Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 1-4)
Tafsir: Fatḥ al-qadīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
المراد بالناس الموجودون عند الخطاب من بني آدم ، ويدخل من سيوجد بدليل خارجي ، وهو الإجماع على أنهم مكلفون بما كلف به الموجودون ، أو تغليب الموجودين على من لم يوجد ، كما غلب الذكور على الإناث في قوله { ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ } لاختصاص ذلك بجمع المذكر . والمراد بالنفس الواحدة هنا آدم . وقرأ ابن أبي عبلة ، " واحد " بغير هاء على مراعاة المعنى ، فالتأنيث باعتبار اللفظ ، والتذكير باعتبار المعنى . قوله { وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا } قيل هو معطوف على مقدر يدل عليه الكلام ، أي خلقكم من نفس واحدة خلقها أولاً ، وخلق منها زوجها ، وقيل على خلقكم ، فيكون الفعل الثاني داخلاً مع الأوّل في حيز الصلة . والمعنى وخلق من تلك النفس التي هي عبارة عن آدم زوجها ، وهي حواء . وقد تقدم في البقرة معنى التقوى ، والربّ ، والزوج ، والبث ، والضمير في قوله { مِنْهَا } راجع إلى آدم وحواء المعبر عنهما بالنفس ، والزوج . وقوله { كَثِيراً } وصف مؤكد لما تفيده صيغة الجمع لكونها من جموع الكثرة وقيل هو نعت لمصدر محذوف ، أي بثاً كثيراً . وقوله { وَنِسَاء } أي كثيرة ، وترك التصريح به استغناء بالوصف الأوّل . قوله { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِى تَسَاءلُونَ بِهِ وَٱلأرْحَامَ } قرأ أهل الكوفة بحذف التاء الثانية ، وأصله تتساءلون تخفيفاً لاجتماع المثلين . وقرأ أهل المدينة ، وابن كثير ، وأبو عمرو ، وابن عامر بإدغام التاء في السين والمعنى يسأل بعضكم بعضاً بالله والرحم ، فإنهم كانوا يقرنون بينهما في السؤال ، والمناشدة ، فيقولون أسألك بالله والرحم ، وأنشدك الله والرحم ، وقرأ النخعي ، وقتادة ، والأعمش ، وحمزة { وَٱلأرْحَامِ } بالجر . وقرأ الباقون بالنصب . وقد اختلف أئمة النحو في توجيه قراءة الجر ، فأما البصريون ، فقالوا هي لحن لا تجوز القراءة بها . وأما الكوفيون ، فقالوا هي قراءة قبيحة . قال سيبويه في توجيه هذا القبح إن المضمر المجرور بمنزلة التنوين ، والتنوين لا يعطف عليه . وقال الزجاج ، وجماعة بقبح عطف الاسم الظاهر على المضمر في الخفض إلا بإعادة الخافض كقوله تعالى { فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ ٱلأرْضَ } القصص 81 وجوز سيبويه ذلك في ضرورة الشعر ، وأنشد @ فاليوم قرّبت تهجونا وتشتمنا فاذهب فما بك والأيام من عجب @@ ومثله قول الآخر @ تعلق في مثل السوارى سيوفنا وما بينها والكعب وهوىً نفانف @@ بعطف الكعب على الضمير في بينها . وحكى أبو علي الفارسي أن المبرد قال لو صليت خلف إمام يقرأ " وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِى تَسَاءلُونَ بِهِ وَٱلأرْحَامَ " بالجر ، لأخذت نعلي ، ومضيت . وقد ردّ الإمام أبو نصر القشيري ما قاله القادحون في قراء الجرّ ، فقال ومثل هذا الكلام مردود عند أئمة الدين ، لأن القراءات التي قرأ بها أئمة القراء ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم تواتراً ، ولا يخفى عليك أن دعوى التواتر باطلة ، يعرف ذلك من يعرف الأسانيد التي رووها بها ، ولكن ينبغي أن يحتج للجواز بورود ذلك في أشعار العرب ، كما تقدم ، وكما في قول بعضهم @ وحسبك والضحاك سيف مهند @@ وقول الآخر @ وقد رام آفاق السماء فلم يجد له مصعداً فيها ولا الأرض مقعداً @@ وقول الآخر @ ما إن بها ولا الأمور من تلف ما حُمَّ من أمر غَيْبِه وَقَعَا @@ وقول الآخر @ أمر على الكتيبة لست أدري أحتفي كان فيها أم سواها @@ فسواها في موضع جرّ عطفاً على الضمير في فيها ، ومنه قوله تعالى { وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَـٰيِشَ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرٰزِقِينَ } الحجر 30 . وأما قراءة النصب ، فمعناها واضح جليّ لأنه عطف الرحم على الاسم الشريف ، أي اتقوا الله واتقوا الأرحام فلا تقطعوها ، فإنها مما أمر الله به أن يوصل وقيل إنه عطف على محل الجار والمجرور في قوله { بِهِ } كقولك مررت بزيد وعمراً ، أي اتقوا الله الذي تساءلون به ، وتتساءلون بالأرحام . والأوّل أولى . وقرأ عبد الله بن يزيد ، " والأرحام " بالرفع على الابتداء ، والخبر مقدّر ، أي والأرحام صلوها ، أو والأرحام أهل أن توصل ، وقيل إن الرفع على الإغراء عند من يرفع به ، ومنه قول الشاعر @ إن قوماً منهم عمير وأشبا هُ عمير ومنهم السفاح لجديرون باللقاء إذا قا ل أخ النجدة السلاح السلاح @@ و { الأرحام } اسم لجميع الأقارب من غير فرق بين المحرم وغيره ، لا خلاف في هذا بين أهل الشرع ، ولا بين أهل اللغة . وقد خصص أبو حنيفة ، وبعض الزيدية الرحم بالمحرم ، في منع الرجوع في الهبة ، مع موافقتهم على أن معناها أعم ، ولا وجه لهذا التخصيص . قال القرطبي اتفقت الملة على أن صلة الرحم واجبة ، وأن قطيعتها محرّمة ، انتهى . وقد وردت بذلك الأحاديث الكثيرة الصحيحة . والرقيب المراقب ، وهي صيغة مبالغة ، يقال رقبت أرقب رقبة ورقباناً إذا انتظرت . قوله { وَءاتُواْ ٱلْيَتَـٰمَىٰ أَمْوٰلَهُمْ } خطاب للأولياء ، والأوصياء . والإيتاء الإعطاء . واليتيم من لا أب له . وقد خصصه الشرع بمن لم يبلغ الحلم . وقد تقدم تفسير معناه في البقرة مستوفي ، وأطلق اسم اليتيم عليهم عند إعطائهم أموالهم ، مع أنهم لا يعطونها إلا بعد ارتفاع اسم اليتم بالبلوغ مجازاً باعتبار ما كانوا عليه ، ويجوز أن يراد باليتامى المعنى الحقيقي ، وبالإيتاء ما يدفعه الأولياء ، والأوصياء إليهم من النفقة ، والكسوة لا دفعها جميعاً ، وهذه الآية مقيدة بالآية الأخرى ، وهي قوله تعالى { فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم } النساء 6 فلا يكون مجرد ارتفاع اليتم بالبلوغ مسوغاً لدفع أموالهم إليهم ، حتى يؤنس منهم الرشد . قوله { وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ ٱلْخَبِيثَ بِٱلطَّيّبِ } نهي لهم عن أن يصنعوا صنع الجاهلية في أموال اليتامى ، فإنهم كانوا يأخذون الطيب من أموال اليتامى ، ويعوضونه بالرديء من أموالهم ، ولا يرون بذلك بأساً وقيل المعنى لا تأكلوا أموال اليتامى ، وهي محرّمة خبيثة ، وتدعوا الطيب من أموالكم . وقيل المراد لا تتعجلوا أكل الخبيث من أموالهم ، وتدعوا انتظار الرزق الحلال من عند الله ، والأوّل أولى فإن تبدل الشيء بالشيء في اللغة أخذه مكانه ، وكذلك استبداله ، ومنه قوله تعالى { وَمَن يَتَبَدَّلِ ٱلْكُفْرَ بِٱلإِيمَـٰنِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء ٱلسَّبِيلِ } البقرة 108 وقوله { أَتَسْتَبْدِلُونَ ٱلَّذِى هُوَ أَدْنَىٰ بِٱلَّذِى هُوَ خَيْرٌ } البقرة 61 وأما التبديل فقد يستعمل كذلك كما في قوله { وَبَدَّلْنَـٰهُمْ بجنتيهم جَنَّتَيْنِ } سبأ 16 وأخرى بالعكس ، كما في قولك بدّلت الحلقة بالخاتم إذا أذبتها ، وجعلتها خاتماً ، نص عليه الأزهري . قوله { وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوٰلَهُمْ إِلَىٰ أَمْوٰلِكُمْ } ذهب جماعة من المفسرين إلى أن المنهي عنه في هذه الآية هو الخلط ، فيكون الفعل مضمناً معنى الضم ، أي لا تأكلوا أموالهم مضمومة إلى أموالكم ، ثم نسخ هذا بقوله تعالى { وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوٰنُكُمْ } البقرة 220 وقيل إن " إلى " بمعنى " مع " ، كقوله تعالى { مَنْ أَنصَارِى