Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 114-117)
Tafsir: an-Nahr al-mādd min al-baḥr al-muḥīṭ
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً } قال مشركوا قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إجعل بيننا وبينك حكماً من أحبار اليهود وإن شئت من أساقفة النصارى ليخبرنا عنك بما في كتابهم من أمرك . فنزلت . والفاء في : أفغير ، للعطف فترتيبها قبل الهمزة وقدمت الهمزة لأن الاستفهام له صدر الكلام كما قدمت على الواو في قوله : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ } [ النحل : 48 ] وعلى ثم في قوله : { أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ } [ يونس : 51 ] ، وهذا استفهام معناه النفي ، أي لا أبتغي حكماً غير الله . قالوا : والحكم أبلغ من الحاكم لأنه من عرف منه الحكم مرة بعد أخرى . والحاكم اسم فاعل يصدق على المرة الواحدة ، وجوزوا في اعراب غير أن يكون مفعولاً بابتغي وحكماً حال وعكسه ، وأجاز الحوفي وابن عطية أن ينتصب على التمييز عن غير كقولهم : ان لنا غيرها إبلاً وشاء . { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنَزَلَ } وهذه الجملة في موضع الحال مفصلاً موضحاً فيه الأحكام من الأمر والنهي والحلال والحرام والواجب والمندوب والضلال والهدى . { وَٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ } علم التوراة والإِنجيل والزبور والصحف . والمراد علماء أهل الكتاب . وهذه الجملة تكون استئنافاً ويتضمن الاستشهاد بمؤمني أهل الكتاب والطعن على مشركيهم وحسدتهم . { فَلاَ تَكُونَنَّ } خطاب للسامع الذي يمكن أن يجوز منه الامتراء لا للنبي صلى الله عليه وسلم . و { كَلِمَتُ رَبِّكَ } هو القرآن وكل ما أخبر به من أمر ونهي ووعد ووعيد وانتصب صدقاً وعدلاً على أنهما مصدران في موضع الحال . ومعنى تمت : استمرت ، لا أنه كان بها نقص فكملت كما قال : وتم حمزة على إسلامه ، أي استمر . { وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي ٱلأَرْضِ } أي وإن توافق فيما هم عليه من عبادة غير الله تعالى وشرع ما شرعوه بغير إذن الله لأن الأكثر إذ ذاك كانوا كفاراً . والأرض هنا الدنيا ، قاله ابن عباس . { إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ } أي ليسوا راجعين في عقائدهم إلى علم ولا في ما شرعوه إلى حكم الله تعالى . { وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ } أي يقدرون ويحزرون وهذا تأكيد لما قبله . { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ } لما ذكر تعالى يضلون عن سبيل الله أخبر أنه أعلم العالمين بالضال والمهتدي . والمعنى أنه أعلم بهم وبك فإِنهم الضالون وأنت المهتدي . ومن قيل : في موضع جر على إسقاط حرف الجر وإبقاء عمله وهذا ليس بجيد لأن مثل هذا لا يجوز إلا في الشعر . وقال أبو الفتح : في موضع نصب بأعلم بعد حذف حرف الجر ، وهذا ليس بجيد لأن أفعل التفضيل لا يعمل النصب في المفعول به . وقال أبو علي : في موضع نصب بفعل محذوف ، أي يعلم من يضل ، ودل على حذفه أعلم ومثله ما أنشده أبو زيد : وأضرب منا بالسيوف القوانسا . أي يضرب القوانس وهي إذ ذاك موصولة وصلتها يضل .