Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 94-99)
Tafsir: Fatḥ al-qadīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله { لَيَبْلُوَنَّكُمُ } أي ليختبرنكم ، واللام جواب قسم محذوف ، كان الصيد أحد معايش العرب فابتلاهم الله بتحريمه مع الإحرام وفي الحرم ، كما ابتلى بني إسرائيل أن لا يعتدوا في السبت ، وكان نزول الآية في عام الحديبية ، أحرم بعضهم وبعضهم لم يحرم ، فكان إذا عرض صيدهم اختلفت فيه أحوالهم . وقد اختلف العلماء في المخاطبين بهذه الآية ، هل هم المحلون أو المحرمون ؟ فذهب إلى الأوّل مالك وإلى الثاني ابن عباس ، والراجح أن الخطاب للجميع ، ولا وجه لقصره على البعض دون البعض ، و « من » في { مّنَ ٱلصَّيْدِ } للتبعيض وهو صيد البر ، قاله ابن جرير الطبري وغيره وقيل إن « من » بيانية أي شيء حقير من الصيد ، وتنكير { شيء } للتحقير . قوله { تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَـٰحُكُمْ } قرأ ابن وثاب " يناله " بالياء التحتية ، هذه الجملة تقتضي تعميم الصيد ، وأنه لا فرق بين ما يؤخذ باليد ، وهو ما لا يطيق الفرار كالصغار والبيض ، وبين ما تناله الرماح وهو ما يطيق الفرار ، وخصّ الأيدي بالذكر لأنها أكثر ما يتصرّف به الصائد في أخذ الصيد ، وخص الرماح بالذكر لأنها أعظم الآلات للصيد عند العرب . قوله { لِيَعْلَمَ ٱللَّهُ مَن يَخَافُهُ بِٱلْغَيْب } أي ليتميز عند الله من يخافه منكم بسبب عقابه الأخروي فإنه غائب عنكم غير حاضر ، { فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ بَعْدَ ذٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ } أي بعد هذا البيان الذي امتحنكم الله به ، لأن الاعتداء بعد العلم بالتحريم معاندة لله سبحانه وتجرئة عليه . قوله { لاَ تَقْتُلُواْ ٱلصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ } المائدة 1 نهاهم عن قتل الصيد في حال الإحرام ، وفي معناه { غَيْرَ مُحِلّى ٱلصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ } وهذا النهي شامل لكل أحد من ذكور المسلمين وإناثهم ، لأنه يقال رجل حرام وامرأة حرام والجمع حرم ، وأحرم الرجل دخل في الحرم . قوله { وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمّداً } المتعمد هو القاصد للشيء مع العلم بالإحرام ، والمخطىء هو الذي يقصد شيئاً فيصيب صيداً ، والناسي هو الذي يتعمد الصيد ولا يذكر إحرامه . وقد استدل ابن عباس ، وأحمد في رواية ، وداود عنه باقتصاره سبحانه على العامد بأنه لا كفارة على غيره ، بل لا تجب إلا عليه وحده . وبه قال سعيد بن جبير ، وطاوس ، وأبو ثور . وقيل إنها تلزم الكفارة المخطىء والناسي كما تلزم المتعمد ، وجعلوا قيد التعمد خارجاً مخرج الغالب ، روي عن عمر ، والحسن ، والنخعي ، والزهري ، وبه قال مالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابهم ، وروي عن ابن عباس . وقيل إنه يجب التكفير على العامد الناسي لإحرامه ، وبه قال مجاهد ، قال فإن كان ذاكراً لإحرامه فقد حلّ ، ولا حج له ، لارتكابه محظور إحرامه ، فبطل عليه كما لو تكلم في الصلاة أو أحدث فيها . قوله { فَجَزَاء مّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ ٱلنَّعَمِ } أي فعليه جزاء مماثل لما قتله ، و { من النعم } بيان للجزاء المماثل . قيل المراد المماثلة في القيمة ، وقيل في الخلقة . وقد ذهب إلى الأوّل أبو حنيفة ، وذهب إلى الثاني مالك والشافعي وأحمد والجمهور ، وهو الحق لأن البيان المماثل للنعم يفيد ذلك ، وكذلك يفيده هدياً بالغ الكعبة . وروي عن أبي حنيفة أنه يجوز إخراج القيمة ولو وجد المثل ، وأن المحرم مخير . وقرىء " فَجَزَاؤُهُ مّثْلُ مَا قَتَلَ " وقرىء " فَجَزَاء مّثْلُ " على إضافة جزاء إلى مثل ، وقرىء بنصبهما على تقدير فليخرج جزاء مثل ما قتل ، وقرأ الحسن " ٱلنَّعَمِ " بسكون العين تخفيفاً . { يَحْكُمُ بِهِ } أي بالجزاء أو بمثل ما قتل { ذَوَا عَدْلٍ مّنْكُمْ } أي رجلان معروفان بالعدالة بين المسلمين ، فإذا حكما بشيء لزم ، وإن اختلفا رجع إلى غيرهما ، ولا يجوز أن يكون الجاني أحد الحكمين وقيل يجوز ، وبالأوّل قال أبو حنيفة ، وبالثاني قال الشافعي في أحد قوليه وظاهر الآية يقتضي حكمين غير الجاني . قوله { هَدْياً بَـٰلِغَ ٱلْكَعْبَةِ } نصب هدياً على الحال ، أو البدل من { مثل } ، و { بَـٰلِغَ ٱلْكَعْبَةِ } صفة لهدياً لأن الإضافة غير حقيقية ، والمعنى أنهما إذا حكما بالجزاء فإنه يفعل به ما يفعل بالهدي من الإرسال إلى مكة والنحر هنالك ، والإشعار والتقليد ، ولم يرد الكعبة بعينها ، فإن الهدي لا يبلغها ، وإنما أراد الحرم ، ولا خلاف في هذا . قوله { أَوْ كَفَّارَةٌ } معطوف على محل من النعم وهو الرفع لأنه خبر مبتدأ محذوف ، و { طَعَامُ مَسَـٰكِينَ } عطف بيان لكفارة ، أو بدل منه ، أو خبر مبتدأ محذوف { أَو عَدْلُ ذٰلِكَ } معطوف على طعام . وقيل هو معطوف على جزاء ، وفيه ضعف ، فالجاني مخير بين هذه الأنواع المذكورة ، وعدل الشيء ما عادله من غير جنسه ، و { صِيَاماً } منصوب على التمييز ، وقد قرّر العلماء عدل كل صيد من الإطعام والصيام ، وقد ذهب إلى أن الجاني يخير بين الأنواع المذكورة جمهور العلماء . وروي عن ابن عباس أنه لا يجزىء المحرم الإطعام والصوم إلا إذا لم يجد الهدي . والعدل بفتح العين وكسرها لغتان ، وهما الميل قاله الكسائي . وقال الفراء عدل الشيء بكسر العين مثله من جنسه ، وبفتح العين مثله من غير جنسه ، وبمثل قول الكسائي قال البصريون . قوله { لّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ } عليه لإيجاب الجزاء أي أوجبنا ذلك عليه ليذوق وبال أمره ، والذوق مستعار لإدراك المشقة ، ومثله { ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ } الدخان 49 والوبال سوء العاقبة ، والمرعى الوبيل الذي يتأذى به بعد أكله ، وطعام وبيل إذا كان ثقيلاً . قوله { عَفَا ٱللَّهُ عَمَّا سَلَف } يعني في جاهليتكم من قتلكم للصيد . وقيل عما سلف قبل نزول الكفارة { وَمَنْ عَادَ } إلى ما نهيتم عنه من قتل الصيد بعد هذا البيان { فَيَنْتَقِمُ ٱللَّهُ مِنْهُ } خبر مبتدأ محذوف أي فهو ينتقم الله منه . وقيل المعنى إن الله ينتقم منه في الآخرة فيعذبه بذنبه . وقيل ينتقم منه بالكفارة . قال شريح وسعيد بن جبير يحكم عليه في أوّل مرة ، فإذا عاد لم يحكم عليه بل يقال له اذهب ينتقم الله منك أي ذنبك أعظم من أن يكفر . قوله { أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ ٱلْبَحْرِ } الخطاب لكل مسلم أو للمحرمين خاصة ، وصيد البحر ما يصاد فيه والمراد بالبحر هنا كل ماء يوجد فيه صيد بحريّ وإن كان نهراً أو غديراً . قوله { وَطَعَامُهُ مَتَـٰعاً لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ } الطعام لكل ما يطعم ، وقد تقدّم . وقد اختلف في المراد به هنا فقيل هو ما قذف به البحر وطفا عليه ، وبه قال كثير من الصحابة والتابعين وقيل طعامه ما ملح منه وبقي ، وبه قال جماعة ، وروي عن ابن عباس وقيل طعامه ملحه الذي ينعقد من مائه وسائر ما فيه من نبات وغيره ، وبه قال قوم . وقيل المراد به ما يطعم من الصيد أي ما يحل أكله وهو السمك فقط ، وبه قالت الحنفية . والمعنى أحلّ لكم الانتفاع بجميع ما يصاد في البحر ، وأحلّ لكم المأكول منه وهو السمك ، فيكون التخصيص بعد التعميم ، وهو تكلف لا وجه له ، ونصب { متاعاً } على أنه مصدر أي متعتم به متاعاً ، وقيل مفعول له مختص بالطعام أي أحلّ لكم طعام البحر متاعاً ، وهو تكلف جاء به من قال بالقول الأخير ، بل إذا كان مفعولاً له كان من الجميع ، أي أحلّ لكم مصيد البحر وطعامه تمتيعاً لكم ، أي لمن كان مقيماً منكم يأكله طرياً { وَلِلسَّيَّارَةِ } أي المسافرين منكم يتزوّدونه ويجعلونه قديداً ، وقيل