Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 53-60)
Tafsir: an-Nahr al-mādd min al-baḥr al-muḥīṭ
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قَالُواْ يٰهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ } أي بحجة واضحة تدل على صدقك وقد كذبوا في ذلك وبهتوه . وعن في عن قولك حال من الضمير في تاركي آلهتنا ، كأنه قيل : صادرين عن قولك . { إِن نَّقُولُ إِلاَّ ٱعْتَرَاكَ } نسبوا ما صدر منه من دعائهم إلى الله تعالى وإفراده بالألوهية إلى الخبل والجنون وإن ذلك مما اعتراه به بعض آلهتهم لكونه سبّها وحرض على تركها ، ودعا إلى ترك عبادتها . واعتراك جملة محكية بنقول فهي في موضع المفعول ، ودلت على بله حيث اعتقدوا في حجارة انها تضر وتنتصر وتنتقم . { مَّا مِن دَآبَّةٍ } الآية ، وصف قدرة الله وعظم ملكه من كون كل دابة في قبضته وملكه وتحت قهره وسلطانه فأنتم من جملة أولئك المقهورين . وقوله : { آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَآ } تمثيل إذ كان القادر المالك يقود المقدور عليه بناصيته كما يقاد الأسير والفرس بناصيته حتى صار الأخذ بالناصية عرفاً في القدرة على الحيوان . وكانت العرب تجر ناصية الأسير الممنون عليه علامة أنه قد قدر عليه وقبض ناصيته . والظاهر أن الضمير في قوله : تولوا عائد على قوم هود . وخطابه لهم من تمام الجمل المقولة قبل ، وتولوا صلة تتولوا حذفت التاء الثانية فصار تولوا . وجواب الشرط هو قوله : { فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ } ويصح أن يكون جواباً لأن في إبلاغه إليهم رسالته تضمن ما يحل بهم من العذاب المستأصل فكأنه قيل : فإِن تتولوا استؤصلتم بالعذاب . ويدل على ذلك الجملة الخبرية وهي قوله : { وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ } . { وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُوداً } الآية ، قيل : كانوا أربعة آلاف . وقيل : ثلاثة آلاف . والظاهر تعلق { بِرَحْمَةٍ مِّنَّا } بقوله : نجينا أي نجيناهم بمجرد رحمة من الله لحقتهم لا بأعمالهم الصّالحة . وقال الزمخشري : فإِن قلت : ما معنى تكرير التنجية ؟ قلت : ذكر أولاً أنه حين أهلك عدوهم نجاهم ، ثم قال : ونجيناهم من عذاب غليظ ، على معنى وكانت التنجية من عذاب غليظ . قال : وذلك ان الله تعالى بعث عليهم السَّموم فكانت تدخل في أنوفهم وتخرج من أدبارهم وتقطعهم عضوا عضوا . { وَتِلْكَ عَادٌ } إشارة إلى قبورهم وآثارهم كأنه قيل : سيحوا في الأرض فانظروا إليها واعتبروا . ثم استأنف الاخبار عنهم فقال : جحدوا بها ، أي بآيات ربهم أي أنكروها . وأضاف الآيات إلى ربهم تنبيهاً على أنه مالكهم ومربيهم فأنكروا آياته ، والواجب إقرارهم بها وأصل جحد أن يتعدى بنفسه لكنه أجري مجرى كفر فعدي بالباء كما عدي كفر بنفسه . { وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ } قيل : عصوا هوداً والرسل الذين كانوا من قبله وقيل : ينزل تكذيب الرسل الواحد منزلة تكذيب الرسل لأنهم كلهم مجمعون على الإِيمان بالله والإِقرار وبربوبيته لقوله : { لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ } [ البقرة : 285 ] . { وَٱتَّبَعُوۤاْ } أي سقَّاطهم أمر رؤسائهم وكبرائهم . والمعنى أنهم أطاعوهم فيما أمروهم به . { وَأُتْبِعُواْ } عام في المتبعين والمتبوعين . وانتصب بُعداً على أنه مصدر بمعنى الدعاء كأنه قيل : أبعدهم الله بعداً , ومعناه الدعاء بالهلاك وقوم هود بدل من عاد . وإنما خصهم بالذكر لأن ثم عادا أخرى وهم المشار إليهم بقوله تعالى : { وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً ٱلأُولَىٰ } [ النجم : 50 ] وهم عاد آدم .