Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 73-75)

Tafsir: Fatḥ al-qadīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما ذكر فيما تقدّم حال الذين كفروا ، وسوقهم إلى جهنم ، ذكر هنا حال المتقين ، وسوقهم إلى الجنة ، فقال { وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ إِلَى ٱلّجَنَّةِ زُمَراً } أي ساقتهم الملائكة سوق إعزاز ، وتشريف ، وتكريم . وقد سبق بيان معنى الزمر { حَتَّىٰ إِذَا جَاءوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوٰبُهَا } جواب إذا محذوف . قال المبرد تقديره سعدوا ، وفتحت ، وأنشد قول الشاعر @ فلو أنها نفس تموت جميعة ولكنها نفس تساقط أنفسا @@ فحذف جواب لو ، والتقدير لكان أروح . وقال الزجاج القول عندي أن الجواب محذوف على تقدير حتى إذا جاءوها ، وكانت هذه الأشياء التي ذكرت دخلوها ، فالجواب دخولها ، وحذف لأن في الكلام دليلاً عليه . وقال الأخفش ، والكوفيون الجواب { فتحت } ، والواو زائدة ، وهو خطأ عند البصريين ، لأن الواو من حروف المعاني ، فلا تزاد . قيل إن زيادة الواو دليل على أن الأبواب فتحت لهم قبل أن يأتوا لكرامتهم على الله ، والتقدير حتى إذا جاءوها ، وأبوابها مفتحة بدليل قوله { جَنَّـٰتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ ٱلاْبْوَابُ } صۤ 50 ، وحذفت الواو في قصة أهل النار ، لأنهم وقفوا على النار ، وفتحت بعد وقوفهم إذلالاً ، وترويعاً . ذكر معناه النحاس منسوباً إلى بعض أهل العلم ، قال ولا أعلم أنه سبقه إليه أحد . وعلى هذا القول تكون الواو واو الحال بتقدير قد ، أي جاءوها ، وقد فتحت لهم الأبواب . وقيل إنها واو الثمانية ، وذلك أن من عادة العرب أنهم كانوا يقولون في العدد خمسة ستة سبعة ، وثمانية ، وقد مضى القول في هذا في سورة براءة مستوفى ، وفي سورة الكهف أيضاً . ثم أخبر سبحانه أن خزنة الجنة يسلمون على المؤمنين ، فقال { وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَـٰمٌ عَلَيْكُـمْ } أي سلامة لكم من كلّ آفة { طِبْتُمْ } في الدنيا ، فلم تتدنسوا بالشرك ، والمعاصي . قال مجاهد طبتم بطاعة الله ، وقيل بالعمل الصالح ، والمعنى واحد . قال مقاتل إذا قطعوا جسر جهنم حبسوا على قنطرة بين الجنة ، والنار ، فيقتصّ لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم حتى إذا هذبوا ، وطيبوا قال لهم رضوان ، وأصحابه { سَلَـٰمٌ عَلَيْكُمُ } الآية { فَٱدْخُلُوهَا } أي ادخلوا الجنة { خَـٰلِدِينَ } أي مقدّرين الخلود ، فعند ذلك قال أهل الجنة { ٱلْحَـمْدُ للَّهِ ٱلَّذِى صَدَقَنَا وَعْدَهُ } بالبعث ، والثواب بالجنة { وَأَوْرَثَنَا ٱلأَرْضَ } أي أرض الجنة كأنها صارت من غيرهم إليهم ، فملكوها ، وتصرفوا فيها . وقيل إنهم ورثوا الأرض التي كانت لأهل النار لو كانوا مؤمنين . قاله أكثر المفسرين . وقيل إنها أرض الدنيا ، وفي الكلام تقديم ، وتأخير { نَتَبَوَّأُ مِنَ ٱلْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء } أي نتخذ فيها من المنازل ما نشاء حيث نشاء { فَنِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَـٰمِلِينَ } المخصوص بالمدح محذوف ، أي فنعم أجر العاملين الجنة ، وهذا من تمام قول أهل الجنة . وقيل هو من قول الله سبحانه { وَتَرَى ٱلْمَلَـٰئِكَةَ حَافّينَ مِنْ حَوْلِ ٱلْعَرْشِ } أي محيطين محدقين به ، يقال حفّ القوم بفلان إذا أطافوا به ، و « من » مزيدة . قاله الأخفش ، أو للابتداء ، والمعنى أن الرائي يراهم بهذه الصفة في ذلك اليوم ، وجملة { يُسَبّحُونَ بِحَمْدِ رَبّهِمْ } في محل نصب على الحال ، أي حال كونهم مسبحين لله ملتبسين بحمده . وقيل معنى يسبحون يصلون حول العرش شكراً لربهم ، والحافين جمع حافّ ، قاله الأخفش . وقال الفراء لا واحد له إذ لا يقع لهم هذا الاسم إلا مجتمعين { وَقُضِىَ بَيْنَهُمْ بِٱلْحَقّ } أي بين العباد بإدخال بعضهم الجنة ، وبعضهم النار ، وقيل بين النبيين الذين جيء بهم مع الشهداء ، وبين أممهم بالحق . وقيل بين الملائكة بإقامتهم في منازلهم على حسب درجاتهم ، والأوّل أولى . { وَقِيلَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } القائلون هم المؤمنون حمدوا الله على قضائه بينهم ، وبين أهل النار بالحق . وقيل القائلون هم الملائكة حمدوا الله تعالى على عدله في الحكم ، وقضائه بين عباده بالحقّ . وقد أخرج البخاري ، ومسلم ، وغيرهما من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر ، والذين يلونهم على ضوء أشدّ كوكب درّيّ في السماء إضاءة " وأخرجا ، وغيرهما عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " في الجنة ثمانية أبواب منها باب يسمى باب الريان لا يدخله إلا الصائمون " وقد ورد في كون أبواب الجنة ثمانية أبواب أحاديث في الصحيحين ، وغيرهما . وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر عن قتادة في قوله { وَأَوْرَثَنَا ٱلأَرْضَ } قال أرض الجنة . وأخرج هناد عن أبي العالية مثله .