Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 58, Ayat: 1-4)
Tafsir: Fatḥ al-qadīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله { قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ } قرأ أبو عمرو ، وحمزة ، والكسائي بإدغام الدال في السين ، وقرأ الباقون بالإظهار . قال الكسائي من بيَّن الدال عند السين ، فلسانه أعجميّ وليس بعربيّ { قَوْلَ ٱلَّتِى تُجَادِلُكَ فِى زَوْجِهَا } أي تراجعك الكلام في شأنه { وَتَشْتَكِى إِلَى ٱللَّهِ } معطوف على تجادلك . والمجادلة هذه الكائنة منها مع رسول الله أنه كان كلما قال لها " قد حرمت عليه " ، قالت والله ما ذكر طلاقاً ، ثم تقول أشكو إلى الله فاقتي ووحدتي ، وإن لي صبية صغاراً إن ضممتهم إليه ضاعوا ، وإن ضممتهم إليّ جاعوا ، وجعلت ترفع رأسها إلى السماء ، وتقول اللَّهم إني أشكو إليك ، فهذا معنى قوله { وَتَشْتَكِى إِلَى ٱللَّهِ } قال الواحدي قال المفسرون نزلت هذه الآية في خولة بنت ثعلبة ، وزوجها أوس بن الصامت ، وكان به لمم ، فاشتد به لممه ذات يوم ، فظاهر منها ، ثم ندم على ذلك ، وكان الظهار طلاقاً في الجاهلية ، وقيل هي خولة بنت حكيم ، وقيل اسمها جميلة ، والأوّل أصح ، وقيل هي بنت خويلد ، وقال الماوردي إنها نسبت تارة إلى أبيها ، وتارة إلى جدّها ، وأحدهما أبوها ، والآخر جدّها ، فهي خولة بنت ثعلبة بن خويلد ، وجملة { وَٱللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُما } في محل نصب على الحال ، أو مستأنفة جارية مجرى التعليل لما قبلها أي والله يعلم تراجعكما في الكلام { إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } يسمع كل مسموع ، ويبصر كل مبصر ، ومن جملة ذلك ما جادلتك به هذه المرأة . ثم بيّن سبحانه شأن الظهار في نفسه ، وذكر حكمه ، فقال { ٱلَّذِينَ يُظَـٰهِرُونَ مِنكُمْ مّن نّسَائِهِمْ } قرأ الجمهور { يظهرون } بالتشديد مع فتح حرف المضارعة . وقرأ ابن عامر ، وحمزة ، والكسائي يظاهرون بفتح الياء ، وتشديد الظاء ، وزيادة ألف ، وقرأ أبو العالية ، وعاصم ، وزرّ بن حبيش يظاهرون بفك الإدغام ، ومعنى الظهار أن يقول لامرأته أنت عليّ كظهر أمي ، ولا خلاف في كون هذا ظهاراً . واختلفوا إذا قال أنت عليّ كظهر ابنتي ، أو أختي ، أو غير ذلك من ذوات المحارم ، فذهب جماعة منهم أبو حنيفة ومالك إلى أنه ظهار ، وبه قال الحسن ، والنخعي ، والزهري ، والأوزاعي ، والثوري . وقال جماعة منهم قتادة والشعبي إنه لا يكون ظهاراً بل يختصّ الظهار بالأمّ وحدها . واختلفت الرواية عن الشافعي ، فروي عنه كالقول الأوّل ، وروي عنه كالقول الثاني ، وأصل الظهار مشتق من الظهر . واختلفوا إذا قال لامرأته أنت عليّ كرأس أمي ، أو يدها ، أو رجلها ، أو نحو ذلك ؟ هل يكون ظهاراً أم لا وهكذا إذا قال أنت عليّ كأمي ولم يذكر الظهر ، والظاهر أنه إذا قصد بذلك الظهار كان ظهاراً . وروي عن أبي حنيفة أنه إذا شبهها بعضو من أمه يحلّ له النظر إليه لم يكن ظهاراً ، وروي عن الشافعي أنه لا يكون الظهار إلاّ في الظهر وحده . واختلفوا إذا شبّه امرأته بأجنبية فقيل يكون ظهاراً وقيل لا ، والكلام في هذا مبسوط في كتب الفروع . وجملة { مَّا هُنَّ أُمَّهَـٰتِهِمْ } في محل رفع على أنها خبر الموصول ، أي ما نساؤهم بأمهاتهم ، فذلك كذب منهم ، وفي هذا توبيخ للمظاهرين وتبكيت لهم . قرأ الجمهور { أمهاتهم } بالنصب على اللغة الحجازية في إعمال « ما » عمل ليس . وقرأ أبو عمرو ، والسلمي بالرّفع على عدم الإعمال ، وهي لغة نجد ، وبني أسد . ثم بيّن سبحانه لهم أمهاتهم على الحقيقة فقال { إِنْ أُمَّهَـٰتُهُمْ إِلاَّ ٱللاَّئِى وَلَدْنَهُمْ } أي ما أمهاتهم إلاّ النساء اللائي ولدنهم ، ثم زاد سبحانه في توبيخهم وتقريعهم ، فقال { وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مّنَ ٱلْقَوْلِ وَزُوراً } أي وإن المظاهرين ليقولون بقولهم هذا منكراً من القول ، أي فظيعاً من القول ينكره الشرع ، والزور الكذب ، وانتصاب { منكراً } ، و { زوراً } على أنهما صفة لمصدر محذوف ، أي قولاً منكراً وزوراً { وَإِنَّ ٱللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ } أي بليغ العفو والمغفرة إذ جعل الكفارة عليهم مخلصة لهم عن هذا القول المنكر . { وَٱلَّذِينَ يُظَـٰهِرُونَ مِن نّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ } لما ذكر سبحانه الظهار إجمالاً ووبخ فاعليه شرع في تفصيل أحكامه ، والمعنى والذين يقولون ذلك القول المنكر الزور ، ثم يعودون لما قالوا ، أي إلى ما قالوا بالتدارك والتلافي ، كما في قوله { أَن تَعُودُواْ لِمِثْلِهِ } النور 17 أي إلى مثله ، قال الأخفش { لِمَا قَالُواْ } وإلى ما قالوا يتعاقبان . قال { وَقَالُواْ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِى هَدَانَا لِهَـٰذَا } الأعراف 43 وقال { فَٱهْدُوهُمْ إِلَىٰ صِرٰطِ ٱلْجَحِيمِ } الصافات 23 وقال { بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا } الزلزلة 5 وقال { وَأُوحِىَ إِلَىٰ نُوحٍ } هود 36 وقال الفرّاء اللام بمعنى عن ، والمعنى ثم يرجعون عما قالوا ، ويريدون الوطء . وقال الزجاج المعنى ثم يعودون إلى إرادة الجماع من أجل ما قالوا . قال الأخفش أيضاً الآية فيها تقديم وتأخير ، والمعنى والذين يظهرون من نسائهم ، ثم يعودون لما كانوا عليه من الجماع { فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ } لما قالوا ، أي فعليهم تحرير رقبة من أجل ما قالوا . فالجار في قوله { لِمَا قَالُواْ } متعلق بالمحذوف الذي هو خبر المبتدأ ، وهو فعليهم . واختلف أهل العلم في تفسير العود المذكور على أقوال الأوّل أنه العزم على الوطء ، وبه قال العراقيون أبو حنيفة وأصحابه ، وروي عن مالك . وقيل هو الوطء نفسه ، وبه قال الحسن ، وروي أيضاً عن مالك . وقيل هو أن يمسكها زوجة بعد الظهار مع القدرة على الطلاق ، وبه قال الشافعي . وقيل هو الكفارة ، والمعنى أنه لا يستبيح وطأها إلاّ بكفارة ، وبه قال الليث بن سعد ، وروي عن أبي حنيفة . وقيل هو تكرير الظهار بلفظه ، وبه قال أهل الظاهر . وروي عن بكير بن الأشبح ، وأبي العالية ، والفراء . والمعنى ثم يعودون إلى قول ما قالوا . والموصول مبتدأ ، وخبره { فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ } على تقدير ، فعليهم تحرير رقبة ، كما تقدّم ، أو قالوا وجب عليهم إعتاق رقبة ، يقال حررته ، أي جعلته حرّاً ، والظاهر أنها تجزىء أيّ رقبة كانت ، وقيل يشترط أن تكون مؤمنة كالرقبة في كفارة القتل وبالأول قال أبو حنيفة وأصحابه ، وبالثاني قال مالك ، والشافعي ، واشترطا أيضاً سلامتها من كل عيب { مّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا } المراد بالتماس هنا الجماع ، وبه قال الجمهور ، فلا يجوز للمظاهر الوطء حتى يُكَفّر ، وقيل إن المراد به الاستمتاع بالجماع ، أو اللمس ، أو النظر إلى الفرج بشهوة ، وبه قال مالك ، وهو أحد قولي الشافعي ، والإشارة بقوله { ذٰلِكُمْ } إلى الحكم المذكور وهو مبتدأ ، وخبره { تُوعَظُونَ بِهِ } أي تؤمرون به ، أو تزجرون به عن ارتكاب الظهار ، وفيه بيان لما هو المقصود من شرع الكفارة . قال الزجاج معنى الآية ذلكم التغليظ في الكفارة توعظون به أي إن غلظ الكفارة وعظ لكم حتى تتركوا الظهار { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } لا يخفى عليه شيء من أعمالكم ، فهو مجازيكم عليها . ثم ذكر سبحانه حكم العاجز عن الكفارة ، فقال { فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا } أي فمن لم يجد الرّقبة في ملكه ، ولا تمكن من قيمتها ، فعليه صيام شهرين متتابعين متواليين لا يفطر فيهما ، فإن أفطر استأنف إن كان الإفطار لغير عذر ، وإن كان لعذر من سفر أو مرض ، فقال سعيد بن المسيب ، والحسن ، وعطاء بن أبي رباح ، وعمرو بن دينار ، والشعبي ، والشافعي ، ومالك إنه يبني ، ولا يستأنف . وقال أبو حنيفة إنه يستأنف ، وهو مرويّ عن الشافعي ومعنى { مّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا } هو ما تقدّم قريباً ، فلو وطىء ليلاً أو نهاراً عمداً أو خطأ استأنف ، وبه قال أبو حنيفة ، ومالك . وقال الشافعي لا يستأنف إذا وطىء ليلاً لأنه ليس محلاً للصوم ، والأول أولى { فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ } يعني صيام شهرين متتابعين { فَإِطْعَامُ سِتّينَ مِسْكِيناً } أي فعليه أن يطعم ستين مسكيناً ، لكل مسكين مدّان ، وهما نصف صاع ، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه . وقال الشافعي وغيره لكل مسكين مدّ واحد ، والظاهر من الآية أن يطعمهم حتى يشبعوا مرّة واحدة ، أو يدفع إليهم ما يشبعهم ، ولا يلزمه أن يجمعهم مرّة واحدة ، بل يجوز له أن يطعم بعض الستين في يوم ، وبعضهم في يوم آخر ، والإشارة بقوله { ذٰلِكَ } إلى ما تقدّم ذكره من الأحكام ، وهو مبتدأ ، وخبره مقدّر ، أي ذلك واقع { لّتُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } ويجوز أن يكون اسم الإشارة في محل نصب ، والتقدير فعلنا ذلك لتؤمنوا ، أي لتصدّقوا أن الله أمر به وشرعه ، أو لتطيعوا الله ورسوله في الأوامر والنواهي ، وتقفوا عند حدود الشرع ولا تتعدّوها ، ولا تعودوا إلى الظهار الذي هو منكر من القول وزور ، والإشارة بقوله { وَتِلْكَ } إلى الأحكام المذكورة ، وهو مبتدأ ، وخبره { حُدُود ٱللَّهِ } فلا تجاوزوا حدوده التي حدّها لكم ، فإنه قد بيّن لكم أن الظهار معصية ، وأن كفارته المذكورة توجب العفو والمغفرة { وَلِلْكَـٰفِرِينَ } الذين لا يقفون عند حدود الله ، ولا يعملون بما حدّه الله لعباده { عَذَابٌ أَلِيمٌ } وهو عذاب جهنم ، وسماه كفراً تغليظاً وتشديداً . وقد