Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 98-103)

Tafsir: an-Nahr al-mādd min al-baḥr al-muḥīṭ

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ } الآية ، لولا هنا هي التحضيضية التي صحبها التوبيخ ، وكثيراً ما جاءت في القرآن للتحضيض فهي بمعنى هلا . والتحضيض : ان يريد الإِنسان فعل الشىء الذي يحض عليه وإذا كانت للتوبيخ ، فلا يريد المتكلم الحض على ذلك الشىء ، وهنا وبّخهم على ترك الإِيمان النافع . والمعنى : فهلا آمن أهل القرية وهم على مهل لم يلتبس العذاب بهم ، فيكون الإِيمان نافعاً لهم في هذه الحال . و { إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ } استثناء منقطع إذ لم يندرج قوم يونس في قوله : قرية ، وإلى الانقطاع فيه ذهب سيبويه والفراء والأخفش . وقيل : هو استثناء متصل لأن التحضيض إنما يكون على شىء لم يقع فيضمن معنى النفي . وصار المعنى لم تكن قرية يعني أهلها آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس . وهم أهل نينوى من بلاد الموصل كانوا يعبدون الأصنام فبعث الله إليهم يونس عليه السلام فأقاموا على تكذيبه سبع سنين وتوعدهم بالعذاب بعد ثلاثة أيام ، وقيل : بعد أربعين يوماً . { إِلَىٰ حِينٍ } أي إلى وقت انقضاء آجالهم . { وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي ٱلأَرْضِ } قيل : انزلت في أبي طالب لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسف لموته على ملة عبد المطلب وكان حريصاً على إيمانه ، وكان أحرص الناس على هداية من في الأرض . { أَفَأَنتَ تُكْرِهُ ٱلنَّاسَ } تقديم الاسم في الاستفهام على الفعل يدل على إمكان حصول الفعل لكن من غير ذلك الاسم ، فللَّه ان يكره الناس على الإِيمان لو شاء ، وليس ذلك لغيره . وقرىء : { ونجعل } بنون المتكلم . ويجعل بياء الغيبة . { قُلِ ٱنظُرُواْ مَاذَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } إذ السبيل إلى معرفته تعالى هو بالتفكر في مصنوعاته وفي العالم العلوي في حركات الافلاك ومقاديرها وأوضاعها . والكواكب وما يختص بذلك من المنافع والفوائد ، وفي العالم السفلي في أحوال العناصر والمعادن والنبات والحيوان ، وخصوصاً حال الإِنسان . وكثيراً ما ذكر الله في كتابه الحض على التفكر في مخلوقاته تعالى وقال : ماذا في السماوات والأرض ، تنبيهاً على القاعدة الكلية . والعاقل يتنبّه لتفاصيلها وأقسامها ، ثم لما أمر الله تعالى بالنظر أخبر أنه من لا يؤمن لا تغنيه الآيات . والنذر : جمع نذير ، أما مصدر فمعناه الإِنذارات ، وأما بمعنى منذر ، فمعناه المنذرون والرسل . وما : الظاهر أنها للنفي ويجوز أن تكون استفهاماً ، أي وأيّ شىء تغني الآيات وهي الدلائل وهو استفهام على جهة التقرير . قال ابن عطية : ويحتمل أن تكون ما في قوله : وما تغني مفعوله لقوله : انظروا ، معطوفة على قوله : ماذا ، أي تأملوا قدر غنى الآيات والنذر عن الكفار إذا قبلوا ذلك كفعل قوم يونس فإِنه يرفع العذاب في الدنيا والآخرة ، وينجي من المهلكات فالآية على هذا تحريض على الإِيمان . ويجوز اللفظ على هذا التأويل إنما هو قوله : لا يؤمنون . " انتهى " . هذا احتمال فيه ضعف . وفي قوله : مفعولة معطوفة على ماذا تجوز ، يعني أن الجملة الاستفهامية التي هي ماذا في السماوات في موضع المفعول ، لا ان ماذا وحده منصوب بانظروا ، فتكون " ماذا " موصولة . و " انظروا " بصريةٍ ، لما تقدم . وفي الآية توبيخ لحاضري رسول الله صلى الله عليه وسلم من المشركين . { ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا } لما تقدم قوله : فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم وكان ذلك مشعراً بما حل بالأمم الماضية المكذبة ومصرحاً بهلاكهم في غير ما آية ، أخبر تعالى عن حكاية حالهم الماضية فقال : ثم ننجي رسلنا ، والمعنى ان الذين خلوا أهلكناهم لما كذبوا الرسل ، ثم نجينا الرسل والمؤمنين . والظاهر أن كذلك في موضع نصب تقديره مثل ذلك الإِنجاء الذي نجينا الرسل ومؤمنيهم ننجي من آمن بك يا محمد ، ويكون " حقاً " على تقدير حق ذلك حقاً .