Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 127-127)
Tafsir: Fatḥ al-qadīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
سبب نزول هذه الآية سؤال قوم من الصحابة عن أمر النساء ، وأحكامهن في الميراث وغيره ، فأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم { ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ } أي يبين لكم حكم ما سألتم عنه ، وهذه الآية رجوع إلى ما افتتحت به السورة من أمر النساء ، وكان قد بقيت لهم أحكام لم يعرفوها ، فسألوا ، فقيل لهم { ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ } . قوله { وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ } معطوف على قوله { ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ } والمعنى والقرآن الذي يتلى عليكم يفتيكم فيهن . والمتلوّ في الكتاب في معنى اليتامى قوله تعالى { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِى ٱلْيَتَـٰمَىٰ } النساء 3 ويجوز أن يكون قوله { وما يتلى } معطوفاً على الضمير في قوله { يُفْتِيكُمْ } الراجع إلى المبتدأ لوقوع الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بالمفعول والجار والمجرور ، ويجوز أن يكون مبتدأ ، و { في الكتاب } خبره على أن المراد به اللوح المحفوظ ، وقد قيل في إعرابه غير ما ذكرنا ، ولم نذكره لضعفه . قوله { فِى يَتَـٰمَى ٱلنّسَاء } على الوجه الأوّل والثاني صلة لقوله { يُتْلَىٰ } وعلى الوجه الثالث بدل من قوله { فِيهِنَّ } . { ٱلَّلَـٰتِى لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ } أي ما فرض لهنّ من الميراث وغيره { وَتَرْغَبُونَ } معطوف على قوله { لاَ تُؤْتُونَهُنَّ } عطف جملة مثبتة على جملة منفية . وقيل حال من فاعل { تُؤْتُونَهُنَّ } . وقوله { أَن تَنكِحُوهُنَّ } يحتمل أن يكون التقدير في أن تنكحوهن ، أي ترغبون في أن تنكحوهنّ لجمالهنّ ، ويحتمل أن يكون التقدير ، وترغبون عن أن تنكحوهنّ لعدم جمالهنّ . قوله { وَٱلْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ٱلْوِلْدٰنِ } معطوف على يتامى النساء ، أي وما يتلى عليكم في يتامى النساء ، وفي المستضعفين من الولدان ، وهو قوله تعالى { يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِى أَوْلَـٰدِكُمْ } النساء 11 . وقد كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء ، ولا من كان مستضعفاً من الولدان ، كما سلف ، وإنما يورثون الرجال القائمين بالقتال وسائر الأمور . قوله { وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَـٰمَىٰ بِٱلْقِسْطِ } معطوف على قوله { فِى يَتَـٰمَى ٱلنّسَاء } كالمستضعفين أي وما يتلى عليكم في يتامى النساء ، وفي المستضعفين ، وفي أن تقوموا لليتامى بالقسط ، أي العدل ، ويجوز أن يكون في محل نصب ، أي ويأمركم أن تقوموا { وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ } في حقوق المذكورين { فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً } يجازيكم بحسب فعلكم من خير وشر . وقد أخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله { وَيَسْتَفْتُونَكَ فِى ٱلنّسَاء } الآية ، قال كان أهل الجاهلية لا يورثون المولود حتى يكبر ، ولا يورثون المرأة ، فلما كان الإسلام قال { وَيَسْتَفْتُونَكَ فِى ٱلنّسَاء قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فِى ٱلْكِتَـٰبِ } في أوّل السورة في الفرائض . وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر عن مجاهد في الآية قال كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء ، ولا الصبيان شيئاً ، كانوا يقولون لا يغزون ، ولا يغنمون خيراً ، ففرض الله لهنّ الميراث حقاً واجباً . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، عن سعيد بن جبير نحوه بأطول منه . وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن إبراهيم في الآية قال كانوا إذا كانت الجارية يتيمة دميمة لم يعطوها ميراثها ، وحبسوها من التزويج حتى تموت فيرثونها ، فأنزل الله هذا . وأخرج البخاري ، ومسلم وغيرهما عن عائشة في قوله { وَيَسْتَفْتُونَكَ فِى ٱلنّسَاء } إلى قوله { وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ } قالت هو الرجل تكون عنده اليتيمة هو وليها ووارثها قد شركته في ماله حتى في العذق ، فيرغب أن ينكحها ويكره أن يزوّجها رجلاً ، فتشركه في ماله بما شركته فيعضلها ، فنزلت هذه الآية . وأخرج ابن المنذر من طريق ابن عون عن الحسن ، وابن سيرين في هذه الآية قال أحدهما ترغبون فيهنّ ، وقال الآخر ترغبون عنهن .