Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 187-192)
Tafsir: Fatḥ al-qadīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله { يَسْـئَلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ } السائلون هم اليهود . وقيل قريش . والساعة القيامة . وهي من الأسماء الغالبة ، وإطلاقها على القيامة لوقوعها بغتة أو لسرعة حسابها . و { أيان } ظرف زمان مبني على الفتح . قال الراجز @ أيان تقضي حاجتي أيانا أما ترى لنجحها أوانا @@ ومعناه معنى متى ، واشتقاقه من أيّ . وقيل من أين . وقرأ السلمي « إيان » بكسر الهمزة وهو في موضع رفع على الخبر . و { مُرْسَـٰهَا } المبتدأ عند سيبويه . و { مرساها } بضم الميم ، أي وقت إرسائها من أرساها الله ، أي أثبتها ، وبفتح الميم من رست ، أي ثبتت ، ومنه { وَقُدُورٍ راسِيَـٰتٍ } سبأ 13 ، ومنه رسا الجبل . والمعنى متى يرسيها الله ، أي يثبتها ويوقعها . وظاهر { يَسْـئَلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ } أن السؤال عن نفس الساعة ، وظاهر { أَيَّانَ مُرْسَـٰهَا } أن السؤال عن وقتها ، فحصل من الجميع أن السؤال المذكور هو عن الساعة . باعتبار وقوعها في الوقت المعين لذلك ، ثم أمره الله سبحانه بأن يجيب عنهم بقوله { قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبّي } أي علمها باعتبار وقوعها عند الله ، لا يعلمها غيره ولا يهتدي إليها سواه { لاَ يُجَلّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ } أي لا يظهرها لوقتها ، ولا يكشف عنها إلا الله سبحانه . والتجلية إظهار الشيء ، يقال جلى لي فلان الخبر إذا أظهره وأوضحه ، وفي استئثار الله سبحانه بعلم الساعة حكمة عظيمة ، وتدبير بليغ كسائر الأشياء التي أخفاها الله واستأثر بعلمها . وهذه الجملة مقررة لمضمون التي قبلها . قوله { ثَقُلَتْ فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأرْضَ } قيل معنى ذلك أنه لما خفي علمها على أهل السموات والأرض كانت ثقيلة ، لأن كل ما خفي علمه ثقيل على القلوب . وقيل المعنى لا تطيقها السموات والأرض لعظمها ، لأن السماء تنشق ، والنجوم تتناثر ، والبحار تنضب . وقيل عظم وصفها عليهم . وقيل ثقلت المسألة عنها . وهذه الجملة مقرّرة لمضمون ما قبلها أيضاً . { لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً } إلا فجأة على غفلة . والبغتة مصدر في موضع الحال . وهذه الجملة كالتي قبلها في التقرير . قوله { يَسْـئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا } . قال ابن فارس الحفيّ العالم بالشيء ، والحفي المستقصى في السؤال ، ومنه قول الأعشى @ فإن تسألي عني فيارب سائل حفيّ عن الأعشى به حيث أصعدا @@ يقال أحفى في المسألة وفي الطلب فهو محف ، وحفيّ على التكثير مثل مخصب وخصيب . والمعنى يسألونك عن الساعة كأنك عالم بها ، أو كأنك مستقص للسؤال عنها ومستكثر منه . والجملة التشبيهية في محل نصب على الحال ، أي يسألونك مشبهاً حالك حال من هو حفيّ عنها . وقيل المعنى يسألونك عنها كأنك حفيّ بهم ، أي حفيّ ببرهم وفرح بسؤالهم . والأوّل هو معنى النظم القرآني على مقتضى المسلك العربي . قوله { قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبّي } أمره الله سبحانه بأن يكرّر ما أجاب به عليهم سابقاً لتقرير الحكم وتأكيده . وقيل ليس بتكرير ، بل أحدهما معناه الاستئثار بوقوعها ، والآخر الاستئثار بكنهها نفسها { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } باستئثار الله بهذا ، وعدم علم خلقه به ، لم يعلمه ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل . قوله { قُل لا أَمْلِكُ لِنَفْسِى نَفْعًا وَلاَ ضَرّا إِلاَّ مَا شَاء ٱللَّهُ } هذه الجملة متضمنة لتأكيد ما تقدّم من عدم علمه بالساعة أيان تكون ومتى تقع ، لأنه