Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 39, Ayat: 62-72)
Tafsir: Fatḥ al-qadīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله { ٱللَّهُ خَـٰلِقُ كُلّ شَىْء } من الأشياء الموجودة في الدنيا ، والآخرة كائناً ما كان من غير فرق بين شيء ، وشيء وقد تقدّم تفسير هذه الآية في الأنعام { وَهُوَ عَلَىٰ كُلّ شَىْء وَكِيلٌ } أي الأشياء كلها موكولة إليه ، فهو القائم بحفظها ، وتدبيرها من غير مشارك له . { لَّهُ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } المقاليد ، واحدها مقليد ، ومقلاد ، أو لا واحد له من لفظه كأساطير ، وهي مفاتيح السماوات ، والأرض ، والرزق ، والرحمة . قاله مقاتل ، وقتادة ، وغيرهما . وقال الليث المقلاد الخزانة ، ومعنى الآية له خزائن السماوات ، والأرض ، وبه قال الضحاك ، والسدّي . وقيل خزائن السماوات المطر ، وخزائن الأرض النبات . وقيل هي عبارة عن قدرته سبحانه ، وحفظه لها ، والأوّل أولى . قال الجوهري الإقليد المفتاح ، ثم قال والجمع المقاليد . وقيل هي لا إلٰه إلا الله ، والله أكبر ، وسبحان الله وبحمده ، وأستغفر الله ، ولا حول ولا قوّة إلا بالله . وقيل غير ذلك . { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـئَايَـٰتِ ٱللَّهِ أُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْخَـٰسِرُونَ } أي بالقرآن ، وسائر الآيات الدالة على الله سبحانه ، وتوحيده ، ومعنى الخاسرون الكاملون في الخسران لأنهم صاروا بهذا الكفر إلى النار . { قُلْ أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَأْمُرُونّى أَعْبُدُ أَيُّهَا ٱلْجَـٰهِلُونَ } الاستفهام للإنكار التوبيخي ، والفاء للعطف على مقدّر كنظائره ، و { غير } منصوب بـ { أعبد } ، وأعبد معمول لـ { تأمروني } على تقدير أن المصدرية ، فلما حذفت بطل عملها ، والأصل أفتأمروني أن أعبد غير الله . قاله الكسائي ، وغيره . ويجوز أن يكون غير منصوباً بتأمروني ، وأعبد بدل منه بدل اشتمال ، وأن مضمرة معه أيضاً . ويجوز أن يكون غير منصوبة بفعل مقدر ، أي أفتلزموني غير الله ، أي عبادة غير الله ، أو أعبد غير الله أعبد . أمره الله سبحانه أن يقول هذا للكفار لما دعوه إلى ما هم عليه من عبادة الأصنام ، وقالوا هو دين آبائك . قرأ الجمهور { تأمروني } بإدغام نون الرفع في نون الوقاية على خلاف بينهم في فتح الياء ، وتسكينها . وقرأ نافع تأمروني بنون خفيفة ، وفتح الياء ، وقرأ ابن عامر تأمرونني بالفك ، وسكون الياء . { وَلَقَدْ أُوْحِىَ إِلَيْكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ } أي من الرسل { لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ } هذا الكلام من باب التعريض لغير الرسل ، لأن الله سبحانه قد عصمهم عن الشرك ، ووجه إيراده على هذا الوجه التحذير ، والإنذار للعباد من الشرك ، لأنه إذا كان موجباً لإحباط عمل الأنبياء على الفرض ، والتقدير ، فهو محبط لعمل غيرهم من أممهم بطريق الأولى . قيل وفي الكلام تقديم ، وتأخير ، والتقدير ولقد أوحي إليك لئن أشركت ، وأوحي إلى الذين من قبلك كذلك . قال مقاتل أي أوحي إليك وإلى الأنبياء قبلك بالتوحيد والتوحيد محذوف ، ثم قال لئن أشركت يا محمد ليحبطن عملك ، وهو خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة . وقيل إفراد الخطاب في قوله { لَئِنْ أَشْرَكْتَ } باعتبار كل واحد من الأنبياء كأنه قيل أوحي إليك ، وإلى كل واحد من الأنبياء