إِلَى ٱللَّهِ } آل عمران 52 والأوّل أولى . والحوب الإثم يقال حاب الرجل يحوب حوباً إذا أثم ، وأصله الزجر للإبل ، فسمي الإثم حوباً لأنه يزجر عنه . والحوبة الحاجة . والحوب أيضاً الوحشة ، وفيه ثلاث لغات ضم الحاء وهي قراءة الجمهور . وفتح الحاء ، وهي قراءة الحسن ، قال الأخفش وهي لغة تميم . والثالثة الحاب . وقرأ أبيّ بن كعب حاباً على المصدر ، كقال قالا . والتحوب التحزن ، ومنه قول طفيل @ فذوقوا كما ذقنا غداة مُجّجرٍ من الغيظ في أكبادنا والتحوب @@ قوله { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِى ٱلْيَتَـٰمَىٰ فَٱنكِحُواْ } وجه ارتباط الجزاء بالشرط أن الرجل كان يكفل اليتيمة لكونه ولياً لها ويريد أن يتزوجها ، فلا يقسط لها في مهرها ، أي يعدل فيه ، ويعطيها ما يعطيها غيره من الأزواج ، فنهاهم الله أن ينكحوهنّ إلا أن يقسطوا لهنّ ، ويبلغوا بهنّ أعلى ما هو لهنّ من الصداق ، وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهنّ من النساء سواهنّ ، فهذا سبب نزول الآية كما سيأتي ، فهو نهي يخص هذه الصورة . وقال جماعة من السلف إن هذه الآية ناسخة لما كان في الجاهلية ، وفي أوّل الإسلام من أن للرجل أن يتزوج من الحرائر ما شاء ، فقصرهم بهذه الآية على أربع ، فيكون وجه ارتباط الجزاء بالشرط أنهم إذا خافوا ألا يقسطوا في اليتامى ، فكذلك يخافون ألا يقسطوا في النساء ، لأنهم كانوا يتحرجون في اليتامى ، ولا يتحرجون في النساء ، والخوف من الأضداد ، فإن المخوف قد يكون معلوماً ، وقد يكون مظنوناً ، ولهذا اختلف الأئمة في معناه في الآية ، فقال أبو عبيدة { خِفْتُمْ } بمعنى أيقنتم . وقال آخرون { خِفْتُمْ } بمعنى ظننتم . قال ابن عطية وهو الذي اختاره الحذاق ، وأنه على بابه من الظن لا من اليقين ، والمعنى من غلب على ظنه التقصير في العدل لليتيمة ، فليتركها ، وينكح غيرها . وقرأ النخعي وابن وثاب " تُقْسِطُواْ " بفتح التاء من قسط إذا جار ، فتكون هذه القراءة على تقدير زيادة " لا " ، كأنه قال وإن خفتم أن تقسطوا . وحكى الزجاج أن أقسط يستعمل استعمال قسط ، والمعروف عند أهل اللغة أن أقسط بمعنى عدل ، وقسط بمعنى جار . و « ما » في قوله { مَا طَابَ } موصولة ، وجاء " بما " مكان " من " . لأنهما قد يتعاقبان ، فيقع كل واحد منهما مكان الآخر كما في قوله { وَٱلسَّمَاء وَمَا بَنَـٰهَا } الشمس 5 { فَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِى عَلَىٰ بَطْنِهِ } { وَمِنهُمْ مَّن يَمْشِى عَلَىٰ أَرْبَع } النور 45 . وقال البصريون إن « ما » تقع للنعوت كما تقع لما لا يعقل ، يقال ما عندك ؟ فيقال ظريف وكريم ، فالمعنى فانكحوا الطيب من النساء ، أي الحلال ، وما حرّمه الله ، فليس بطيب ، وقيل إن « ما » هنا مدّية ، أي ما دمتم مستحسنين للنكاح ، وضعفه ابن عطية . وقال الفراء إن « ما » ها هنا مصدرية . قال النحاس وهذا بعيد جداً . وقرأ ابن أبي عبلة " فَٱنكِحُواْ منْ طَابَ . وقد اتفق أهل العلم على أن هذا الشرط المذكور في الآية لا مفهوم له ، وأنه يجوز لمن لم يخف أن يقسط في اليتامى أن ينكح أكثر من واحدة ، و « من » في قوله { مّنَ ٱلنّسَاء } إما بيانية ، أو تبعيضية ، لأن المراد غير اليتائم . قوله { مَثْنَىٰ وَثُلَـٰثَ وَرُبَاعَ } في محل نصب على البدل من « ما » كما قاله أبو علي الفارسي . وقيل على الحال ، وهذه الألفاظ لا تنصرف للعدل والوصفية ، كما هو مبين في علم النحو ، والأصل انكحوا ما طاب لكم من النساء اثنتين اثنتين ، وثلاثاً ثلاثاً ، وأربعاً أربعاً . وقد استدل بالآية على تحريم ما زاد على الأربع ، وبينوا ذلك بأنه خطاب لجميع الأمة ، وأن كل ناكح له أن يختار ما أراد من هذا العدد ، كما يقال للجماعة اقتسموا