Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 137-141)

Tafsir: Fatḥ al-qadīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله { وَأَوْرَثْنَا ٱلْقَوْمَ } يعني بني إسرائيل { ٱلَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ } أي يذلون ويمتهون بالخدمة لفرعون وقومه { مَشَـٰرِقَ ٱلأرْضِ وَمَغَـٰرِبَهَا } منصوبان بأورثنا . وقال الكسائي والفراء إن الأصل في مشارق الأرض ومغاربها ، جهات مغربها ، ثم حذفت في فنصبا . والأوّل أظهر ، لأنه يقال أورثته المال . والأرض هي مصر والشام ، ومشارقها جهات مشرقها . ومغاربها ، وهي التي كانت لفرعون وقومه من القبط . وقيل المراد جميع الأرض لأن داود وسليمان من بني إسرائيل ، وقد ملكا الأرض . قوله { ٱلَّتِى بَارَكْنَا فِيهَا } صفة للمشارق والمغارب . وقيل صفة الأرض . والمباركة فيها إخراج الزرع والثمار منها على أتمّ ما يكون ، وأنفع ما يتفق . قوله { وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبّكَ ٱلْحُسْنَىٰ } أي مضت واستمرت على التمام ، والكلمة هي { وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِى ٱلأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَارِثِينَ } القصص 5 ، وهذا وعد من الله سبحانه بالنصر والظفر بالأعداء والاستيلاء على أملاكهم . و { الحسنى } صفة للكلمة . وهي تأنيث الأحسن . وتمام هذه الكلمة { عَلَىٰ بَنِى إِسْرٰءيلَ } بسبب صبرهم على ما أصيبوا به من فرعون وقومه . قوله { وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ } التدمير الإهلاك ، أي أهلكنا بالخراب ما كانوا يصنعونه من العمارات { وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ } قرأ ابن عامر ، وأبو بكر ، عن عاصم « يعرشُون » بضم الراء . قال الكسائي هي لغة تميم . وقرأ إبراهيم بن أبي عبلة « يُعَرّشون » بتشديد الراء وضم حرف المضارعة . وقرأ الباقون بكسر الراء مخففة ، أي ما كانوا يعرشونه من الجنات ، ومنه قوله تعالى { وَهُوَ ٱلَّذِى أَنشَأَ جَنَّـٰتٍ مَّعْرُوشَـٰتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَـٰتٍ } الأنعام 141 وقيل معنى يعرشون يبنون ، يقال عرش يعرش أي بنى يبني . قوله { وَجَاوَزْنَا بِبَنِى إِسْرٰءيلَ ٱلْبَحْرَ } هذا شروع في بيان ما فعله بنو إسرائيل بعد الفراغ مما فعله فرعون وقومه . ومعنى جاوزنا ببني إسرائيل البحر جزناه بهم وقطعناه . وقرىء « جوزنا » بالتشديد ، وهو بمعنى قراءة الجمهور { فَأَتَوْاْ عَلَىٰ قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَىٰ أَصْنَامٍ لَّهُمْ } قرأ حمزة والكسائي « يعكفون » بكسر الكاف ، وقرأ الباقون بضمها . يقال عكف يعكف ، ويعكف بمعنى أقام على الشيء ولزمه ، والمصدر منها عكوف . قيل هؤلاء القوم الذين آتاهم بنو إسرائيل هم من لخم كانوا نازلين بالرقة ، كانت أصنامهم تماثيل بقر . وقيل كانوا من الكنعانيين { قَالُواْ } أي بنو إسرائيل عند مشاهدتهم لتلك التماثيل { يٰمُوسَى ٱجْعَلْ لَّنَا إِلَـٰهًا } أي صنماً نعبده كائناً كالذي لهؤلاء القوم ، فالكاف متعلق بمحذوف وقع صفة لـ { إلهاً } ، فأجاب عليهم موسى ، و { قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ } وصفهم بالجهل ، لأنهم قد شاهدوا من آيات الله ما يزجر من له أدنى علم عن طلب عبادة غير الله . ولكن هؤلاء القوم ، أعني بني إسرائيل ، أشد خلق الله عناداً وجهلاً وتلوّناً . وقد سلف في سورة البقرة بيان ما جرى منهم من ذلك . ثم قال لهم موسى { إِنَّ هَـؤُلآء } يعني القوم العاكفين على الأصنام { مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ } التبار الهلاك . وكل إناء منكسر فهو متبر ، أي أن هؤلاء هالك ما هم فيه مدمّر مكسر . والذي هم فيه هو عبادة الأصنام . أخبرهم بأن هذا الدين الذي هؤلاء القوم عليه هالك مدمّر لا يتمّ منه شيء . قوله { وَبَـٰطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } أي ذاهب مضمحل جميع ما كانوا يعملونه من الأعمال مع عبادتهم للأصنام . قال في الكشاف وفي إيقاع { هؤلاء } اسماً لإن ، وتقديم خبر المبتدأ من الجملة الواقعة خبراً لها ، وسم لعبدة الأصنام بأنهم هم المعرّضون للتبار ، وأنه لا يعدوهم ألبتة ، وأنه لهم ضربة لازب ، ليحذرهم عاقبة ما طلبوا ، ويبغض إليهم ما أحبوا . قوله { أَغَيْرَ ٱللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَـٰهًا } الاستفهام للإنكار والتوبيخ ، أي كيف أطلب لكم غير الله إلٰهاً تعبدونه ، وقد شاهدتم من آياته العظام ما يكفي البعض منه ؟ والمعنى أن هذا الذي طلبتم لا يكون أبداً . وإدخال الهمزة على { غير } للإشعار بأن المنكر هو كون المبتغى غيره سبحانه إلٰهاً ، و { غير } مفعول للفعل الذي بعده . و { إلٰهاً } تمييز أو حال . وجملة { وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى ٱلْعَـٰلَمِينَ } في محل نصب على الحال ، أي والحال أنه فضلكم على العالمين من أهل عصركم بما أنعم به عليكم من إهلاك عدوكم ، واستخلافكم في الأرض ، وإخراجكم من الذلّ والهوان إلى العزّ والرفعة ، فكيف تقابلون هذه النعم بطلب عبادة غيره ؟ قوله { وَإِذْ أَنْجَيْنَـٰكُمْ مّنْ ءالِ فِرْعَونَ } أي واذكروا وقت إنجائنا لكم من آل فرعون ، بعد أن كانوا مالكين لكم ، يستعبدونكم فيما يريدونه منكم ، ويمتهنونكم بأنواع الامتهانات . هذا على أن هذا الكلام محكيّ عن موسى . وأما إذا كان في حكم الخطاب لليهود الموجودين في عصر محمد ، فهو بمعنى اذكروا إذ أنجينا أسلافكم من آل فرعون . وجملة { يَسُومُونَكُمْ سُوء ٱلْعَذَابِ } في محل نصب على الحال ، أي أنجيناكم من آل فرعون حال كونهم { يَسُومُونَكُمْ سُوء ٱلْعَذَابِ } . ويجوز أن تكون مستأنفة لبيان ما كانوا فيه مما أنجاهم منه . وجملة { يُقَتّلُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ } مفسرة للجملة التي قبلها ، أو بدل منها ، وقد سبق بيان ذلك . والإشارة بقوله { وَفِى ذٰلِكُمْ } إلى العذاب أي في هذا العذاب ، الذي كنتم فيه { بَلاء } عليكم { مِّن رَّبّكُمْ عَظِيمٌ } وقيل الإشارة إلى الإنجاء ، والبلاء النعمة ، والأوّل أولى . وقد أخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن الحسن في قوله { مَشَـٰرِقَ ٱلأرْضِ وَمَغَـٰرِبَهَا ٱلَّتِى بَارَكْنَا فِيهَا } قال الشام . وأخرج هؤلاء عن قتادة مثله . وأخرج ابن عساكر عن زيد بن أسلم نحوه . وأخرج أبو الشيخ ، عن عبد الله بن شوذب ، قال هي فلسطين . وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل الشام أحاديث ليس هذا موضع ذكرها . وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن مجاهد ، في قوله { وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبّكَ ٱلْحُسْنَىٰ } قال ظهور قوم موسى على فرعون وتمكين الله لهم في الأرض وما ورثهم منها . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس ، في قوله { وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ } قال يبنون . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن قتادة ، في قوله { فَأَتَوْاْ عَلَىٰ قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَىٰ أَصْنَامٍ لَّهُمْ } قال لخم وجذام . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن أبي عمران الجوني مثله . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، عن ابن جريج ، في الآية قال تماثيل بقر من نحاس ، فلما كان عجل السامري شبه لهم أنه من تلك البقر . فذلك كان أوّل شأن العجل ليكون لله عليهم الحجة ، فينتقم منهم بعد ذلك . وأخرج ابن أبي شيبة ، وأحمد ، والترمذي وصححه ، والنسائي وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه عن أبي واقد الليثي قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حنين فمررنا بسدرة ، فقلت يا رسول الله اجعل لنا هذه ذات أنواط كما للكفار ذات أنواط ، وكان الكفار ينوطون سلاحهم بسدرة ، ويعكفون حولها فقال النبي صلى الله عليه وسلم " الله أكبر هذا كما قالت بنو إسرائيل لموسى { اجعل لنا إلٰهاً كما لهم آلهة } إنكم تركبون سنن الذين من قبلكم " وأخرج نحوه ابن أبي حاتم ، والطبراني ، وابن مردويه ، من طريق كثير بن عبد الله بن عوف عن أبيه عن جدّه مرفوعاً ، وكثير ضعيف جدّاً . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن ابن عباس ، في قوله { مُتَبَّرٌ } قال خسران . وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عنه ، قال هلاك .