Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 49, Ayat: 9-12)
Tafsir: Fatḥ al-qadīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله { وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱقْتَتَلُواْ } قرأ الجمهور { اقتتلوا } باعتبار كل فرد من أفراد الطائفتين كقوله { هَـٰذَانِ خَصْمَانِ ٱخْتَصَمُواْ } الحج 19 والضمير في قوله { بَيْنَهُمَا } عائد إلى الطائفتين باعتبار اللفظ . وقرأ ابن أبي عبلة اقتتلتا اعتباراً بلفظ طائفتان ، وقرأ زيد بن عليّ ، وعبيد بن عمير اقتتلا وتذكير الفعل في هذه القراءة باعتبار الفريقين ، أو الرهطين . والبغي التعدّي بغير حق ، والامتناع من الصلح الموافق للصواب ، والفيء الرجوع . والمعنى أنه إذا تقاتل فريقان من المسلمين ، فعلى المسلمين أن يسعوا بالصلح بينهم ، ويدعوهم إلى حكم الله ، فإن حصل بعد ذلك التعدّي من إحدى الطائفتين على الأخرى ، ولم تقبل الصلح ، ولا دخلت فيه كان على المسلمين أن يقاتلوا هذه الطائفة الباغية حتى ترجع إلى أمر الله وحكمه ، فإن رجعت تلك الطائفة الباغية عن بغيها ، وأجابت الدعوة إلى كتاب الله وحكمه ، فعلى المسلمين أن يعدلوا بين الطائفتين في الحكم ، ويتحرّوا الصواب المطابق لحكم الله ، ويأخذوا على يد الطائفة الظالمة حتى تخرج من الظلم ، وتؤدّي ما يجب عليها للأخرى . ثم أمر الله سبحانه المسلمين أن يعدلوا في كل أمورهم بعد أمرهم بهذا العدل الخاص بالطائفتين المقتتلتين فقال { وَأَقْسِطُواْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ } أي واعدلوا إن الله يحب العادلين ، ومحبته لهم تستلزم مجازاتهم بأحسن الجزاء . قال الحسن ، وقتادة ، والسديّ { فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا } بالدعاء إلى حكم كتاب الله ، والرضى بما فيه لهما وعليهما { فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا } وطلبت ما ليس لها ، ولم ترجع إلى الصلح { فَقَـٰتِلُواْ ٱلَّتِى تَبْغِى } حتى ترجع إلى طاعة الله ، والصلح الذي أمر الله به ، وجملة { إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ } مستأنفة مقرّرة لما قبلها من الأمر بالإصلاح ، والمعنى أنهم راجعون إلى أصل واحد ، وهو الإيمان . قال الزجاج الدين يجمعهم ، فهم إخوة إذا كانوا متفقين في دينهم ، فرجعوا بالاتفاق في الدين إلى أصل النسب لأنهم لآدم وحواء { فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ } يعني كل مسلمين تخاصما وتقاتلا ، وتخصيص الاثنين بالذكر لإثبات وجوب الإصلاح فيما فوقهما بطريق الأولى . قرأ الجمهور { بين أخويكم } على التثنية ، وقرأ زيد بن ثابت ، وعبد الله بن مسعود ، والحسن ، وحماد بن سلمة ، وابن سيرين { إخوانكم } بالجمع ، وروي عن أبي عمرو ، ونصر بن عاصم ، وأبي العالية ، والجحدري ، ويعقوب أنهم قرءوا بين إخوتكم بالفوقية على الجمع أيضاً . قال أبو عليّ الفارسي في توجيه قراءة الجمهور أراد بالأخوين الطائفتين لأن لفظ التثنية قد يرد ، ويراد به الكثرة . وقال أبو عبيدة أي أصلحوا بين كل أخوين { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } في كل أموركم { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } بسبب التقوى ، والترجي باعتبار