هذا المال ، وهو ألف درهم ، أو هذا المال الذي في البدرة درهمين درهمين ، وثلاثة ثلاثة ، وأربعة أربعة . وهذا مسلم إذا كان المقسوم قد ذكرت جملته ، أو عين مكانه ، أما لو كان مطلقاً ، كما يقال اقتسموا الدراهم ، ويراد به ما كسبوه ، فليس المعنى هكذا . والآية من الباب الآخر لا من الباب الأوّل . على أن من قال لقوم يقتسمون مالاً معيناً كثيراً اقتسموه مثنى وثلاث ورباع ، فقسموا بعضه بينهم درهمين درهمين ، وبعضه ثلاثة ثلاثة ، وبعضه أربعة أربعة ، كان هذا هو المعنى العربيّ ، ومعلوم أنه إذا قال القائل جاءني القوم مثنى ، وهم مائة ألف . كان المعنى أنهم جاؤوه اثنين اثنين ، وهكذا جاءني في القوم ثلاث ورباع ، والخطاب للجميع بمنزلة الخطاب لكل فرد فرد ، كما في قوله تعالى { فٱقتلوا ٱلْمُشْرِكِينَ } التوبة 5 { أَقِيمُواْ الصلاة } النور 56 ، { أَتَوْا ٱلزَّكَوٰةَ } النور 56 ونحوها ، فقوله { فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مّنَ ٱلنّسَاء مَثْنَىٰ وَثُلَـٰثَ وَرُبَاعَ } معناه لينكح كل فرد منكم ما طاب له من النساء اثنتين اثنتين ، وثلاثاً ثلاثاً ، وأربعاً أربعاً ، هذا ما تقتضيه لغة العرب . فالآية تدلّ على خلاف ما استدلوا بها عليه ، ويؤيد هذا قوله تعالى في آخر الآية { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ * تَعْدِلُواْ فَوٰحِدَةً } فإنه وإن كان خطاباً للجميع ، فهو بمنزلة الخطاب لكل فرد فرد . فالأولى أن يستدل على تحريم الزيادة على الأربع بالسنة لا بالقرآن . وأما استدلال من استدّل بالآية على جواز نكاح التسع باعتبار الواو الجامعة ، فكأنه قال انكحوا مجموع هذا العدد المذكور ، فهذا جهل بالمعنى العربي ، ولو قال انكحوا اثنتين وثلاثاً وأربعا كان هذا القول له وجه ، وأما مع المجيء بصيغة العدل فلا ، وإنما جاء سبحانه بالواو الجامعة دون " أو " ، لأن التخيير يشعر بأنه لا يجوز إلا أحد الأعداد المذكورة دون غيره ، وذلك ليس بمراد من النظم القرآني . وقرأ النخعي ، ويحيـى بن وثاب " ثلث وربع " بغير ألف . قوله { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوٰحِدَةً } فانكحوا واحدة ، كما يدل على ذلك قوله { فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ } وقيل التقدير فالزموا ، أو فاختاروا واحدة . والأول أولى ، والمعنى فإن خفتم ألا تعدلوا بين الزوجات في القسم ، ونحوه ، فانكحوا واحدة ، وفيه المنع من الزيادة على الواحدة لمن خاف ذلك . وقرىء بالرفع على أنه مبتدأ ، والخبر محذوف . قال الكسائي أي فواحدة تقنع . وقيل التقدير فواحدة فيها كفاية ، ويجوز أن تكون واحدة على قراءة الرفع خبر مبتدأ محذوف ، أي فالمقنع واحدة . قوله { أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ } معطوف على واحدة ، أي فانكحوا واحدة ، أو انكحوا ما ملكت أيمانكم من السراري ، وإن كثر عددهنّ ، كما يفيده الموصول . والمراد نكاحهن بطريق الملك لا بطريق النكاح ، وفيه دليل على أنه لا حق للمملوكات في القسم ، كما يدل على ذلك جعله قسيماً للواحدة في الأمن من عدم العدل ، وإسناد الملك إلى اليمين ، لكونها المباشرة لقبض الأموال ، وإقباضها ، ولسائر الأمور التي تنسب إلى الشخص في الغالب ، ومنه @ إذا ما راية نصبت لمجد تلقاها عرابة باليمين @@ قوله { ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلاَّ تَعُولُواْ } أي ذلك أقرب إلى ألا تعولوا ، أي تجوروا ، من عال الرجل يعول إذا مال وجار ، ومنه قولهم عال السهم عن الهدف مال عنه ، وعال الميزان إذا مال ، ومنه @ قالوا تبعنا رسول الله واطرحوا قول الرسول وعالوا في الموازين @@ ومنه قول أبى طالب @ بميزان صدق لا يغل شعيرة له شاهد من نفسه غير عائل @@ ومنه أيضاً @ فنحن ثلاثة وثلاث ذود لقد عال الزمان على عيالي @@ والمعنى إن خفتم عدم العدل بين الزوجات ، فهذه التي أمرتم بها أقرب إلى عدم الجور ، ويقال عال الرجل يعيل إذا افتقر ، وصار عالة ، ومنه قوله تعالى { وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً } التوبة 28 ، ومنه قول الشاعر @ وما يدري الفقير متى غناه وما يدري الغنيّ متى يعيل @@ وقال الشافعي { أَلاَّ تَعُولُواْ } ألا تكثر عيالكم . قال الثعلبي وما قال هذا غيره ، وإنما يقال أعال يعيل إذا كثر عياله . وذكر ابن العربي أن عال تأتي لسبعة معان الأوّل عال مال . الثاني زاد . الثالث جار . الرابع افتقر الخامس أثقل ، السادس قام بمؤونة العيال ، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم " وابدأ بمن تعول " ، السابع عال غلب ، ومنه عيل صبري ، قال ويقال أعال الرجل كثر عياله . وأما عال بمعنى كثر عياله ، فلا يصح ، ويجاب عن إنكار الثعلبي لما قاله الشافعي ، وكذلك إنكار ابن العربي لذلك ، بأنه قد سبق الشافعي إلى القول به زيد بن أسلم وجابر بن زيد ، وهما إمامان من أئمة المسلمين لا يفسران القرآن هما ، والإمام الشافعي بما لا وجه له في العربية . وقد أخرج ذلك عنهما الدارقطني في سننه . وقد حكاه القرطبي عن الكسائي ، وأبي عمر الدوري ، وابن الأعرابي ، وقال أبو حاتم كان الشافعي أعلم بلغة العرب منا ، ولعله لغة . وقال الثعلبي قال أستاذنا أبو القاسم بن حبيب سألت أبا عمر الدوري عن هذا ، وكان إماماً في اللغة غير مدافع ، فقال هي لغة حمير ، وأنشد @ وإن الموت يأخذ كل حي بلا شك وإن أمشي وعالا @@ أي وإن كثرت ماشيته وعياله . وقرأ طلحة بن مصرف " أَن لا تعيلوا " قال ابن عطية وقدح الزجاج في تأويل عال من العيال بأن الله سبحانه قد أباح كثرة السراري ، وفي ذلك تكثير العيال ، فكيف يكون أقرب إلى أن لا يكثروا ، وهذا القدح غير صحيح ، لأن السراري إنما هي مال يتصرف فيه بالبيع ، وإنما العيال الحرائر ذوات الحقوق الواجبة . وقد حكى ابن الأعرابي أن العرب تقول عال الرجل إذا كثر عياله ، وكفى بهذا . وقد ورد عال لمعان غير السبعة التي ذكرها ابن العربي ، منها عال اشتدّ وتفاقم ، حكاه الجوهري ، وعال الرجل في الأرض إذا ضرب فيها ، حكاه الهروي ، وعال إذا أعجز ، حكاه الأحمر ، فهذه ثلاثة معان غير السبعة والرابع عال كثر عياله ، فجملة معاني عال أحد عشر معنى . قوله { وَءاتُواْ ٱلنّسَاء صَدُقَـٰتِهِنَّ نِحْلَةً } الخطاب للأزواج . وقيل للأولياء . والصدقات بضم الدال جمع صدقة كثمرة ، قال الأخفش وبنو تميم يقولون صدقة ، والجمع صدقات ، وإن شئت فتحت ، وإن شئت أسكنت . والنحلة بكسر النون وضمها لغتان ، وأصلها العطاء نحلت فلاناً أعطيته ، وعلى هذا ، فهي منصوبة على المصدرية لأن الإيتاء بمعنى الإعطاء . وقيل النحلة التدين فمعنى نحلة تديناً ، قاله الزجاج ، وعلى هذا ، فهي منصوبة على المفعول له . وقال قتادة النحلة الفريضة ، وعلى هذا فهي منصوبة على الحال . وقيل النحلة طيبة النفس ، قال أبو عبيد ولا تكون النحلة إلا عن طيبة نفس . ومعنى الآية على كون الخطاب للأزواج أعطوا النساء اللاتي نكحتموهنّ مهورهنّ التي لهن عليكم عطية ، أو ديانة منكم ، أو فريضة عليكم ، أو طيبة من أنفسكم . ومعناها على كون الخطاب للأولياء أعطوا النساء من قراباتكم التي قبضتم مهورهنّ من أزواجهنّ تلك المهور . وقد كان الولي يأخذ مهر قريبته في الجاهلية ، ولا يعطيها شيئاً ، حكى ذلك عن أبي صالح ، والكلبي . والأوّل أولى ، لأن الضمائر من أوّل السياق للأزواج . وفي الآية دليل على أن الصداق واجب على الأزواج للنساء ، وهو مجمع عليه ، كما قال القرطبي ، قال وأجمع العلماء أنه لا حدّ لكثيره ، واختلفوا