Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 9-10)

Tafsir: Fatḥ al-qadīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله { إِذْ تَسْتَغِيثُونَ } الظرف متعلق بمحذوف ، أي واذكروا وقت استغاثتكم . وقيل بدل من { وَإِذْ يَعِدُكُمُ ٱللَّهُ } الأنفال 7 معمول لعامله . وقيل متعلق بقوله { لِيُحِقَّ ٱلْحَقَّ } الأنفال 8 والاستغاثة طلب الغوث . يقال استغاثني فلان فأغثته ، والاسم الغياث . والمعنى أن المسلمين لما علموا أنه لا بدّ من قتال الطائفة ذات الشوكة ، وهم النفير كما أمرهم الله بذلك ، وأراده منهم ، ورأوا كثرة عدد النفير ، وقلة عددهم ، استغاثوا بالله سبحانه . وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن عدد المشركين يوم بدر ألف ، وعدد المسلمين ثلثمائة وسبعة عشر رجلاً ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى ذلك استقبل القبلة ، ثم مد يديه فجعل يهتف بربه " اللهم أنجز لي ما وعدتني ، اللهم آتني ما وعدتني ، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض " الحديث { فَٱسْتَجَابَ لَكُمْ } عطف على { تستغيثون } داخل معه في التذكير ، وهو وإن كان مستقبلاً فهو بمعنى الماضي ، ولهذا عطف عليه استجاب . قوله { أَنّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مّنَ ٱلْمَلَـئِكَةِ } أي بأني ممدكم ، فحذف حرف الجرّ وأوصل الفعل إلى المفعول ، وقرىء بكسر الهمزة على إرادة القول ، أو على أن في { استجاب } معنى القول . قوله { مُرْدِفِينَ } قرأ نافع بفتح الدال اسم مفعول ، وقرأ الباقون بكسرها اسم فاعل وانتصابه على الحال . والمعنى على القراءة الأولى أنه جعل بعضهم تابعاً لبعض . وعلى القراءة الثانية أنهم جعلوا بعضهم تابعاً لبعض وقيل إن { مردفين } على القراءتين نعت لألف . وقيل إنه على القراءة الأولى ، حال من الضمير المنصوب في { ممدكم } أي ممددكم في حال إردافكم بألف من الملائكة . وقد قيل إن ردف وأردف بمعنى واحد . وأنكره أبو عبيدة قال لقوله تعالى { تَتْبَعُهَا ٱلرَّادِفَةُ } النازعات 7 ولم يقل المردفة . قال سيبويه وفي الآية قراءة ثالثة وهي « مردّفين » بضم الراء وكسر الدال مشدّدة . وقراءة رابعة بفتح الراء وتشديد الدال . وقرأ جعفر بن محمد ، وعاصم الجحدري « بآلاف » جمع ألف ، وهو الموافق لما تقدّم في آل عمران . والضمير في { وما جعله الله } راجع إلى الإمداد المدلول عليه بقوله { أَنِّي مُمِدُّكُمْ } { إِلاَّ بُشْرَىٰ } أي إلا بشارة لكم بنصره ، وهو استثناء مفرّغ ، أي ما جعل إمدادكم لشيء من الأشياء إلا للبشرى لكم بالنصر . { وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ } أي بالإمداد قلوبكم . وفي هذا إشعار بأن الملائكة لم يقاتلوا ، بل أمدّ الله المسلمين بهم للبشرى لهم ، وتطمين قلوبهم وتثبيتها . واللام في { لتطمئن } متعلقة بفعل محذوف يقدر متأخراً ، أي ولتطمئن قلوبكم فعل ذلك لا لشيء آخر . { وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ } لا من عند غيره ، ليس للملائكة في ذلك أثر ، فهو الناصر على الحقيقة ، وليسوا إلا سبباً من أسباب النصر التي سببها الله لكم ، وأمدكم بها . { إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ } لا يغالب { حَكِيمٌ } في كل أفعاله . وقد أخرج ابن جرير ، عن عليّ رضي الله عنه ، قال نزل جبريل في ألف من الملائكة عن ميمنة النبي صلى الله عليه وسلم ، وفيها أبو بكر ، ونزل ميكائيل في ألف من الملائكة عن ميسرة النبي صلى الله عليه وسلم وأنا في الميسرة . وأخرج سنيد ، وابن جرير ، وأبو الشيخ ، عن مجاهد ، قال ما أمدّ النبي صلى الله عليه وسلم بأكثر من هذه الألف التي ذكر الله في الأنفال ، وما ذكر الثلاثة الآلاف ، والخمسة الآلاف إلا بشرى . وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن ابن عباس ، في قوله { مُرْدِفِينَ } قال متتابعين . وأخرج ابن جرير ، عنه ، في قوله { مُرْدِفِينَ } يقول المدد . وأخرج ابن أبي حاتم ، وابن المنذر ، وأبو الشيخ عنه ، أيضاً في الآية قال وراء كل ملك ملك . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن الشعبي ، قال كان ألف مردفين ، وثلاثة آلاف منزلين ، فكانوا أربعة آلاف ، وهم مدد المسلمين في ثغورهم . وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وأبو الشيخ ، عن مجاهد ، في قوله { مُرْدِفِينَ } قال مجدّين . وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن قتادة قال متتابعين ، أمدّهم الله بألف ثم بثلاثة ، ثم أكملهم خمسة آلاف . { وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ بُشْرَىٰ } لكم { وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ } قال يعني نزول الملائكة . قال وذكر لنا أن عمر قال أما يوم بدر فلا نشك أن الملائكة كانوا معنا . وأما بعد ذلك فالله أعلم . وأخرج ابن جرير ، وأبو الشيخ ، عن ابن زيد { مُرْدِفِينَ } قال بعضهم على أثر بعض .