هذا الكلام ، وهو لئن أشركت ، وهذه الآية مقيدة بالموت على الشرك كما في الآية الأخرى { وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَـٰلُهُمْ } البقرة 217 وقيل هذا خاص بالأنبياء لأن الشرك منهم أعظم ذنباً من الشرك من غيرهم ، والأوّل أولى ، ثم أمر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم بتوحيده ، فقال { بَلِ ٱللَّهَ فَٱعْبُدْ } ، وفي هذا ردّ على المشركين حيث أمروه بعبادة الأصنام . ووجه الردّ ما يفيده التقديم من القصر . قال الزجاج لفظ اسم الله منصوب بـ { اعبد } قال ولا اختلاف في هذا بين البصريين ، والكوفيين . وقال الفراء هو منصوب بإضمار فعل ، وروي مثله عن الكسائي ، والأوّل أولى . قال الزجاج والفاء في { فاعبد } للمجازاة . وقال الأخفش زائدة . قال عطاء ، ومقاتل معنى { فاعبد } وحد ، لأن عبادته لا تصح إلا بتوحيده { وَكُنْ مّنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ } لإنعامه عليك بما هداك إليه من التوحيد ، والدعاء إلى دينه ، واختصك به من الرسالة . { وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ } قال المبرد أي ما عظموه حق عظمته ، من قولك فلان عظيم القدر ، وإنما وصفهم بهذا لأنهم عبدوا غير الله ، وأمروا رسوله بأن يكون مثلهم في الشرك . وقرأ الحسن ، وأبو حيوة ، وعيسى بن عمر " قدّروا " بالتشديد { وَٱلأَرْضُ جَمِيعـاً قَبْضَـتُهُ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } القبضة في اللغة ما قبضت عليه بجميع كفك ، فأخبر سبحانه عن عظيم قدرته بأن الأرض كلها مع عظمها ، وكثافتها في مقدوره كالشيء الذي يقبض عليه القابض بكفه كما يقولون هو في يد فلان ، وفي قبضته للشيء الذي يهون عليه التصرّف فيه ، وإن لم يقبض عليه ، وكذا قوله { وَٱلسَّمَـٰوٰتُ مَطْوِيَّـٰتٌ بِيَمِينِهِ } ، فإن ذكر اليمين للمبالغة في كمال القدرة كما يطوي الواحد منا الشيء المقدور له طيه بيمينه ، واليمين في كلام العرب قد تكون بمعنى القدرة ، والملك . قال الأخفش بيمينه يقول في قدرته ، نحو قوله { أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ } النساء 3 أي ما كانت لكم قدرة عليه ، وليس الملك لليمين دون الشمال ، وسائر الجسد ، ومنه له سبحانه { لأخَذْنَا مِنْهُ بِٱلْيَمِينِ } الحاقة 45 أي بالقوّة ، والقدرة ، ومنه قول الشاعر @ إذا ما راية نصبت لمجد تلقاها عرابة باليمين @@ وقول الآخر @ ولما رأيت الشمس أشرق نورها تناولت منها حاجتي بيمين @@ وقول الآخر @ عطست بأنف شامخ وتناولت يداي الثريا قاعداً غير قائم @@ وجملة { وَٱلاْرْضُ جَمِيعـاً قَبْضَـتُهُ } في محل نصب على الحال ، أي ما عظموه حق تعظيمه ، والحال أنه متصف بهذه الصفة الدالة على كمال القدرة . قرأ الجمهور برفع { قبضته } على أنها خبر المبتدأ ، وقرأ الحسن بنصبها ، ووجهه ابن خالويه بأنه على الظرفية ، أي في قبضته . وقرأ الجمهور { مطويات } بالرفع على أنها خبر المبتدأ ، والجملة في محل نصب على الحال كالتي قبلها ، و { بيمينه } متعلق بـ { مطويات } ، أو حال من الضمير في { مطويات } ، أو خبر ثانٍ ، وقرأ عيسى ، والجحدري بنصب مطويات ، ووجه ذلك أن { السمٰوات } معطوفة على { الأرض } ، وتكون { قبضته } خبراً عن الأرض ، والسمٰوات ، وتكون { مطويات } حالاً ، أو تكون { مطويات } منصوبة بفعل مقدّر ، و { بيمينه } الخبر ، وخصّ يوم القيامة بالذكر ، وإن كانت قدرته شاملة ، لأن الدعاوي تنقطع فيه كما قال سبحانه { ٱلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ للَّهِ } الحج 56 ، وقال { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدّينِ } الفاتحة 4 ، ثم نزّه سبحانه نفسه ، فقال { سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } به من المعبودات التي يجعلونها شركاء له مع هذه القدرة العظيمة ، والحكمة الباهرة . { وَنُفِخَ فِى ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَن فِى ٱلاْرْضِ } هذه هي النفخة الأولى ، والصور هو القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل ، وقد تقدّم غير مرة ، ومعنى صعق زالت عقولهم ، فخرّوا مغشياً عليهم . وقيل ماتوا . قال الواحدي قال المفسرون مات من الفزع ، وشدة الصوت أهل السمٰوات ، والأرض . قرأ الجمهور { الصور } بسكون الواو ، وقرأ قتادة ، وزيد بن علي بفتحها جمع صورة ، والاستثناء في قوله { إِلاَّ مَن شَاء ٱللَّهُ } متصل ، والمستثنى جبريل ، وميكائيل ، وإسرافيل . وقيل رضوان ، وحملة العرش ، وخزنة الجنة ، والنار { ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ } يجوز أن يكون { أخرى } في محل رفع على النيابة ، وهي صفة لمصدر محذوف ، أي نفخة أخرى ، ويجوز أن يكون في محل نصب ، والقائم مقام الفاعل فيه { فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ } يعني الخلق كلهم قيام على أرجلهم ينظرون ما يقال لهم ، أو ينتظرون ذلك . قرأ الجمهور { قيام } بالرفع على أنه خبر ، و { ينظرون } في محل نصب على الحال ، وقرأ زيد بن عليّ بالنصب على أنه حال ، والخبر { ينظرون } ، والعامل في الحال ما عمل في إذا الفجائية . قال الكسائي كما تقول خرجت ، فإذا زيد جالساً . { وَأَشْرَقَتِ ٱلأَرْضُ بِنُورِ رَبّهَا } الإشراق الإضاءة ، يقال أشرقت الشمس إذا أضاءت ، وشرقت إذا طلعت ، ومعنى { بنور ربها } بعدل ربها ، قاله الحسن ، وغيره . وقال الضحاك بحكم ربها ، والمعنى أن الأرض أضاءت ، وأنارت بما أقامه الله من العدل بين أهلها ، وما قضى به من الحق فيهم ، فالعدل نور ، والظلم ظلمات . وقيل إن الله يخلق نوراً يوم القيامة يلبسه وجه الأرض ، فتشرق به غير نور الشمس ، والقمر ، ولا مانع من الحمل على المعنى الحقيقي ، فإن الله سبحانه هو نور السماوات ، والأرض . قرأ الجمهور { أشرقت } مبنياً للفاعل ، وقرأ ابن عباس ، وأبو الجوزاء ، وعبيد بن عمير على البناء للمفعول { ووضع الكتاب } قيل هو اللوح المحفوظ . وقال قتادة يعني الكتب ، والصحف التي فيها أعمال بني آدم ، فآخذ بيمينه ، وآخذ بشماله ، وكذا قال مقاتل . وقيل هو من وضع المحاسب كتاب المحاسبة بين يديه ، أي وضع الكتاب للحساب { وَجِـىء بِٱلنَّبِيّيْنَ } أي جيء بهم إلى الموقف ، فسئلوا عما أجابتهم به أممهم { وَٱلشُّهَدَاء } الذين يشهدون على الأمم من أمة محمد صلى الله عليه وسلم كما في قوله { وَكَذٰلِكَ جَعَلْنَـٰكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى ٱلنَّاسِ } البقرة 143 ، وقيل المراد بالشهداء الذين استشهدوا في سبيل الله ، فيشهدون يوم القيامة لمن ذبّ عن دين الله . وقيل هم الحفظة كما قال تعالى { وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ } قۤ 21 { وَقُضِىَ بَيْنَهُم بِٱلْحَقّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } أي وقضي بين العباد بالعدل ، والصدق ، والحال أنهم لا يظلمون ، أي لا ينقصون من ثوابهم ، ولا يزاد على ما يستحقونه من عقابهم { وَوُفّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ } من خير ، وشرّ { وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ } في الدنيا لا يحتاج إلى كاتب ، ولا حاسب ، ولا شاهد ، وإنما وضع الكتاب ، وجيء بالنبيين ، والشهداء لتكميل الحجة ، وقطع المعذرة . ثم ذكر سبحانه تفصيل ما ذكره من توفية كل نفس ما كسبت ، فقال { وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَـفَرُواْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَراً } أي سيق الكافرون إلى النار حال كونهم زمراً ، أي جماعات متفرّقة بعضها يتلو بعضاً . قال أبو عبيدة ، والأخفش زمراً جماعات متفرّقة بعضها إثر بعض ، ومنه قول الشاعر @ وترى الناس إلى أبوابه زمراً تنتابه بعد زمر @@ واشتقاقه من الزمر ، وهو الصوت ، إذ الجماعة لا تخلو عنه { حَتَّى إِذَا جَاءوهَا فُتِحَتْ أَبْوٰبُهَا } أي فتحت أبواب النار ، ليدخلوها ، وهي سبعة أبواب ، وقد مضى بيان ذلك في سورة الحجر { وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا } جمع خازن نحو سدنة ، وسادن { أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مّنكُمْ } أي من أنفسكم { يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ ءايَـٰتِ رَبّكُمْ } التي أنزلها عليهم { وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـٰذَا } أي يخوّفونكم لقاء هذا اليوم الذي صرتم فيه ، قالوا لهم هذا القول تقريعاً ، وتوبيخاً ، فأجابوا بالاعتراف ، ولم يقدروا عل الجدل الذي كانوا يتعللون به في الدنيا لانكشاف الأمر ، وظهوره ، ولهذا قالوا { بَلَىٰ } أي قد أتتنا الرسل بآيات الله ، وأنذرونا بما سنلقاه { وَلَـٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ } ، وهي { لأَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } السجدة13 فلما اعترفوا هذا الاعتراف قيل { ٱدْخُلُواْ أَبْوٰبَ جَهَنَّمَ } التي قد فتحت لكم لتدخلوها . وانتصاب { خَـٰلِدِينَ } على الحال ، أي مقدّرين الخلود { فَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَـبّرِينَ } المخصوص بالذمّ محذوف ، أي بئس مثواهم جهنم ، وقد تقدّم تحقيق المثوى في غير موضع . وقد أخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { لَهُ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } قال مفاتيحها . وأخرج أبو يعلى ، ويوسف القاضي في سننه ، وأبو الحسن القطان ، وابن السني ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه عن عثمان بن عفان قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله { لَّهُ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضِ } ، فقال لي " يا عثمان لقد سألتني عن مسألة لم يسألني عنها أحد قبلك ، مقاليد السمٰوات ، والأرض لا إلٰه إلاّ الله ، والله أكبر ، وسبحان الله ، والحمد لله ، وأستغفر الله الذي لا إلٰه إلاّ هو ، الأوّل ، والآخر ، والظاهر ، والباطن ، يحيـي ، ويميت ، وهو حيّ لا يموت ، بيده الخير ، وهو على كل شيءٍ قدير " ، ثم ذكر فضل هذه الكلمات . وأخرجه ابن مردويه عن ابن عباس ، عن عثمان قال جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال له أخبرني عن مقاليد السماوات ، والأرض ، فذكره . وأخرجه الحارث بن أبي أسامة ، وابن مردويه عن أبي هريرة ، عن عثمان . وأخرجه العقيلي ، والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عمر ، عن