المخاطبين ، أي راجين أن ترحموا ، وفي هذه الآية دليل على قتال الفئة الباغية إذا تقرّر بغيها على الإمام ، أو على أحد من المسلمين ، وعلى فساد قول من قال بعدم الجواز مستدلاً بقوله صلى الله عليه وسلم " قتال المسلم كفر " ، فإن المراد بهذا الحديث ، وما ورد في معناه قتال المسلم الذي لم يبغ . قال ابن جرير لو كان الواجب في كلّ اختلاف يكون بين فريقين من المسلمين الهرب منه ، ولزوم المنازل لما أقيم حقّ ، ولا أبطل باطل ، ولوجد أهل النفاق والفجور سبباً إلى استحلال كل ما حرّم الله عليهم من أموال المسلمين ، وسبي نسائهم ، وسفك دمائهم بأن يتحزّبوا عليهم ، ولكفّ المسلمين أيديهم عنهم ، وذلك مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم " خذوا على أيدي سفهائكم " قال ابن العربي هذه الآية أصل في قتال المسلمين ، وعمدة في حرب المتأوّلين ، وعليها عوّل الصحابة ، وإليها لجأ الأعيان من أهل الملة ، وإياها عنى النبيّ صلى الله عليه وسلم بقوله " تقتل عماراً الفئة الباغية " ، وقوله صلى الله عليه وسلم في شأن الخوارج " يخرجون على حين فرقة من الناس تقتلهم أولى الطائفتين بالحقّ " { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُواْ خَيْراً مّنْهُمْ } السخرية الاستهزاء . وحكى أبو زيد سخرت به ، وضحكت به ، وهزأت به . وقال الأخفش سخرت منه وسخرت به ، وضحكت منه وضحكت به ، وهزأت منه وهزأت به ، كل ذلك يقال ، والاسم السخرية والسخرى ، وقرىء بهما في { لّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً } الزخرف 32 ، ومعنى الآية النهي للمؤمنين عن أن يستهزىء بعضهم ببعض ، وعلل هذا النهي بقوله { عَسَىٰ أَن يَكُونُواْ خَيْراً مّنْهُمْ } أي أن يكون المسخور بهم عند الله خيراً من الساخرين بهم ، ولما كان لفظ قوم مختصاً بالرجال لأنهم القوّم على النساء أفرد النساء بالذكر فقال { وَلاَ نِسَاء مّن نّسَاء } أي ولا يسخر نساء من نساء { عَسَىٰ أَن يَكُنَّ } المسخور بهن { خَيْراً مّنْهُنَّ } يعني خيراً من الساخرات منهنّ ، وقيل أفرد النساء بالذكر لأن السخرية منهنّ أكثر { وَلاَ تَلْمِزُواْ أَنفُسَكُمْ } اللمز العيب ، وقد مضى تحقيقه في سورة براءة عند قوله { وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي ٱلصَّدَقَـٰتِ } التوبة 58 قال ابن جرير اللمز باليد والعين واللسان والإشارة ، والهمز لا يكون إلاّ باللسان ، ومعنى { لا تَلْمِزُواْ أَنفُسَكُمْ } لا يلمز بعضكم بعضاً ، كما في قوله { وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ } النساء 29 وقوله { فَسَلّمُواْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ } النور 61 . قال مجاهد ، وقتادة ، وسعيد بن جبير لا يطعن بعضكم على بعض . وقال الضحاك لا يلعن بعضكم بعضاً { وَلاَ تَنَابَزُواْ بِٱلألْقَـٰبِ } التنابز التفاعل من النبز بالتسكين ، وهو المصدر ، والنبز بالتحريك اللقب ، والجمع أنباز ، والألقاب جمع لقب ، وهو اسم غير الذي سمي به الإنسان ، والمراد هنا لقب السوء ، والتنابز بالألقاب أن يلقب بعضهم بعضاً . قال الواحدي قال المفسرون هو أن يقول لأخيه المسلم يا فاسق يا منافق ، أو يقول لمن أسلم يا يهودي يا نصراني ، قال عطاء هو كلّ شيء أخرجت به أخاك من الإسلام ، كقولك يا كلب يا حمار يا خنزير . قال الحسن ، ومجاهد كان الرجل يعير بكفره ، فيقال له يا يهودي يا نصراني فنزلت ، وبه قال قتادة ، وأبو العالية ، وعكرمة { بِئْسَ ٱلاسْمُ ٱلْفُسُوقُ بَعْدَ ٱلاْيمَانِ } أي بئس الاسم الذي يذكروا بالفسق بعد دخولهم في الإيمان ، والاسم هنا بمعنى الذكر . قال ابن زيد أي بئس أن يسمى الرجل كافراً أو زانياً بعد إسلامه وتوبته . وقيل المعنى أن من فعل ما نهي عنه من السخرية واللمز والنبذ ، فهو فاسق . قال القرطبي إنه يستثنى من هذا من غلب عليه الاستعمال كالأعرج والأحدب ، ولم يكن له سبب يجد في نفسه منه عليه ، فجوّزته الأئمة ، واتفق على قوله أهل اللغة . ا . هـ . { وَمَن لَّمْ يَتُبْ } عما نهى الله عنه { فَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ } لارتكابهم ما نهى الله عنه ، وامتناعهم من التوبة ، فظلموا من لقبوه ، وظلمهم أنفسهم بما لزمها من الإثم . { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱجْتَنِبُواْ كَثِيراً مّنَ ٱلظَّنّ } الظنّ هنا هو مجرد التهمة التي لا سبب لها كمن يتهم غيره بشيء من الفواحش ، ولم يظهر عليه ما يقتضي ذلك ، وأمر سبحانه باجتناب الكثير ليفحص المؤمن عن كل ظنّ يظنه حتى يعلم وجهه لأن من الظنّ ما يجب اتباعه ، فإن أكثر الأحكام الشرعية مبنية على الظنّ ، كالقياس وخبر الواحد ودلالة العموم ولكن هذا الظنّ الذي يجب العمل به قد قوي بوجه من الوجوه الموجبة للعمل به ، فارتفع عن الشكّ والتهمة . قال الزجاج هو أن يظنّ بأهل الخير سوءًا ، فأما أهل السوء والفسوق ، فلنا أن نظنّ بهم مثل الذي ظهر منهم . قال مقاتل بن سليمان ، ومقاتل بن حيان هو أن يظنّ بأخيه المسلم سوءًا ، ولا بأس به ما لم يتكلم به ، فإن تكلم بذلك الظنّ وأبداه أثم . وحكى القرطبي عن أكثر العلماء أن الظنّ القبيح بمن ظاهره الخير لا يجوز ، وأنه لا حرج في الظنّ القبيح بمن ظاهره القبيح ، وجملة { إِنَّ بَعْضَ ٱلظَّنّ إِثْمٌ } تعليل لما قبلها من الأمر باجتناب كثير من الظنّ ، وهذا البعض هو ظنّ السوء بأهل الخير ، والإثم هو ما يستحقه الظانّ من العقوبة . ومما يدل على تقييد هذا الظنّ المأمور باجتنابه بظنّ السوء قوله تعالى { وَظَنَنتُمْ ظَنَّ ٱلسَّوْء وَكُنتُمْ قَوْماً بُوراً } الفتح 12 فلا يدخل في الظنّ المأمور باجتنابه شيء من الظنّ المأمور باتباعه في مسائل الدين ، فإن الله قد تعبد عباده باتباعه ، وأوجب العمل به جمهور أهل العلم ، ولم ينكر ذلك إلاّ بعض طوائف المبتدعة كياداً للدّين ، وشذوذاً عن جمهور المسلمين ، وقد جاء التعبد بالظنّ في كثير من الشريعة المطهرة بل في أكثرها . ثم لما أمرهم الله سبحانه باجتناب كثير من الظنّ نهاهم عن التجسس فقال { وَلاَ تَجَسَّسُواْ } التجسس البحث عما ينكتم عنك من عيوب المسلمين وعوراتهم ، نهاهم الله سبحانه عن البحث عن معايب الناس ومثالبهم . قرأ الجمهور { تجسسوا } بالجيم ، ومعناه ما ذكرنا . وقرأ الحسن ، وأبو رجاء ، وابن سيرين بالحاء . قال الأخفش ليس يبعد أحدهما من الآخر لأن التجسس بالجيم البحث عما يكتم عنك ، والتحسس بالحاء طلب الأخبار ، والبحث عنها . وقيل إن التجسس بالجيم هو البحث ، ومنه قيل رجل جاسوس إذا كان يبحث عن الأمور ، وبالحاء ما أدركه الإنسان ببعض حواسه . وقيل إنه بالحاء فيما يطلبه الإنسان لنفسه ، وبالجيم أن يكون رسولاً لغيره ، قاله ثعلب { وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً } أي لا يتناول بعضكم بعضاً بظهر الغيب بما يسوءه ، والغيبة أن تذكر الرجل بما يكرهه ، كما في حديث أبي هريرة الثابت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " أتدرون ما الغيبة ؟ قالوا الله ورسوله أعلم ، قال ذكرك أخاك بما يكره ، فقيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ فقال إن كان فيه ما تقول ، فقد اغتبته ، وإن لم يكن فيه ، فقد بهته " { أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً } مثل سبحانه الغيبة بأكل الميتة لأن الميت لا يعلم بأكل لحمه ، كما أن الحيّ لا يعلم بغيبة من اغتابه ، ذكر معناه الزجاج . وفيه إشارة إلى أن عرض الإنسان كلحمه ، وأنه كما يحرم أكل لحمه يحرم الاستطالة في عرضه ، وفي هذا من التنفير عن الغيبة ، والتوبيخ لها ، والتوبيخ لفاعلها ، والتشنيع عليه ما لا يخفى ، فإن لحم الإنسان مما تنفر عن أكله الطباع الإنسانية ، وتستكرهه الجبلة البشرية ، فضلاً عن كونه محرّماً شرعاً { فَكَرِهْتُمُوهُ } قال الفراء تقديره فقد كرهتموه فلا تفعلوا ، والمعنى فكما كرهتم هذا ، فاجتنبوا ذكره بالسوء غائباً . قال الرّازي الفاء في تقدير جواب كلام كأنه قال لا يحبّ أحدكم أن يأكل لحم أخيه ، فكرهتموه إذن . وقال أبو البقاء هو معطوف على محذوف تقديره عرض عليكم ذلك ، فكرهتموه { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } بترك ما أمركم باجتنابه { إِنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ } لمن اتقاه ، وتاب عما فرط منه من الذنب ومخالفة الأمر . وقد أخرج البخاري ، ومسلم ، وغيرهما عن أنس قال قيل للنبيّ صلى الله عليه وسلم لو أتيت عبد الله بن أبيّ ، فانطلق إليه وركب حماراً ، وانطلق المسلمون يمشون ، وهي أرض سبخة ، فلما انطلق إليه قال إليك عني ، فوالله لقد آذاني ريح حمارك ، فقال رجل من الأنصار والله لحمار رسول الله صلى الله عليه وسلم أطيب ريحاً منك ، فغضب لعبد الله رجال من قومه ، فغضب لكل منهما أصحابه ، فكان بينهم ضرب بالجريد والأيدي والنعال ، فنزلت فيهم { وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱقْتَتَلُواْ } الآية . وقد روي نحو هذا من وجوه أخر . وأخرج الحاكم وصححه ، والبيهقي عن ابن عمر قال ما وجدت في نفسي من شيء ما وجدت في نفسي من هذه الآية ، إني لم أقاتل هذه الفئة الباغية ، كما أمرني الله . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال إن الله أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم ، والمؤمنين إذا اقتتلت طائفة من المؤمنين أن يدعوهم إلى حكم الله ، وينصف بعضهم من بعض ، فإذا أجابوا حكم فيهم بحكم كتاب الله حتى ينصف المظلوم ، فمن أبى منهم أن يجيب فهو باغ ، وحقّ على إمام المؤمنين والمؤمنين أن يقاتلوهم حتى يفيئوا إلى أمر الله ، ويقرّوا بحكم الله . وأخرج ابن جرير ، وابن مردويه عن ابن عباس { وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱقْتَتَلُواْ } الآية قال كان قتال بالنعال والعصيّ ، فأمرهم أن يصلحوا بينهما . وأخرج ابن مردويه ، والبيهقي عن