السيارة هم الذين يركبونه خاصة . قوله { وَحُرّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ ٱلْبَرّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً } أي حرّم عليكم ما يصاد في البر ما دمتم محرمين ، وظاهره تحريم صيده على المحرم ولو كان الصائد حلالاً ، وإليه ذهب الجمهور إن كان الحلال صاده للمحرم لا إذا لم يصده لأجله ، وهو القول الراجح ، وبه يجمع بين الأحاديث وقيل إنه يحلّ له مطلقاً ، وإليه ذهب جماعة وقيل يحرم عليه مطلقاً ، وإليه ذهب آخرون ، وقد بسطنا هذا في شرحنا للمنتقى . قوله { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِى إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } أي اتقوا الله فيما نهاكم عنه . { الذي إليه تحشرون } لا إلى غيره ، وفيه تشديد ومبالغة في التحذير . وقرىء " وَحُرّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ ٱلْبَرّ " بالبناء للفاعل وقرىء " مَا دُمْتُمْ " بكسر الدال . قوله { جَعَلَ ٱللَّهُ ٱلْكَعْبَةَ ٱلْبَيْتَ ٱلْحَرَامَ قِيَاماً لّلنَّاسِ } جعل هنا بمعنى خلق ، وسميت الكعبة كعبة لأنها مربعة ، والتكعيب التربيع ، وأكثر بيوت العرب مدورة لا مربعة وقيل سميت كعبة لنتوئها وبروزها ، وكل بارز كعب مستديراً كان أو غير مستدير ، ومنه كعب القدم ، وكعوب القنا ، وكعب ثدي المرأة ، و { ٱلْبَيْتَ ٱلْحَرَامَ } عطف بيان ، وقيل مفعول ثان ولا وجه له ، وسمي بيتاً لأن له سقوفاً وجدراً وهي حقيقة البيت ، وإن لم يكن به ساكن ، وسمي حراماً لتحريم الله سبحانه إياه . وقوله { قِيَاماً لّلنَّاسِ } كذا قرأ الجمهور ، وقرأ ابن عامر " قَيِّماً " وهو منصوب على أنه المفعول الثاني إن كان جعل هو المتعدي إلى مفعولين ، وإن كان بمعنى خلق كما تقدّم ، فهو منتصب على الحال ، ومعنى كونه قياماً أنه مدار لمعاشهم ودينهم أي يقومون فيه بما يصلح دينهم ودنياهم يأمن فيه خائفهم ، وينصر فيه ضعيفهم ، ويربح فيه تجارهم ، ويتعبد فيه متعبدهم . قوله { وَٱلشَّهْرَ ٱلْحَرَامَ } عطف على الكعبة ، وهو ذو الحجة ، وخصه من بين الأشهر الحرم لكونه زمان تأدية الحج ، وقيل هو اسم جنس . والمراد به الأشهر الحرم ، ذو القعدة ، وذو الحجة ، ومحرّم ، ورجب ، فإنهم كانوا لا يطلبون فيها دماً ، ولا يقاتلون بها عدواً ، ولا يهتكون فيها حرمة ، فكانت من هذه الحيثية قياماً للناس { وَٱلْهَدْىَ وَٱلْقَلَـٰئِدَ } أي وجعل الله الهدي والقلائد قياماً للناس . والمراد بالقلائد ذوات القلائد من الهدي ، ولا مانع من أن يراد بالقلائد أنفسها ، والإشارة بذلك إلى الجعل أي ذلك الجعل { لِتَعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَا فِي ٱلأرْضِ } أي لتعلموا أن الله يعلم تفاصيل أمر السموات والأرض ، ويعلم مصالحكم الدينية والدنيوية فإنها من جملة ما فيهما ، فكل ما شرعه لكم فهو جلب لمصالحكم ، ودفع لما يضرّكم { وَأَنَّ ٱللَّهَ بِكُلّ شَىْء عَلِيمٌ } هذا تعميم بعد التخصيص ، ثم أمرهم بأن يعلموا بأن الله لمن انتهك محارمه ولم يتب عن ذلك شديد العقاب ، وأنه لمن تاب وأناب غفور رحيم ، ثم أخبرهم أن ما على رسوله إلا البلاغ لهم ، فإن لم يمتثلوا ويطيعوا فما ضرّوا إلا أنفسهم ، وما جنوا إلا عليها ، وأما الرسول عليه الصلاة والسلام فقد فعل ما يجب عليه ، وقام بما أمره الله به . وقد أخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في سننه ، عن ابن عباس في قوله { وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمّداً } قال إن قتله متعمداً أو ناسياً أو خطأ حكم عليه ، فإن عاد متعمداً عجلت له العقوبة إلا أن يعفو الله عنه ، وفي قوله { فَجَزَاء مّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ ٱلنَّعَمِ } قال إذا قتل المحرم شيئاً من الصيد حكم عليه فيه ، فإن قتل ظبياً أو نحوه فعليه شاة تذبح بمكة ، فإن لم يجد فإطعام