Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 29-35)
Tafsir: Fatḥ al-qadīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما بيّن سبحانه أن في الإنس من آمن ، وفيهم من كفر ، بيّن أيضاً أن في الجنّ كذلك ، فقال { وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مّنَ ٱلْجِنّ } العامل في الظرف مقدّر ، أي واذكر إذ صرفنا . أي وجهنا إليك نفراً من الجنّ ، وبعثناهم إليك ، وقوله { يَسْتَمِعُونَ ٱلْقُرْءانَ } في محل نصب صفة ثانية لـ { نفراً } أو حال لأن النكرة قد تخصصت بالصفة الأولى { فَلَمَّا حَضَرُوهُ } أي حضروا القرآن عند تلاوته ، وقيل حضروا النبيّ صلى الله عليه وسلم ، ويكون في الكلام التفات من الخطاب إلى الغيبة ، والأول أولى { قَالُواْ أَنصِتُواْ } أي قال بعضهم لبعض اسكتوا ، أمروا بعضهم بعضاً بذلك لأجل أن يسمعوا { فَلَمَّا قُضِىَ } قرأ الجمهور { قضي } مبنياً للمفعول ، أي فرغ من تلاوته . وقرأ حبيب بن عبيد الله بن الزبير ، ولاحق بن حميد ، وأبو مجلز على البناء للفاعل ، أي فرغ النبيّ صلى الله عليه وسلم من تلاوته ، والقراءة الأولى تؤيد أن الضمير في { حَضَرُوهُ } للقرآن ، والقراءة الثانية تؤيد أنه للنبيّ صلى الله عليه وسلم { وَلَّوْاْ إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ } أي انصرفوا قاصدين إلى من وراءهم من قومهم منذرين لهم عن مخالفة القرآن ، ومحذرين لهم ، وانتصاب { منذرين } على الحال المقدّرة ، أي مقدّرين الإنذار ، وهذا يدل على أنهم آمنوا بالنبيّ ، وسيأتي في آخر البحث بيان ذلك . { قَالُواْ يا قَوْمُنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَـٰباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ } يعنون القرآن وفي الكلام حذف ، والتقدير فوصلوا إلى قومهم فقالوا يا قومنا . قال عطاء كانوا يهوداً فأسلموا { مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } أي لما قبله من الكتب المنزّلة { يَهْدِى إِلَى ٱلْحَقّ } أي إلى الدين الحقّ { وَإِلَىٰ طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ } أي إلى طريق الله القويم . قال مقاتل لم يبعث الله نبياً إلى الجنّ والإنس قبل محمد صلى الله عليه وسلم . { يٰقَوْمَنَا أَجِيبُواْ دَاعِىَ ٱللَّهِ وَءامِنُواْ به } يعنون محمداً صلى الله عليه وسلم ، أو القرآن { يَغْفِرْ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ } أي بعضها ، وهو ما عدا حقّ العباد ، وقيل " إن " من هنا لابتداء الغاية . والمعنى أنه يقع ابتداء الغفران من الذنوب ، ثم ينتهي إلى غفران ترك ما هو الأولى ، وقيل هي زائدة { وَيُجِرْكُمْ مّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } وهو عذاب النار ، وفي هذه الآية دليل على أن حكم الجنّ حكم الإنس في الثواب والعقاب ، والتعبد بالأوامر والنواهي . وقال الحسن ليس لمؤمني الجنّ ثواب غير نجاتهم من النار ، وبه قال أبو حنيفة . والأوّل أولى ، وبه قال مالك ، والشافعي ، وابن أبي ليلى . وعلى القول الأوّل ، فقال القائلون به أنهم بعد نجاتهم من النار يقال لهم كونوا تراباً ، كما يقال للبهائم والثاني أرجح . وقد قال الله سبحانه في مخاطبة الجنّ والإنس { وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبّهِ جَنَّتَانِ * فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ } الرحمٰن 46 ، 47 فامتنّ سبحانه على الثقلين بأن جعل جزاء محسنهم الجنة ، ولا ينافي هذا الاقتصار ها هنا على ذكر إجارتهم من عذاب أليم ، ومما يؤيد هذا أن الله سبحانه قد جازى كافرهم بالنار ، وهو مقام عدل ، فكيف لا يجازي محسنهم بالجنة ، وهو مقام فضل ، ومما يؤيد هذا أيضاً ما في القرآن الكريم في غير موضع أن جزاء المؤمنين الجنة ، وجزاء من عمل الصالحات الجنة ، وجزاء من قال لا إلٰه إلاّ الله الجنة ، وغير ذلك مما هو كثير في الكتاب والسنة . وقد اختلف أهل العلم هل أرسل الله إلى الجن رسلاً منهم أم لا ؟ وظاهر الآيات القرآنية أن الرسل من الإنس فقط ، كما في قوله { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِى إِلَيْهِمْ مّنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ } يوسف 109 . وقال { وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِى ٱلأسْوَاقِ } الفرقان 20 وقال سبحانه في إبراهيم الخليل { وَجَعَلْنَا فِى ذُرّيَّتِهِ ٱلنُّبُوَّةَ وَٱلْكِتَـٰبَ } العنكبوت 27 ، فكل نبيّ بعثه الله بعد إبراهيم ، فهو من ذرّيته ، وأما قوله تعالى في سورة الأنعام { يَـٰمَعْشَرَ ٱلْجِنّ وَٱلإنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مّنْكُمْ } الأنعام 130 فقيل المراد من مجموع الجنسين ، وصدق على أحدهما ، وهم الإنس كقوله { يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ } الرحمٰن 22 أي من أحدهما . { وَمَن لاَّ يُجِبْ دَاعِىَ ٱللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِى ٱلأرْض } أي لا يفوت الله ، ولا يسبقه ، ولا يقدر على الهرب منه لأنه وإن هرب كل مهرب ، فهو في الأرض لا سبيل له إلى الخروج منها ، وفي هذا ترهيب شديد { وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء } أي أنصار يمنعونه من عذاب الله . بيّن سبحانه بعد استحالة نجاته بنفسه استحالة نجاته بواسطة غيره ، والإشارة بقوله { أُوْلَـٰئِكَ } إلى من لا يجب داعي الله ، وأخبر أنهم { فِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ } أي ظاهر واضح ، ثم ذكر سبحانه دليلاً على البعث ، فقال { أَوَ لَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلاْرْضَ } الرؤية هنا هي القلبية التي بمعنى العلم ، والهمزة للإنكار ، والواو للعطف على مقدّر ، أي ألم يتفكروا ، ولم يعلموا أن الذي خلق هذه الأجرام العظام من السمٰوات والأرض ابتداءً { وَلَمْ يَعْىَ بِخَلْقِهِنَّ } أي لم يعجز عن ذلك ولا ضعف عنه ، يقال عيّ بالأمر وعيي إذا لم يهتد لوجهه ، ومنه قول الشاعر @ عيوا بأمرهم كما عيت ببيضها الحمامه @@ قرأ الجمهور { ولم يعي } بسكون العين ، وفتح الياء مضارع عيي . وقرأ الحسن بكسر العين وسكون الياء . { بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ } . قال أبو عبيدة ، والأخفش الباء زائدة للتوكيد ، كما في قوله { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً } النساء 166 . قال الكسائي ، والفراء ، والزجاج العرب تدخل الباء مع الجحد والاستفهام ، فتقول ما أظنك بقائم ، والجار والمجرور في محل رفع على أنهما خبر لأن ، وقرأ ابن مسعود ، وعيسى بن عمر ، والأعرج ، والجحدري ، وابن أبي إسحاق ، ويعقوب ، وزيد بن عليّ يقدر على صيغة المضارع ، واختار أبو عبيد القراءة الأولى ، واختار أبو حاتم القراءة الثانية قال لأن دخول الباء في خبر أنّ قبيح { بَلَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَىْء قَدِيرٌ } لا يعجزه شيء . { وَيَوْمَ يُعْرَضُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى ٱلنَّارِ } الظرف متعلق بقول مقدّر ، أي يقال ذلك اليوم للذين كفروا { أَلَيْسَ هَـٰذَا بِٱلْحَقّ } وهذه الجملة هي المحكية بالقول ، والإشارة بهذا إلى ما هو مشاهد لهم يوم عرضهم على النار ، وفي الاكتفاء بمجرّد الإشارة من التهويل للمشار إليه ، والتفخيم لشأنه ما لا يخفى كأنه أمر لا يمكن