Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 104-109)

Tafsir: an-Nahr al-mādd min al-baḥr al-muḥīṭ

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ } الآية ، خطاب لأهل مكة يقول : إن كنتم لا تعرفون ما أنا عليه فأنا أبيّنه لكم فبدأ أولاً بالانتفاء من عبادة ما يعبدون من الأصنام تسفيهاً لآرائهم ، وأثبت ثانياً من الذي نعبده وهو الله الذي يتوفاكم . وفي ذكر هذا الوصف الوسط الدال على التوفي دلالة على البدء وهو الخلق وعلى الإِعادة ، فكأنه أشار إلى أنه يعبد الله الذي خلقكم ويتوفاكم ويعيدكم ، وكثيراً ما صرح بهذه الأطوار الثلاثة . وكان التصريح بهذا الوصف لما فيه من التذكير بالموت ، وإرهاب النفوس به ، وصيرورتهم إلى الله تعالى بعده ، فهو الجدير بأن يخاف ويتقى ويعبد لا الحجارة التي تعبدونها . { وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } لما ذكر أنه يعبد الله وكانت العبادة أغلب ما عليها عمل الجوارح ، أخبر أنه أمر بأن يكون من المصدقين بالله الموحدين له المفرد له بالعبادة فانتقل من عمل الجوارح إلى نور المعرفة ، وطابق الباطن الظاهر . { وَأَنْ أَقِمْ } يحتمل أن تكون معمولة لقوله : وأمرت ، مراعي فيها المعنى لأن معنى قوله : ان أكون ، كنْ من المؤمنين ، فتكون ان مصدرية صلتها الأمر . والوجه هنا المنحَى والمقصد أي استقم للدين ولا تحد عنه . وحنيفاً حال من الضمير في أقم أو من المفعول . { فَإِن فَعَلْتَ } كني بالفعل عن الدعاء مجازاً ، أي فإِن دعوت ما لا ينفعك ولا يضرك . وجواب الشرط فإِنك ، وخبرها وتوسطت إذَنْ بين اسم ان والخبر ، ورتبتها بعد الخبر ، لكن روعي في ذلك الفاصلة . { وَإِن يَمْسَسْكَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ } الآية ، أتي في الضر بلفظ المس . وفي الخير بلفظ الإِرادة . وطابق بين الضر والخير مطابقة معنوية لا لفظية ، لأن مقابل الضر النفع ، ومقابل الخير الشر ، فجاءت لفظة الضر ألطف وأخص من لفظة الشر . وجاءت لفظة الخير أتم من لفظة النفع . ولفظة المس أوجز من لفظة الإِرادة . وأنص على الإِصابة وأنسب لقوله : { فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ } . ولفظ الإِرادة أدل على الحصول في وقت الخطاب وفي غيره وأنسب للفظ الخير وإن كان المس والإرادة معناهما الإِصابة . وجاء جواب وإن يمسسك بنفي عام وإيجاب . وجاء جواب { وَإِن يُرِدْكَ } بنفي عام لأن ما أراده لا يردّه رادٌّ لا هو ولا غيره . { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ } الآية ، الحق : القرآن والرسول ودين الإِسلام . والمعنى : فإِنما ثواب هدايته حاصل له ووبال ضلاله عليه والهداية والضلال واقعان بإِرادة الله تعالى . روي أنه " لما نزلت : واصبر ، جمع صلى الله عليه وسلم الأنصار قال : إنكم ستجدون بعدي اثرة فاصبروا حتى تلقوني " .