عثمان . وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس أن قريشاً دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطوه مالاً ، فيكون أغنى رجل بمكة ، ويزوّجوه ما أراد من النساء ، ويطأون عقبه ، فقالوا له هذا لك يا محمد ، وتكفّ عن شتم آلهتنا ، ولا تذكرها بسوء . قال " حتى أنظر ما يأتيني من ربي " فجاء بالوحي { قُلْ ياأَيُّهَا ٱلْكَـٰفِرُونَ } الكافرون 1 إلى آخر السورة ، وأنزل الله عليه { قُلْ أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَأْمُرُونّى أَعْبُدُ أَيُّهَا ٱلْجَـٰهِلُونَ } إلى قوله { مّنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ } . وأخرج البخاري ، ومسلم ، وغيرهما عن ابن مسعود قال جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال يا محمد إنا نجد أن الله يحمل السماوات يوم القيامة على أصبع ، والشجر على أصبع ، والماء والثرى على أصبع ، وسائر الخلق على أصبع ، فيقول أنا الملك ، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقاً لقول الحبر ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم { وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَٱلأَرْضُ جَمِيعـاً قَبْضَـتُهُ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } ، وأخرج البخاري ، ومسلم ، وغيرهما من حديث أبي هريرة ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " يقبض الله الأرض يوم القيامة ، ويطوي السماء بيمينه ، ثم يقول أنا الملك أين ملوك الأرض ؟ " وفي الباب أحاديث ، وآثار تقتضي حمل الآية على ظاهرها من دون تكلف لتأويل ، ولا تعسف لقال وقيل . وأخرج البخاري ، ومسلم ، وغيرهما عن أبي هريرة قال قال رجل من اليهود بسوق المدينة والذي اصطفى موسى على البشر ، فرفع رجل من الأنصار يده ، فلطمه ، فقال أتقول هذا وفينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال " قال الله { وَنُفِخَ فِى ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَن فِى ٱلأَرْضِ إِلاَّ مَن شَاء ٱللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ } ، فأكون أوّل من يرفع رأسه ، فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش ، فلا أدري أرفع رأسه قبلي ، أو كان ممن استثنى الله " وأخرج أبو يعلى ، والدارقطني في الإفراد ، وابن المنذر ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، والبيهقي في البعث عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله { إِلاَّ مَن شَاء ٱللَّهُ } قال " هم الشهداء متقلدون أسيافهم حول عرشه تتلقاهم الملائكة يوم القيامة " الحديث . وأخرجه سعيد بن منصور ، وعبد بن حميد من أقوال أبي هريرة . وأخرج الفريابي ، وابن جرير ، وأبو نصر السجزي في الإبانة ، وابن مردويه عن أنس أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله { إِلاَّ مَن شَاء ٱللَّهُ } ، فقال " جبريل ، وميكائيل ، وملك الموت ، وإسرافيل ، وحملة العرش " وأخرج ابن المنذر عن جابر في قوله { إِلاَّ مَن شَاء ٱللَّهُ } قال موسى ، لأنه كان صعق قبل . والأحاديث الواردة في كيفية نفخ الصور كثيرة . وأخرج عبد بن حميد ، عن ابن عباس في قوله { وَجِـىء بِٱلنَّبِيّيْنَ وَٱلشُّهَدَاء } قال النبيين الرسل ، والشهداء الذين يشهدون لهم بالبلاغ ليس فيهم طعان ، ولا لعان . وأخرج ابن جرير ، وابن مردويه عنه في الآية قال يشهدون بتبليغ الرسالة ، وتكذيب الأمم إياهم .