Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 111-113)

Tafsir: an-Nahr al-mādd min al-baḥr al-muḥīṭ

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ ٱلْمَلاۤئِكَةَ } الآية أي لو آتيناهم بالآيات التي اقترحوها من إنزال الملائكة في قولهم : { وَقَالُواْ لَوْلاۤ أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ } [ الأنعام : 80 ] ، وتكليم الموتى إياهم في قولهم : فأتوا بآبائنا ، وفي قولهم : أخي قصيّ بن كلاب وجدعان بن عمرو ، وهما أمينا العرب والوسطان فيهم وحشر كل شىء عليهم من السباع والدواب والطيور ، وشهادتهم بصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجواب لو ما كانوا ليؤمنوا . وقدره الحوفي لما كانوا قال : وحذفت اللام وهي مرادة . " انتهى " . وليس قوله بجيد لأن المنفي بما إذا وقع جواباً لِلْوَ فالأكثر في لسان العرب أن لا تدخل اللام على ما وقل دخولها على ما ، فلا نقول ان اللام حذفت منه بل إنما أدخلوها على ما تشبيهاً للمنفي بما بالموجب ، ألا ترى أنه إذا كان النفي بلم لم تدخل اللام على لم فدل على أن أصل المنفي أن لا تدخل عليه اللام . واللام في ليؤمنوا لام الجحود أتت بعد كون ماض منفي ، وخبر كان محذوف تقديره ما كانوا أهلاً للإِيمان ، لأنّ أنْ مقدرة بعد اللام فيسبك منها مع ما بعدها مصدر والكثير حذف خبر كان في هذا التركيب . وقد جاء مصرحاً به في قول الشاعر : @ سموت ولم تكن أهلاً لتسمو @@ و { إِلاَّ أَن يَشَآءَ } الله استثناء متصل من محذوف هو علة . وسبب التقدير ما كانوا ليؤمنوا بشىء من الأشياء إلا بمشيئة الله تعالى . والظاهر أن الضمير في أكثرهم عائد على ما عادت عليه الضمائر قيل من الكفار وإنما قال أكثرهم لأن هؤلاء الكفار من شاء الله إيمانه فآمن وصدق . ومعنى : { يَجْهَلُونَ } أي الحق الذي جئت به من عند الله تعالى . { وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ } الآية ، المعنى مثل جعل هؤلاء الكفار المقترحين الآيات وغيرهم أعداء لك جعلنا لمن قبلك من الأنبياء أعداء . { شَيَٰطِينَ ٱلإِنْسِ وَٱلْجِنِّ } أي متمردي الصنفين . { يُوحِي } يلقي في خفية . { بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ } أي بعض الصنف الجني إلى بعض الصنف الأنسي . أو يوحي شياطين الجن إلى شياطين الإِنس . { زُخْرُفَ ٱلْقَوْلِ } أي محسّنه ومزينه بالأباطيل ليغروهم ويخدعوهم ويوهموهم أنهم على شىء ، وثمرة هذا الجعل الامتحان ، فيظهر الصبر على ما منّوا به ممن يعاديهم فيعظم الثواب والأجر . وفيها تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتأس بمن تقدمه من الأنبياء وإنك لست منفرداً بعداوة من عاصرك ، بل هذه سنة من قبلك من الأنبياء . وانتصب غروراً على أنه مفعول من أجله أي للغرور أو مصدراً في موضع الحال أي غارّين والناصب لهما يوحي . { وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ } الضمير المنصوب جوزوا أن يكون عائداً على العداوة المفهومة من عدوا ، والإِيحاء المفهوم من يوحي ، أو على الزخرف ، أو على القول ، أو على الغرور أوجهاً خمسة . { فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ } أي اتركهم وما يفترون من تكذيبك . ويتضمن الوعد والوعيد . وقال قتادة : كل ذر في كتاب الله تعالى فهو منسوخ بالقتال وما بمعنى الذي والعائد محذوف تقديره يفترونه أو مصدرية تقديره وافتراؤهم . { وَلِتَصْغَىۤ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ } أي ولتميل إليه . الضمير يعود على ما عاد عليه في فعلوه . { وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ } ما هم مكتسبون من الآثام . واللام : لام كي ، وهي معطوفة على قوله : غروراً ، لما كان معناه للغرور فيه متعلقة بيوحى ونصب غروراً لاجتماع شروط النصب فيه وعدي يوحى إلى هذا باللام لفوت شرط صريح المصدرية واختلاف الفاعل لأن فاعل يوحي هو بعضهم ، وفاعل تصغي هو أفئدة وترتيب هذه المفاعيل في غاية الفصاحة لأنه أولاً يكون الخداع ، فيكون الميل ، فيكون الرضا ، فيكون فعل الاقتراف ، فكان كل واحد مسبب عما قبله .