Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 103-104)

Tafsir: Fatḥ al-qadīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قَضَيْتُمُ } بمعنى فرغتم من صلاة الخوف ، وهو أحد معاني القضاء ، ومثله { فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَـٰسِكَكُمْ } البقرة 200 { فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلَوٰةُ فَٱنتَشِرُواْ فِى ٱلأَرْضِ } الجمعة 10 . قوله { فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ قِيَـٰماً وَقُعُوداً وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ } أي في جميع الأحوال حتى في حال القتال . وقد ذهب جمهور العلماء إلى أن هذا الذكر المأمور به ، إنما هو أثر صلاة الخوف ، أي إذا فرغتم من الصلاة ، فاذكروا الله في هذه الأحوال وقيل معنى قوله { فَإِذَا قَضَيْتُمُ ٱلصَّلَوٰةَ } إذا صليتم فصلوا قياماً وقعوداً أو على جنوبكم حسبما يقتضيه الحال عند ملاحمة القتال ، فهي مثل قوله { فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا } البقرة 239 . قوله { فَإِذَا ٱطْمَأْنَنتُمْ } أي أمنتم ، وسكنت قلوبكم ، والطمأنينة سكون النفس من الخوف { فأقيموا الصلاة } أي فأتوا بالصلاة التي دخل وقتها على الصفة المشروعة من الأذكار والأركان ، ولا تفعلوا ما أمكن ، فإن ذلك إنما هو في حال الخوف . وقيل المعنى في الآية أنهم يقضون ما صلوه في حال المسايفة لأنها حالة قلق وانزعاج وتقصير في الأذكار والأركان ، وهو مرويّ عن الشافعي ، والأوّل أرجح { إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً } أي محدوداً معيناً ، يقال وقته ، فهو موقوت ، ووقته فهو موقت . والمعنى إن الله افترض على عباده الصلوات ، وكتبها عليهم في أوقاتها المحدودة لا يجوز لأحد أن يأتي بها في غير ذلك الوقت إلا لعذر شرعي من نوم ، أو سهو ، أو نحوهما . قوله { وَلاَ تَهِنُواْ فِى ٱبْتِغَاء ٱلْقَوْمِ } أي لا تضعفوا في طلبهم ، وأظهروا القوّة والجلد . قوله { إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ } تعليل للنهي المذكور قبله ، أي ليس ما تجدونه من ألم الجراح ومزاولة القتال مختصاً بكم ، بل هو أمر مشترك بينكم وبينهم ، فليسوا بأولى منكم بالصبر على حر القتال ، ومرارة الحرب ، ومع ذلك فلكم عليهم مزية لا توجد فيهم ، وهي أنكم ترجون من الله من الأجر ، وعظيم الجزاء مالا يرجونه لكفرهم وجحودهم ، فأنتم أحقّ بالصبر منهم ، وأولى بعدم الضعف منهم ، فإن أنفسكم قوية لأنها ترى الموت مغنماً ، وهم يرونه مغرماً . ونظير هذه الآية قوله تعالى { إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ ٱلْقَوْمَ قَرْحٌ مّثْلُهُ } آل عمران 140 . وقيل إن الرجاء هنا بمعنى الخوف لأن من رجا شيئاً فهو غير قاطع بحصوله ، فلا يخلو من خوف ما يرجو . وقال الفراء ، والزجاج لا يطلق الرجاء بمعنى الخوف إلا مع النفي ، كقوله تعالى { مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً } نوح 13 أي لا تخافون له عظمة . وقرأ عبد الرحمن الأعرج " أن تَكُونُواْ " بفتح الهمزة ، أي لأن تكونوا . وقرأ منصور بن المعتمر " تيلمون " بكسر التاء ولا يجوز عند البصريين كسر التاء لثقله . وقد أخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله { فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ قِيَـٰماً وَقُعُوداً وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ } قال بالليل والنهار ، في البرّ والبحر ، وفي السفر والحضر ، والغنى والفقر ، والسقم والصحة ، والسرّ والعلانية ، وعلى كل حال . وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود أنه بلغه أن قوماً يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ، فقال إنما هذه إذا لم يستطع الرجل أن يصلي قائماً صلى قاعداً . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد { فَإِذَا ٱطْمَأْنَنتُمْ } قال إذا خرجتم من دار السفر إلى دار الإقامة { فأقيموا الصلاة } قال أتموها . وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن قتادة نحوه . وأخرج ابن المنذر ، عن ابن جريج نحوه أيضاً . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله { إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً } يعني مفروضاً . وأخرج ابن جرير ، عنه قال الموقوت الواجب . وأخرج ابن أبي حاتم ، عنه في قوله { وَلاَ تَهِنُواْ } قال ولا تضعفوا . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عنه في قوله { تَأْلَمُونَ } قال توجعون { وَتَرْجُونَ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ } قال ترجون الخير .