أخرج ابن ماجه ، وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، والبيهقي عن عائشة قالت تبارك الذي وسع سمعه كل شيء إني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة ، ويخفى عليّ بعضه ، وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهي تقول يا رسول الله أكل شبابي ، ونثرت له بطني حتى إذا كبر سني وانقطع ولدي ظاهر مني ، اللَّهمّ إني أشكو إليك ، قالت فما برحت حتى نزل جبريل بهؤلاء الآيات { َقَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّتِى تُجَادِلُكَ فِى زَوْجِهَا } وهو أوس بن الصامت . وأخرج النحاس ، وابن مردويه ، والبيهقي عن ابن عباس قال كان أوّل من ظاهر في الإسلام أوس ، وكانت تحته ابنة عمّ له يقال لها خولة بنت خويلد ، فظاهر منها ، فأسقط في يده وقال ما أراك إلاّ قد حرمت عليّ ، فانطلقي إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فاسأليه ، فأتت النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فوجدت عنده ماشطة تمشط رأسه ، فأخبرته ، فقال " يا خولة ما أمرنا في أمرك بشيء " ، فأنزل الله على النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال " يا خولة أبشري " قالت خيراً . قال " خيراً " ، فقرأ عليها { قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّتِى تُجَادِلُكَ فِى زَوْجِهَا } الآيات . وأخرج أحمد ، وأبو داود ، وابن المنذر ، والطبراني ، وابن مردويه ، والبيهقيّ من طريق يوسف بن عبد الله بن سلام قال حدّثتني خولة بنت ثعلبة قالت فيّ ، والله ، وفي أوس بن الصامت أنزل الله صدر سورة المجادلة ، قالت كنت عنده ، وكان شيخاً كبيراً قد ساء خلقه ، فدخل عليّ يوماً فراجعته بشيء ، فغضب فقال أنت عليّ كظهر أمي ، ثم رجع ، فجلس في نادي قومه ساعة ، ثم دخل عليّ ، فإذا هو يريدني عن نفسي ، قلت كلا والذي نفس خولة بيده لا تصل إليّ ، وقد قلت ما قلت حتى يحكم الله ورسوله فينا ، ثم جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكرت ذلك له ، فما برحت حتى نزل القرآن ، فتغشى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يتغشاه ، ثم سري عنه ، فقال لي " يا خولة قد أنزل الله فيك وفي صاحبك " ، ثم قرأ عليّ { قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّتِى تُجَادِلُكَ } إلى قوله { عَذَابٌ أَلِيمٌ } فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم « مريه ، فليعتق رقبة » ، قلت يا رسول الله ما عنده ما يعتق ، قال " فليصم شهرين متتابعين " ، قلت والله إنه لشيخ كبير ما به من صيام ، قال " فليطعم ستين مسكيناً وسقاً من تمر " ، قلت والله ما ذاك عنده ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فأنا سأعينه بعرق من تمر " ، فقلت وأنا يا رسول الله سأعينه بعرق آخر ، فقال " قد أصبت ، وأحسنت ، فاذهبي ، فتصدّقي به عنه ، ثم استوصي بابن عمك خيراً ، " قالت ، ففعلت وفي الباب أحاديث . وأخرج ابن المنذر ، والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله { ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ } قال هو الرجل يقول لامرأته أنت عليّ كظهر أمي ، فإذا قال ذلك فليس يحلّ له أن يقربها