في قليله . وقرأ قتادة « صدقاتهن » بضم الصاد وسكون الدال . وقرأ النخعي ، وابن وثاب بضمهما . وقرأ الجمهور بفتح الصاد وضم الدال . قوله { فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَىْء مّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً } الضمير في { منه } راجع إلى الصداق الذي هو واحد الصدقات ، أو إلى المذكور ، وهو الصدقات ، أو هو بمنزلة اسم الإشارة ، كأنه قال من ذلك ، و { نفساً } تمييز . وقال أصحاب سيبويه منصوب بإضمار فعل لا تمييز ، أي أعني نفساً . والأوّل أولى ، وبه قال الجمهور . والمعنى فإن طبن ، أي النساء لكم أيها الأزواج ، أو الأولياء عن شيء من المهر { فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً } وفي قوله { طِبْنَ } دليل على أن المعتبر في تحليل ذلك منهن لهم إنما هو طيبة النفس لا مجرد ما يصدر منها من الألفاظ التي لا يتحقق معها طيبة النفس ، فإذا ظهر منها ما يدل على عدم طيبة نفسها لم يحلّ للزوج ، ولا للوليّ ، وإن كانت قد تلفظت بالهبة ، أو النذر ، أو نحوهما . وما أقوى دلالة هذه الآية على عدم اعتبار يصدر من النساء من الألفاظ المفيدة للتمليك بمجردها لنقصان عقولهنّ ، وضعف إدراكهنّ ، وسرعة انخداعهن ، وانجذابهنّ إلى ما يراد منهن بأيسر ترغيب ، أو ترهيب . وقوله { هَنِيئاً مَّرِيئاً } منصوبان على أنهما صفتان لمصدر محذوف ، أي أكلا هنيئاً مريئاً ، أو قائمان مقام المصدر ، أو على الحال ، يقال هناه الطعام والشراب يهنيه ، ومرأه وأمرأه من الهنيء ، والمريء ، والفعل هنأ ، ومرأ ، أي أتى من غير مشقة ، ولا غيظ ، وقيل هو الطيب الذي لا تنغيص فيه . وقيل المحمود العاقبة الطيب الهضم . وقيل مالا إثم فيه ، والمقصود هنا أنه حلال لهم خالص عن الشوائب . وخص الأكل لأنه معظم ما يراد بالمال وإن كان سائر الانتفاعات به جائزة كالأكل . وقد أخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله { خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ } قال آدم { وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا } قال حواء من قصيري آدم ، أي قصيري أضلاعه . وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس مثله . وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر قال خلقت حواء من خلف آدم الأيسر . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن الضحاك قال من ضلع الخلف ، وهو من أسفل الاضلاع . وأخرج ابن جرير ، عن ابن عباس { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِى تَسَاءلُونَ بِهِ } قال تعاطون به . وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن الربيع قال تعاقدون وتعاهدون . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد قال يقول أسألك بالله والرحم . وأخرج ابن جرير ، عن الحسن نحوه . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس قال اتقوا الله الذي تساءلون به ، واتقوا الأرحام ، وصلوها . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } قال حفيظاً . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن سعيد بن جبير قال إن رجلاً من غطفان كان معه مال كثير لابن أخ له ، فلما بلغ اليتيم طلب ماله ، فمنعه عمه ، فخاصمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فنزلت { وَءاتُواْ ٱلْيَتَـٰمَىٰ أَمْوٰلَهُمْ } يعني الأوصياء ، يقول أعطوا اليتامى أموالهم { وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ ٱلْخَبِيثَ بِٱلطَّيّبِ } يقول لا تستبدلوا الحرام من أموال الناس بالحلال من أموالكم ، يقول لا تذروا أموالكم الحلال ، وتأكلوا أموالهم الحرام . وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في