Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 110-113)
Tafsir: Fatḥ al-qadīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا من تمام القصّة السابقة ، والمراد بالسوء القبيح الذي يسوء به { أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ } بفعل معصية من المعاصي ، أو ذنب من الذنوب التي لا تتعدى إلى غيره { ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ ٱللَّهَ } يطلب منه أن يغفر له ما قارفه من الذنب { يَجِدِ ٱللَّهَ غَفُوراً } لذنبه { رَّحِيماً } به ، وفيه ترغيب لمن وقع منه السرق من بني أبيرق أن يتوب إلى ا ويستغفره ، وأنه غفور لمن يستغفره رحيم به . وقال الضحاك إن هذه الآية نزلت في شأن وحشي قاتل حمزة ، أشرك بالله ، وقتل حمزة ، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال هل لي من توبة ؟ فنزلت . وعلى كل حال ، فالاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، فهي لكل عبد من عباد الله أذنب ذنباً ، ثم استغفر الله سبحانه . قوله { وَمَن يَكْسِبْ إِثْماً } من الآثام بذنب يذنبه { فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَىٰ نَفْسِهِ } أي عاقبته عائدة عليه ، والكسب ما يجرّ به الإنسان إلى نفسه نفعاً أو يدفع به ضرراً ، ولهذا لا يسمى فعل الربّ كسباً ، قاله القرطبي { وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً } قيل هما بمعنى واحد كرر للتأكيد . وقال الطبري إن الخطيئة تكون عن عمد ، وعن غير عمد ، والإثم لا يكون إلا عن عمد ، وقيل الخطيئة الصغيرة ، والإثم الكبيرة . قوله { ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً } توحيد الضمير لكون العطف بأو ، أو لتغليب الإثم على الخطيئة ، وقيل إنه يرجع إلى الكسب . قوله { فَقَدِ ٱحْتَمَلَ بُهْتَـٰناً وَإِثْماً مُّبِيناً } لما كانت الذنوب لازمة لفاعلها كانت كالثقل الذي يحمل ، ومثله { وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ } العنكبوت 13 ، والبهتان مأخوذ من البهت وهو الكذب على البريء بما ينبهت له ، ويتحير منه ، يقال بهته بهتاً ، وبهتاناً إذا قال عليه ما لم يقل ، ويقال بهت الرجل بالكسر إذا دهش وتحير ، وبهت بالضم ، ومنه { فَبُهِتَ ٱلَّذِى كَفَرَ } البقرة 258 ، والإثم المبين الواضح . قوله { وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ } خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، والمراد بهذا الفضل ، والرحمة لرسول الله أنه نبهه على الحق في قصة بني أبيرق . وقيل المراد بهما النبوّة والعصمة { لَهَمَّتْ طَّائِفَةٌ مّنْهُمْ } أي من الجماعة الذين عضدوا بني أبيرق ، كما تقدّم { أَن يُضِلُّوكَ } عن الحق { وَمَا يُضِلُّونَ إِلا أَنفُسَهُمْ } لأن وبال ذلك عائد عليهم { وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَىْء } لأن الله سبحانه هو عاصمك من الناس ولأنك عملت بالظاهر ، ولا ضرر عليك في الحكم به قبل نزول الوحي ، والجار والمجرور في محل نصب على المصدرية ، أي وما يضرونك شيئاً من الضرر . قوله { وَأَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبَ } قيل هذا ابتداء كلام ، وقيل الواو للحال ، أي وما يضرّونك من شيء حال إنزال الله عليك الكتاب ، والحكمة ، أو مع إنزال الله ذلك عليك . قوله { وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ } معطوف على أنزل ، أي علمك بالوحي ما لم تكن تعلم من قبل { وَكَانَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً } إذ لا فضل أعظم من النبوّة ونزول الوحي . وقد أخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، عن ابن عباس في قوله { وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ } الآية . قال أخبر الله عباده بحلمه وعفوه وكرمه وسعة رحمته ومغفرته ، فمن أذنب ذنباً صغيراً كان أو كبيراً ، ثم استغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً ، ولو كانت ذنوبه أعظم من السموات والأرض والجبال . وأخرج عبد بن حميد ، عن ابن مسعود قال من قرأ هاتين الآيتين من سورة النساء ، ثم استغفر الله غفر له { وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ ٱللَّهَ يَجِدِ ٱللَّهَ غَفُوراً رَّحِيماً } { وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَاءوكَ فَٱسْتَغْفَرُواْ ٱللَّهَ وَٱسْتَغْفَرَ لَهُمُ ٱلرَّسُولُ } النساء 64 الآية . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن قتادة في قوله { وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ } قال علمه الله بيان الدنيا ، والآخرة بين حلاله وحرامه ليحتج بذلك على خلقه . وأخرج أيضاً عن الضحاك قال علمه الخير والشر ، وقد ورد في قبول الاستغفار ، وأنه يمحو الذنب أحاديث كثيرة مدوّنة في كتب السنة .