Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 92-93)
Tafsir: Fatḥ al-qadīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ } هذا النفي هو بمعنى النهي المقتضي للتحريم كقوله { وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ ٱللَّهِ } الأحزاب 53 ولو كان هذا النفي على معناه لكان خبراً ، وهو يستلزم صدقه ، فلا يوجد مؤمن قتل مؤمناً قط وقيل المعنى ما كان له ذلك في عهد الله ، وقيل ما كان له ذلك فيما سلف ، كما ليس له الآن ذلك بوجه ، ثم استثنى منه استثناء منقطعاً فقال إلا خطأ ، أي ما كان له أن يقتله البتة ، لكن إن قتله خطأ فعليه كذا ، هذا قول سيبويه ، والزجاج ، وقيل هو استثناء متصل والمعنى وما ثبت ، ولا وجد ، ولا ساغ لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأ إذ هو مغلوب حينئذ ، وقيل المعنى ولا خطأ . قال النحاس ولا يعرف ذلك في كلام العرب ، ولا يصح في المعنى لأن الخطأ لا يحظر وقيل إن المعنى ما ينبغي أن يقتله لعلة من العلل إلا للخطأ وحده ، فيكون قوله خطأ منتصباً بأنه مفعول له ، ويجوز أن ينتصب على الحال ، والتقدير لا يقتله في حال من الأحوال إلا في حال الخطأ ، ويجوز أن يكون صفة لمصدر محذوف ، أي إلا قتلاً خطأ ، ووجوه الخطأ كثيرة ، ويضبطها عدم القصد ، والخطأ الاسم من أخطأ خطأ إذا لم يتعمد . قوله { فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ } أي فعليه تحرير رقبة مؤمنة يعتقها كفارة عن قتل الخطأ ، وعبر بالرقبة عن جميع الذات . واختلف العلماء في تفسير الرقبة المؤمنة ، فقيل هي التي صلت ، وعقلت الإيمان فلا تجزىء الصغيرة ، وبه قال ابن عباس ، والحسن ، والشعبي ، والنخعي ، وقتادة ، وغيرهم . وقال عطاء بن أبي رباح إنها تجزىء الصغيرة المولودة بين مسلمين . وقال جماعة منهم مالك ، والشافعي يجزيء كل من حكم له بوجوب الصلاة عليه إن مات ، ولا يجزيء في قول جمهور العلماء أعمى ، ولا مقعد ، ولا أشلّ ، ويجزيء عند الأكثر الأعرج ، والأعور . قال مالك إلا أن يكون عرجاً شديداً . ولا يجزيء عند أكثرهم المجنون ، وفي المقام تفاصيل طويلة مذكورة في علم الفروع . قوله { وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ } الدية ما تعطى عوضاً عن دم المقتول إلى ورثته ، والمسلمة المدفوعة المؤداة ، والأهل المراد بهم الورثة ، وأجناس الدية ، وتفاصيلها قد بينتها السنة المطهرة . قوله { إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ } أي إلا أن يتصدّق أهل المقتول على القاتل بالدية ، سمي العفو عنها صدقة ترغيباً فيه . وقرأ أبيّ إلا يتصدقوا ، وهذه الجملة المستثناة متعلقة بقوله { فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ } أي فعليه دية مسلمة إلا أن يقع العفو من الورثة عنها . قوله { فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوّ لَّكُمْ } أي فإن كان المقتول من قوم عدوّ لكم ، وهم الكفار الحربيون ، وهذه مسئلة المؤمن الذي يقتله المسلمون في بلاد الكفار الذين كان منهم ، ثم أسلم ، ولم يهاجر ، وهم يظنون أنه لم يسلم ، وأنه باق على دين قومه ، فلا دية على قاتله بل عليه تحرير رقبة مؤمنة . واختلفوا في وجه سقوط الدية ، فقيل وجهه أن أولياء القتيل كفار لا حق لهم في الدية ، وقيل وجهه أن هذا الذي آمن ، ولم يهاجر حرمته قليلة لقول الله تعالى { وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَلَمْ يهاجروا مالكم من ولايتهم من شئ } الأنفال 72 وقال بعض أهل العلم إن ديته واجبة لبيت المال . قوله { وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مّيثَاقٌ } أي مؤقت أو مؤبد . وقرأ الحسن " وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ " أي فعلى قاتله دية مؤداة إلى أهله من أهل الإسلام ، وهم ورثته { وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً } كما تقدم { فَمَن لَّمْ يَجِدْ } أي الرقبة ، ولا اتسع ماله لشرائها { فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ } أي فعليه صيام شهرين متتابعين ، لم يفصل بين يومين من أيام صومهما إفطار في نهار ، فلو أفطر استأنف ، هذا قول الجمهور ، وأما الإفطار لعذر شرعي كالحيض ونحوه فلا يوجب الاستئناف . واختلف في الإفطار لعرض المرض . قوله { تَوْبَةً مّنَ ٱللَّهِ } منصوب على أنه مفعول له ، أي شرع ذلك لكم توبة ، أي قبولاً لتوبتكم ، أو منصوب على المصدرية ، أي تاب عليكم توبة ، وقيل منصوب على الحال أي حال كونه ذا توبة كائنة من الله . قوله { وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ } لما بين سبحانه حكم القاتل خطأ بين حكم القاتل عمداً . وقد اختلف العلماء في معنى العمد ، فقال عطاء ، والنخعي ، وغيرهما هو القتل بحديدة كالسيف ، والخنجر ، وسنان الرمح ، ونحو ذلك من المحدّد ، أو بما يعلم أن فيه الموت من ثقال الحجارة ونحوها . وقال الجمهور إنه كل قتل من قاتل قاصد للفعل بحديدة ، أو بحجر ، أو بعصى ، أو بغير ذلك ، وقيده بعض أهل العلم بأن يكون بما يقتل مثله في العادة . وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن القتل ينقسم إلى ثلاثة أقسام عمد ، وشبه عمد ، وخطأ . واستدلوا على ذلك بأدلة ليس هذا مقام بسطها . وذهب آخرون إلى أنه ينقسم إلى قسمين عمد ، وخطأ ولا ثالث لهما . واستدلوا بأنه ليس في القرآن إلا القسمان . ويجاب عن ذلك بأن اقتصار القرآن على القسمين لا ينفي ثبوت قسم ثالث بالسنة ، وقد ثبت ذلك في السنة . وقد جاءت هذه الآية بتغليظ عقوبة القاتل عمداً ، فجمع الله له فيها بين كون جهنم جزاء له ، أي يستحقها بسبب هذا الذنب ، وبين كونه خالداً فيها ، وبين غضب الله عليه ، ولعنته له ، وإعداده له عذاباً عظيماً . وليس وراء هذا التشديد تشديد ، ولا مثل هذا الوعيد وعيد . وانتصاب خالداً على الحال . وقوله { وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ } معطوف على مقدّر ، يدل عليه السياق ، أي جعل جزاءه جهنم ، أو حكم عليه أو جازاه وغضب عليه وأعدّ له . وقد اختلف العلماء هل لقاتل العمد من توبة أم لا توبة له ؟ فروى البخاري عن سعيد بن جبير قال اختلف فيها علماء أهل الكوفة ، فرحلت فيها إلى ابن عباس ، فسألته عنها ، فقال نزلت هذه الآية { وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمّداً } وهي آخر ما نزل ، وما نسخها شيء . وقد روى النسائي عنه نحو هذا . وروى النسائي ، عن زيد بن ثابت نحوه ، وممن ذهب إلى أنه لا توبة له من السلف أبو هريرة ، وعبد الله بن عمرو ، وأبو سلمة ، وعبيد بن عمير ، والحسن ، وقتادة ، والضحاك ابن مزاحم ، نقله ابن أبي حاتم ، عنهم . وذهب الجمهور إلى أن التوبة منه مقبولة ، واستدلوا بمثل قوله تعالى { إِنَّ ٱلْحَسَنَـٰتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيّئَـٰتِ } هود 114 وقوله { وَهُوَ ٱلَّذِى يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ } الشورى 25 . وقوله { وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء } النساء 48 ، قالوا أيضاً والجمع ممكن بين آية النساء هذه ، وآية الفرقان ، فيكون معناهما فجزاؤه جهنم إلا من تاب ، لا سيما ، وقد اتحد السبب ، وهو القتل ، والموجب ، وهو التوعد بالعقاب . واستدلوا أيضاً بالحديث المذكور في الصحيحين ، عن عبادة بن الصامت أنه صلى الله عليه وسلم قال " بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً ، ولا تزنوا ، ولا تقتلوا النفس