Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 7-11)
Tafsir: Fatḥ al-qadīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ نِعْمَةَ ٱللَّه } قيل هي الإسلام . والميثاق العهد . قيل المراد به هنا ما أخذه على بني آدم كما قال { وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِى ءادَمَ } الآية الأعراف 172 . قال مجاهد وغيره نحن وإن لم نذكره فقد أخبرنا الله به . وقيل هو خطاب لليهود ، والعهد ما أخذه عليهم في التوراة . وذهب جمهور المفسرين من السلف ومن بعدهم ، إلى أنه العهد الذي أخذه النبي صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة عليهم ، وهو السمع والطاعة في المنشط والمكره ، وأضافه تعالى إلى نفسه لأنه عن أمره وإذنه ، كما قال { إِنَّمَا يُبَايِعُونَ ٱللَّهَ } الفتح 10 ، وبيعة العقبة مذكورة في كتب السيرة ، وهذا متصل بقوله { أَوْفُواْ بِٱلْعُقُودِ } المائدة 1 . قوله { إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا } أي وقت قولكم هذا القول ، وهذا متعلق بواثقكم ، أو بمحذوف وقع حالاً أي كائناً هذا الوقت . و { ذَاتُ ٱلصُّدُورِ } ما تخفيه الصدور لكونها مختصة بها لا يعلمها أحد . ولهذا أطلق عليها ذات التي بمعنى الصاحب ، وإذا كان سبحانه عالماً بها ، فكيف بما كان ظاهراً جلياً . قوله { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ } قد تقدّم تفسيرها في النساء ، وصيغة المبالغة في { قَوَّامِينَ } تفيد أنهم مأمورون بأن يقوموا بها أتمّ قيام { لِلَّهِ } أي لأجله ، تعظيماً لأمره ، وطمعاً في ثوابه . والقسط العدل . وقد تقدّم الكلام على قوله { يَجْرِمَنَّكُمْ } مستوفى ، أي لا يحملنكم بغض قوم على ترك العدل ، وكتم الشهادة { ٱعْدِلُواْ هُوَ } أي العدل المدلول عليه بقوله { اعدلوا } { أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ } التي أمرتم بها غير مرة ، أي أقرب لأن تتقوا الله ، أو لأن تتقوا النار . قوله { لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ } هذه الجملة في محل نصب على أنها المفعول الثاني لقوله { وَعْدُ } على معنى وعدهم أن لهم مغفرة ، أو وعدهم مغفرة فوقعت الجملة موقع المفرد فأغنت عنه ، ومثله قول الشاعر @ وجدنا الصالحين لهم جزاء وجنات وعيناً سلسبيلاً @@ قوله { أَصْحَـٰبِ ٱلْجَحِيمِ } أي ملابسوها . قوله { إِذْ هَمَّ قَوْمٌ } ظرف لقوله { ٱذْكُرُواْ } أو للنعمة ، أو لمحذوف وقع حالاً منها { أَن يَبْسُطُواْ } أي بأن يبسطوا . وقوله { فَكَفَّ } معطوف على قوله { همّ } وسيأتي بيان سبب نزول هذه الآية ، وبه يتضح المعنى . وقد أخرج ابن جرير ، والطبراني في الكبير ، عن ابن عباس في قوله { إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا } يعني حين بعث الله النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنزل عليه الكتاب قالوا آمناً بالنبيّ والكتاب ، وأقررنا بما في التوراة ، فذكرهم الله ميثاقه الذي أقرّوا به على أنفسهم وأمرهم بالوفاء به . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد قال النعم الآلاء ، وميثاقه الذي واثقهم به ، قال الذي واثق به بني آدم ، في ظهر آدم عليه السلام . وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن كثير ، في قوله { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ للَّه شُهَدَآء ِبِٱلْقِسْطِ } الآية . قال نزلت في يهود خيبر ، ذهب إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعينهم في دية ، فهموا أن يقتلوه ، فذلك قوله { وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَانُ قَوْمٍ عَلَى أَن لا تَعْدِلُواْ } الآية . وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والبيهقي في الدلائل ، عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم ، نزل منزلاً فتفرق الناس في العضاه يستظلون تحتها ، فعلق النبي سلاحه بشجرة ، فجاء أعرابي إلى سيفه فأخذه فسله ، ثم أقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال من يمنعك مني ؟ قال " الله " ، قال الأعرابي مرتين أو ثلاثاً من يمنعك مني ؟ والنبي صلى الله عليه وسلم يقول " الله " ، فشام الأعرابي السيف ، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه فأخبرهم بصنيع الأعرابي وهو جالس إلى جنبه لم يعاقبه . قال معمر وكان قتادة يذكر نحو هذا . ويذكر أن قوماً من العرب أرادوا أن يفتكوا بالنبي ، فأرسلوا هذا الأعرابي ، ويتأوّل { ٱذْكُرُواْ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ } الآية . وأخرج الحاكم وصححه عنه بنحوه ، وذكر أن اسم الرجل غورث بن الحارث ، وأنه لما قال النبي صلى الله عليه وسلم " الله " سقط السيف من يده ، فأخذه النبي وقال " من يمنعك مني ؟ " قال كن خير آخذ ، قال فشهد أن لا إله إلا الله . وأخرجه أيضاً ابن إسحاق وأبو نعيم في الدلائل عنه . وأخرج أبو نعيم في الدلائل ، عن ابن عباس أن بني النضير هموا أن يطرحوا حجراً على النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه ، فجاء جبريل فأخبره بما هموا ، فقام ومن معه ، فنزلت { يَـأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ } الآية ، وروى نحو هذا من طرق عن غيره ، وقصة الأعرابي وهو غورث المذكور ثابتة في الصحيح .