بنكاح ، ولا غيره حتى يُكَفر بعتق رقبة { فَمَنْ } فإن { لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا } والمسّ النكاح { فَمَنْ } فإن { لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتّينَ مِسْكِيناً } وإن هو قال لها أنت عليّ كظهر أمي إن فعلت كذا ، فليس يقع في ذلك ظهار حتى يحنث ، فإن حنث ، فلا يقربها حتى يُكَفّر ، ولا يقع في الظهار طلاق . وأخرج ابن المنذر عن أبي هريرة قال ثلاث فيه مدّ كفارة اليمين ، وكفارة الظهار ، وكفارة الصيام . وأخرج البزار ، والطبراني ، والحاكم ، وابن مردويه ، والبيهقي عن ابن عباس قال أتى رجل النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال إني ظاهرت من امرأتي ، فرأيت بياض خلخالها في ضوء القمر ، فوقعت عليها قبل أن أُكفر ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم " ألم يقل الله { مّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا } " ، قال قد فعلت يا رسول الله ، قال " أمسك عنها حتى تُكَفر " وأخرج عبد الرزاق ، وأبو داود ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه ، والحاكم ، والبيهقيّ عن ابن عباس أن رجلاً قال يا رسول الله إني ظاهرت من امرأتي ، فوقعت عليها من قبل أن أُكفر ، فقال " وما حملك على ذلك " ؟ قال رأيت خلخالها في ضوء القمر ، قال " فلا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله " وأخرج عبد الرّزاق ، وأحمد ، وعبد بن حميد ، وأبو داود ، والترمذيّ وحسنه ، وابن ماجه ، والطبراني ، والبغوي في معجمه ، والحاكم وصححه عن سلمة بن صخر الأنصاريّ قال كنت رجلاً قد أوتيت من جماع النساء ما لم يؤت غيري ، فلما دخل رمضان ظاهرت من امرأتي حتى ينسلخ رمضان ، فرقا من أن أصيب منها في ليلي ، فأتتابع في ذلك ، ولا أستطيع أن أنزع حتى يدركني الصبح ، فبينما هي تخدمني ذات ليلة إذ انكشف لي منها شيء ، فوثبت عليها ، فلما أصبحت غدوت على قومي ، فأخبرتهم خبري ، فقلت انطلقوا معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبره بأمري ، فقالوا لا ، والله لا نفعل نتخوّف أن ينزل فينا القرآن ، أو يقول فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالة يبقى علينا عارها ولكن اذهب أنت ، فاصنع ما بدا لك قال فخرجت ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبرته خبري ، فقال " أنت بذاك ؟ " قلت أنا بذاك ، قال " أنت بذاك ؟ " قلت أنا بذاك ، قال " أنت بذاك ؟ " قلت أنا بذاك ، وها أنا ذا ، فأمض فيّ حكم الله ، فإني صابر لذلك ، قال " أعتق رقبة " ، فضربت عنقي بيدي ، فقلت لا والذي بعثك بالحقّ ما أصبحت أملك غيرها ، قال " فصم شهرين متتابعين " ، فقلت هل أصابني ما أصابني إلاّ في الصيام ؟ قال " فأطعم ستين مسكيناً " ، قلت والذي بعثك بالحقّ لقد بتنا ليلتنا هذه وحشاً ما لنا عشاء ، قال " اذهب إلى صاحب صدقة بني زريق ، فقل له ، فليدفعها إليك ، فأطعم عنك منها وسقاً ستين مسكيناً ، ثم استعن بسائرها عليك ، وعلى عيالك " فرجعت إلى قومي فقلت وجدت عندكم الضيق ، وسوء الرأي ، ووجدت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم السعة والبركة ، أمر لي بصدقتكم ، فادفعوها إليّ ، فدفعوها إليه .