Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 35-40)

Tafsir: an-Nahr al-mādd min al-baḥr al-muḥīṭ

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ } الآية ، الظاهر أن الضمير في يقولون عائد على قوم نوح ، أي بل أيقولون افتراه فيما أخبرهم به من دين الله وعقاب من أعرض عنه . فقال عليه الصلاة والسلام : " ان افتريته فعلي إجرامي " ، أي إثم إجرامي . والإِجرام مصدر أجرم . { وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ } الآية ، { فَلاَ تَبْتَئِسْ } نهاه تعالى عن ابتئاسه وهو حزنه عليهم في استكانة . وابتئس : افتعل من البؤس . ويقال : ابتأس الرجل ، إذا أبلغه شىء يكرهه . قال الشاعر : @ وكم من خليل أو حميم رزئته فلم تبتئس والرزء فيه جليل @@ { وَٱصْنَعِ } عطف على فلا تبتئس . { بِأَعْيُنِنَا } بمرأى منا وكلاءة وحفظ . { وَوَحْيِنَا } نوحي إليك ونلهمك كيف تصنع . وعن ابن عباس : لم يعلم كيف صنعه الفلك فأوحى الله تعالى أن يصنعها مثل جؤجؤ الطائر . { وَيَصْنَعُ ٱلْفُلْكَ } الآية ، هي حكاية حال ماضية . والفلك : السفينة . قال ابن عباس : الخشب من خشب السمسار وهو البقص قطعة من جبل لبنان وسخريتهم منه لكونهم رأوه يبني السفينة ولم يشاهدوا قبلها سفينة بنيت . قالوا : يا نوح ما تصنع ؟ قال : أبني بيتاً يمشي على الماء . فتعجبوا من قوله وسخروا منه وقالوا : هذا الذي يزعم أنه نبي صار نجاراً . وكلما : ظرف . وما : مصدرية ظرفية تقديره وكل وقت مرور سخروا منه . والناصب لكل سخروا . { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } تهديد بالغ . والعذاب المخزي : الغرق ، والعذاب المقيم : عذاب الآخرة ، لأنه دائم عليهم سرمد . و { مَن يَأْتِيهِ } مفعول بتعلمون . ومن موصولة . وتعدي تعلمون إلى واحد استعمالاً لها استعمال عرف في التعدية إلى واحد . قال ابن عطية : وجائز أن تكون التعدية إلى مفعولين واقتصر على واحد . " انتهى " . ولا يجوز حذف الثاني اقتصاراً لأن أصله خبر مبتدأ ولا اختصاراً هنا لأنه لا دليل على حذفه . وحتى هنا : غاية لقوله : ويصنع الفلك ويصنع كما قلنا حكاية حال ماضية ، أي وكان يصنع الفلك إلى أن جاء الوعد الموعود به . والجملة من قوله : وكلما مر عليه حال كأنه قيل : ويصنعها . والحال أنه كلما مروا وأمرنا واحد الأمور أو مصدر ، أي أمرنا بالفوران أو للسحاب بالإِرسال والملائكة بالتصرف في ذلك وفار معناه انبعث بقوة والتنور وجه الأرض والعرب تسميه تنوراً ، قاله ابن عباس . والتنور : مستوقد النار ، وزنه فعول عند أبي علي وهو أعجمي وليس بمشتق . وقال ثعلب : وزنه مفعول من النور . وأصله تنووُر ، فهمزت الواو ثم خففت وشدد الحرف الذي قبله . وقرىء : من كل بالتنوين . فيكون زوجين مفعولاً بقوله : احمل . وقرىء : بغير تنوين على الإِضافة ، فيكون اثنين مفعول احمل وأهلك ومن معطوفان على المفعول قبله ولما كان المطر ينزل كأفواه القرب ، جعلت الوحوش تطلب وسط الأرض هرباً من الماء حتى اجتمعت عند السفينة فأمر الله تعالى أن يجعل فيها من الزوجين اثنين يعني ذكراً وأنثى ليبقى أصل النسل بعد الطوفان . فروي أنه كان يأتيه أنواع الحيوان فيضع يمينه على الذكر ويساره على الأنثى . وكانت السفينة ثلاث طبقات السفلى للوحوش ، والوسطى للطعام والشراب ، والعليا له ولمن آمن معه . { وَمَآ آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ } قال ابن عباس : ثمانون رجلاً ، وعنه ثمانون إنساناً ثلاثة من بنيه سام وحام ويافث ، وثلاثة كنائن له ولما خرجوا من السفينة بنو قرية تدعى اليوم قرية الثمانين بناحية الموصل .