إذا كان لا يقدر على جلب نفع له ، أو دفع ضرّ عنه إلا ماشاء الله سبحانه من النفع له والدفع عنه ، فبالأولى أن لا يقدر على علم ما استأثر الله بعلمه ، وفي هذا من إظهار العبودية والإقرار بالعجز عن الأمور التي ليست من شأن العبيد ، والاعتراف بالضعف عن انتحال ما ليس له صلى الله عليه وسلم ما فيه أعظم زاجر ، وأبلغ واعظ لمن يدّعي لنفسه ما ليس من شأنها ، وينتحل علم الغيب بالنجامة أو الرمل أو الطرق بالحصا أو الزجر . ثم أكّد هذا وقرّره بقوله { وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ ٱلْخَيْرِ } أي لو كنت أعلم جنس الغيب لتعرّضت لما فيه الخير فجلبته إلى نفسي ، وتوقيت ما فيه السوء حتى لا يمسني ، ولكني عبد لا أدري ما عند ربي ، ولا ما قضاه فيَّ وقدره لي ، فكيف أدري غير ذلك وأتكلف علمه ؟ وقيل المعنى لو كنت أعلم ما يريد الله عزّ وجلّ مني من قبل أن يعرفنيه لفعلته . وقيل لو كنت أعلم متى يكون لي النصر في الحرب ، لقاتلت فلم أغلب . وقيل لو كنت أعلم الغيب لأجبت عن كل ما أسأل عنه ، والأولى حمل الآية على العموم ، فتندرج هذه الأمور وغيرها تحتها . وقد قيل إن { وَمَا مَسَّنِىَ ٱلسُّوء } كلام مستأنف ، أي ليس بي ما تزعمون من الجنون والأولى أنه متصل بما قبله . والمعنى لو علمت الغيب ما مسني السوء ، ولحذرت عنه كما قدّمنا ذلك . قوله { إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } أي ما أنا إلا مبلغ عن الله لأحكامه أنذر بها قوماً ، وأبشر بها آخرين ، ولست أعلم بغيب الله سبحانه . واللام في { لِقَوْمٍ } متعلق بكلا الصفتين أي بشير لقوم . ونذير لقوم ، وقيل هو متعلق ببشير ، والمتعلق بنذير محذوف ، أي نذير لقوم يكفرون ، وبشير لقوم يؤمنون . قوله { هُوَ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ } هذا كلام مبتدأ يتضمن ذكر نعم الله على عباده وعدم مكافأتهم لها ، مما يجب من الشكر والاعتراف بالعبودية ، وأنه المنفرد بالإلهية . قال جمهور المفسرين المراد بالنفس الواحدة . آدم ، وقوله { وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا } معطوف على { خَلَقَكُمْ } أي هو الذي خلقكم من نفس آدم ، وجعل من هذه النفس زوجها ، وهي حواء ، خلقها من ضلع من أضلاعه . وقيل المعنى { جَعَلَ مِنْهَا } من جنسها ، كما في قوله { جَعَلَ لَكُمْ مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا } النحل 72 والأوّل أولى . { لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا } علة للجعل ، أي جعله منها لأجل { يسكن إليها } يأنس إليها . ويطمئن بها ، فإن الجنس بجنسه أسكن وإليه آنس . وكان هذا في الجنة ، كما وردت بذلك الأخبار . ثم ابتدأ سبحانه بحالة أخرى كانت بينهما في الدنيا بعد هبوطهما ، فقال { فَلَمَّا تَغَشَّاهَا } ، والتغشي كناية عن الوقاع ، أي فلما جامعها { حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا } علقت به بعد الجماع ، ووصفه بالخفة لأنه عند إلقاء النطفة أخفّ منه عند كونه علقة ، وعند كونه علقة أخفّ منه عند كونه مضغة ، وعند كونه مضغة أخفّ مما بعده . وقيل إنه خفّ عليها هذا الحمل من ابتدائه إلى انتهائه ، ولم تجد منه ثقلاً . كما تجده الحوامل من النساء ، لقوله { فَمَرَّتْ بِهِ } أي استمرت بذلك الحمل تقوم وتقعد ، وتمضى في حوائجها لا تجد به ثقلاً ، والوجه الأوّل ، لقوله { فَلَمَّا أَثْقَلَت } فإن معناه فلما صارت ذات ثقل لكبر الولد في بطنها . وقرىء « فمرت به » بالتخفيف ، أي فجزعت لذلك ، وقرىء « فمارت به » من المور ، وهو المجيء والذهاب . وقيل المعنى فاستمرّت به . وقد رويت قراءة التخفيف عن ابن عباس ، ويحيى بن يعمر . ورويت قراءة « فمارت » عن عبد الله بن عمر . وروي عن ابن عباس أنه قرأ « فاستمرت به » . قوله { دَّعَوَا ٱللَّهَ رَبَّهُمَا } جواب لما ، أي دعا آدم وحواء ربهما ومالك أمرهما { لَئِنْ ءاتَيْتَنَا صَـٰلِحاً } أي ولداً صالحاً ، واللام جواب قسم محذوف ، و { لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ } جواب القسم سادّ مسدّ جواب الشرط ، أي من الشاكرين لك على هذه النعمة . وفي هذا الدعاء دليل على أنهما قد علما أن ما حدث في بطن حواء من أثر ذلك الجماع هو من جنسهما ، وعلما بثبوت النسل المتأثر عن ذلك السبب { فَلَمَّا ءاتَـٰهُمَا } ما طلباه من الولد الصالح ، وأجاب دعاءهما { جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا ءاتَـٰهُمَا } قال كثير من المفسرين إنه جاء إبليس إلى حواء وقال لها إن ولدت ولداً فسميه باسمى فقالت وما اسمك ؟ قال الحارث ولو سمى لها نفسه لعرفته ، فسمته عبد الحارث ، فكان هذا شركاً في التسمية ، ولم يكن شركاً في العبادة . وإنما قصدا أن الحارث كان سبب نجاة الولد ، كما يسمى الرجل نفسه عبد ضيفه ، كما قال حاتم الطائي @ وإني لعبد الضيف مادام ثاويا وما فيّ إلا تلك من شيمة العبد @@ وقال جماعة من المفسرين إن الجاعل شركاً فيما آتاهما هم جنس بني آدم ، كما وقع من المشركين منهم ، ولم يكن ذلك من آدم وحواء ، ويدلّ على هذا جمع الضمير في قوله { فَتَعَـٰلَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } وذهب جماعة من المفسرين إلى أن معنى { مّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ } من هيئة واحدة وشكل واحد { وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا } أي من جنسها { فَلَمَّا تَغَشَّاهَا } يعني جنس الذكر جنس الأنثى . وعلى هذا لا يكون لآدم وحوّاء ذكر في الآية ، وتكون ضمائر التثنية راجعة إلى الجنسين . وقد قدّمنا الإشارة إلى نحو هذا ، وذكرنا أنه خلاف الأولى لأمور منها { وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا } بأن هذا إنما هو لحواء . ومنها { دَّعَوَا ٱللَّهَ رَبَّهُمَا } فإن كل مولود يولد بين الجنسين ، لا يكون منهما عند مقاربة وضعه هذا الدعاء . وقد قرأ أهل المدينة وعاصم « شركاً » على التوحيد . وقرأ أبو عمرو ، وسائر أهل الكوفة بالجمع . وأنكر الأخفش سعيد القراءة الأولى . وأجيب عنه بأنها صحيحة على حذف المضاف ، أي جعلا له ذا شرك ، أو ذوي شرك . والاستفهام في { أَيُشْرِكُونَ مَالا يَخْلُقُ شَيْئاً } للتقريع والتوبيخ ، أي كيف يجعلون لله شريكاً لا يخلق شيئاً ولا يقدر على نفع لهم ، ولا دفع عنهم . قوله { وَهُمْ يُخْلَقُونَ } عطف على { مَالا يَخْلُقُ } والضمير راجع إلى الشركاء الذين لا يخلقون شيئاً ، أي وهؤلاء الذين جعلوهم شركاء من الأصنام أو الشياطين مخلوقون . وجمعهم جمع العقلاء لاعتقاد من جعلهم شركاء أنهم كذلك { وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ } أي لمن جعلهم شركاء { نَصْراً } إن طلبه منهم { وَلاَ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ } إن حصل عليهم شيء من جهة غيرهم ، ومن عجز عن نصر نفسه فهو عن نصر غيره أعجز . وقد أخرج ابن إسحاق ، وابن جرير ، وأبو الشيخ عن ابن عباس ، قال قال حمل بن أبي قيس ، وشمول بن زيد لرسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا متى الساعة إن كنت نبياً كما تقول فإنا نعلم ما هي ؟ فأنزل الله { يَسْـئَلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَـٰهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبّي } إلى قوله { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } . وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن قتادة { أَيَّانَ مُرْسَـٰهَا } أي متى قيامها ؟ { قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبّي لاَ يُجَلّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ } قال قالت قريش يا محمد أسرّ إلينا الساعة لما بيننا وبينك من القرابة ؟ قال { يَسْـئَلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَـٰهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ الله } وذكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول " تهيج الساعة بالناس ، والرجل يسقي على ماشيته ، والرجل يصلح حوضه ، والرجل يخفض ميزانه ويرفعه ، والرجل يقيم سلعته في السوق ، قضاء الله لا تأتيكم إلا بغتة " وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس ، في قوله { أَيَّانَ مُرْسَـٰهَا } قال { منتهاها } . وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ عن مجاهد { لاَ يُجَلّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ } يقول لا يأتي بها إلا الله . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن قتادة ، في الآية قال هو يجليها لوقتها لا يعلم ذلك إلا الله . وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن ابن عباس ، في قوله { ثَقُلَتْ فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأرْضَ } قال ليس شيء من الخلق إلا يصيبه من ضرر يوم القيامة . وأخرج عبد الرزاق ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن قتادة ، في قوله { ثَقُلَتْ فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأرْضَ } قال ثقل علمها على أهل السموات والأرض . يقول كبرت عليهم . وأخرج ابن جرير وابن المنذر ، وأبو الشيخ ، عن ابن جريج ، في قوله { ثَقُلَتْ فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأرْضَ } قال إذا جاءت انشقت السماء ، وانتثرت النجوم ، وكوّرت الشمس ، وسيرت الجبال ، وما يصيب الأرض . وكان ما قال الله سبحانه فذلك ثقلها فيهما . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن مجاهد ، في قوله { لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً } قال فجأة آمنين . وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، والبيهقي في البعث ، عن مجاهد ، في قوله { كَأَنَّكَ حَفِىٌّ عَنْهَا } قال استحفيت عنها السؤال حتى علمتها . وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن ابن عباس ، في قوله { كَأَنَّكَ حَفِىٌّ عَنْهَا } يقول كأنك عالم بها ، أي لست تعلمها . وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، والبيهقي عنه { كَأَنَّكَ حَفِىٌّ عَنْهَا } قال لطيف بها . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والبيهقي ، عنه أيضاً { كَأَنَّكَ حَفِىٌّ عَنْهَا } يقول كأن بينك وبينهم مودّة كأنك صديق لهم . قال لما سأل الناس محمداً صلى الله عليه وسلم عن الساعة ، سألوه سؤال قوم كأنهم يرون أن محمداً حفيّ بهم ، فأوحى الله إليه { إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ ٱللَّهِ } استأثر بعلمها فلم يطلع ملكاً ولا رسولاً . وأخرج عبد بن حميد ، عن عمرو بن دينار قال كان ابن عباس يقرأ « كأنك حفيّ بها » . وأخرج ابن جرير ، وأبو الشيخ ، عن ابن جريج { قُل لا أَمْلِكُ لِنَفْسِى نَفْعًا وَلاَ ضراً } قال الهدى والضلالة { وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ } متى أموت { لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ ٱلْخَيْرِ } قال العمل الصالح . وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ عن ابن عباس ، في قوله { وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ ٱلْخَيْرِ } قال لعلمت إذا اشتريت شيئاً ما أربح فيه ، فلا أبيع شيئاً لاربح فيه { وَمَا مَسَّنِىَ ٱلسُّوء } قال ولا يصيبني الفقر . وأخرج ابن جرير ، وأبو الشيخ ، عن ابن زيد في قوله { وَمَا مَسَّنِىَ ٱلسُّوء } قال لاجتنبت ما يكون من الشرّ قبل أن يكون . وأخرج أحمد ، والترمذي وحسنه ، وأبو يعلى ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والروياني ، والطبراني ، وأبو الشيخ ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لما ولدت حواء طاف بها إبليس ، وكان لا يعيش لها ولد ، فقال سميه عبد الحارث فإنه يعيش ، فسمته عبد الحارث فعاش ، فكان ذلك من وحى الشيطان وأمره " وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن مردويه ، عن سمرة في قوله { فَلَمَّا ءاتَـٰهُمَا صَـٰلِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء } قال سمياه عبد الحارث . وأخرج عبد بن حميد ، وأبو الشيخ ، عن أبيّ بن كعب ، نحو حديث سمرة المرفوع موقوفاً عليه . وأخرج سعيد بن منصور ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس قال حملت حواء فأتاها إبليس فقال إني صاحبكما الذي أخرجتكما من الجنة ، لتطيعنني أو لأجعلن له قرني أيل ، فيخرج من بطنك فيشقه ، ولأفعلنّ ، ولأفعلنّ ، يخوّفهما ، سمياه عبد الحارث ، فأبيا أن يطيعاه ، فخرج ميتاً ، ثم حملت فأتاهما أيضاً فقال مثل ذلك ، فأبيا أن يطيعاه فخرج ميتاً ، ثم حملت فأتاهما ، فذكر لهما ، فأدركهما حبّ الولد ، فسمياه عبد الحارث . فذلك قوله { جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا ءاتَـٰهُمَا } . وأخرج ابن جرير ، وأبو الشيخ ، عن الحسن ، في الآية قال كان هذا في بعض أهل الملل وليس بآدم . وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه ، عن سمرة ، في قوله { حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا } لم يستبن { فَمَرَّتْ بِهِ } لما استبان حملها . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس ، في قوله { فَمَرَّتْ بِهِ } قال فشكت أحملت أم لا ؟ وأخرج ابن جرير ، وأبو الشيخ ، عن أيوب قال سئل الحسن عن قوله { فَمَرَّتْ بِهِ } قال لو كنت عربياً لعرفتها ، إنما هي استمرّت بالحمل . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم ، عن السدّي ، في قوله { حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا } قال هي النطفة { فَمَرَّتْ بِهِ } يقول استمرت به . وأخرج سعيد بن منصور ، وابن المنذر ، عن ابن عباس ، في قوله { فَمَرَّتْ بِهِ } قال فاستمرت به . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ميمون بن مهران { فَمَرَّتْ بِهِ } يقول استخفته . وأخرج عبد بن حميد ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن أبي صالح في قوله { لَئِنْ ءاتَيْتَنَا صَـٰلِحاً } فقال أشفق أن يكون بهيمة ، فقالا لئن آتيتنا بشراً سوياً . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن مجاهد نحوه . وأخرج عبد الرزاق ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن الحسن في الآية قال غلاماً سوياً . وأخرج عبد بن حميد ، عن ابن عباس ، في قوله { جعلا له شركاء } قال كان شريكاً في طاعة ، ولم يكن شريكاً في عبادة . وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم عنه ، قال ما أشرك آدم إنّ أوّلها شكر ، وآخرها مثل ضربه لمن بعده . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن السديّ ، في قوله { فَتَعَـٰلَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } هذا فصل من آية آدم خاصة في آلهة العرب . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن أبي مالك نحوه . وأخرج عبد بن حميد ، وأبو الشيخ ، عن الحسن ، في الآية قال هذا في الكفار يدعون الله ، فإذا آتاهما صالحاً هوّداً أو نصراً ، ثم قال { أَيُشْرِكُونَ مَالا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ } يقول يطيعون مالا يخلق شيئاً ، وهي الشياطين لا تخلق شيئاً وهي تخلق { وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا } يقول لمن يدعوهم .