ستة مساكين ، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ، فإن قتل أيلاً ونحوه فعليه بقرة ، فإن لم يجد أطعم عشرين مسكيناً ، فإن لم يجد صام عشرين يوماً ، وإن قتل نعامة أو حمار وحش أو نحوه فعليه بدنة ، فإن لم يجد أطعم ستين مسكيناً ، فإن لم يجد صام ثلاثين يوماً ، والطعام مدّ يشبعهم . وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم ، عن الحكم ، أن عمر كتب أن يحكم عليه في الخطأ والعمد . وأخرجا نحوه عن عطاء . وقد روي نحو هذا عن جماعات من السلف ، من غير فرق بين العامد والخاطىء والناسي ، وروي عن آخرين اختصاص ذلك بالعامد . وللسلف في تقدير الجزاء المماثل ، وتقدير القيمة أقوال مبسوطة في مواطنها . وأخرج أبو الشيخ ، عن أبي هريرة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال في بيضة النعام " صيام يوم أو إطعام مسكين " وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن ذكوان ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم مثله . وأخرج أيضاً عن عائشة ، عنه صلى الله عليه وسلم نحوه . وأخرج أبو الشيخ ، وابن مردويه ، من طريق أبي المهزّم عن أبي هريرة ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال " في بيض النعام ثمنه " وقد استثنى النبي صلى الله عليه وسلم من حيوانات الحرم الخمس الفواسق ، كما ورد ذلك في الأحاديث فإنه يجوز للمحرم أن يقتلها ولا شيء عليه . وأخرج ابن جرير ، عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى { أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ ٱلْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَـٰعاً لَّكُمْ } " ما لفظه ميتاً فهو طعامه " وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن أبي هريرة موقوفاً مثله . وأخرج أبو الشيخ ، عن أبي بكر الصدّيق نحوه . وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ عن عكرمة أن أبا بكر الصدّيق قال في قوله { أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ ٱلْبَحْرِ وَطَعَامُهُ } قال صيد البحر ما تصطاده أيدينا ، وطعامه مالاثه البحر ، وفي لفظ « طعامه كل ما فيه » . وفي لفظ « طعامه ميتته » . ويؤيد هذا ما في الصحيحين من حديث العنبرة التي ألقاها البحر فأكل الصحابة منها ، وقرّرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك ، وحديث هو " الطهور ماؤه والحل ميتته " وحديث " أحلّ لكم ميتتان ودمان " وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله { جَعَلَ ٱللَّهُ ٱلْكَعْبَةَ ٱلْبَيْتَ ٱلْحَرَامَ قِيَاماً لّلنَّاسِ } قال قياماً لدينهم ومعالم حجهم . وأخرج ابن جرير ، عنه قال قيامها أن يأمن من توجه إليها . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن شهاب قال جعل الله الكعبة البيت الحرام والشهر الحرام قياماً للناس يأمنون به في الجاهلية الأولى ، لا يخاف بعضهم من بعض حين يلقونهم عند البيت ، أو في الحرم ، أو في الشهر الحرام . وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وأبو الشيخ ، عن قتادة في قوله { جَعَلَ ٱللَّهُ ٱلْكَعْبَةَ ٱلْبَيْتَ ٱلْحَرَامَ قِيَاماً لّلنَّاسِ وَٱلشَّهْرَ ٱلْحَرَامَ وَٱلْهَدْىَ وَٱلْقَلَـٰئِدَ } قال حواجز أبقاها الله بين الناس في الجاهلية ، فكان الرجل لو جرّ كل جريرة ثم لجأ إلى الحرم لم يتناول ولم يقرب ، وكان الرجل لو لقي قاتل أبيه في الشهر الحرام ، لم يعرض له ولم يقربه ، وكان الرجل لو لقي الهدي مقلداً وهو يأكل العصب من الجوع لم يعرض له ولم يقربه ، وكان الرجل إذا أراد البيت تقلد قلادة من شعر ، فحمته ومنعته من الناس ، وكان إذا نفر تقلد قلادة من الأذخر أو من السمر ، فتمنعه من الناس حتى يأتي أهله حواجز أبقاها الله بين الناس في الجاهلية . وأخرج أبو الشيخ ، عن زيد بن أسلم { قِيَاماً لّلنَّاسِ } قال أمنا .