شعب الإيمان ، عن مجاهد قال لا تعجل بالرزق الحرام قبل أن يأتيك الحلال الذي قدّر لك { وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوٰلَهُمْ إِلَىٰ أَمْوٰلِكُمْ } قال مع أموالكم تخلطونها ، فتأكلونها جميعاً { إِنَّهُ كَانَ حُوباً } إثماً . وأخرج ابن جرير ، عن ابن زيد في الآية قال كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء ، ولا يورثون الصغار يأخذه الأكبر ، فنصيبه من الميراث طيب ، وهذا الذي يأخذ خبيث . وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر ، عن قتادة قال مع أموالكم . وأخرج ابن جرير ، عن الحسن قال لما نزلت هذه الآية في أموال اليتامى كرهوا أن يخالطوهم ، وجعل وليّ اليتيم يعزل مال اليتيم عن ماله ، فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله { ويَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْيَتَـٰمَىٰ قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوٰنُكُمْ } البقرة 220 قال فخالطوهم . وأخرج البخاري ، ومسلم ، وغيرهما أن عروة سأل عائشة عن قول الله عز وجل { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِى ٱلْيَتَـٰمَىٰ } قالت يابن أختي هذه اليتيمة تكون في حجر وليها تشركه في مالها ، ويعجبه مالها ، وجمالها ، فيريد وليها أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها ، فيعطيها مثل ما يعطيها غيره ، فنهوا عن أن ينكحوهنّ إلا أن يقسطوا لهنّ ، ويبلغوا بهنّ أعلى سننهنّ في الصداق ، وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهنّ ، وأن الناس قد استفتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية ، فأنزل الله { وَيَسْتَفْتُونَكَ فِى ٱلنّسَاء } النساء 127 قالت عائشة وقول الله في الآية الأخرى { وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ } النساء 127 رغبة أحدكم عن يتيمته حين تكون قليلة المال ، والجمال ، فنهوا أن ينكحوا من رغبوا في مالها ، وجمالها من باقي النساء إلا بالقسط ، من أجل رغبتهم عنهنّ إذا كن قليلات المال ، والجمال . وأخرج البخاري ، عن عائشة أن رجلاً كانت له يتيمة ، فنكحها ، وكان لها عذق ، فكان يمسكها عليه ، ولم يكن لها من نفسه شيء ، فنزلت { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِى ٱلْيَتَـٰمَىٰ } أحسبه قال كانت شريكته في ذلك العذق ، وفي ماله . وقد روي هذا المعنى من طرق . وأخرج ابن جرير ، من طريق العوفي ، عن ابن عباس في الآية قال كان الرجل يتزوج بمال اليتيم ما شاء الله تعالى ، فنهى الله عن ذلك . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عنه قال قصر الرجال على أربع نسوة من أجل أموال اليتامى . وأخرج سعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن سعيد بن جبير في قوله { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِى ٱلْيَتَـٰمَىٰ } قال كان الرجل يتزوج ما شاء ، فقال كما تخافون ألا تعدلوا في اليتامى ، فخافوا في النساء ألا تعدلوا فيهنّ ، فقصرهم على الأربع . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في الآية قال كانوا في الجاهلية ينكحون عشراً من النساء الأيامى ، وكانوا يعظمون شأن اليتيم ، فتفقدوا من دينهم شأن اليتامى ، وتركوا ما كانوا ينكحون في الجاهلية . