Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 62-70)
Tafsir: an-Nahr al-mādd min al-baḥr al-muḥīṭ
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أَلاۤ إِنَّ أَوْلِيَآءَ ٱللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ } الآية ، أولياء الله هم الذين يتولونه بالطاعة ويتولاهم بالكرامة . وعن سعيد بن جبير " أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم : سئل عن أولياء الله فقال : هم الذين يذكرون الله برؤيتهم " ، يعني السمْت والهيئة . وهذه الآية يدل ظاهرها على أن من آمن واتقى فهو داخل في أولياء الله هذا هو الذي تقتضيه الشريعة في الولي ، وإنما نبّهنا هذا التنبيه حذراً من مذهب الصوفية وبعض الملحدين في الولي وبشراهم في الحياة الدنيا تظاهرت الروايات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها الرؤيا الصالحة يراها المؤمن ، أو تُرى له ، وبشراهم في الآخرة تلقي الملائكة إياهم مسلمين مبشرين بالفوز والكرامة ، وما يرون من بياض وجوههم وإعطاء الصحف بإِِيمانهم ، وما يقرؤون منها وغير ذلك من البشارات . { لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ ٱللَّهِ } أي لا تغيير لأقواله ولا خلف في مواعيده كقوله تعالى : { مَا يُبَدَّلُ ٱلْقَوْلُ لَدَيَّ } [ ق : 29 ] . { وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ } اما أن يكون قولهم أريد به بعض افراده وهو التكذيب والتهديد وما يتشاورون به في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكون من إطلاق العام وإرادة الخاص ، وإما أن يكون مما حذفت منه الصفحة المخصصة ، ان قولهم الدال على تكذيبك ومعاندتك . ثم استأنف بقوله : { إِنَّ ٱلْعِزَّةَ للَّهِ جَمِيعاً } أي لا عزة لهم ولا منفعة فهم لا يقدرون لك على شىء ولا يؤذونك ، ان الغلبة والقهر لله تعالى وهو القادر على الانتقام منهم فلا يعازّه شىء ولا يغالبه . { أَلاۤ إِنَّ للَّهِ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰت وَمَنْ فِي ٱلأَرْضِ } الآية المناسبة ظاهرة في هذه الآية لما ذكر أن العزة له تعالى وهو القهر والغلبة ، ذكر ما يناسب القهر وهو كون المخلوقات له تعالى . ومن الأصل فيها ان تكون للعقلاء وهي هنا شاملة لهم ولغيرهم على حكم التغليب وحيث جيء بما كان تغليباً للكثرة إذ أكثر المخلوقات لا يعقل . والظاهر أن ما : نافية . وشركاء : مفعول يتبع ، ومفعول يدعون محذوف لفهم المعنى تقديره آلهة أو شركاء ، أي أن الذين جعلوهم آلهة وأشركوهم مع الله في الربوبية ليسوا شركاء حقيقة إذ الشركة في الألوهية مستحيلة وإن كانوا قد أطلقوا عليهم اسم الشركاء ، وجوزوا أن تكون ما استفهامية في موضع نصب بيتبع وشركاء منصوب بيدعون ، أي وأيّ شىء يتبع على تحقير المتبع ، كأنه قيل : من يدعو شريكاً لله لا يتبع شيئاً ، ومعنى يخرصون أي يحزرون ويقدرون . { هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيلَ } هذا تنبيه منه تعالى على عظم قدرته وشمول نعمته لعباده فهو المستحق بأن يفرد بالعبادة . { لِتَسْكُنُواْ فِيهِ } أي مما تقاسون من الحركة والتردد في طلب المعاش وغيره بالنهار ، وأضاف الابصار إلى النهار مجازاً لأن الابصار يقع فيه كما قال : وتمت وما ليل المطى بنائم ، أي يبصرون فيه مطالب معايشهم وقال : قطرب ، يقال : أظلم الليل صار ذا ظلمة ، وأضاء النهار وأبصر أي صار ذا ضياء وبصر . " انتهى " . وذكر علة خلق الليل وهي لتسكنوا فيه وحذفها من النهار ، وذكر وصف النهار وحذفه من الليل ، وكل من المحذوف يدل على مقابلة والتقدير جعل الليل مظلماً لتسكنوا فيه ، والنهار مبصراً لتتحركوا فيه في مكاسبكم وما تحتاجون إليه بالحركة . ومعنى يسمعون سماع معتبر . { قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً } الآية ، الضمير في قالوا عائد على من نسب إلى الله تعالى الولد ممن قال الملائكة بنات الله وغير ذلك ، وسبحانه تنزيهه عن اتخاذ الولد وتعجيب ممن يقول ذلك . { هُوَ ٱلْغَنِيُّ } علة لنفي الولد لأن اتخاذ الولد إنما يكون للحاجة إليه ، والله تعالى غير محتاج إلى شىء فالولد منتف عنه وكل ما في السماوات والأرض ملكه تعالى فهو غني عن اتخاذ الولد . وان : نافية ، والسلطان الحجة أي ما عندكم من حجة بهذا القول .