّقُواْ مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ } أي ما بين أيديكم من الآفات ، والنوازل ، فإنها محيطة بكم ، وما خلفكم منها . قال قتادة معنى { ٱتَّقُواْ مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ } أي من الوقائع فيمن كان قبلكم من الأمم { وَمَا خَلْفَكُمْ } في الآخرة . وقال سعيد بن جبير ، ومجاهد { مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ } ما مضى من الذنوب { وَمَا خَلْفَكُمْ } ما بقي منها . وقيل { مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ } الدنيا { وَمَا خَلْفَكُمْ } الآخرة ، قاله سفيان . وحكى عكس هذا القول الثعلبي عن ابن عباس . وقيل { مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ } ما ظهر لكم { وَمَا خَلْفَكُمْ } ما خفي عنكم ، وجواب إذا محذوف ، والتقدير إذا قيل لهم ذلك أعرضوا كما يدلّ عليه { إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ } { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } أي رجاء أن ترحموا ، أو كي ترحموا ، أو راجين أن ترحموا { وَمَا تَأْتِيهِم مّنْ ءايَةٍ مّنْ ءايَـٰتِ رَبّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ } " ما " هي النافية ، وصيغة المضارع للدلالة على التجدّد ، ومن الأولى مزيدة للتوكيد ، والثانية للتبعيض والمعنى ما تأتيهم من آية دالة على نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم ، وعلى صحة ما دعا إليه من التوحيد في حال من الأحوال إلاّ كانوا عنها معرضين . وظاهره يشمل الآيات التنزيلية ، والآيات التكوينية ، وجملة { إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ } في محلّ نصب على الحال كما مرّ تقريره في غير موضع . والمراد بالإعراض عدم الالتفات إليها ، وترك النظر الصحيح فيها ، وهذه الآية متعلقة بقوله { يٰحَسْرَةً عَلَى ٱلْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ } أي إذا جاءتهم الرسل كذّبوا . وإذا أتوا بالآيات أعرضوا عنها . { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُواْ مِمَّا رِزَقَكُمُ ٱلله } أي تصدّقوا على الفقراء مما أعطاكم الله ، وأنعم به عليكم من الأموال ، قال الحسن يعني اليهود أمروا بإطعام الفقراء . وقال مقاتل إن المؤمنين قالوا لكفار قريش أنفقوا على المساكين مما زعمتم أنه لله من أموالكم من الحرث والأنعام كما في قوله سبحانه { وَجَعَلُواْ للهِ ٱللَّهُ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ ٱلْحَرْثِ وَٱلأَنْعَامِ نَصِيباً } الأنعام 136 ، فكان جوابهم ما حكاه الله عنهم بقوله { قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءامَنُواْ } استهزاءً بهم ، وتهكماً بقولهم { أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاء ٱللَّهُ أَطْعَمَهُ } أي من لو يشاء الله رزقه ، وقد كانوا سمعوا المسلمين يقولون إن الرّزّاق هو الله ، وأنه يغني من يشاء ، ويفقر من يشاء ، فكأنهم حاولوا بهذا القول الإلزام للمسلمين ، وقالوا نحن نوافق مشيئة الله ، فلا نطعم من لم يطعمه الله ، وهذا غلط منهم ، ومكابرة ، ومجادلة بالباطل ، فإن الله سبحانه أغنى بعض خلقه ، وأفقر بعضاً ، وأمر الغنيّ أن يطعم الفقير ، وابتلاه به فيما فرض له من ماله من الصدقة . وقولهم { مَن لَّوْ يَشَاء ٱللَّهُ أَطْعَمَهُ } هو وإن كان كلاماً صحيحاً في نفسه ، ولكنهم لما قصدوا به الإنكار لقدرة الله ، أو إنكار جواز الأمر بالانفاق مع قدرة الله كان احتجاجهم من هذه الحيثية باطلاً . وقوله { إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ } من تمام كلام الكفار . والمعنى إنكم أيها المسلمون في سؤال المال ، وأمرنا بإطعام الفقراء لفي ضلال في غاية الوضوح والظهور . وقيل هو من كلام الله سبحانه جواباً على هذه المقالة التي قالها الكفار . وقال القشيري ، والماوردي إن الآية نزلت في قوم من الزنادقة . وقد كان في كفار قريش وغيرهم من سائر العرب ، قوم يتزندقون فلا يؤمنون بالصانع ، فقالوا هذه المقالة استهزاء بالمسلمين ، ومناقضة لهم . وحكى نحو هذا القرطبي عن ابن عباس . { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ } الذي تعدونا به من العذاب ، والقيامة ، والمصير إلى الجنة أو النار . { إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } فيما تقولون ، وتعدونا به . قالوا ذلك استهزاء منهم ، وسخرية بالمؤمنين . ومقصودهم إنكار ذلك بالمرّة ، ونفي تحققه ، وجحد وقوعه ، فأجاب الله سبحانه عنهم بقوله { مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وٰحِدَةً } أي ما ينتظرون إلاّ صيحة واحدة ، وهي نفخة إسرافيل في الصور { تَأُخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصّمُونَ } أي يختصمون في ذات بينهم في البيع ، والشراء ، ونحوهما من أمور الدنيا ، وهذه هي النفخة الأولى ، وهي نفخة الصعق . وقد اختلف القراء في { يخصّمون } ، فقرأ حمزة بسكون الخاء ، وتخفيف الصاد من خصم يخصم ، والمعنى يخصم بعضهم بعضاً ، فالمفعول محذوف . وقرأ أبو عمرو ، وقالون بإخفاء فتحة الخاء ، وتشديد الصاد . وقرأ نافع ، وابن كثير ، وهشام كذلك إلا أنهم أخلصوا فتحة الخاء ، وقرأ الباقون بكسر الخاء ، وتشديد الصاد . والأصل في القراءات الثلاث يختصمون ، فأدغمت التاء في الصاد ، فنافع ، وابن كثير ، وهشام نقلوا فتحة التاء إلى الساكن قبلها نقلاً كاملاً ، وأبو عمرو ، وقالون اختلسا حركتها تنبيهاً على أن الخاء أصلها السكون ، والباقون حذفوا حركتها ، فالتقى ساكنان ، فكسروا أوّلهما . وروي عن أبي عمرو ، وقالون أنهما قرءا بتسكين الخاء ، وتشديد الصاد ، وهي قراءة مشكلة لاجتماع ساكنين فيها . وقرأ أبيّ " يختصمون " على ما هو الأصل . { فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً } أي لا يستطيع بعضهم أن يوصي إلى بعض بما له ، وما عليه ، أو لا يستطيع أن يوصيه بالتوبة ، والإقلاع عن المعاصي ، بل يموتون في أسواقهم ، ومواضعهم { وَلاَ إِلَىٰ أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ } أي إلى منازلهم التي ماتوا خارجين عنها . وقيل المعنى لا يرجعون إلى أهلهم قولاً ، وهذا إخبار عما ينزل بهم عند النفخة الأولى . ثم أخبر سبحانه عما ينزل بهم عند النفخة الثانية ، فقال { وَنُفِخَ فِى ٱلصُّورِ } وهي النفخة التي يبعثون بها من قبورهم ، ولهذا قال { فَإِذَا هُم مّنَ ٱلأَجْدَاثِ } أي القبور { إِلَىٰ رَبّهِمْ يَنسِلُونَ } أي يسرعون ، وبين النفختين أربعون سنة . وعبر عن المستقبل بلفظ الماضي حيث قال { ونفخ } تنبيهاً على تحقق وقوعه كما ذكره أهل البيان ، وجعلوا هذه الآية مثالاً له ، والصور بإسكان الواو هو القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل ، كما وردت بذلك السنة ، وإطلاق هذا الاسم على القرن معروف في لغة العرب ، ومنه قول الشاعر @ نحن نطحناهم غداة الغورين نطحاً شديداً لا كنطح الصورين @@ أي القرنين . وقد مضى هذا مستوفى في سورة الأنعام . وقال قتادة الصور جمع صورة ، أي نفخ في الصور الأرواح ، والأجداث جمع جدث ، وهو القبر . وقرىء « الأجداف » بالفاء ، وهي لغة ، واللغة الفصيحة بالثاء المثلثة ، والنسل ، والنسلان الإسراع في السير ، يقال نسل ينسل كضرب يضرب ، ويقال ينسل بالضم ، ومنه قول امرىء القيس @ فسلي ثيابي من ثيابك تنسل @@ وقول الآخر @ عسلان الذيب أمسى قارنا برد الليل عليه فنسل @@ { قَالُواْ يٰوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا } أي قالوا عند بعثهم من القبور بالنفخة يا ويلنا نادوا ويلهم ، كأنهم قالوا له احضر ، فهذا أوان حضورك ، وهؤلاء القائلون هم الكفار . قال ابن الأنباري الوقف على { يا ويلنا } وقف حسن . ثم يبتدىء الكلام بقوله { مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا } ظنوا لاختلاط عقولهم بما شاهدوا من الهول ، وما داخلهم من الفزع أنهم كانوا نياماً . قرأ الجمهور { يا ويلنا } ، وقرأ ابن أبي ليلى " يا ويلتنا " بزيادة التاء . وقرأ الجمهور { من بعثنا } بفتح ميم " من " على الاستفهام . وقرأ ابن عباس ، والضحاك ، وأبو نهيك بكسر الميم على أنها حرف جرّ ، ورويت هذه القراءة عن عليّ بن أبي طالب . وعلى هذه القراءة تكون " من " متعلقة بالويل ، وقرأ الجمهور { من بعثنا } . وفي قراءة أبيّ " من أهبنا " من هبّ نومه إذا انتبه ، وأنشد ثعلب على هذه القراءة @ وعاذلة هبت بليل تلومني ولم يعتمدني قبل ذاك عذول @@ وقيل إنهم يقولون ذلك إذا عاينوا جهنم . وقال أبو صالح إذا نفخ النفخة الأولى رفع العذاب عن أهل القبور ، وهجعوا هجعة إلى النفخة الثانية ، وجملة { هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ وَصَدَقَ ٱلْمُرْسَلُونَ } جواب عليهم من جهة الملائكة ، أومن جهة المؤمنين . وقيل هو من كلام الكفرة يجيب به بعضهم على بعض . قال بالأوّل الفراء ، وبالثاني مجاهد . وقال قتادة هي من قول الله سبحانه ، و « ما » في قوله { مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ } موصولة ، وعائدها محذوف والمعنى هذا الذي وعده الرحمن ، وصدق فيه المرسلون قد حق عليكم ، ونزل بكم ، ومفعولا الوعد والصدق محذوفان أي وعدكموه الرحمٰن ، وصدقكموه المرسلون ، والأصل وعدكم به ، وصدقكم فيه ، أو وعدناه الرحمٰن ، وصدقناه المرسلون على أن هذا من قول المؤمنين ، أو من قول الكفار { إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وٰحِدَةً } أي ما كانت تلك النفخة المذكورة إلاّ صيحة واحدة صاحها إسرافيل بنفخه في الصور { فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ } أي فإذا هم مجموعون محضرون لدينا بسرعة للحساب ، والعقاب { فَٱلْيَوْمَ لاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ } من النفوس { شَيْئاً } مما تستحقه أي لا ينقص من ثواب عملها شيئاً من النقص ، ولا تظلم فيه بنوع من أنواع الظلم { وَلاَ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } أي إلاّ جزاء ما كنتم تعملونه في الدنيا ، أو إلاّ بما كنتم تعملونه أي بسببه ، أو في مقابلته . وقد أخرج عبد بن حميد ، وابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله { أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ } الآية قال في سفينة نوح حمل فيها من كلّ زوجين اثنين { وَخَلَقْنَا لَهُمْ مّن مّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ } قال السفن التي في البحر والأنهار التي يركب الناس فيها . وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر عن أبي صالح نحوه . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { وَخَلَقْنَا لَهُمْ مّن مّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ } قال هي السفن جعلت من بعد سفينة نوح . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عنه في الآية قال يعني الإبل خلقها الله كما رأيت ، فهي سفن البرّ يحملون عليها ، ويركبونها . ومثله عن الحسن ، وعكرمة ، وعبد الله بن شدّاد ، ومجاهد . وأخرج عبد الرزاق ، والفريابي ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن مردويه عن أبي هريرة في قوله { فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً } الآية قال تقوم الساعة ، والناس في أسواقهم يتبايعون ، ويذرعون الثياب ، ويحلبون اللقاح ، وفي حوائجهم ، { فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلاَ إِلَىٰ أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ } ، وأخرج عبد بن حميد ، وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وابن المنذر عن الزبير بن العوّام قال إن الساعة تقوم ، والرجل يذرع الثوب ، والرجل يحلب الناقة ، ثم قرأ { فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً } الآية . وأخرج البخاري ، ومسلم ، وغيرهما عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لتقومنّ الساعة ، وقد نشر الرجلان ثوبهما ، فلا يتبايعانه ، ولا يطويانه ، ولتقومنّ الساعة ، وهو يليط حوضه ، فلا يسقي فيه ، ولتقومنّ الساعة ، وقد انصرف الرجل بلبن لقحته ، فلا يطعمه ، ولتقومنّ الساعة ، وقد رفع أكلته إلى فيه ، فلا يطعمها " وأخرج الفريابي ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن أبيّ بن كعب في قوله { مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا } قال ينامون قبل البعث نومة .