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عنه في الآية قال كما خفتم ألا تعدلوا في اليتامى ، فخافوا ألا تعدلوا في النساء إذا جمعتموهنّ عندكم . وأخرج ابن أبي حاتم ، من طريق محمد بن أبي موسى الأشعري عنه قال فإن خفتم الزنا ، فانكحوهن ، يقول كما خفتم في أموال اليتامى ألا تقسطوا فيها ، فكذلك فخافوا على أنفسكم ما لم تنكحوا . وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد نحوه . وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن أبي مالك { مَا طَابَ لَكُمْ } قال ما أحلّ لكم . وأخرج ابن جرير ، عن الحسن ، وسعيد بن جبير مثله . وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، عن عائشة نحوه . وأخرج الشافعي ، وابن أبي شيبة ، وأحمد ، والترمذي ، وابن ماجه ، والنحاس في ناسخه ، والدارقطني ، والبيهقي ، عن ابن عمر أن غيلان بن سلمة الثقفي أسلم ، وتحته عشر نسوة ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " اختر منهنّ " وفي لفظ " أمسك منهنّ أربعاً ، وفارق سائرهن " هذا الحديث أخرجه هؤلاء المذكورون من طرق ، عن إسماعيل بن علية ، وغندر ، وزيد بن زريع ، وسعيد بن أبي عروبة ، وسفيان الثوري ، وعيسى بن يونس ، وعبد الرحمن بن محمد المحاربي ، والفضل بن موسى ، وغيرهم من الحفاظ عن معمر ، عن الزهري ، عن سالم عن أبيه ، فذكره . وقد علل البخاري هذا الحديث ، فحكى عنه الترمذي أنه قال هذا حديث غير محفوظ . والصحيح ما روي عن شعيب ، وغيره ، عن الزهري حدثت ، عن محمد بن سويد الثقفي أن غيلان بن سلمة ، فذكره ، وأما حديث الزهري ، عن أبيه أن رجلاً من ثقيف طلق نساءه ، فقال له عمر لأرجمنّ قبرك ، كما رجم قبر أبي رغال . وقد رواه معمر ، عن الزهري مرسلاً ، وهكذا رواه مالك عن الزهري مرسلاً . قال أبو زرعة وهو أصح . ورواه عقيل ، عن الزهري بلغنا عن عثمان بن محمد بن أبي سويد قال أبو حاتم وهذا وهم ، إنما هو الزهري ، عن عثمان بن أبي سويد . وقد ساقه أحمد برجال الصحيح ، فقال حدثنا إسماعيل ، ومحمد بن جعفر قالا حدثنا معمر ، عن الزهري قال أبو جعفر في حديثه أخبرنا ابن شهاب ، عن سالم عن أبيه أن غيلان ، فذكره ، وقد روى من غير طريق معمر ، والزهري ، فأخرجه البيهقي ، عن أيوب ، عن نافع ، وسالم ، عن ابن عمر أن غيلان فذكره . وأخرج أبو داود وابن ماجه في سننهما عن عمير الأسدي قال أسلمت ، وعندي ثمان نسوة ، فذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال " اختر منهنّ أربعاً " . قال ابن كثير إن إسناده حسن . وأخرج الشافعي في مسنده ، عن نوفل بن معاوية الديلي قال أسلمت ، وعندي خمس نسوة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أمسك أربعاً ، وفارق الأخرى " وأخرج ابن ماجه ، والنحاس في ناسخه ، عن قيس بن الحارث الأسدي قال « أسلمت وكان تحتي ثمان نسوة ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فأخبرته ، فقال " اختر منهنّ أربعاً ، وخلّ سائرهنّ ، ففعلت " . وهذه شواهد للحديث الأوّل ، كما قال البيهقي . وأخرج ابن أبي شيبة ، والبيهقي في سننه عن الحكم قال أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن المملوك لا يجمع من النساء فوق اثنتين . وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن قتادة في الآية يقول إن خفت ألا تعدل في أربع فثلاث ، وإلا فثنتين ، وإلا فواحدة ، فإن خفت ألا تعدل في واحدة ، فما ملكت يمينك . وأخرج ابن جرير ، عن الربيع مثله . وأخرج أيضاً ، عن الضحاك { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ } قال في المجامعة والحبّ . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن السدي { أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ } قال السراري . وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن حبان في صحيحه ، عن عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم { ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلاَّ تَعُولُواْ } قال " ألا تجوروا " . قال ابن أبي حاتم قال أبي هذا حديث خطأ ، والصحيح ، عن عائشة موقوف .