التعبير عنه بلفظ يدلّ عليه { قَالُواْ بَلَىٰ وَرَبّنَا } اعترفوا حين لا ينفعهم الاعتراف ، وأكدوا هذا الاعتراف بالقسم لأن المشاهدة هي حق اليقين الذي لا يمكن جحده ولا إنكاره { قَالَ فَذُوقُواْ ٱلعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ } أي بسبب كفركم بهذا في الدنيا ، وإنكاركم له ، وفي هذا الأمر لهم بذوق العذاب توبيخ بالغ ، وتهكم عظيم . لما قرّر سبحانه الأدلة على النبوّة والتوحيد والمعاد أمر رسوله بالصبر فقال { فَٱصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ ٱلْعَزْمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ } والفاء جواب شرط محذوف ، أي إذا عرفت ذلك ، وقامت عليه البراهين ، ولم ينجع في الكافرين ، فاصبر كما صبر أولوا العزم ، أي أرباب الثبات والحزم ، فإنك منهم . قال مجاهد أولوا العزم من الرسل خمسة نوح ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى ، ومحمد ، وهم أصحاب الشرائع . وقال أبو العالية هم نوح ، وهود ، وإبراهيم ، فأمر الله رسوله أن يكون رابعهم . وقال السديّ هم ستة إبراهيم ، وموسى ، وداود ، وسليمان ، وعيسى ، ومحمد صلى الله عليه وسلم ، وقيل نوح ، وهود ، وصالح ، وشعيب ، ولوط ، وموسى . وقال ابن جريج إن منهم إسماعيل ، ويعقوب ، وأيوب ، وليس منهم يونس . وقال الشعبي ، والكلبي هم الذين أمروا بالقتال ، فأظهروا المكاشفة وجاهدوا الكفرة ، وقيل هم نجباء الرّسل المذكورون في سورة الأنعام وهم ثمانية عشر إبراهيم ، وإسحاق ، ويعقوب ، ونوح ، وداود ، وسليمان ، وأيوب ، ويوسف ، وموسى ، وهارون ، وزكريا ، ويحيى ، وعيسى ، وإلياس ، وإسماعيل ، واليسع ، ويونس ، ولوط . واختار هذا الحسين بن الفضل لقوله بعد ذكرهم { أُوْلَـئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ ٱقْتَدِهْ } الأنعام 90 وقيل إن الرسل كلهم أولوا عزم ، وقيل هم اثنا عشر نبياً أرسلوا إلى بني إسرائيل . وقال الحسن هم أربعة إبراهيم ، وموسى ، وداود ، وعيسى { وَلاَ تَسْتَعْجِل لَّهُمْ } أي لا تستعجل العذاب يا محمد للكفار . لما أمره سبحانه بالصبر ، ونهاه عن استعجال العذاب لقومه رجاء أن يؤمنوا قال { كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ } من العذاب { لَمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ سَاعَةً مّن نَّهَارٍ } أي كأنهم يوم يشاهدونه في الآخرة لم يلبثوا في الدنيا إلاّ قدر ساعة من ساعات الأيام لما يشاهدونه من الهول العظيم والبلاء المقيم . قرأ الجمهور { بلاغ } بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف ، أي هذا الذي وعظتهم به بلاغ ، أو تلك الساعة بلاغ ، أو هذا القرآن بلاغ ، أو هو مبتدأ ، والخبر لهم الواقع بعد قوله { وَلاَ تَسْتَعْجِل } أي لهم بلاغ . وقرأ الحسن ، وعيسى بن عمر ، وزيد بن عليّ " بلاغاً " بالنصب على المصدر ، أي بلغ بلاغاً . وقرأ أبو مجلز بلغ بصيغة الأمر . وقرىء بلغ بصيغة الماضي { فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْفَـٰسِقُونَ } قرأ الجمهور { فهل يهلك } على البناء للمفعول . وقرأ ابن محيصن على البناء للفاعل ، والمعنى أنه لا يهلك بعذاب الله إلاّ القوم الخارجون عن الطاعة ، الواقعون في معاصي الله . قال قتادة لا يهلك على الله إلاّ هالك مشرك . قيل وهذه الآية أقوى آية في الرجاء . قال الزجاج تأويله لا يهلك مع رحمة الله وفضله إلاّ القوم الفاسقون . وقد أخرج ابن أبي شيبة ، وابن منيع ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، وأبو نعيم ، والبيهقي كلاهما في الدلائل عن ابن مسعود قال هبطوا ، يعني الجن على النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ القرآن ببطن نخلة ، فلما سمعوه قالوا أنصتوا ، قالوا صه ، وكانوا تسعة أحدهم زوبعة ، فأنزل الله { وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مّنَ ٱلْجِنّ } إلى قوله { ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ } . وأخرج أحمد ، وابن جرير ، وابن مردويه عن الزبير { وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مّنَ ٱلْجِنّ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقُرْءانَ } قال بنخلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العشاء الآخرة { كَادُواْ يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً } الجن 17 . وأخرج ابن جرير ، والطبراني ، وابن مردويه { وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مّنَ ٱلْجِنّ } الآية ، قال كانوا تسعة نفر من أهل نصيبين ، فجعلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم رسلاً إلى قومهم . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن مردويه ، وأبو نعيم عنه نحوه وقال أتوه ببطن نخلة . وأخرج الطبراني في الأوسط ، وابن مردويه عنه أيضاً قال صرفت الجنّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّتين ، وكانوا أشراف الجنّ بنصيبين . وأخرج البخاري ، ومسلم ، وغيرهما عن مسروق قال سألت ابن مسعود من آذن النبيّ بالجنّ ليلة استمعوا القرآن ؟ قال آذنته بهم شجرة . وأخرج عبد بن حميد ، وأحمد ، ومسلم ، والترمذي عن علقمة قال قلت لابن مسعود هل صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم منكم أحداً ليلة الجنّ ؟ قال ما صحبه منا أحد ، ولكنا فقدناه ذات ليلة ، فقلنا اغتيل ، استطير ما فعل ؟ قال فبتنا بشرّ ليلة بات بها قوم ، فلما كان في وجه الصبح إذا نحن به يجيء من قبل حراء ، فأخبرناه فقال " إنه أتاني داعي الجنّ ، فأتيتهم فقرأت عليهم القرآن ، فانطلق ، فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم " . وأخرج أحمد عن ابن مسعود قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجنّ . وقد روي نحو هذا من طرق . والجمع بين الروايات بالحمل على قصتين وقعت منه صلى الله عليه وسلم مع الجنّ حضر إحداهما ابن مسعود ، ولم يحضر في الأخرى . وقد وردت أحاديث كثيرة أن الجنّ بعد هذا وفدت على رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّة بعد مرّة ، وأخذوا عنه الشرائع . وأخرج ابن أبي حاتم ، وابن مردويه عن ابن عباس قال أُوْلُواْ ٱلْعَزْمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ النبيّ صلى الله عليه وسلم ، ونوح ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى . وأخرج ابن مردويه عنه قال هم الذين أمروا بالقتال حتى مضوا على ذلك نوح ، وهود ، وصالح ، وموسى ، وداود ، وسليمان . وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله قال بلغني أن أولي العزم من الرسل كانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر . وأخرج ابن أبي حاتم ، والديلمي عن عائشة قالت ظلّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صائماً ثم طوى ، ثم ظلّ صائماً ثم طوى ، ثم ظلّ صائماً ، قال " يا عائشة ، إن الدين لا ينبغي لمحمد ، ولا لآل محمد ، يا عائشة إن الله لم يرض من أولي العزم من الرسل إلاّ بالصبر على مكروهها ، والصبر عن محبوبها ، ثم لم يرض مني إلاّ أن يكلفني ما كلفهم ، فقال { ٱصْبِر كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ ٱلْعَزْمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ } وإني والله لأصبرنّ كما صبروا جهدي ، ولا قوّة إلاّ بالله " .