عائشة قالت ما رأيت مثل ما رغبت عنه هذه الأمة في هذه الآية { وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا } . وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مّن قَوْمٍ } قال نزلت في قوم من بني تميم استهزءوا من بلال ، وسلمان ، وعمار ، وخباب ، وصهيب ، وابن فهيرة ، وسالم مولى أبي حذيفة . وأخرج عبد بن حميد ، والبخاريّ في الأدب ، وابن أبي الدنيا في ذم الغيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والحاكم وصححه ، والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله { وَلاَ تَلْمِزُواْ أَنفُسَكُمْ } قال لا يطعن بعضكم على بعض . وأخرج أحمد ، وعبد بن حميد ، والبخاريّ في الأدب وأهل السنن الأربع ، وأبو يعلى ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن حبان ، والشيرازي في الألقاب ، والطبراني ، وابن السني في عمل يوم وليلة ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، والبيهقي في الشعب عن أبي جبيرة بن الضحاك قال فينا نزلت في بني سلمة { وَلاَ تَنَابَزُواْ بِٱلألْقَـٰبِ } قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، وليس فينا رجل إلاّ وله اسمان ، أو ثلاثة ، فكان إذا دعا واحداً منهم باسم من تلك الأسماء قالوا يا رسول الله إنه يكرهه ، فنزلت { وَلاَ تَنَابَزُواْ بِٱلألْقَـٰبِ } . وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس نحوه . وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال التنابز بالألقاب أن يكون الرجل عمل السيئات ، ثم تاب منها وراجع الحقّ ، فنهى الله أن يعير بما سلف من عمله . وأخرج عبد بن حميد ، وابن أبي حاتم عن ابن مسعود في الآية قال إذا كان الرجل يهودياً ، فأسلم ، فيقول يا يهوديّ ، يا نصرانيّ ، يا مجوسيّ ، ويقول للرجل المسلم يا فاسق . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱجْتَنِبُواْ كَثِيراً مّنَ ٱلظَّنّ } قال نهى الله المؤمن أن يظنّ بالمؤمن سوءًا . وأخرج البخاري ، ومسلم ، وغيرهما عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إياكم والظنّ ، فإن الظنّ أكذب الحديث ، ولا تجسسوا ولا تحسسوا ، ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ، وكونوا عباد الله إخواناً ، ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح ، أو يترك " وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في الشعب عن ابن عباس في قوله { وَلاَ تَجَسَّسُواْ } قال نهى الله المؤمن أن يتتبع عورات المؤمن . وأخرج عبد الرزاق ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وأبو داود ، وابن المنذر ، وابن مردويه ، والبيهقي في الشعب عن زيد بن وهب قال أتى ابن مسعود ، فقيل هذا فلان تقطر لحيته خمراً ، فقال ابن مسعود إنا قد نهينا عن التجسس ، ولكن إن يظهر لنا شيء نأخذه . وقد وردت أحاديث في النهي عن تتبع عورات المسلمين ، والتجسس عن عيوبهم . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في الشعب عن ابن عباس في قوله { وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً } الآية . قال حرم الله أن يغتاب المؤمن بشيء ، كما حرّم الميتة . والأحاديث في تحريم الغيبة كثيرة جداً معروفة في كتب الحديث .