التي حرّم الله إلا بالحق " ، ثم قال " فمن أصاب من ذلك شيئاً ، فستره الله ، فهو إلى الله إن شاء عفا عنه ، وإن شاء عذبه " وبحديث أبي هريرة الذي أخرجه مسلم في صحيحه ، وغيره في الذي قتل مائة نفس وذهب جماعة منهم أبو حنيفة ، وأصحابه ، والشافعي إلى أن القاتل عمداً داخل تحت المشيئة تاب أو لم يتب . وقد أوضحت في شرحي على المنتقى مستمسك كل فريق . والحق أن باب التوبة لم يغلق دون كل عاص ، بل هو مفتوح لكل من قصده ورام الدخول منه ، وإذا كان الشرك ، وهو أعظم الذنوب وأشدّها تمحوه التوبة إلى الله ، ويقبل من صاحبه الخروج منه ، والدخول في باب التوبة ، فكيف بما دونه من المعاصي التي من جملتها القتل عمداً ؟ لكن لا بدّ في توبة قاتل العمد من الاعتراف بالقتل ، وتسليم نفسه للقصاص إن كان واجباً ، أو تسليم الدية إن لم يكن القصاص واجباً ، وكان القاتل غنياً متمكناً من تسليمها ، أو بعضها . وأما مجرد التوبة من القاتل عمداً ، وعزمه على أن لا يعود إلى قتل أحد من دون اعتراف ، ولا تسليم نفس ، فنحن لا نقطع بقبولها ، والله أرحم الراحمين ، هو الذي يحكم بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون . وقد أخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن قتادة في قوله { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ } يقول ما كان له ذلك فيما أتاه من ربه من عهد الله الذي عهد إليه . وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله { مُّبِيناً وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ } الآية . قال إن عياش بن أبي ربيعة قتل رجلاً مؤمناً كان يعذبه هو وأبو جهل ، وهو أخوه لأمه في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم ، وعياش يحسب أن ذلك الرجل كافر . وأوضح من هذا السياق ما أخرجه ابن جرير عن عكرمة قال كان الحارث بن يزيد من بني عامر بن لؤي يعذب عياش بن أبي ربيعة مع أبي جهل ، ثم خرج مهاجراً إلى النبي صلى الله عليه وسلم يعني الحارث ، فلقيه عياش بالحرّة فعلاه بالسيف ، وهو يحسب أنه كافر ، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأخبره ، فنزلت { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خطأ } الآية ، فقرأها النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم قال له " قم فحرّر " وأخرجه ابن جرير ، وابن المنذر ، عن السدّي بأطول من هذا . وقد روي من طرق غير هذه . وأخرج ابن جرير ، عن ابن زيد قال نزلت في رجل قتله أبو الدرداء كان في سرية ، فعدل أبو الدرداء إلى شعب يريد حاجة له ، فوجد رجلاً من القوم في غنم فحمل عليه بالسيف ، فقال لا إله إلا الله ، فضربه . وأخرج ابن منده ، وأبو نعيم نحو ذلك ، ولكن فيه أن الذي قتل المتعوّذ بكلمة الشهادة هو بكر بن حارثة الجهني . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله { فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ } قال يعني بالمؤمنة من قد عقل الإيمان وصلى . وكل رقبة في القرآن لم تسمّ مؤمنة ، فإنه يجوز المولود فما فوقه ممن ليس به زمانة ، وفي قوله { وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ } قال عليه الدية مسلمة إلا أن يتصدّق بها عليه . وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، عن قتادة قال في حرف أبيّ « فتحرير رقبة مؤمنة لا يجزىء فيها صبي » . وأخرج عبد بن حميد ، وأبو داود ، والبيهقي ، عن أبي هريرة أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم بجارية سوداء ، فقال يا رسول الله إن عليّ عتق رقبة مؤمنة ، فقال لها " أين الله ؟ " فأشارت إلى السماء بأصبعها ، فقال لها " فمن أنا ؟ " فأشارت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى السماء ، أي أنت رسول الله ، فقال " أعتقها ، فإنها مؤمنة " وقد روي من طرق ، وهو في صحيح مسلم من حديث معاوية بن الحكم السلمي . وقد وردت أحاديث في تقدير الدية ، وفي الفرق بين دية الخطأ ودية شبه العمد ودية المسلم ودية الكافر ، وهي معروفة ، فلا حاجة لنا في ذكرها في هذا الموضع . وأخرج سعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن إبراهيم النخعي في قوله { وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ } قال هذا المسلم الذي ورثته مسلمون { فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ } قال هذا الرجل المسلم وقومه مشركون وليس بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عقد { وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مّيثَاقٌ } قال هذا الرجل المسلم ، وقومه مشركون ، وبينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عقد ، فيقتل ، فيكون ميراثه للمسلمين ، وتكون ديته لقومه لأنهم يعقلون عنه . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، عن ابن عباس في قوله { فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ } يقول فإن كان في أهل الحرب ، وهو مؤمن ، فقتله خطأ ، فعلى قاتله أن يكفر بتحرير رقبة مؤمنة ، أو صيام شهرين متتابعين ولا دية عليه ، وفي قوله { وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مّيثَاقٌ } يقول إذا كان كافراً في ذمتكم فقتل ، فعلى قاتله الدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة . وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر من طريق عطاء بن السائب عن أبي عياض قال كان الرجل يجيء فيسلم ، ثم يأتي قومه وهم مشركون ، فيقيم فيهم ، فتغزوهم جيوش النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فيقتل الرجل فيمن يقتل فأنزل الله هذه الآية { وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ } وليست له دية . وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، والحاكم وصححه ، والبيهقي في سننه من طريق عطاء بن السائب عن أبي يحيى ، عن ابن عباس نحوه . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن سعيد بن جبير في قوله { تَوْبَةً مّنَ ٱللَّهِ } يعني تجاوزاً من الله لهذه الأمة حيث جعل في قتل الخطأ الكفارة . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، عن عكرمة أن رجلاً من الأنصار قتل أخا مقيس بن صبابة ، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم الدية فقبلها ، ثم وثب على قاتل أخيه ، وفيه نزلت الآية . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن سعيد بن جبير نحوه ، وفيه أن مقيس بن صبابة لحق بمكة بعد ذلك ، وارتدّ عن الإسلام . وأخرج ابن جرير ، عن ابن عباس قال نزلت هذه الآية { وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمّداً } بعد التي في سورة الفرقان بثمان سنين ، وهي قوله { وَٱلَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهَا ءاخَرَ } الفرقان 68 إلى قوله { غَفُوراً رَّحِيماً } الفرقان 70 . وأخرج عبد الرزاق ، وسعيد بن منصور ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني عن زيد بن ثابت أن قوله { وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمّداً } نزلت بعد قوله { وَٱلَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهَا ءاخَرَ } بستة أشهر . وأخرج ابن المنذر عنه قال نزلت هذه الآية التي في النساء بعد قوله { وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء } النساء 116 بأربعة أشهر ، والآثار عن الصحابة في هذا كثيرة جدّاً ، والحق ما عرّفناك .